ألغت محكمة التمييز الفرنسية، أعلى هيئة قضائية في البلاد، مذكرة التوقيف الصادرة بحق الرئيس السوري السابق بشار الأسد، معتبرة أن رؤساء الدول يتمتعون بحصانة مطلقة أمام القضاء الجنائي الأجنبي خلال فترة ولايتهم. وأوضحت المحكمة، في جلسة علنية نُقلت مباشرة عبر الإنترنت، أن إلغاء المذكرة لا يوقف التحقيقات الجارية بحق الأسد، ولا يمنع إصدار مذكرات توقيف جديدة ضده، لا سيما بعد إطاحته في دجنبر 2024 وفراره إلى روسيا. وكان القضاء الفرنسي قد أصدر المذكرة في نونبر 2023 على خلفية اتهام الأسد بالتواطؤ في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، إثر هجمات كيميائية استهدفت مناطق عدة في محيط دمشق صيف 2013، وأسفرت بحسب تقديرات عن مقتل أكثر من ألف شخص. وسبق لمحكمة الاستئناف في باريس أن صادقت على المذكرة في يونيو 2024، إلا أن النيابة العامة لمكافحة الإرهاب والنيابة العامة الاستئنافية طعنتا فيها، معتبرتين أن المذكرة تتعارض مع مبدأ الحصانة الممنوحة لرؤساء الدول. وخلال جلسة الرابع من يوليوز الجاري، دعا المدعي العام لدى محكمة التمييز، ريمي هيتز، إلى الإبقاء على المذكرة، لكنه عاد واقترح مقاربة بديلة تتيح إسقاط الحصانة استناداً إلى فقدان الأسد للشرعية منذ العام 2012، في ضوء الانتهاكات الجسيمة المنسوبة إلى النظام السوري. واعتبر المركز السوري للإعلام وحرية التعبير أن الموقف القضائي الجديد، رغم وجاهته القانونية، يقوّض البعد الأخلاقي للمساءلة الدولية، محذّراً من خطورة تفويض دولة واحدة بتحديد شرعية رؤساء الدول. ولا تتمتع المحكمة الجنائية الدولية بولاية قضائية على الجرائم المرتكبة في سوريا، نظراً إلى عدم انضمام دمشق إلى معاهدة روما، وعدم صدور أي إحالة من مجلس الأمن بهذا الشأن.