تحركت السلطات بمدينة فاس بشكل فوري تنفيذًا لتعليمات ملكية سامية إثر انهيار بنايتين بحيّ "المستقبل" في الساعات الأولى من ليلة الثلاثاء-الأربعاء، وهي الفاجعة التي خلفت صدمة عميقة وسط الساكنة وامتد صداها إلى مختلف ربوع المملكة. التحركات الأولى جاءت مركّزة على إنقاذ الأرواح وضمان ظروف إنسانية للناجين، حيث جرى إيواء الأسر المتضررة بشكل فوري داخل أحد الفنادق مع التكفل الكامل بالإيواء والتغذية، في خطوة استثنائية هدفت إلى تفادي أي معاناة إضافية للضحايا. وامتدت هذه العناية لتشمل حتى مصاريف الدفن وتنظيم مراسيم العزاء، بما في ذلك الضحايا الذين ينحدرون من مدن أخرى، في تجسيد واضح للبعد الإنساني في المقاربة الرسمية. على المستوى الصحي، تم نقل المصابين إلى المستشفى الجامعي بفاس (CHU) حيث استنفرت الأطقم الطبية مواردها من أجل تقديم العناية اللازمة. وشهدت المؤسسة الصحية تعبئة لمختلف التخصصات، بالنظر إلى خطورة الإصابات وتنوع الحالات بين كسور وإصابات داخلية ورضوض متفاوتة. وتزامنًا مع عمليات الإغاثة، بادرت السلطات القضائية والتقنية إلى فتح تحقيق معمق يشرف عليه فريق مختص لتحديد الأسباب الحقيقية للانهيار، خصوصًا وأن البنايتين شيدتا سنة 2006 ضمن برنامج "فاس بدون صفيح"، ما يطرح أسئلة ثقيلة حول معايير البناء وظروف المراقبة وجودة الإنجاز. التحقيق يشمل خبرات تقنية حول قوة البناء، وطبيعة التربة، واحترام الضوابط الهندسية، إضافة إلى بحث في المسؤوليات الإدارية والمهنية المحتملة. حصيلة الفاجعة ارتفعت إلى 22 وفاة و16 مصابًا، في رقم يختزل حجم الألم الذي ضرب الحيّ وأعاد النقاش الوطني حول سلامة المباني القديمة والمشاريع السكنية الاجتماعية، وضرورة تعزيز آليات المراقبة والزجر في مواجهة كل أشكال الغش أو الإهمال. حادث فاس لم يكن مجرد انهيار بنايتين، بل لحظة محورية تضع المنظومة العمرانية بالمغرب تحت مجهر المساءلة، وتُظهر في المقابل سرعة وتعليمات ملكية واضحة تضمن الإغاثة الفورية للضحايا مع التأكيد على كشف الحقيقة كاملة وترتيب المسؤوليات دون تردد.