في مطالعة بسيطة لحركة تمرد في نسختها المغربية، استوقفتني العديد من الكبوات و العثرات التي رافقت هده الحركة عند نقطة الانطلاق، رغم أني كنت آمل إن يستفيد مؤسسو هذه الحركة من دروس الأمس، و خصوصا مغامراتهم الخرقاء في حركة 20 فبراير، مادام العديد من مؤسسيها إن لم نقل كلهم من رواد و فتيان العشرين من فبراير، غير أنهم اخلفوا العهد مرة أخرى مع التاريخ و مع منطق الأمور. بصراحة أخطائهم كانت أخطاء الغرّ المبتدأ، و تجلت في العديد من النقط التي يمكن تقسيمها إلى فئتين واحدة فنية، و ثانية بنيوية.
الفنية تجلت على الخصوص في اجترار تجارب الآخرين ضاربين عرض الحائط متطلبات الزمكان و الخصوصية المغربية، فلا يمكن بأي شكل من الأشكال نفي هدا التقليد، سواءا ببيانات أو بتصريحات تجعل صاحبها في صراع ابدي و دفع مستمر لاتهامات التقليد و الاجترار.
أما البنيوية، تكمن في الانحدار المهول الذي عرفته عشرين فبراير، إن على مستوى الشعبية أو على مستوى بنية الحركة كحركة، من رواد و متعاطفين و مكونات جعلت الحركة مستهلكة إعلاميا و فكريا، كما أن شخصياتها لم يعودوا يغرون بخطاباتهم و صورهم الكثير من المغاربة، فكان من باب أولى على هؤلاء التبرأ من حركة عشرين فبراير و كوادرها و الأحزاب التي صنعتها، عوض الغوص مرة أخرى في متاهات تجربة فشلت و ماتت، و لم يبكي عليها احد.
كما يمكن إضافة عوامل نقص كثيرة و تساؤلات و أخطاء جمة وقعت فيها حركة تمرد، فرغم تخطيها لشعارها الأبدي حرية عدالة اجتماعية و كرامة، إلا إن جل طلباتها تقاطعت مع هذه الطلبات، غير إنها فصلتها و جزأتها في طلبات إجرائية و عملية، لتصبح بعد ذالك نسخة كربونية لبرامج و خطابات الأحزاب المغربية، و ليهيأ لكل قارئ لتلك الأهداف انه أمام أحد من أطياف المشهد السياسي من حكومة أو معارضة. كطلبها لمجانية التعليم و الرقي بالصحة و الحوار المجتمعي، و المضحك المبكي في طلبات هده الحركة أنهم يطلبون حوار مجتمعي حول العدالة، و كأنه لا يدور أي حوار الآن، لتنتقل بنا بعد دالك و تطالب بإطلاق سراح المعتقلين، وتشكيل حكومة وحدة وطنية و كأننا أمام انقلاب، لتعيدنا للفكر اليساري الماركسي و تخنق نفسها في الزاوية بطلبها إلغاء الإعدام، لتخسر بدالك فصيل مهم هم الإسلاميين. للأسف يتطلب الأمر الكثير من التمرد أولا على الفكر التقليدي و الاجترار الخاطئ لتجارب الآخرين، قبل حتى التفكير في التمرد على وضعنا الكارثي.