تقرير: ثلث شباب المغرب عاطلون والقطاع غير المهيكل يبتلع فرص الشغل    المساعدات الإنسانية الموجهة إلى سكان غزة.. "مبادرة ملكية نبيلة ترسم معالم الطريق الواجب اتباعه" (أندرو موريسون)    إيران تصعد التهديد بصواريخ جديدة واستعداد تام لمواجهة إسرائيل    توقيف قاصر بعد محاولة سرقة محل بطرد وهمي بالقنيطرة        صفعة جديدة للانفصاليين .. اليابان تتمسك بموقفها الرافض للاعتراف بالكيان الوهمي    ثورة الملك والشعب : ترابط دائم وعهد متجدد    للمرة الثالثة: الموقف الياباني من البوليساريو يصفع الجزائر وصنيعتها.. دلالات استراتيجية وانتصار دبلوماسي جديد للمغرب    وزير الدفاع الإسرائيلي يصادق على خطة السيطرة على غزة    تورّط زوجة رئيس الوزراء الإسباني في قضية فساد جديدة    وفاة بورمانوف نجم البث المباشر بفرنسا بعد تعرضه للإذلال والعنف أمام الكاميرا.. النيابة العامة تفتح تحقيقًا    مدرب تنزانيا: مواجهة المغرب في الشان مهمة معقدة أمام خصم يملك خبرة كبيرة    شباب الريف الحسيمي يواصل تعزيز صفوفه بتعاقدات جديدة        جلالة الملك يهنئ رئيس هنغاريا بمناسبة العيد الوطني لبلاده        حملات أمنية مشددة ضد الدراجات النارية المعدلة بمختلف المدن المغربية    إطلاق فيديو كليب "رمشا الكحولي" بتوقيع المخرج علي رشاد        أمين عدلي ينتقل إلى الدوري الإنجليزي في صفقة ضخمة    أمن طنجة يوقف مواطن دنماركي مبحوثا عنه دوليا    عيد الشباب .. الاحتفاء بالالتزام الملكي الراسخ تجاه الشباب، المحرك الحقيقي لمغرب صاعد    إيزاك يخرج عن صمته: "فقدت الثقة بنيوكاسل ولا يمكن للعلاقة أن تستمر"    تخليق الحياة السياسية في المغرب: مطمح ملكي وحلم شعبي نحو مغرب جديد.        تمهيدا لتشغيل الميناء.. إطلاق دراسة لاستشراف احتياجات السكن في الناظور والدريوش    مبابي يقود ريال مدريد لتحقيق أول انتصار في الموسم الجديد    المغرب يكرس ريادته الإنسانية والدبلوماسية عبر أكبر دعم إغاثي مباشر إلى غزة بقرار ملكي        إدارة سجن طنجة 2 تنفي مزاعم تصفية نزيل وتوضح أسباب وفاته    المغرب يعزز مكانته كقوة إقليمية في قلب التنافس الدولي بالصحراء والساحل    ذكرى ثورة الملك والشعب .. جلالة الملك يصدر عفوه السامي على 881 شخصا    اختتام فعاليات الدورة الرابعة للمهرجان الدولي للفن المعاصر بمدينة ميدلت    حجز 14 طنا من البطاطس بتطوان قبل توجيهها للبيع لانعدام شروط النظافة والسلامة    جمعية باقي الخير تستنكر منع شابة من ذوي الاحتياجات الخاصة من دخول فضاء ألعاب بطنجة بدعوى أنها "قد تُخيف الأطفال"    البطولة الإحترافية 2025/2026: المرشحون والوجوه الجديدة ومباريات الجولة الأولى في إعلان MelBet    بدر لحريزي يفوز بمنصب ممثل كرة القدم النسوية في عصبة الرباط سلا القنيطرة    حفل استقبال بهيج: مؤسسة طنجة الكبرى للعمل التربوي والثقافي والاجتماعي والرياضي تستقبل أطفال القدس الشريف    تكريمات تسعد مقاومين في خريبكة    المركز الفرنسي للسينما يكرّم المخرجة المغربية جنيني ضمن سلسلة "الرائدات"    كزينة ونجوم الراب يشعلون الليلة التاسعة من المهرجان بحضور جماهيري قياسي    التصنيف الائتماني للمغرب.. تقرير يوصي بشفافية البيانات وتنويع مصادر التقييم    تداولات بورصة البيضاء تتوشح بالأحمر    10 أعمال مغربية ضمن قائمة ال9 لأفضل الأعمال في جائزة كتارا للرواية العربية    أسعار الخضر والفواكه تسجل انخفاضا في أسواق المملكة    تخمينات الأطباء تقادمت.. الذكاء الاصطناعي يتنبأ بموعد ولادة الأطفال بدقة عالية    مهرجان القنيطرة يفتح أبوابه للاحتفاء بالإبداع ويجمع نجوم الفن والرياضة في دورة شبابية مميزة    إنجاز علمي مغربي.. رسم الخريطة الجينية الكاملة لشجرة الأركان يمهد لآفاق جديدة    وزارة الصحة تطلق صفقة ضخمة تتجاوز 100 مليون درهم لتعزيز قدرات التشخيص الوبائي    مهرجان سينما الشاطئ يحط الرحال بأكادير    بعد زيادتين متتاليتين.. انخفاض محدود في سعر الغازوال    دراسة: المعمرون فوق المئة أقل عرضة للإصابة بالأمراض المتعددة    خبيرة أمريكية تكشف مدة النوم الضرورية للأطفال للتركيز والتفوق    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تدريس الأمازيغية ومذكرة الوزارة
نشر في هسبريس يوم 06 - 06 - 2023

أثارت المذكرة الأخيرة عدد 28/23 التي أصدرتها وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة نقاشا كبيرا وهاما حول محتواها، وحول ورش تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وفق مقتضيات دستور 2011 والقانون التنظيمي 16/26 الذي حدد مراحل التفعيل في منظومة التربية والتكوين وفي بقية مجالات الحياة العامة. وفي هذا الإطار، سندلي بالتوضيحات الأتية التي قدمت بعضها خلال الندوة الوطنية التي نظمتها كونفدرالية الجمعيات الأمازيغية "تمونت ن إيفوس" مؤخرا بأكادير حول "الحكومة والأمازيغية".
العيبان والخللان الكبيران في نص المذكرة رغم أهميتها على المستوى التنظيمي، هما أولا خرقها الصريح لمقتضيات القانون التنظيمي الذي حدد المراحل والآجال الزمنية لتفعيل ترسيم اللغة الأمازيغية وتعميمها بالتعليم الابتدائي في 5 سنوات، وفي التعليم الثانوي في 10 سنوات، بعد صدوره بالجريدة الرسمية، حيث مددت المذكرة هذه المدة إلى غاية 2029 بالنسبة للابتدائي، فيما لم تثر نهائيا إدماج الأمازيغية بسلك الثانوي الذي كان مفترضا أن يشرع فيه من الآن.
العيب والخلل الثاني هو اعتماد الصياغة الإرجائية نفسها التي تم التعامل بها مع هذا الورش منذ بدايته قبل 20 سنة، وهي الصيغة التي اعتمدتها المذكرة موضوعا لها "التعميم التدريجي لتدريس الأمازيغية". وتوظيف هذه الصيغة "التدريجي" والآثار التي ستترتب عنها على مستوى سلطتها التنظيمية والتدبيرية ستكرس التمييز والاستخفاف الذي كانت ضحيته جل المذكرات الوزارية الخاصة بالأمازيغية التي أصدرتها الوزارة على امتداد 20 سنة، والتي لم تفعل حتى بنسبة 10 في المئة. فبعد التأخير الذي حصل وإخفاق التدابير السابقة، والصعوبة التي تعترض هذا الورش، خاصة على مستوى الذهنيات الإدارية، وغياب الكفاءات التدبيرية، خاصة على المستويات الجهوية والإقليمية، ولإعطاء الإجراء والمشروع صبغة الحزم التي اعتمدتها الوزارة في كل مشاريعها واجراءاتها الأخيرة، كان من اللازم تفادي عبارة التدرج والحديث عن " تعميم تدريس الأمازيغية" بكل وضوح وإلزام.
وأخيرا، فالمؤشر الأساسي الذي تضمنته المذكرة هو تحقيق تغطية المؤسسات بنسبة 50 في المئة سنة 2026، وتعميم التدريس سنة 2029، وإذا كان هذا المؤشر الأخير فيه خرق مبالغ فيه لمقتضيات القانون التنظيمي كما وضحنا، رغم أن الوزارة تؤكد على شرط موضوعي يستحيل معه تحقيق ذلك، فإن المؤشر الأول التزم بالتغطية وليس بالتعميم، مما سيوظف ويؤول على مستوى مؤشرات الإنجاز من طرف الأكاديميات الجهوية والمديريات الإقليمية، خاصة بالإرجاء حسن عبارة "التدرج"، ويعد إشكال موضوعية التقييم ومؤشرات الإنجاز من العوائق الكبيرة في تحقيق التنفيذ الفعلي لإجراءات الوزارة في عدة مجالات، وخاصة تدريس الأمازيغية منذ عدة سنوات.
أما بالنسبة للتعليم الخصوصي، ففي الأدبيات التنظيمية حسب الوزارة خلال السنوات الأخيرة، عند الحديث عن الأسلاك التعليمية والتدابير التربوية لا يتم الفرق بين التعليمين العمومي والخصوصي، بمعنى أن إجراءات المذكرة تهم التعليم الابتدائي بصفة عامة، ولكي نتأكد من ذلك ندعو الوزارة لمطالبة الأكاديميات الجهوية والمديريات الإقليمية بإدراجها في المخططات الجهوية والإقليمية التي ستقدم عليها لتنفيذ مضامين المذكرة، والبداية بإرسال نسخ المذكرة إلى مؤسسات التعليم الخصوصي كما يتم إرسالها إلى مؤسسات التعليم العمومي.
على مستوى الإجراءات التنظيمية وتغيير المقاربة المعتمدة خلال السنوات العشر الأخيرة، فقد تضمنت المذكرة تدابير مستحسنة، ترجمت الاقتراحات العملية التي قدمناها خلال الندوة الوطنية التي نظمت منذ بضع شهور بالناظور بحضور وزير التربية الوطنية ومدير المناهج والمفتش العام، والتي هي نتاج معاينتنا وخبرتنا في الملف على امتداد 20 سنة منذ بداية إدراج الأمازيغية بالمدرسة المغربية وبمراكز تكوين الأساتذة. وخلاصة هذا المقاربة هي التأكيد على أن خيار الأستاذ المتخصص لن يحقق تعميم الأمازيغية، وسيتطلب ذلك أكثر من 40 سنة بوتيرة التوظيف الحالية، أي حوالي 400 منصب سنويا، ولو افترضنا إمكانية الرقع من هذا العدد الذي لن يتجاوز في أحسن الأحوال 1000 منصب، فسيتطلب الأمر أكثر من 16 سنة لتحقيق التعميم، وسيطرح إشكال توفر هذا العدد من خريجي مسالك الدراسات الأمازيغية والإجازة الأساسية المتمكنين من اللغة الأمازيغية سنويا. إذن من الواضح أن الحل هو العودة إلى صيغة الأستاذ ثلاثي اللغة trilingue عبر إدراج مصوغات التكوين في اللغة الأمازيغية وديداكتيكها بالمراكز الجهوية للتكوين وبالمدارس العليا للأساتذة، والرفع من مناصب أساتذة التخصص وتعيينهم بالابتدائي وبالثانوي، والشروع في الإدماج بهذا السلك من الآن بالموازاة مع الابتدائي. ثم اعتماد نظام التكوين المستمر وميزانياته الهامة لتأهيل أساتذة المزدوج عبر خطة عملية وبرنامج بأهداف ومؤشرات إنجاز دقيقة، بإشراك المفتشين والمكونين بالمراكز، وشرط التحفيز وتقييم المردودية اللذين تعتمدهما الوزارة حاليا في تنفيذ بقية المشاريع والإجراءات. ثم توظيف خيار الأستاذ المصاحب والأستاذ الرئيس للتأطير عن قرب داخل المؤسسات، بتوظيف كفايات أساتذة التخصص وذوي التكوين والخبرة في تدريس الأمازيغية.
ويبقى الإشكال الكبير بالنسبة لتدريس الأمازيغية هو عدم التزام الوزارة والأكاديميات والمديريات بتنفيذ الإجراءات والمذكرات التي تصدرها، فمن المعلوم أن تعميم تدريس الأمازيغية بالابتدائي والثانوي كان سيتحقق سنة 2010 حسب التزامات ومذكرات وتصريح وزير التربية الوطنية الأسبق الحبيب المالكي، وهم ما لم يتحقق حتى بنسبة 10 في المئة رغم مروم حوالي 20 سنة على بداية الإدماج. كما نعلم بأن عدد المذكرات الصادرة منذ 2003 يتجاوز 16 مذكرة تنظيمية، فكل الوزراء تقريبا الذين تعاقبوا على تدبير المنظومة التربوية أصدروا مذكرات في تدريس الأمازيغية، لكن السؤال الذي يطرحه هذا الوضع الشاذ والمثير للاستغراب هو: لماذا لم يحقق كل هؤلاء الوزراء وعودهم ولم يوفوا بالتزاماتهم ولم تنفذ المذكرات التي أصدروها؟ ومن ثم، كيف سيكون مصير ومستوى تنفيذ المذكرة الأخيرة التي أصدرتها الوزارة؟
المؤكد أن درجات الإحباط وعدم الثقة نتيجة الإخلال بالالتزامات والتملص من تنفيذ المقتضيات الدستورية والقانونية الخاصة بالأمازيغية بلغت مداها، مما ينذر بإعلان فشل الدولة والحكومات المتعاقبة في تدبير هذا الملف اللغوي والثقافي والهوياتي الوطني، وهذا ما سيفضي إلى تعقيده أكثر بدل حسن تدبيره، وجعله مفتوحا على تطورات سياسية بديلة لإحقاق الحقوق والعدالة والديمقراطية.
(*) باحث في الشأن الأمازيغي رئيس الجامعة الصيفية أكادير


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.