مع تقدم العد التنازلي نحو صافرة البداية لاحتضان منافسات كأس أمم إفريقيا لكرة القدم (كان 2025)، ساهمت التحضيرات النهائية في قلب موازين القوى داخل السوق العقاري بمدينة طنجة، محدثة تغييرا جذريا في تصنيف الأحياء الأكثر جاذبية للاستثمار، حيث انتقل مركز الثقل من الواجهة البحرية التقليدية نحو المناطق الداخلية المحيطة بالمنشآت الرياضية الكبرى. وارتفعت وتيرة الطلب العقاري مع اقتراب موعد البطولة، مما عزز حضور الأحياء القريبة من المنشآت الرياضية في صدارة الاهتمام الاستثماري. وتفيد قراءة تركيبية للمؤشرات العقارية، أجرتها صحيفة طنجة 24 الالكترونية، خلال الأسبوع الأول من شهر دجنبر، أن حي "الزياتن" والمناطق المجاورة لملعب طنجة الكبير قد قفزت إلى صدارة التصنيف العقاري من حيث الطلب على "الكراء السياحي قصير الأمد". وتفيد البيانات المستقاة من رصد حركة المعاملات أن المستثمرين باتوا يفضلون هذه الأحياء الحديثة على منطقة "مالاباطا" التاريخية، مدفوعين بتوقعات تحقيق عائد مالي فوري وقياسي خلال فترة البطولة. وتشير أحدث الإحصائيات إلى أن العائد الايجاري (Rental Yield) في المناطق القريبة من القرية الرياضية يتوقع أن يتجاوز 10% خلال شهري دجنبر ويناير، متفوقا على المعدل العام للمدينة المستقر في حدود 8%. وقد سجلت منصات الحجوزات ارتفاعا في أسعار الليالي بهذه المناطق بنسبة تناهز 25% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، مما جعل سعر المتر المربع للكراء في "الزياتن" ينافس نظيره في الكورنيش لأول مرة. وفي المقابل، أعادت مشاريع البنية التحتية الطرقية الجديدة تشكيل الخارطة العقارية في الضواحي الجنوبية، دافعة بمنطقتي "كزناية" و"العوامة" لتصدر مشهد الاستثمار السكني طويل الأمد. ويصنف الخبراء العقاريون هذه المناطق حاليا ك "ملاذ آمن" لرؤوس الأموال، خاصة مع استقرار أسعار الشقق فيها عند مستويات تنافسية تتراوح ما بين 7000 و9000 درهم للمتر المربع، مقابل أسعار تفوق 14500 درهم للمتر المربع في مناطق مثل "مالاباطا" ووسط المدينة التي تشهد تشبعا نسبيا. وتتزامن هذه التحولات مع صدور بيانات بنك المغرب والوكالة الوطنية للمحافظة العقارية الخاصة بالفصل الثالث من سنة 2025، والتي أكدت تعافي القطاع في طنجة، مسجلا ارتفاعا في مؤشر أسعار الأصول العقارية بنسبة 1.8%، وانتعاشا ملحوظا في حجم المعاملات الذي قفز بنسبة 19.4%. وتؤكد هذه الأرقام أن السوق ينهي العام وفق تراتبية جديدة، أصبحت فيها "الوظيفة العقارية" للحي — سواء كانت سياحية مرتبطة بالأحداث أو سكنية مرتبطة بالصناعة — هي المحدد الرئيسي لسعر العقار، بعيدا عن المعايير التقليدية السابقة.