الجيش الملكي يستنكر "الأخطاء التحكيمية" في مباراة الحسنية ويشكو الرداد للجنة التحكيم    ابتدائية تنغير تصدر أحكاما بالحبس النافذ ضد 5 أشخاص تورطوا في الهجرة السرية    استئنافية الرباط تؤجل "ابتزاز" رئيس جماعة بورزازات من أجل إعداد الدفاع    "مفاوضات شاقة" تؤخر انتخاب أعضاء اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال    حكيم زياش يبصم على أداء كبير رفقة غلطة سراي التركي    اجتياح إسرائيل لرفح قد يكون "خدعة" أو مقدمة لحرب مدمرة    الترتيب ونتائج البطولة الاحترافية الدورة ال27    المغرب يتوصل ب500 "هامر" أمريكية لنشرها بالصحراء    بحضور مسؤولين قضائيين وأمنيين.. لقاء بطنجة يناقش الجريمة المنظمة العابرة للقارات    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    صحيفة "النهار" الجزائرية: إتحاد العاصمة الجزائري يتجه إلى الإنسحاب من مواجهة نهضة بركان    وزان ..تحديد أفق إطلاق مشروع دار الاقتصاد الأخضر    بعد تلويحه بالاستقالة.. مئات الآلاف يتظاهرون بإسبانيا مساندة لسانشيز    صديقي: 2.5 مليار متر مكعب من المياه توفرها تقنيات السقي بالتنقيط    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    انطلاقة مهرجان سينما المتوسط بتطوان    توقيف شينويين كانوا كيبيراطيو المكالمات الهاتفية    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    اعتقال بوق النظام الجزائري بن سديرة من قبل الشرطة الفرنسية    الرئيس الفلسطيني وزعماء دوليون يعقدون محادثات بشأن غزة في الرياض    بفضل فوائده وجودته.. منتوج العسل المغربي يطرق أبواب السوق الأوروبية    بعد مشادات مع كلوب.. صلاح: حديثي سيشعل الأمر    الأمثال العامية بتطوان... (584)    زلزال قوي يضرب سواحل جاوا بإندونيسيا    توافد غير مسبوق للزوار على المعرض الدولي للفلاحة بمكناس    اتحاد العاصمة باغيين يلعبو وخايفين من الكابرانات: هددو ما يلعبوش ويرجعو فالطيارة اليوم للجزائر وفاللخر مشاو يترينيو    إندونيسيا.. زلزال بقوة 5ر6 درجات قبالة جزيرة جاوا    بعد تلويحه بالاستقالة.. مظاهرات حاشدة بإسبانيا دعما لرئيس الوزراء    صافرة كونغولية لمباراة نهضة بركان واتحاد العاصمة الجزائري    الملك: علاقات المغرب والطوغو متميزة    مؤتمر حزب الاستقلال يستعيد الهدوء قبل انتخاب الأمين العام واللجنة التنفيذية    "حماس" تعلن ارتفاع عدد القتلى في غزة    وزير الصحة يدشن مستوصفات جديدة    انتخابات الرئاسة الأمريكية تؤجل قرار حظر "سجائر المنثول"    بدء أشغال المؤتمر السادس للبرلمان العربي بالقاهرة بمشاركة المغرب    نادية فتاح: المغرب يتيح الولوج إلى سوق تضم حوالي مليار مستهلك بإفريقيا    تتويج شعري في ملتقى الشعر والفلسفة    فضيحة مدوية تهز مؤسسة تعليمية.. هذا ما تقرر بعد تحرش مدير بتلميذة    العلماء يعثرون على قبر أفلاطون بفضل الذكاء الاصطناعي "صورة"    جاري القروض الصغرى المستحقة يصل إلى 8,4 مليار درهم في متم 2022    توقعات أحوال الطقس غدا الأحد    رحلة الجاز بطنجة .. عودة للجذور الإفريقية واندماج مع موسيقى كناوة    بلغت تذاكره 1500 درهم.. حفل مراون خوري بالبيضاء يتحول إلى فوضى عارمة    مجلس الأمن .. حركة عدم الانحياز تشيد بجهود جلالة الملك لفائدة القضية الفلسطينية    ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء بالمغرب    تفاصيل وكواليس عمل فني بين لمجرد وعمور    مؤتمر الاستقلال يمرر تعديلات النظام الأساسي ويتجنب "تصدع" انتخاب القيادة    السعيدية.. افتتاح النسخة الثامنة من تظاهرة "أوريونتا منتجعات السعيدية – حكايات فنية"    زفاف العائلات الكبيرة.. زواج ابنة أخنوش من نجل الملياردير الصفريوي    تطوير مبادرة "المثمر" ل6 نماذج تجريبية يَضمن مَكننة مستدامة لأنشطة فلاحين    الأكاديمية تغوص في الهندسة العمرانية المغربية الإسبانية عبر "قصر الحمراء"    جمارك الجزائر تجهل قانون الجمارك    اكتشف أضرار الإفراط في تناول البطيخ    كورونا يظهر مجدداً في جهة الشرق.. هذا عدد الاصابات لهذا الأسبوع    الأمثال العامية بتطوان... (583)    دراسة: التمارين منخفضة إلى متوسطة الشدة تحارب الاكتئاب    بروفيسور عبد العزيز عيشان ل"رسالة24″: هناك علاج المناعي يخلص المريض من حساسية الربيع نهائيا    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سحر القراءة…
نشر في هسبريس يوم 21 - 01 - 2014

يمكن الجزم أن النقاش حول القراءة هو الموضوع -الجديد القديم- الذي يفرض نفسه على الدوام و سيضل كذلك، نظراً لأهمية الكتاب في حياة الإنسان. إذ أنه من المستحيل الحديث عن أي تقدم ملموس، في ظل غياب هذا المكون المركزي في عملية تطور المجتمعات و ازدهارها. ولا شك أن للقراءة بوصفها منتجة للمعرفة، عدة فوائد مادية، كما أن لها أيضاً فوائد معنوية. غير أن النقاشات الرائجة في مجتمعاتنا حول هذا الموضوع غالباً ما تركز على ما هو مادي و تغفل الكثير مما هو معنوي، مع العلم أن هناك عدة أبعاد معنوية جد مهمة في القراءة، كالبعد السيكولوجي؛ أو لنقل، التأثير الذي تحدثه القراءة في نفسية القارئ.
وبما أن أمة اقرأ لازالت لا تقرأ، وذلك لعدة أسباب موضوعية و ذاتية لا داعي لإعادة سردها. قد تعتبر الإشارة إلى هذا الجانب من فوائد المطالعة نوع من الترف، في حين أن العكس هو الصحيح. ذلك أن تسليط الضوء على هذه النقطة المهمّة يمكن أن يساعد في عملية تحبيب الكتاب لدى الفرد، و تحفيزه على المطالعة، فضلاً عن الترويح النفسي الذي سيستفيد منه بفعل ذلك. خاصة و نحن في أمسّ الحاجة إلى هذا النوع الهادف من الترفيه و الترويح، في ضل الإحباط الذي يعاني منه كثيرين من أفراد المجتمع. و هو ما تأكده تقارير الصحة النفسية مؤخراً.
يقول الروائي الياباني ( هاروكي مورا كامي ) صاحب الرواية الرائعة (الخشب النرويجي)، في حديث له عن تجربته الخاصة مع القراءة، " إن قراءة الكتاب المناسب في اللحظة المناسبة، تستطيع أن تحدث انتعاشة في الدماغ، مما ينعكس بصورة مباشرة على مزاج المتلقي و تصرفاته. و سترسل قائلاً، إن عملية اختيار الكتب أيضاً، تأثر على مزاجنا بشكل أو بآخر، علاوةً على أن هذا الوقع يستطيع أن يذهب أبعد من ذلك، عبر إلهام القارئ بحلول شتى و منحه التحفيز الذي يبحث عنه".
إن البلدان التي يعتبر الكتاب بالنسبة إليها بمثابة الماء و الهواء؛ تنبهت إلى هذه المسألة منذ عقود، فصارت تدرس تأثيرات القراءة على نفسية القارئ، و دورها في بناء شخصيته، و مدى تدخلها في تهذيب مزاجه، و قدرتها على التخفيف عنه من الضغوطات اليومية. بل و أكثر من ذلك، فهناك أبحاث و دراسات تطرقت لهذا التأثير حسب جنس المادة المقروءة. سواء كانت شعراً أو رواية أو ما إلى ذلك.
وقد اعتقد اليونان قديماً، على أن في قراءة الأدب " علاج للنفس "، ذلك أنهم كانوا يضعون قرب مكتبة المنزل لوحة مكتوب عليها: ( هذا المكان لعلاج النفس). و مع تطور العلم، و نشأة العلوم الإنسانية، بدأ الاهتمام بالجانب السيكولوجي للقراءة بشكل علمي و أكاديمي. فأصبحت القراءة وسيلةً يعتمدها المختصون في الصحة النفسية لمساعدة الأفراد على التخلص من بعض المشاكل النفسية؛ كالضغط و الإحباط و الأرق و غير ذلك من الأحاسيس السلبية.
و تعود بداية الاهتمام بهذا الجانب من القراءة، إلى ما بعد نهاية الحرب العالمية الثانية. حيث كان الجنود الأمريكان يقضون وقتاً طويلاً في المطالعة، و لاحظوا على أنها تساعدهم في التخلص من وطأة الضغوطات النفسية التي خلفتها الحرب في نفوسهم. و كانت هذه المعطيات التي لمسها هؤلاء الجنود عن طريق تجربتهم الخاصة مع المطالعة، نقطة انطلاقة للعديد من الأبحاث و الدراسات حول دور القراءة في التأثير على مزاج القارئ. و لعل هذه النتائج بالضبط هي ما دفع بالمختصين في علم النفس إلى تأسيس ما يسمى الآن ب (bibliotherapy), وهو ما يعني: اختيار بعض الكتب أو غيرها من المواد المقروءة، حسب المشكل النفسي الذي يعاني منه الفرد، قصد تمكينه من رؤية المشكل الذي يضايقه من زوايا مختلفة، عن طريق التفاعل مع الشخصيات أو الأحداث المتضمنة في رواية أو سيرة ذاتية ما، أو أي نص آخر يمكن أن يساعد على ذلك.
ولقد أبانت " البيبليو تيرابي " على نجاعتها في تزويد الأفراد ببعض البدائل و الحلول لمشاكلهم النفسية، و كذا تحفيزهم على مواجهة الواقع بشكل متفائل و شجاع فمثلاً، الطفل الذي فقد والديه أو أحدهما، قد تساعده قراءة قصة مماثلة لطفل آخر، على أن يتقبل الوضع و يتعامل معه من منظور إيجابي. كما أن القراءة قبل النوم قد تقوم بدور " المهدئ"؛ لقدرتها على توجيه انتباه الفرد صوب ما يقرؤه، بدلاً من التفكير فيما يؤرقه. و الجميل في الأمر هو: أن أي شخص يمكنه أن يستفيد من هذه العملية دون تدخل أي طرف مختص، شريطة أن يختار الكتب التي تجذبه و يستمتع بقراءتها...
هذا وقد قامت الباحثة (ناتالي فيليبس) مع مجموعة من الباحثين في (علم الأعصاب) من جامعة ستانفورد، بدراسة حول التركيز و علاقته بالقراءة المتأنية أو المعمقة ( engaged reading) و القراءة السريع (skimming reading). فخلصت الدراسة على أن القراءة المتأنية تأخذ جل تركيز القارئ، لحد أنه قد يتجاهل المحيط الذي يتواجد فيه، كما أنها تنشّط المناطق المسؤولة في الدماغ على الحركة و اللمس، لدرجة أن الفرد قد يقوم ببعض الحركات و الإيماءات كنوع من التفاعل الجسدي مع ما يقرأه. هذا على العكس من القراءة السريعة التي تبين أنها لا توجه التركيز بشكل كبير.
وهناك دراسة أخرى نشرت على الموقع الإلكتروني لجريدة " الگردين" بتاريخ 7/9/2011، تفيد بأن قراءة الروايات الخيالية (fiction), تقوي من تعاطف فرد إزاء الآخرين.
باختصار، إن موضوع التأثير النفسي للقراءة من بين المواضيع التي شغلت بال العديد من الباحثين و الأدباء و غيرهم من المهتمين، منذ وقت طويل و لازال. لأن كل مصاب ب "جن الكتاب"، لابد و أن يكون قد تساءل في يوم من الأيام حول هذا التأثير؛
ويبقى الكتاب غداء للروح و العقل، يترتب عنه إحساس بالسعادة و الرضا، و ملجأ للاحتماء من قسوة الواقع، و عالم يتحرر فيه العقل و يطلق فيه العنان للخيال، عبر الانصهار و التفاعل مع محتواه.
ومن ابلغ ما قيل في القراءة ما صدر عن الأديب الفرنسي- المغربي المولد: دانييل پيناك ( كل قراءة هي فعل مقاومة، وقراءة جيدة تقيك من كل شيء، حتى من نفسك...).
في انتظار أن تتعقل أمة اقرأ و تقرأ...
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.