كتاب "محمد (صلى الله عليه وسلم) نبي لزماننا" (Muhammad: A Prophet for Our Time) هو عمل للمؤلفة البريطانية كارن آرمسترونغ (Karen Armstrong)، نُشر في عام 2006. يُعتبر هذا الكتاب نسخة مختصرة ومُركزة من سيرة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) التي كتبتها سابقاً، ويهدف إلى تقديم صورة متوازنة ومختلفة للنبي، كرد فعل على موجة العداء للإسلام التي سادت في الغرب بعد أحداث 11 سبتمبر 2001. قراءة في الكتاب وأفكاره الرئيسة تتخذ آرمسترونغ في كتابها منهجًا تحليليًا لا يكتفي بسرد الأحداث التاريخية، بل يربطها بالسياق الزمني والاجتماعي. فهي تُبرز شخصية النبي محمد كمصلح حكيم وزاهد، عمل على تغيير مجتمع كان يعيش في "جاهلية"، وهو مصطلح تفسره آرمسترونغ ليس فقط على أنه فترة زمنية ما قبل الإسلام، بل كحالة فكرية تتميز بالعنف والظلم والغطرسة. فقرات الكتاب: يتكون الكتاب من خمسة فصول أساسية، كل فصل يركز على مرحلة أو جانب محوري من حياة النبي: فصل مكة: يصف حال مكة قبل الإسلام وخصائص مجتمعها التجاري والقبلي. فصل الجاهلية: يحلل مفهوم الجاهلية الذي استعمله النبي لوصف الحالة الأخلاقية للمجتمع. فصل الهجرة: يتناول هجرة النبي وأصحابه إلى المدينةالمنورة، وتأسيسه لمجتمع جديد. فصل الجهاد: تقدم فيه آرمسترونغ تفسيراً لمفهوم الجهاد بأنه كفاح ونضال دائم، وليس حرباً مقدسة. فصل السلام: يتحدث عن جهود النبي في إحلال السلام وتأسيس مجتمع عادل. الأفكار الرئيسة تصحيح المفاهيم الغربية: يهدف الكتاب بشكل أساسي إلى مواجهة الصور النمطية السلبية عن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) في الغرب، وتقديم شخصيته كقائد أخلاقي وإنساني. الجهاد ليس حرباً: تُفصِّل آرمسترونغ في أن كلمة "جهاد" تعني الكفاح والنضال، وتُبرز أن حياة النبي كانت كفاحًا متواصلاً ضد الظلم والطمع والغطرسة، وليس مجرد عمل عسكري وتوسيع نفوذ. الترابط بين الدين والسياسة: تُظهر الكاتبة أن حياة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) كانت نموذجاً يجمع بين الجانب الروحاني والجانب السياسي والاجتماعي، وأن الدين كان له دور محوري في تشكيل التشريع والحياة العامة للمسلمين الأوائل. النبي كشخصية نموذجية لزماننا: تؤكد آرمسترونغ أن الدروس المستخلصة من حياة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) ذات أهمية بالغة في العصر الحديث، خاصة فيما يتعلق بقيم التسامح، والعدالة الاجتماعية، ومواجهة التطرف. الانتقادات الموجهة للكتاب تعرض الكتاب لعدة انتقادات، منها: التبسيط: اتُهمت آرمسترونغ بتبسيط بعض الأحداث التاريخية المعقدة، وتقديمها بطريقة قد لا تكون دقيقة بالكامل من وجهة نظر بعض الباحثين المتخصصين. المنهجية: يرى بعض النقاد أن الكتاب يعتمد على مصادر تاريخية ضعيفة أو آراء شخصية، وأنه قد يكون مدفوعًا بدوافع سياسية أو دفاعية عن الإسلام أكثر من كونه عملاً أكاديميًا بحتًا. التغاضي عن بعض الأحداث: يرى البعض أن الكاتبة تجنبت الخوض في بعض الأحداث الخلافية أو الصعبة في السيرة النبوية، وقدمت صورة مثالية قد لا تتوافق مع كل التفاصيل التاريخية. الخلاصة يُعتبر كتاب "محمد (صلى الله عليه وسلم) نبي لزماننا" محاولة ناجحة في سد فجوة الفهم بين الحضارتين الغربية والإسلامية. على الرغم من الانتقادات التي وُجهت له، إلا أنه يظل مرجعًا مهمًا للجمهور الغربي الذي يسعى لفهم أعمق لشخصية النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) وتعاليم الإسلام بعيداً عن الصور النمطية والكتابات المغرضة.