انعقاد المؤتمر المحلي لحزب الاستقلال بمدينة إمزورن تحت شعار: "المقاربة التشاركية أساس التنمية المحلية"    الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة 2035 على طاولة مجلس الحكومة    منتخب U17 يستعد للمونديال في السنغال    رئيس الكاف: المغرب هو الخطة (أ) و(ب) و(ج) لتنظيم كأس إفريقيا 2025    إحالة ملف وفيات مستشفى أكادير على القضاء..    الأمن المغربي يتصدى لحملة تضليل أجنبية استغلت عملا تمثيليا لتشويه صورته    الوزير الأول الفرنسي يستقيل بعد ساعات من إعلان تشكيلة حكومته    غالي وبنضراوي واعماجو: سفراء مغاربة للضمير الإنساني.. تحرك يا بوريطة    ‬"القوى التقدمية المغربية" تطلق مُشاورات موسعة قبل محطة "الجبهة الشعبية"    إسرائيل تعلن ترحيل 171 ناشطا إضافيا    التهراوي ينبه إلى "ممارسات مخالفة" في نقل وتحويل المرضى بالمستشفيات    "أكديطال" تنفي تلقي دعم الاستثمار    في ختام تصفيات إفريقيا.. 7 منتخبات على أعتاب حسم التأهل إلى كأس العالم    المغرب ضمن أكثر عشر دول استقطابا للاستثمارات الأجنبية في إفريقيا    أرباب المصحات الخاصة ينفون استفادتهم من أي دعم حكومي ويطالبون وزير الصحة بنشر لائحة المستفيدين    فتح باب الترشيح لجائزة المغرب للكتاب    التشكيلي محمد حميدي يودع دنيا الناس            جماعة الدار البيضاء تطلق مرحلة جديدة من برنامج مدارس خضراء    عاجل.. وزارة الصحة تحيل ملف وفيات مستشفى أكادير على القضاء وتوقف المعنيين مؤقتاً    ضحايا زلزال الحوز يخرجون مجددا للاحتجاج ويتهمون الحكومة بتجاهل معاناتهم منذ عامين    مصيبة.. جماعة الرباط تعتزم تفويت بقعة أرضية كانت مخصصة لبناء دار للشباب ودار للنساء لفائدة البنك الدولي    منح جائزة نوبل في الطب لثلاثة علماء عن أبحاثهم في مجال التحكم في الجهاز المناعي    توقيع اتفاقية بين الجامعة الملكية المغربية والاتحاد الكوري للتايكواندو    تنديد حقوقي باحتجاز عزيز غالي ومطالب بتحرك فوري لحمايته    أصداء السودان تتردد في مهرجان الدوحة السينمائي 2025    حين تنحسر حرية التعبير... يسهل قلب المفاهيم    12 عرضا مسرحيا من 10 دول في الدورة الثالثة لمهرجان "جسد" بالرباط    الذهب يتجاوز 3900 دولار للأوقية    منظمة "تجمعية" تشيد بإصلاح الصحة    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    "أشبال الأطلس" يصطدمون بكوريا الجنوبية في ثمن نهائي المونديال    توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين بالمغرب    نقلة ‬نوعية ‬حقيقية ‬في ‬الترسانة ‬القانونية ‬المغربية ‬لمكافحة ‬الاتجار ‬بالبشر    الزلزولي يقود بيتيس للفوز على إسبانيول (2-1)    مدرب آيندهوفن: "أنس صلاح الدين لاعب ممتاز ويقدم أداءً رائعا"    المغرب ‬ينتصر ‬في ‬بروكسيل ‬ويكرس ‬الاعتراف ‬الأوروبي ‬بمغربية ‬الصحراء    التصعيد ‬يشتد ‬بين ‬الصيادلة.. ‬ الكونفدرالية ‬تهدد ‬الفيدرالية ‬باللجوء ‬للقضاء ‬    من أصول مغربية.. نعيمة موتشو تتولى وزارة التحول والوظيفة العمومية في فرنسا    مناورات شرقي 2025.. تعاون عسكري مغربي فرنسي لتعزيز الأمن الإقليمي ومواجهة التهديدات العابرة للحدود    الصين تفعل استجابة طارئة بعد اجتياح الإعصار "ماتمو" لمقاطعتين جنوبيتين        عملية إطلاق نار في سيدني تسفر عن سقوط 20 جريحاً                البطولة: الجيش الملكي يلتحق بركب المقدمة بانتصاره على أولمبيك آسفي    العلماء يدرسون "التطبيب الذاتي" عند الحيوانات    فقدان حاسة الشم بعد التعافي من كورونا قد يستمر مدى الحياة (دراسة أمريكية)    علماء يجددون توصيتهم بالتقليل من اللحوم في النظام الغذائي    حمية الفواكه والخضراوات والمكسرات "قد تمنع" ملايين الوفيات عالميا    وزارة الأوقاف تخصص خطبة الجمعة المقبلة: عدم القيام بالمسؤوليات على وجهها الصحيح يٌلقي بالنفس والغير في التهلكة    عندما يتحول القانون رقم 272 إلى سيفٍ مُسلَّط على رقاب المرضى المزمنين        بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطفل محمد السادس : استعمال الزمن المخزني
نشر في هسبريس يوم 24 - 05 - 2009

البحث في الكتب المغربية والأجنبية عن خبايا شخصية الملك محمد السادس يقودنا بالضرورة في البحث عن المكونات الذهنية والنفسية والإجتماعية لسلسة من العلائق للحكم العلوي وملوكه منذ الحماية حتى اعتلاء محمد السادس الملك في بداية القرن الواحد والعشرين وما اتسمت به تلك العلاقة بشد الحبل بين الحركة الوطنية والقصر.
""
تاريخيا عرفت العلاقة بين الملك الأب وإلإبن الولي للعهد بنوع من القسوة في تاريخ الأسرة الحاكمة انطلاقا من أوائل القرن العشرين حتى الأيام الأخيرة من حياة الملك الحسن الثاني كيف ذلك ؟
كان مولد محمد الخامس( محمد بن يوسف ) يوم 30 غشت 1909 بفاس ،وكبر بين مطابخ القصر و " كأنه نسيه بين نسائه"والده ، كما ذكر الصحفي جان لاكوتير ،وتجاهله أيضا أخواه الأكبر منه ، وكان يضايقه الحاجب الملكي ، وقبيل وفاة والده كان في " الإقامة الجبرية " بفاس باتهامه بالسرقة .
بنفسه محمد الخامس كانت علاقته بإبنه الحسن الثاني شديدة التعقيد ، ففي كتابه " شخصية الحسن الثاني في أبعادها ومناقبها " للمؤلف محمد الفاسي والذي كان من بين أساتذة التلميذ الحسن الثاني ، يقول الفاسي إن سلطان محمد الخامس " عني بتربية إبنه عناية فائقة " وذلك ل :" تأهليه ليخلفه على العرش " .
وقد عهد محمد الخامس تربية إبنه ولي العهد وأبنائه الأمراء إلى " فقهاء مختارين " . التربية تبدأ بحفظ القرآن والقواعد الأساسية في اللغة العربية والتربية الإسلامية ابتداء من الخامسة ، بعد ذلك يتم الإلتحاق بالتعليم الإبتدائي وفق المنهج العصري لتعلم العربية والفرنسية .
وكان السلطان قد أعد عام 1941 المعهد السلطاني لتربية الأمراء والأميرات. قساوة السلطان مع ابنه الحسن تمثلت في تأنيبه كل مرة يقتضي الأمر ذلك ..."
ويسرد واقعة رسوبه في الإمتحانيين التجربيين لشهادة البكالوريا وكيف عنفه بالقول وضرب له مثال السلطان مولاى سليمان وكيف سلم العرش بعده لإبن أخيه .
هذا التقليد المخزني في تربية الأبناء لزمه بدوره الحسن الثاني مع ابنه الأمير سيدي محمد سواء بالسؤال عنه أو بالتتبع أو بالتوبيخ أو أحيانا بالعقاب .يقول الحسن الثاني " إنني بالأحرى أب صارم ، وأجد أن أباء اليوم متساهلين ، وهو ما يعتبر كارثيا بالنسبة للمجتمع (...) أنا حريص على جعل ولي العهد رجلا يكون في خدمة الجميع ، دون أن يكون في خدمة أي كان ، بمعنى أن يكون له قدر كبير من الكبرياء ،أكبر قدر من الشخصية ، مع الاحتفاظ بنصيب وافر من التواضع . ويجب أن تكون التفاهة مرعبة بالنسبة إليه ، إنها قاعدة قد أوحى بها والدي حيث أفضل مثلا أن يحصل إبني على صفر على أن ينال نقطة تافهة ."
الطفل محمد السادس : " استعمال الزمن " المخزني
حسب الصحفي الفرنسي جون بيير توكوا في كتابه " أخر ملك " هكذا يلخص الحسن الثاني مسألة التربية التي يريد تلقينها لولي عهده ، وغني عن القول أن هذه النظرة كانت بمثابة " استعمال الزمن" ألح من أن يكون " فلسفة " تصرف بالتقسيط في المدرسة المولوية ، حيث ترعرع تربويا محمد السادس.غير أن هذا لم يمنع خاصيات شخصية مغايرة لدى هذا الأخير ، من حيث الظهور، فحسب معطبات تتعلق به نقلها مقربون منه عن ولي عهد الحسن الثاني حين كان طفلا مراهقا ، أنه مرهف الحس ، يحيل صمته المعبر على ما يضطرم في دواخله من مشاعر متناقضة ، وكان يوحي لمن يراه ، بقسمات وجهه الدقيقة ، التي تذكر بأمه ، أنه دائما ‘ على أهبة الإجهاش بالبكاء عند أدنى مأزق، كما أنه كان على بعض شقاء، حيث كان يجد متعة وهو طفل في وضع قطعة نايلون على رأسه ،على طريقة رجال العصابات في أفلام السطو على الأبناك ، تم يذهب لبث الرعب بين النساء في ردهات القصر لتخويف الصغار .
الطفل محمد السادس : عاشق للعصافير
يتابع المؤلف جون بيير توكوا في وصف الأمير الصغير ولد " على أعتاب عرش " كما يحلو للحسن الثاني القول ، وبذلك استفاد كما هو شأن الأمراء والأميرات ، من طفولة ذهبية ، حيث كانت لديه مربية فرنسية وجيش من الخدم قائمين على خدمته ، وجبال من اللعب من بينها عشرات المئات التي لم يلمسها أبدا، وسيارة إلكترونية حمراء، كان يتجول بها فوق ملعب الغولف، كما كانت لديه للتسلية ، سبعة كلاب، منها واحد قد تلقاه هدية من الرئيس الفرنسي السابق " جيسكار ديستان" . وقد أسر أحد خدام القصر لصحفي فرنسي منذ خمسة عشرة سنة قائلا:
" إن سميت سيدي محمد يعشق الحيوانات كثيرا، وهو يملك حصانا اشتراه من أحد الأسواق المغربية ،ويربي في الساحة الملحقة بإقامته ديكا وبضع دجاجات وبطات وعصافير وهناك يحس أنه في بيته " .
غير أن هذا لايمنع من مسألة الترعرع في كنفرجل صارم مثل الحسن الثاني ، لم يكن بالأمر الهين ، فقد قال هذا الأخير في مذكراته التي نشرها في شكل حوار مسهب مع الصحافي إيريك لوران:
" لقد تلقيت حتى سن ثانية عشرة ضربات العصا ( الفلقة) وقد كنت بذات القسوة مع أبنائي ."
كان يلقن أبناءه ومنهم ولي عهده ، سلسلة عقابات ب"الفلقة "حيث كان لايتورع عن استخدام جدائل حبل مفتول مبلل بالماء لضربهم حتى يصرخون مستغيثين ولا من مغيث ، حسب ما ذكره جون بيير توكوا بكثير من الملح البلاغي في كتابه " أخر ملك ".
ما يسوقنا في هذه الكتب الأجنبية عن المغرب وملوكه ، حالة التهويل والتعظيم للأحداث بأسلوب مشوق وطريقة سرد تشد الإنتباه ،في غياب مبادرات مغربية جادة في إطار البحث العلمي لإستكشاف باقي فقرات الأشياءوالتفاصيل وهي من الحلقات المغيبة في تاريخ المعرب المعاصر ،مع ما يتطلب ذلك من إرادة سياسية وهامش كبير للحرية ،وديمقراطية مدنية في استيعاب الإختلاف وعدم التحامل على الكتاب والمبدعين والصحفيين المغاربة، كلما نشروا تفاصيل متخيلة أو حقيقية عن دهاليز القصور العلوية وما بداخلها .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.