السير ليام فوكس: بفضل دبلوماسية ملكية فعالة.. المغرب يواصل تعزيز سيادته على صحرائه    الناخب والمدرب الوطنيين لحسن واسو وجواد خويا يحرزان أعلى شهادة يمنحها الاتحاد الدولي للمواي طاي إيفما    أكادير…توقيف شخص يشتبه في تورطه في حيازة السلاح الأبيض في ظروف تشكل خطرا على أمن وسلامة المواطنين    كيوسك الثلاثاء | الاعتراف المتبادل لرخص السياقة بين المغرب وإيطاليا يدخل حيز التنفيذ    الوزارة الوصية: الدورة العادية للامتحان الوطني الموحد لنيل شهادة البكالوريا مرت في أجواء جيدة وإيجابية    سلا… توقيف ستة أشخاص للاشتباه في تورطهم في عدم الامتثال والسياقة في ظروف تهدد أمن وسلامة مستعملي الطريق    وفاة الفنانة المصرية سميحة أيوب عن عمر 93 عاما    مقتل 3 جنود إسرائيليين في قطاع غزة    أمريكا تبدأ تقليص قواتها في سوريا    محكمة بريطانية تدين طالب لجوء ملحد أحرق المصحف في لندن    هانزي فليك مدرب برشلونة يظفر بجائزة الأفضل في الدوري الإسباني    استمرار الحرارة في توقعات طقس الثلاثاء    اتحاد جزر القمر يجدد تأكيد دعمه الكامل للمبادرة المغربية للحكم الذاتي    وفاة "سيدة المسرح العربي" سميحة أيوب    كأس العالم للأندية: تشلسي يدعم صفوفه بالبرتغالي إيسوغو    وفاة مؤرخ المملكة عبد الحق المريني ودفنه اليوم بمقبرة الشهداء    قائد الملحقة الإدارية الرابعة بطنجة يشرف على حملة ضد حراس السيارات بتنسيق مع الدائرة الأمنية الثانية    موقف قوي من سيراليون يحرج خصوم الوحدة الترابية للمغرب داخل مجلس الأمن    ضبط 2769 حالة غش في امتحانات الباكالوريا    المغرب يطلق أكبر مشروع لتحديث حافلات النقل الحضري    وزير الداخلية يقدّم معطيات حول سير عمل الشركات الجهوية متعددة الخدمات    لاعبو المنتخب الوطني يتوافدون على معسكر المعمورة    الفيفا يكشف عن شعار النسخ الخمس القادمة لمونديال السيدات لأقل من 17 سنة بالمغرب    بوصوف يكتب: إجماع مغاربة العالم على عدم تأدية شعيرة الذبح... تضامن راقٍ يعكس وعيًا جماعيًا نادرًا    التوفيق:برنامج التأهيل الطاقي للمساجد.. تجهيز 6255 مسجدا بمعدات النجاعة الطاقية    الفيفا يكشف عن شعار النسخ الخمس القادمة لمونديال السيدات لأقل من 17 سنة بالمغرب    هاميلتون:مستقبل العلاقات بين المملكة المتحدة والمغرب "واعد اليوم أكثر من أي وقت مضى"    انطلاق اشغال الملتقى الاول للمكتبات الوطنية العربية    منتدى مقاولاتي بطنجة يجمع فاعلين اقتصاديين من جهة فالنسيا ونظرائهم المغاربة لتعزيز الشراكة والتعاون    أكثر من 3800 مقاولة جديدة بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة خلال الربع الأول من 2025    الأداء الإيجابي ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    أمانديس تدعم شباب الابتكار البيئي بطنجة من خلال رعاية "هاكاثون Code Bleu"    مناسبة عيد الأضحى.. الباطرونا تدعو أرباب المقاولات الخاصة لإقرار الإثنين عطلة اسثنائية    الناقد المغربي حميد لحمداني يفوز بجائزة العويس الثقافية    ماجدة الرومي وزياد برجي وMoBlack وSlimane ينضمون إلى قائمة نجوم الدورة العشرين لمهرجان موازين    أخبار الساحة    انطلاق محاكمة سعد لمجرد بفرنسا    إسبانيا تحقق رقما قياسيا جديدا بلغ 25,6 مليون سائح أجنبي عند متم أبريل الماضي    "وقفات مع العشر".. عنوان حلقة جديدة من برنامج "خير الأيام" عبر يوتيوب    السعودية: إخراج أكثر من 205 آلاف شخص من مكة حاولوا الحج بدون تصريح    محمد الأمين الإسماعيلي في ذمة الله    أسعار المحروقات تعود للارتفاع في المغرب رغم التراجع العالمي        تجربة الفنان التشكيلي المغربي: سيمفونية الألوان    قدم أداء مقبولا ويحتاج إلى مزيد من العمل.. الوداد يتعثر من جديد قبل انطلاق كأس العالم للأندية    سفينة من "أسطول الحرية" محملة بمساعدات إنسانية تبحر إلى غزة من إيطاليا    الاتحاديات والاتحاديون سعداء بحزبهم    دورة سادسة للمهرجان الدولي للفيلم الكوميدي بالرباط    وقفة احتجاجية بآسفي تجسّد مأساة عائلة النجار في غزة    المغرب تحول إلى عاصمة عالمية للدبلوماسية البرلمانية (رؤساء أربعة برلمانات إقليمية بأمريكا اللاتينية)    أطباء بلا حدود تحمّل مؤسسة أمريكية مسؤولية الفوضى وسقوط قتلى أثناء توزيع المساعدات في رفح    السعودية.. إخراج أكثر من 205 آلاف شخص من مكة حاولوا الحج بدون تصريح    السجائر الإلكترونية المستخدمة لمرة واحدة تهدد الصحة والبيئة!    معهد للسلامة يوصي بتدابير مفيدة لمواجهة حرارة الصيف في العمل    الوفد الرسمي للحجاج المغاربة يتوجه إلى الديار المقدسة    البرازيل تحقق في 12 إصابة جديدة مشتبه بها بإنفلونزا الطيور    العثور على "حشيش" في مكونات حلوى أطفال شهيرة في هولندا    مخترع حبوب الإجهاض الطبي يغادر دنيا الناس    









بالوجه المكشوف .. والآن بيننا الأزل!
نشر في هسبريس يوم 28 - 11 - 2023

كانت الكلمة الفصل بيننا "بيني وبينك الزمن!"، وكان ذلك في الماضي المترع بغرو صباي وغروره عندما اعتقدت أنه من الناحية البيولوجية سأحيى أطول وأفضل منك.
فعذرا على سخافتي الآن ونحن نقف الآن على ضفتي النهر نفسه؛ نهر الكون الشاسع، أنت على الضفة الخفية والأزلية منه وأنا على الضفة الظاهرة الفانية.
كان ذلك الحوار الذي جرى بيننا في مقهى رباطي قبالة المحكمة العسكرية، بخصوص الشبكة المغربية للبيئة والتنمية المستدامة، أو كما يحلو لنا تسميتها "REMED" لأنه اسم يرن مثل العلاج، علاج آثار التغيرات المناخية بالخصوص على بلد من بلدان الجنوب مثل المغرب وعلى ساكنة هشة مثل شعبنا. كنا قد ساهمنا جميعا في تأسيسها، كجمعيات وطنية وإقليمية ومحلية، وجمعيات تشتغل في أقاصي المغرب العميق وحتى في أحياء غابة كبرى تسمى الدار البيضاء. المهم، كان يجمعنا هاجس واحد وهو اغتنام فرصة مؤتمر المناخ الذي عمل فقيدنا الغالي مولاي أحمد عراقي وفريقه، حين كان وزير بيئة في حكومة التناوب، الممكن والمستحيل لاستضافته لأول مرة في تاريخ "الكوب" بدولة من دول الجنوب، وهي المغرب. هكذا كان، انعقدت قمة "كوب 7" بمراكش من أواخر أكتوبر إلى بداية نوفمبر 2001. وعقدت شبكتنا، إضافة إلى شخصياتها وجمعياتها المعتمدة في المؤتمر الرسمي، مؤتمرا موازيا خاصا بما يسمى المجتمع المدني المحلي، بحضور علماء مناخ حقيقيين مغاربة وبزيارات يومية من جمعيات ذات صيت عالمي ومسؤولين دوليين. استمر مؤتمرنا لأكثر من عشرة أيام. وكان ما كان، من اشتغال داخل المؤتمر الرسمي وتمثيل ناضج ووازن "للمجتمع المدني" المغربي شهدت عليه الجمعيات الدولية عبر إعلامها البديل ووسائل الإعلام الوطنية المغربية وكذا الإعلام الدولي المتخصص. وكان ما كان أيضا من مفارقة صارخة بين دعم السلطة لنا في حملاتنا "التحسيسية"، من قبيل الملصقات على جميع واجهات مراكش (حتى على الكوتشيات) وتأطير علمي للمشاركين وتنسيق مع مكونات المجتمع الدولي داخل المؤتمر الرسمي وتغطية صحفية واسعة وزيارات ميدانية، والقمع الذي نزل علينا من حيث لا نعلم عندما أردنا تنفيذ نقطة واحدة في برنامج عملنا وهي الوقفة "التعبيرية" أمام قصر المؤتمرات حيث يدور المؤتمر الرسمي. ربما كانت الحجة في ذلك بالنسبة للسلطة هي مشاركة الوفد الأمريكي الذي خرج لأول مرة بعد هجمات 11 شتنبر.
الراحل أحمد حرزني وهو يتلو نداء الجمعيات المغربية على ضفاف نهر أوريكا
لن أستفيض في الحديث عن ملابسات ذلك اللقاء لأنها ليست بيت القصيد هنا. ما أود الحديث عنه هنا وأجد نفسي مدفوعة لذلك هو شخص كلفناه بقراءة نداء أوريكا، وهو الخطاب الذي كنا نريد كجمعيات من دول الجنوب تمريره إبان مؤتمر المناخ. فقررنا إطلاقه من مكان عانى الويلات من آثار التغيرات المناخية التي كانت شبه مجهولة آنذاك (قبل أن تصبح على الموضة اليوم)، ألا وهو أوريكا، واخترنا الشخص المناسب لإسماع ندائنا: أحمد حرزني.
لذلك، عندما بلغني خبر وفاته منذ أسبوع وخلال جنازته لم تحضرني صورته وهو يؤدي شهادته أمام "هيئة الإنصاف والمصالحة" ولا صورته كرئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان وكسفير متجول لبلاده، لم تحضرني سوى صورته وهو يتلو بهدوئه المعتاد نداء أوريكا منذ اثنين وعشرين سنة بالضبط. كما استحضرت جلستنا التقييمية غير الرسمية لمؤتمر الشبكة في ذلك المقهى، حيث كانت الكلمة الفصل "بيننا الزمن"، أمام تبنيه لمقولة "انصر رفيقك ظالما أو مظلوما". كلمة فصل غير لائقة سياسيا، تنبع من غرور الشباب ومن شعور بواجب الدفاع عن "يساريتي" في وجه من كنت أظن أنه يرى أني لا أحمل من الصفات "اليسارية" ما يكفي كطفلة ترعرعت في بيت عالم فقيه قاض وعائلة استقلالية (محافظة وفق الأحكام الجاهزة)، وكشابة اشتغلت مع "جهابذة الصحافة الاستقلالية" في جريدة "العلم" وعاشت مع الإصلاحيين (الاتحاديين) متقاسمة معهم الدم، سواء ابنتاي عبر الزواج أو السي أحمد الزايدي عبر "النسوبية".
أيها الرفيق "أحمد حرزني"، الآن وقد استرجع التراب طينه وصرت على الضفة الأخرى من نهر الحياة، ما يحدد الإنسان هو إنسانيته، وما يحددك أنت هو أنك مواطن للإنسانية جمعاء. طبعا، تظل ابن "فكيك" وابن المغرب، لكنك قبل كل شيء إنسان. ما كان يميزك كذلك هو دماثة خلقك واختلافك الهادئ وتحملك لعتاب من كانت في سن ابنتك.
السي أحمد لم نخترك عبثا لتتحدث باسمنا، لم أسمع لنداء أوريكا بصوتك بتأثر عبثا، بل لأنني لمحت في عينك حزنا رغم ابتسامتك الدائمة. فلا تحزن أيها الرفيق! فقد أصبحت الآن في عهدة من لا تضيع ودائعه هناك على الضفة الأخرى، وبقيتُ في عهدته هنا على هذه الضفة حيث تضيع الودائع والحقوق. لا حزن في عينيك بعد الآن! أستودعك إياه، فالآن بيننا الأزل!
تعليق على الصورة: الراحل أحمد حرزني وهو يتلو نداء الجمعيات المغربية على ضفاف نهر أوريكا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.