عندما يهاجم بنكيران الشعب.. هل زلّ لسانه أم كشف ما في داخله؟    وزراء خارجية "البريكس" وشركاؤهم يجتمعون في ريو دي جانيرو    كأس إفريقيا لأقل من 20 سنة.. المنتخب المغربي يدشن مشاركته بفوز صعب على كينيا    تنفيذ قانون المالية لسنة 2025.. فائض خزينة بقيمة 5,9 مليار درهم عند متم مارس    في عيد الشغل.. أمين عام حزب سياسي يتهم نقابات بالبيع والشراء مع الحكومة    صادرات الفوسفاط بقيمة 20,3 مليار درهم عند متم مارس 2025    "كان" الشباب: المنتخب المغربي ينتصر على كينيا ويشارك الصدارة مع نيجيريا قبل المباراة المرتقبة بينهما    أمطار طوفانية تغمر زاكورة.. وسيول كادت تودي بأرواح لولا تدخل المواطنين    الشرطة الإسبانية تعتقل زوجين بسبب احتجاز أطفالهما في المنزل ومنعهم من الدراسة    كلية الناظور تحتضن ندوة وطنية حول موضوع الصحة النفسية لدى الشباب    القهوة تساعد كبار السن في الحفاظ على قوة عضلاتهم (دراسة)    فرنسا.. ضبط 9 أطنان من الحشيش بعد سطو مسلح على شاحنة مغربية قرب ليون (فيديو)    فوائد القهوة لكبار السن.. دراسة تكشف علاقتها بصحة العضلات والوقاية من السقوط    نشرة إنذارية: زخات رعدية وهبات رياح قوية مرتقبة بعدد من أقاليم المملكة    كرة القدم.. برشلونة يعلن غياب مدافعه كوندي بسبب الإصابة    الكاتب الأول إدريس لشكر في تظاهرة فاتح ماي بالدارالبيضاء : البلاد «سخفانة» سياسيا ولا بد لها من ملتمس رقابة لإنعاشها    لماذا أصبحت BYD حديث كل المغاربة؟    توقيف لص من ذوي السوابق لانتشاله القبعات بشوارع طنجة    عمر هلال يبرز بمانيلا المبادرات الملكية الاستراتيجية لفائدة البلدان النامية    حضور قوي للقضية الفلسطينية في احتجاجات فاتح ماي والنقابات تجدد التنديد بالإبادة والمطالبة بإسقاط التطبيع    اتحاد إنجلترا يبعد "التحول الجنسي" عن كرة القدم النسائية    رحيل أكبر معمرة في العالم.. الراهبة البرازيلية إينا كانابارو لوكاس توفيت عن 116 عاما    باحثة إسرائيلية تكتب: لايجب أن نلوم الألمان على صمتهم على الهلوكوست.. نحن أيضا نقف متفرجين على الإبادة في غزة    "تكريم لامرأة شجاعة".. ماحي بينبين يروي المسار الاستثنائي لوالدته في روايته الأخيرة    المركزيات النقابية تحتفي بعيد الشغل    موخاريق: الحكومة مسؤولة عن غلاء الأسعار .. ونرفض "قانون الإضراب"    المغرب يجذب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 9.16 مليار درهم في ثلاثة أشهر    تقرير: المغرب بين ثلاثي الصدارة الإفريقية في مكافحة التهريب.. ورتبته 53 عالميا    الحكومة تطلق خطة وطنية لمحاربة تلف الخضر والفواكه بعد الجني    تراجع طفيف تشهده أسعار المحروقات بالمغرب    أمل تيزنيت يرد على اتهامات الرشاد البرنوصي: "بلاغات مشبوهة وسيناريوهات خيالية"    المملكة المتحدة.. الإشادة بالتزام المغرب لفائدة الاستقرار والتنمية في منطقة الساحل خلال نقاش بتشاتام هاوس    معرض باريس.. تدشين جناح المغرب، ضيف شرف دورة 2025    عادل سايح: روح الفريق هل التي حسمت النتيجة في النهاية    العثور على جثة مهاجر جزائري قضى غرقاً أثناء محاولته العبور إلى سبتة    تسارع نمو القروض البنكية ب3,9 في المائة في مارس وفق نشرة الإحصائيات النقدية لبنك المغرب    الإسباني لوبيتيغي يدرب منتخب قطر    السكوري بمناسبة فاتح ماي: الحكومة ملتزمة بصرف الشطر الثاني من الزيادة في الأجور    أغاثا كريستي تعود للحياة بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي    دول ترسل طائرات إطفاء إلى إسرائيل    الإعلان في "ميتا" يحقق نتائج أرباح ربعية فوق التوقعات    فيدرالية اليسار الديمقراطي تدعو الحكومة إلى تحسين الأجور بما يتناسب والارتفاع المضطرد للأسعار    توقعات أحوال الطقس ليوم الخميس    أكاديمية المملكة تشيد بريادة الملك محمد السادس في الدفاع عن القدس    الدار البيضاء ترحب بشعراء 4 قارات    محمد وهبي: كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة (مصر – 2025).. "أشبال الأطلس" يطموحون للذهاب بعيدا في هذا العرس الكروي    طنجة .. كرنفال مدرسي يضفي على الشوارع جمالية بديعة وألوانا بهيجة    فيلم "البوز".. عمل فني ينتقد الشهرة الزائفة على "السوشل ميديا"    مهرجان هوا بياو السينمائي يحتفي بروائع الشاشة الصينية ويكرّم ألمع النجوم    مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي تمنح جائزة عبد الرحمن الصديقي الدكالي للقدس    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    اختبار بسيط للعين يكشف احتمالات الإصابة بانفصام الشخصية    دراسة: المضادات الحيوية تزيد مخاطر الحساسية والربو لدى الأطفال    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دور الاستخبارات في مواجهة التحديات الأمنية الراهنة
نشر في هسبريس يوم 18 - 05 - 2009

تمتد جذور نشأة المخابرات من العصور الغابرة وفي أقدم البلدان كالصين ومصر مرورا بالقرون الوسطى والحضارات القديمة حتى بلغت ذروتها في يومنا هذا وأكدت الحاجة الماسة لإستخدامها وإدخالها في جميع الوسائل العلمية الحديثة وتسخير الإكتشافات المتطورة . ""
إن الحواس البشرية أصبحت ثانوية في المعركة الحديثة التي تعتمد أساسا على الإلكترونيات الدقيقة التي لا تعرف الخطأ وتغطي مساحات شاسعة لا تصل إليها الحواس البشرية فقد أظهرت الرادارات ما لا تراه العين على بعد مئات الكيلومترات ، وكذلك أجهزة الراديو واللاسلكي التي تسمع وتتحدث عبر مسافات لا تصل إليها آذاننا أو أصواتنا العادية حيث تمتاز تلك الأجهزة بالدقة والسرعة ، ولا شك أن الثورة التكنولوجية غيرت مفهوم المعركة الحديثة لدى الإنسان وذلك من خلال آثار الأسلحة المتطورة التي تفوق القدرة البشرية ، ولذا أصبح استخدام الطائرات والأقمار الصناعية أمر في غاية الأهمية ومتعدد الأهداف وكان لكل منهما الدور الحاسم في نطاق الاستطلاع وجمع المعلومات ولا يزال السباق مستمر في هذا الصرح العلمي الهام.
إن المفارقة التي باتت تميز اليوم عمل أجهزة المخابرات العالمية، أنها على الرغم مما تحققه من إنجازات ونجاحات في اختراق أسرار الدول والأحزاب والحركات السياسية المعارضة، والتي لا يشكل معظمها خطراً أمنياً داهماً على الأنظمة والشعوب، فإن هذه الأجهزة ما زالت تسجل فشلاً في اكتشاف الحركات المتطرفة والخلايا الإرهابية والحروب وذلك بغية إجهاض مخططاتها مبكراً، وهي في مهدها، وقد تتساوى في هذا الفشل أجهزة مخابرات القوى العظمى، كما أجهزة الدول الأخرى، فالولايات المتحدالأمريكية وبريطانيا وأسبانيا فشلت في هذا المضمار.
إن تصدي أجهزة المخابرات العالمية بوجه عام، والتابعة منها للبلدان المنكوبة بالأعمال الإرهابية بوجه خاص، لعلاج هذا العجز في الوصول إلى الخلايا والتنظيمات الإرهابية، هو من أهم وأخطر المهام الآنية التي ينبغي تحقيقها في سياق مكافحة وعلاج آفة الظاهرة الإرهابية، ولا ينبغي الاكتفاء باتباع الأساليب التقليدية للقضاء على الإرهاب، وإذا كان لدولة ما أن تدافع عن أمنها اليوم، فإن من الأفضل لها أن تُعوّل على سلاح الاستخبارات، وليس على القوة العسكرية؛ ذلك أن ما من سلاح يفوق سلاح جمع المعلومات حِدّة في السعي لتفكيك خلايا الشبكات الإرهابية، والحيلولة دون هجماتها، فالدول التي تكافح الإرهاب تعمل على تعقب مجموعات صغيرة، وغير مرتبطة مع بعضها البعض في كثير من الأحيان، إضافة لتعقبها لعدد من الأفراد الذين يبرعون في إخفاء هوياتهم، ولا يظهرون للسطح إلا لمدة قصيرة، لا تتجاوز الوقت الذي ينفذون فيه عملياتهم وهجماتهم الإرهابية.
وفي إطار المواجهة مع الإرهاب، فقد انصب معظم الاهتمام على القوة العسكرية، ونتيجة لذلك، فقد تهيأ الجميع لرؤية الطائرات والدبابات والمقاتلات العمودية والجنود المسلحين بالعتاد الحربي الثقيل، وكل الترسانة الحربية، وقد حشدت لإلحاق الهزيمة العسكرية بالإرهابيين.
ويرى بعض الخبراء في مجال مكافحة الإرهاب أن استنفار وحدات الجيش والقوات الجوية والبحرية والشرطة، وغيرها من الوحدات والقدرات العسكرية، وحشدها في سبيل خوض حرب يومية ومستمرة ضد الإرهاب، لن يكون استراتيجية ناجعة ولا عملية، في مواجهة الإرهاب، وشل قدراته، سواء كان ذلك في الداخل أم في الخارج، فلا جدال في أن لدى أمريكا أكثر مما يكفي لسحق أعدائها في ميادين القتال، غير أن الحرب ضد الإرهاب هي شيءُ آخر، لكون التحدي الرئيس الذي لا بد من مواجهته يتمثل في خوض القتال ضد عدو في ميدان لا تحده حدود معلومة ومعروفة، وفيما لو تم خوض هذه الحرب على النحو الصحيح والأمثل - كما يفترض - فسوف يتوقف نجاح العمل الوقائي ضد الهجمات الإرهابية، ونزع فتيل الإرهاب بالدرجة الأولى على مدى القدرة على جمع المعلومات الصحيحة والدقيقة، والكفيلة بمنع وقوع الهجمات ومكافحة الإرهاب، بعيدًا عن معرفة أو وعي الجمهور بما يجري.
وفي مثل هذا النوع من الحروب الاستخباراتية، فإن المواجهة تدور سرًا، وفي الخفاء عادة، أما حين يُخفق المسؤولون فيها، فإن الجمهور لا يشعر إلا بعجزهم عن خوضها على النحو الصحيح، والحيلولة دون وقوع الهجمات الإرهابية، وما أن يحدث ذلك، حتى يطغى الشعور بمدى العجز وقلة الحيلة عن حماية المواطنين، وهذا هو عين الذي يريد أن يصل له "الإرهابيون"، والذين تتلخص مهنتهم - بحكم طبيعتها- في بث الرعب في قلوب المواطنين، وترسيخ شعورهم بالعجز وقلة الحلية أمام هجماتهم، وما يصبو لتحقيقه الإرهابيون هو أن يجعلوا الآخرين يستسلمون للأمر الواقع، ويقتنعون بقدرة الهجمات وتكرار حدوثها عشوائيًا، وكيفما اتفقوا.
وغدا من الممكن التعرف على بصمات وتقفي آثار التنظيمات المتطرفة المتعاطفة مع الإرهابيين، من خلال العمل الأمني والاستخباراتي المشترك، وتبادل المعلومات مع الأجهزة الأمنية المختلفة، المحلي منها والدولي، بحيث يتم الحد من احتمال وقوع الهجمات الإرهابية داخل الدولة وخارجها.
وهنا لا بد من الإشارة إلى سعي التنظيمات الإرهابية المستمر لتجنيد عناصر ومقاتلين مجهولي الهوية. وربما تتوفر للسلطات معلومات عن هوية المسؤولين عن تدبير وتنفيذ الهجمات، بما في ذلك تفاصيل السجل الإرهابي لكل منهم، فعلى أمثال هؤلاء على وجه التحديد، يعتمد التنظيم في شن هجماته الأكثر فتكًا ودمارًا، بحكم خبرتهم الطويلة والمجربة في هذا المجال.
وفي مثل هذه الحالات، فإنه يسهل على القوات الأمنية وقوات الشرطة معرفة هوية الأفراد المشاركين في التدبير والتخطيط، أو التنفيذ، أو الاثنين معًا، بحكم توفر سجل لديها عن انتماءات هؤلاء، كما يوفر سجلهم الإرهابي قاعدة بيانات مهمة تعتمد عليها السلطات في تقصي نشاط ودور وبصمات هؤلاء في ما يقع من هجمات، أو ما يحتمل وقوعه منها.
وفي الإمكان بالطبع مراقبة حركة مثل هؤلاء الإرهابيين على المستوى المحلي، ورصد انتقالهم وسفرهم من وإلى داخل البلاد، وما أكثر الوسائل والإجراءات القانونية المتاحة للقوات الأمنية والاستخباراتية المحلية التي يمكن أن تكون لها اليد العليا والطولى في مثل هذا النوع من العمل الاستخباراتي المضاد.
صحيح أن هذا الإجراء وحده لن يحول دون وقوع هجمات إرهابية على المستويين، المحلي والإقليمي، إلا أنه يجعل مهمة التخطيط وتنفيذ الهجمات الإرهابية أكثر مشقة وصعوبة، لكونه يخلق بيئة معادية للنشاط الإرهابي، أضف إلى ذلك أن إجراءً كهذا سيساعد كثيرًا في تفكيك الشبكات الإرهابية نفسها، وقطع الصلة والخيوط فيما بينها.
غير أن تجارب العمل المضاد للإرهاب السابقة، أكدت قدرة الإرهابيين على تغيير تكتيكاتهم واستراتيجية عملهم، وأنهم في هذه الحالة، عادة ما يلجأون لشن هجماتهم على المستوى المحلي فحسب، أو ربما نقلوها إلى مسارح عمليات أخرى، مختلفة جداً عن المسرح الذي جرى رصده ومسحه استخباراتيًا، و.حتى كل الأحوال، فإن للعمل الشرطي دورًا حاسمًا في مكافحة الإرهاب وخوض الحرب ضده، لكون الشرطة في صفوف المواجهة الأمامية الحاسمة مع جريمة الإرهاب الدولي أينما وجدت.
اعتاد السياسيون والمخططون أن يضعوا أعباء ضخمة على كاهل أجهزة الاستخبارات، ويسندوا إليها مهامًا تكاد تكون مستحيلة في بعض الأحيان، فالاستخبارات هي المكلفة بعمليات الإنذار الاستراتيجي المبكر، والكشف عن الإرهابيين والعملاء وضبطهم، وتحديد الفاعل الحقيقي، وتقدير الخسائر المحتملة، وغالبًا ما يتم القبض على المشتبه فيهم، ثم يُطلب من أجهزة الاستخبارات البحث عن مشتبه فيهم آخرين، والكشف عن أية عمليات أخرى محتملة.
وفي بعض الأحيان، يجد رجال الاستخبارات أن المهام المسندة إليهم مستحيلة، وأنهم مجبرون على قبولها في صمت، ولكنهم فيما بينهم يرون أن هذا تصرف غير مسؤول من جانب السياسيين، الذين يلقون بعبء المسؤولية على الآخرين، دون مراعاة لإمكاناتهم، أو لجسامة تلك المسؤولية.
ولكن، لا جدال أيضًا حول ضرورة تطوير أجهزة الاستخبارات، مع مراعاة عدة نقاط هامة، هي:
1-أن إسناد مهام مستحيلة إلى أجهزة الاستخبارات ليس حلاً للمشكلات، وسوف يكون هناك فجوات خطيرة في الإنذار المبكر، والدفاع، وتحديد الجناة، وغير ذلك. ولابد للمسؤولين أن يدركوا أن الضباب والغموض الذي يحيط بالعمليات الإرهابية سوف يظل مشكلة هامة في هذه الصراعات، ويبنوا خططهم على أساس ذلك.
2-أن عمليات الردع، أو الرد على الهجمات وما يسبقها من تحديد للمشتبه فيهم، والقبض عليهم، أو القضاء عليهم، لن تكون متفقة تمامًا مع المعايير القانونية التي يجب مراعاتها في وقت السلم.
3- أن الجهود المنفصلة التي تقوم بها أجهزة الاستخبارات لن تصلح كبديل عن ضرورة توحيد وتضافر جهود الاستخبارات، والعمليات والتخطيط، خصوصاً في ظل وجود تهديدات تتطلب الرد عليها بسرعة وكفاءة.
4- من الصعب تطوير نظم الإنذار الاستراتيجي المبكر، لأن جميع الإنذارات المبكرة لن تكون واضحة وحاسمة، ويجب أن يقبل السياسيون ويتخذوا قراراتهم على ضوء ذلك، لأن التطوير أو المعدات الحديثة لا تعني أن رجال الاستخبارات ستكون لديهم كرة بلّورية لرؤية أحداث المستقبل، والتأكد منها بصورة قاطعة.
5- بالنسبة لعملاء الاستخبارات، فإنه رغم نجاحهم في كثيرٍ من المهام التي تسند إليهم، إلا أن هناك بعض المراكز لا يستطيعون اختراقها، كما أن اندماجهم في المنظمات الإرهابية ينطوي على كثيرٍ من المخاطر، وهناك أماكن لا يستطيعون الوصول إليها، ولذلك، فإن المعلومات التي يقدمونها لابد أن تخضع لتحليلات مكثفة للتأكد من صحتها.
6-أن الإمكانات التكنولوجية لن تكون بمثابة الرصاصة السحرية لتحسين كفاءة الاستخبارات، أو العمليات، أو تنفيذ القانون، فكثير مُن المعدات التكنولوجية التي يتم تطويرها تكون باهظة التكاليف، ويصعب من الناحية العملية نشرها أو استخدامها على نطاق واسع.
إن العديد من الدول تواجه تهديدات حقيقية مكلفة وخطيرة، لذلك، يجب عليها أن تتعقب المتورطين في هذه التهديدات، وهي تحتاج في سبيل ذلك قدرات عملياتية قوية من جانب أجهزة الاستخبارات للمساعدة في الإيقاع بهؤلاء الإرهابيين أو استهدافهم.
من الضروري أيضًا دراسة تطور وسائل الإرهاب والأسلحة التي يستخدمها الإرهابيون، وهناك خطوتان يجب اتخاذهما، وهما: تحديد طبيعة مرتكبي الهجوم الإرهابي المحتملين، وتحديد الوسائل التي قد تستخدم في شن هذا الهجوم، وقد لوحظ أن الأبحاث التي أجريت حول أخطار الإرهاب لا تلقي بالاً إلى مشكلة الغموض، وينتج عن ذلك خمس مشكلات في التخطيط والتحليل، هي:
1- عدم وجود نموذج متطور لتحليل وتوصيف التهديدات.
2- الإخفاق في النظر إلى ما هو أبعد من النماذج السابقة للهجمات الإرهابية، ودراسة كافة أنواع التهديدات التي يحتمل مواجهتها مستقبلاٍ.
3-عدم وجود تقديرات واضحة، قريبة ومتوسطة المدى، للكيفية التي سوف يتطور بها التوازن بين وسائل الهجوم ووسائل الدفاع.
4-الإخفاق في تحليل طبيعة وتأثير كثيرٍ من الجوانب الغامضة، مثل حجم الدمار الذي يمكن أن يحدثه هجوم إرهابي بأسلحة نووية، أو بيولوجية، أو كيميائية، أو إشعاعية.
5- الإحجام عن التفكير الصريح في النتائج الكاملة التي قد يسفر عنها هجوم شامل وواسع النطاق، وخيارات الرد والدفاع.
ومن الناحية العسكرية فمن المعروف أن للإستخبارات العسكرية دورا كبيرا في جميع المعارك ولكن المعرفة الحديثة امتازت عن سواها بوجوب تكريس الجهد الأكبر لأن جميع الأطراف تستخدم الأسلحة الحديثة المتطورة والمؤثرة والفتاكة لذلك يجب على الإستخبارات أن تقوم بالدور النشط الفعال حتى تتمكن من معرفة قوات العدو وكم من الزمن تستطيع الصمود في المعركة قبل أن تطلب المساعدات الخارجية ، وعند ذروة نشاط الإستخبارات تستطيع تجنب وقوع المباغتات والمفاجآت التي يمكنها أن تؤثر على القدرات القتالية للقوات الصديقة ، ومن ضمن أدوار الإستخبارات في المعركة الحديثة ما يلي:
أ- منع وقوع المفاجآت
ب- تشغيل القوات في الزمان والمكان المناسبين .
ج-تحديد قوات العدو وأسلحته ومواقعه.
د-توفير معلومات عن العدو على المستوى التكتيكي ولإستراتيجي.
ه- توفير الصور الإستخبارية الواضحة أمام أصحاب القرار.
يتفق كل من واضعي سياسة الدولة والقادة العسكريين الذين يقومون بالتخطيط العسكري على أنه يجب أن يكون لديهم صورة دقيقة وكاملة عن العدو المحتمل مثل تكوين حكومته والتكتلات السياسية داخل بلاده وأهدافه القومية وأغراضها ومقوماته الصناعية والإقتصادية وتكوينه الإجتماعي والأخلاقي إلى أخر تلك المعلومات التفصيلية التي ت}ثر تأثيرا حيويا على الخطط السياسية والعسكرية، كما يجب على قادة القوات الذين يعملون في بلاد أجنبية أن يخطروا بهذا كله إذا كان من واجبهم القيام بدور مؤثر فعال ضد حركات المقاومة والعصابات التي تدار في أرض العدو ، أو إذا كان واجبهم إدارة الحكومة المحلية على أساس عسكري أو أن يقوموا بتنفيذ برنامج سكيولوجي معقول وعلى أساس قديم .
بازدياد مسؤوليات المخابرات وتعدد ميادينها مع التطور العلمي الحديث أصبحت المخابرات متعددة الصور والأقسام ، أولا من ناحية ميدان العمل، وثانيا من ناحية التخصص داخل منظمات المخابرات المعقدة وخاصة على مستوى الدولة أو خارجها، وعلى سبيل المثال فإن الإستخبارات العسكرية التي كانت في وقت ما اصطلاحا شاملا لأعمال المخابرات الخاصة بالمسائل العسكرية استبدلت من الناحية العملية بمخابرات الجيش والبحرية والطيران وكل من هذه الأقسام الثلاثة له ميادين متعددة لأعمال المخابرات ويختص بنوع من المعلومات اللازمة فالمعلومات الخاصة بتنظيم المعركة تعنى بصفة عامة بالتنظيم والقوة والتوزيع والمهام والمعلومات عن المعدات والتسليح والتدريب والتكتيكات للقوات المسلحة .
الخلاصة
في ظل متغيرات الواقع الاستراتيجي الدولي ووحداته المختلفة،والتي أفرزت أنواعًا غير تقليدية من التهديدات باتت هناك ضرورة لتبني وسائل وتكتيكات تدريبية وسياسات أمنية من شأنها زيادة فاعلية أجهزة الأمن المختلفة(ولاسيما الشرطة) في التعامل مع تلك التهديدات..
فقد أصبحت مسألة بناء فرد الأمن(مهنياً،وتدريبياً،وثقافياً) ضمن أولويات الأجندة الوطنية للعديد من دول العالم،وخاصة تلك التي تقع تحت طائلة التهديدات المستمرة،وهو ما ينطبق بدوره على المملكة المغربية،التي تشهد بيئتها الخارجية بعض التوترات،والأزمات،المحفزة لظهور تيارات وعناصر تستهدف أمن وسلامة المملكة. إن مكمن الصعوبة في القضاء على الإرهاب هو أن جميع الجهود لن تكون كافية للتغلب على الأسباب الجوهرية لهذه الظاهرة، وهي: الفقر، والإحساس بالاغتراب، والعزلة، والسخط، والأحقاد العرقية ذات الجذور التاريخية؛ وفي الوقت نفسه، فإن أفضل الأسلحة الموجودة الآن هي اليقظة الدائمة، والحرص على جمع المعلومات الاستخباراتية في الوقت المناسب.
* باحث في العلاقات الدولية والقانون الدولي-جامعة محمد الخامس- الرباط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.