في هجوم سياسي لاذع، وجّه إدريس الأزمي الإدريسي، رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، انتقادات حادة إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش، متهما إياه بفقدان المصداقية والتنكر لوعوده الانتخابية، خاصة فيما يتعلق بملفات الفقر، والنساء في وضعية هشاشة، والبرامج الاجتماعية التي قال إنها تراجعت بشكل غير مسبوق، معتبرا أن قانون المالية الأخير يكشف هذا التراجع بوضوح. في كلمته خلال الملتقى الوطني للقيادات النسائية الوطنية والجهوية يوم السبت 25 أكتوبر 2025، توقف الأزمي عند قانون المالية باعتباره دليلا على فشل الحكومة في الوفاء بوعودها الاجتماعية، قائلا إن "قانون المالية بشهادة المختصين لم يستجب لتطلعات المواطنين، ولم يتضمّن أي إجراءات تُخفّف عن النساء أو تُفرج عن معاناتهن".
وأضاف أن الحكومة "كانت تتحدث في البداية عن تغطية صحية شاملة مئة في المئة، لكنها عادت في قانون المالية لتقر بأن نسبة المستفيدين لا تتجاوز 88 في المئة"، معتبرا أن هذا "اعتراف رسمي بالإقصاء الذي حذرنا منه منذ البداية". وأكد أن 8.5 ملايين من المغاربة ما زالوا خارج التغطية الصحية"، وأن الحكومة "لم تُدرج ضمن قانون المالية أيّ إصلاحات جوهرية أو دعم اجتماعي موجه للنساء أو الفئات الهشة". وانتقد الأزمي السياسات الاجتماعية التي تبناها رئيس الحكومة قائلا إن "العدالة والتنمية حين كانت في الحكومة أطلقت دعم الأرامل سنة 2015، فاستفادت منه أكثر من 50 ألف أرملة"، لكن هذه الحكومة، على حد قوله، "حرمت أكثر من خمسين ألف أرملة من الدعم الذي كنّ يستفدن منه سابقا، بدعوى المؤشر"، مضيفا: "حين نسألهم يقولون المؤشر أنتم من وضعتموه، والحقيقة أنهم استعملوه لإقصاء النساء". وأكد أن الحكومة "تكذب وتخلط الأمور"، وأنها "تتراجع عن مكاسب اجتماعية كانت موجهة للفئات الأكثر هشاشة" وأشار الأزمي إلى أن الحكومة الحالية "أخلّت بوعودها تجاه المواطنين الذين تتجاوز أعمارهم 65 سنة، والذين يشكل النساء أكثر من نصفهم"، مستشهدا بما ورد في البرنامج الحكومي الذي نصّ على "عدم ترك أي شخص دون دخل". وقال في هذا الصدد: "كتبوا في البرنامج الحكومي أن 68 في المئة من الذين تتجاوز أعمارهم 65 سنة لا يتوفرون على تقاعد ولا على دخل، وقالوا لن نترك أحدا دون دخل. واليوم، أصبح هذا الوعد في غياهب النسيان". وأضاف أن الحكومة "أعلنت إدماج هذه الفئة ضمن فئة أخرى أقل عمرا، وهو مجرد تلاعب بالألفاظ لتقليص عدد المستفيدين". وتابع الأزمي انتقاداته مبرزا أن الحكومة "أقصت 1.8 مليون تلميذ وتلميذة من برنامج مليون محفظة"، موضحا أن هذا البرنامج "كان يساعد النساء اللواتي يحرصن على بقاء أبنائهن في المدرسة"، لكنه أُلغي ليُستبدل بمبالغ مالية محدودة. وقال: "رجعنا إلى منطق 200 أو 300 درهم في بداية السنة، وهو في حقيقته تقليص للدعم وإقصاء لمئات الآلاف من الأطفال من حقهم في المساعدة المدرسية". وأضاف أن الحكومة "حين تغير أسماء البرامج، فإنها تفعل ذلك لتقصي المواطنين"، مشيرا إلى أن هذا "نفس المنطق الذي اتبعته في برنامج مدخول الكرامة". وتوقف الأزمي عند ما سماه "فضيحة المنح الخاصة بالولادات"، قائلا إن الحكومة "أعلنت عن منح قدرها ألف درهم للولادة الأولى وألفين للثانية، لكن عدد المستفيدات الحقيقي لم يتجاوز 42 ألفا و800 حالة من أصل 685 ألف ولادة سنويا، أي أقل من 6 في المئة فقط". وأضاف: "هذا عبث، الحكومة تتحدث عن تشجيع الولادة، ولكنها فشلت حتى في معالجة هشاشة النساء". وأكد أن "قضايا التمكين الاقتصادي والاجتماعي ما زالت بعيدة عن التحقيق، رغم أنها لا تحتاج إلا إلى قرار سياسي وإحساس اجتماعي". وانتقد الأزمي بشدة ما وصفه ب "العبث السياسي"، مؤكدا أن "الأحزاب السياسية هي الركيزة الأساسية للديمقراطية والتنمية، ولا يمكن تحقيق أي نهضة بدونها". وقال: "نسمع اليوم أن حزبا واحدا يريد أن يرشح 30 مستقلا في كل دائرة، هذا عبث سياسي. الأحزاب يجب أن تفرز كفاءات لا زبونية". وأوضح أن "النساء لهن دور كبير في تصحيح هذا المسار"، داعيا إلى "رفع الصوت من أجل مصداقية الاختيار الديمقراطي وتكافؤ الفرص داخل الأحزاب". وأضاف الأزمي أن "الحكومة لم تترك لا عيدا ولا تضامنا اجتماعيا"، قائلا: "حتى اللحم الذي كان يتقاسمه الفقراء في العيد أصبح غائبا. الحكومة مشغولة بدعم الكبار، وليس في أجندتها دعم الصغار". واعتبر أن "حكومة العدالة والتنمية، رغم ضعف الإمكانيات، كانت تفتخر بأنها أعطت الناس الراميد، ودعمت الأرامل والمطلقات، أما اليوم فاختفى كل ذلك" وقال الأزمي إن "الحكومة الحالية كرّست المغرب بسرعتين؛ مغرب الأغنياء في القنيطرة والرباط، ومغرب الفقراء في القرى والمناطق الجبلية"، مؤكدا أن "النساء في هذه المناطق ما زلن يفتقدن أبسط مقومات العيش الكريم: لا طريق، لا مستشفى، ولا تعليم". وأوضح أن "حين تنشغل المرأة بتأمين الأساسيات، تضيع أهم أدوارها، وهي تربية الأبناء وبناء الأسرة"، مشيرا إلى أن "الرفاه ليس منّة من الحكومة، بل حق مكتسب لأنها جاءت بأصوات المواطنين" ولم يتوقف الأزمي عند نقد السياسات الاقتصادية والاجتماعية فحسب، بل اتهم الحكومة أيضا ب"إفساد منظومة القيم"، قائلا إن "سياساتها أسهمت في إفساد العلاقة بين الزوج وزوجته، وفي تشجيع الشباب على المطالبة بالحريات الفردية على حساب قيم الأسرة". وأشار إلى أن الحكومة "صعّبت الزواج في العالم القروي، ورفعت نسب الأمهات المعيلات للأسر"، مضيفا: "حين تخرج الأم من الصباح إلى المساء لتعمل، فهي تُجبر على ترك أبنائها أمام إعلام فارغ من القيم وتعليم بلا روح" وقال الأزمي إن الحكومة "تستبدل التربية بالفرجة، والتعليم بالسهرات والمهرجانات الماجنة"، لكنه أضاف أن "جيل النساء اليوم خرج من رحم هذه المعاناة أقوى وأكثر وعيا". وتابع قائلا: "النساء اليوم يقلن للحكومة نحن سياسيات، لا نحتاج قوانين لنثبت ذلك، نحن نشارك ونؤثر، لكن نريد منافسة شريفة وقوانين منصفة". وأضاف: "نريد أن تُبعد الأموال عن السياسة، وأن تُحترم كفاءة النساء وقدرتهن على التغيير".