أعلن حزب العمال الكردستاني، اليوم الأحد، سحب جميع قواته من تركيا إلى شمال العراق، داعيا أنقرة إلى المضي قدما في الإجراءات القانونية اللازمة لحماية عملية السلام. وبعد محادثات مع السلطات التركية عبر حزب المساواة وديمقراطية الشعوب في أكتوبر 2024، أعلن حزب العمال الكردستاني حل نفسه في ماي تلبية لدعوة مؤسسه عبد الله أوجلان، بعد أكثر من أربعة عقود من القتال ضد القوات التركية، خلّفت نحو 50 ألف قتيل. وقال الحزب في بيان نشرته وكالة فرات للأنباء المقرّبة من الأكراد: "بدأنا خطوة سحب قواتنا من تركيا تحسبا لاحتمال خطر الصدامات وإزالة الأرضية لاحتمال وقوع أحداث غير مرغوب فيها"، وذلك خلال حفل حضره مراسل وكالة فرانس برس في جبال قنديل بشمال العراق. ونشرت "وكالة فرات للأنباء" صورا ل25 مقاتلا، بينهم 8 نساء، انتقلوا من تركيا إلى شمال العراق وشاركوا في المراسم اليوم الأحد، وخلفهم صورة لأوجلان البالغ 76 عاما. ودعا الحزب السلطات التركية إلى المضي قدما في الإجراءات القانونية اللازمة لحماية عملية السلام والسماح لمسلحيه بالانتقال إلى العمل السياسي الديمقراطي. وقال: "يجب اعتماد قانون العفو الخاص بحزب العمال الكردستاني كأساس، وللمشاركة في السياسة الديمقراطية يجب إصدار القوانين المتعلقة بالحريات اللازمة والاندماج الديمقراطي فورا". وقال القيادي في الحزب، صبري أوك، للصحافيين الحاضرين في الحفل: "يجب اتخاذ خطوات هامة وترتيبات قانونية لعملية متوافقة مع الحرية"، في إشارة إلى القوانين التي تحدد مصير المقاتلين الذين يتخلون عن الكفاح المسلح، وأضاف: "نريد قوانين خاصة بهذه العملية، وليس مجرد عفو". وأشادت تركيا، اليوم الأحد، بما أعلنه حزب العمال الكردستاني؛ وقال عمر جيليك، المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الذي يتزعّمه الرئيس رجب طيب إردوغان: "مع التطورات التي حصلت اليوم، فإن قرار حزب العمال الكردستاني بالانسحاب من تركيا والإعلان عن خطوات جديدة نحو عملية نزع السلاح، هما نتيجتان ملموستان للتقدم الذي تم إحرازه". قوانين وتعديلات في يوليوز الماضي، أجرى مقاتلو الحزب مراسم لإلقاء السلاح في مدينة السليمانية بإقليم كردستان العراق، حيث أحرق 30 مقاتلا، بينهم أربعة قياديين، أسلحتهم في ما وصفه إردوغان بأنه "خطوة مهمة نحو تركيا خالية من الإرهاب". وشكّلت تركيا لجنة برلمانية تعمل على وضع القواعد الأساسية لعملية السلام مع حزب العمال الكردستاني، تتضمن إعداد الإطار القانوني لانتقال الحزب ومقاتليه إلى العمل السياسي. ومن المقرر أن يستمر عمل اللجنة حتى نهاية العام الجاري، مع إمكان التمديد لها لشهرين إضافيين في حال الضرورة، حسبما قال رئيس البرلمان التركي، نعمان كورتولموش، في غشت. وتضم اللجنة 48 نائبا، بينهم 25 من الحزب الحاكم (حزب العدالة والتنمية وحليفه حزب الحركة القومية) ومن صفوف المعارضة عشرة من حزب الشعب الجمهوري (الديمقراطي الاجتماعي) وأربعة من حزب المساواة وديمقراطية الشعوب المؤيد للأكراد. وقال أوك اليوم الأحد: "يجب أن تُسنّ قوانين وتعديلات خاصة (...) إنه وضع خاص بحزب العمال الكردستاني"، متابعا: "نأمل أن تضطلع السلطات بمسؤولياتها في هذه العملية". وإلى جانب قواعد المصالحة، ستحدد اللجنة أيضا مصير أوجلان الذي يمضي عقوبة السجن مدى الحياة في حبس انفرادي في جزيرة إيمرالي قبالة اسطنبول منذ العام 1999. وأفادت وسائل إعلام تركية بأن وفدا من حزب المساواة وديمقراطية الشعوب سيلتقي إردوغان في الأيام المقبلة قبل السفر إلى إيمرالي للقاء أوجلان. ويُشكّل إطلاق سراح أوجلان أبرز مطالب حزب العمال الكردستاني في إطار عملية السلام مع تركيا. ويرى محللون أن عرض تركيا للسلام منح أوجلان فرصة للابتعاد من الكفاح المسلح، وذلك في ظلّ إضعاف حزب العمال الكردستاني وإرهاق الرأي العام الكردي نتيجة عقود من الاقتتال. ولجأ معظم مقاتلي الحزب في السنوات العشر الماضية إلى مناطق جبلية في شمال العراق، حيث تقيم تركيا منذ 25 عاما قواعد عسكرية لمواجهتهم، وشنّت بانتظام عمليات برية وجوية ضدّهم. ويأمل الأكراد في تركيا أن يمهّد تخلي الحزب عن الكفاح المسلح لتسوية سياسية مع أنقرة، تتيح انفتاحا جديدا تجاه هذه الأقلية التي تشكل نحو 20% من سكان البلد البالغ عددهم 85 مليون نسمة.