في تقييمه للتقرير السنوي الأخير للمجلس الأعلى للحسابات قال محمد براو، القاضي بالمجلس، إن الهيئة الرقابية على المال العام تعمل على التطبيق التدريجي لأعلى المعايير الدولية، مضيفا أن المجلس "لا يلعب في ملعب فارغ، ولا ينطلق من العدم"، معتبرا أن الجهاز انتقل بنجاح، منذ سنتين، "إلى لعب دور جديد استشرافي لإشاعة مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة على النتائج، وتقييم آثار صرف المال العام على المجتمع والتنمية". براو، في تصريحه لهسبريس، أردف أن المؤشرات الإيجابية الأخرى تتمثل في تقديم المجلس الأعلى للحسابات لتقرير حول "التقاعد" وآخر جديد حول المقاصة بطلب من البرلمان، "يتضمن حقائق مذهلة سيستفيد منها ولاشك صانع القرار السياسي"، مضيفا أن هناك اهتماما متزايدا بكل ما يصدر عن المجلس. وأضاف المتحدث أن النشر المنهجي للتقرير السنوي يدل على إرادة حقيقية في تفعيل الرغبة المعبر عنها في الخطاب الرسمي للدولة، علاقة بترسيخ قيم الشفافية والمحاسبة وتدعيم آليات مكافحة الفساد، معتبرا أن المسؤولين عن الاختلالات مكشوفون أمام الرأي العام، موضحا "المجلس الأعلى للحسابات ليس محكمة عدلية وليس مفتشية مالية وليس مكتب تدقيق على الطريقة الأنجلوسكسونية.. لكنه محكمة إدارية رقابية وتأديبية". الباحث المختص في القضاء المالي أشار إلى أن التقرير السنوي الجديد يجيب على انتقادات سابقة، من بينها "عمومية الملاحظات الواردة في التقارير بحيث لا تسمى الأشياء بأسمائها"، و"عدم شموليته لجميع التقارير الخاصة بالأجهزة العمومية التي خضعت للرقابة"، و"عدم تحريك المسؤولية التأديبية المالية أمام المحاكم المالية"، موضحا أن التقرير الجديد أفرد مساحة جد معتبرة للجماعات المحلية "انتقل من 30 إلى 60 تقرير"، وأن ما ينقص هو نشر الأحكام القضائية طبقا للدستور، "في طريقه للتنفيذ القريب". براو ذهب بالقول إلى أن البرلمان والمجلس الأعلى للحسابات والحكومة أطراف المعادلة الثلاثية في الرقابة والمحاسبة، ومحكوم عليها الانخراط في عملية تفاعلية وتعاونية، وذلك عبر "وضع الحكومة التزامها السياسي المتمثل في تتبع واستخلاص نتائج التقارير الصادرة موضع التطبيق والكشف عنه للعموم"، مشددا على تحملها المسؤولية بخصوص الإدارات والمؤسسات التي لا ترد على تقارير المجلس وتوصياته السابقة. المجلس الأعلى للحسابات، حسب براو، دخل العهد الدستوري الجديد ويعمل على التطبيق التدريجي لأعلى المعايير الدولية، "الشفافية من خلال كشف حساب الإدارة العمومية للرأي العام كحق من حقوق الإنسان والمواطن" و"كشف مخالفة قواعد المشروعية والكفاءة والفعالية في إدارة الأموال العامة" و"الحصول على تعويض لفائدة خزينة الدولة فيما يخص المخالفات والاختلالات". وعلاقة بتنفيذ التوصيات، أشار القاضي بالمجلس الأعلى للحسابات أنه إذا لم يتم تسليم ملاحظات الهيئة إلى الجهة المسؤولة بصورة أحكام قابلة للتنفيذ، "فإن الهيئة العليا للرقابة المالية يجب أن تكون مخولة لاقتراح اتخاذ جميع التدابير الضرورية على السلطة المختصة للمحافظة على حقوق الدولة". وخلص براو إلى إن التقرير السنوي يجب أن يتضمن تغطية جميع أوجه نشاط الهيئة العليا للرقابة المالية، أما القضايا الجديرة بالمحافظة علي سريتها "فيجب على هيئة الرقابة المالية العليا، حسب القواعد المتعارف عليها عالميا، أن توازن بدقة قبل نشرها"، ما بين أهمية المحافظة على سريتها وبين المنفعة "التي سوف تحقق من إفشائها".