أخنوش يستعرض إصلاحات المغرب أمام مدير منظمة العمل الدولية.. والأخير ينوه بمشاريع الدولة الاجتماعية    بنموسى يرفض طي ملف الموقوفين ويؤكد: نحترم القانون ولا نريد احتقانا جديدا    الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية يتباحث مع رئيس المجلس الأعلى للقضاء بدولة الكويت    مراسم تنصيب مهيبة في روسيا بمناسبة بدأ ولاية جديدة ل"بوتين"    البليهي يتسبب لحمد الله في عقوبة قاسية من الاتحاد الآسيوي    رابطة الأندية الإفريقية لكرة القدم تقرر نقل مقرها إلى المغرب    تيزنيت..مفتش شرطة يتخذ إجراءات احترازية لضبط مشتبهين في حالة سكر    شركات نقل دولي تستغل "ثغرات قانونية" لتهريب المخدرات نحو أوروبا    منع الأمم المتحدة من دخول معبر رفح    تأجيل محاكمة النقيب زيان إلى 20 ماي الجاري    متلازمة رومهيلد .. مشاكل في القلب تحدث بسبب تراكم الغازات    بوريطة يستقبل وزير خارجية مملكة البحرين    برقية تعزية ومواساة من جلالة الملك إلى خادم الحرمين الشريفين إثر وفاة الأمير بدر بن عبد المحسن بن عبد العزيز آل سعود    مجلس المستشارين يناقش الحصيلة المرحلية للحكومة    الركراكي مشى يتفرج فيوسف النصيري وكبرو به إشبيلية    ال PSG حاطين العين على ياسين بونو    غلاء ثمن دواء سرطان الثدي يسائل الحكومة    "حماس": 54 شهيدا خلال 24 ساعة في غزة    بسبب الإمارات.. الجزائر تهدد بوقف تسليم الغاز إلى إسبانيا    تقرير رسمي: عدد حالات ضبط المخدرات والبورطابلات فالحباسات المغربية طلع ف2023    الحرارة غادي توصل حتى ل44 درجة وها التفاصيل    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    نزار بركة واحل فتشكيل اللجنة التنفيذية ولقا صعوبة فالجمع بين مِساج الملك للسياسيين والتوافق الداخلي    2 ماتو و21 تصابو فهجوم بجنوية وقع داخل سبيطار في الصين    احتفاء المهرجان الدولي مسرح وثقافات بسنته ال 20 : كوميديا موسيقية ومسرح أمازيغي وعودة مسرح الحي، لتتويج هذا الاحتفاء    بمشاركة 30 فيلما يمثلون 15 دولة : أيت ملول تحتضن مهرجان سوس الدولي للفيلم القصير    احتضان إسلامي لمبادرات ومواقف الملك    تقرير رسمي: معدل الاكتظاظ بالسجون يبلغ 159% والسجناء قدموا 5153 شكاية خلال 2023    تارودانت ربيع المسرح في نسخته الثانية يكرم نزهة الركراكي    بمناسبة شهر التراث: ندوة في موضوع "دور الرواية في تثمين المواقع التراثية بالقصر الكبير"    سان جيرمان يستهدف رقما تاريخيا ضد دورتموند في دوري أبطال أوروبا    نهضة بركان في مواجهة المغرب التطواني وعينه على عدة أهداف!    إحداث أزيد من 16 ألف مقاولة جديدة في المغرب    فرقة "أتيز" الكورية تتصدر نجوم مهرجان موازين    توقعات أحوال الطقس غدا الأربعاء    انطلاق تكوين أساتذة مادة الأمازيغية في السلك الابتدائي بجهة طنجة    سلسلة "اولاد إيزا" الكوميدية تثير غضب رجال التعليم وبنسعيد يرد    ارتفاع عدد ضحايا حوادث السير من مستعملي الدراجات النارية بنسبة 31 في المائة    ارتفاع حركة النقل الجوي بمطار الحسن الأول بالعيون    المبعوث الصيني الخاص لتغير المناخ يزور الولايات المتحدة    مؤتمر عربي بالقاهرة يبحث آلية لجمع ورصد مؤشرات النزاهة في في القطاع العام في الدول العربية    أمازون: سنستثمر 9 مليارات دولار فسنغافورة    سيمانة قبل ما يبدا مهرجان كان.. دعوة ديال الإضراب موجهة لكاع العاملين فهاد الحدث السينمائي الكبير وها علاش    صعود أسعار الذهب من جديد    بأكثر من 15 مليون دولار.. نجل الصفريوي يشتري منزلاً في ميامي وهذه صوره    "فريق نجم طرفاية: قصة نجاح وتألق في عالم كرة القدم"    إبراز فرص الاستثمار بالمغرب خلال مائدة مستديرة بالولايات المتحدة    كبير إيطاليا يدخل بقوة على خط التعاقد مع زياش    "العرندس" يتوج نفسه وينال جائزة الأفضل في رمضان    زيلينسكي يستعجل استلام أسلحة غربية    الدورة الثانية عشر لعملية تأطير الحجاج بإقليم الناظور    الأمثال العامية بتطوان... (591)    دراسة: السجائر الإلكترونية قد تسبب ضررا في نمو الدماغ    باحثة: الضحك يقدر يكون وسيلة واعرة لعلاج الناس    السفه العقدي بين البواعث النفسية والمؤثرات الشيطانية    جواد مبروكي: الحمل والدور الحاسم للأب    الأمثال العامية بتطوان... (589)        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد مماد: " تمازيغت " ليست قناة عرقية
نشر في هسبريس يوم 02 - 02 - 2010

شرعت القناة التلفزيونية المغربية الناطقة بالأمازيغية 'تمازيغت' في بثها التجريبي على القمرين الصناعيين 'نايل سات' و'هوت بيرد'، على أن تكون الانطلاقة الفعلية للقناة خلال مارس المقبل. ولتسليط الضوء على توجهات 'تمازيغت' واختياراتها الإعلامية، حاورت جريدة 'القدس العربي' محمد مماد المدير المركزي للبرامج الأمازيغية في مؤسسات القطب العمومي بالمغرب، وتعميما للفائدة ننقل هذا الحوار للقراء في هسبريس.

في نظرك، هل جاء إنشاء قناة أمازيغية استجابة لمطلب إعلامي أم مطلب سياسي؟

مشروع إحداث قناة 'تمازيغت' أتى تجسيدا لإرادة الدولة المغربية؛ كما أنه تتويج لمسار مر بمراحل متعددة. المحطة الأولى كانت مع الخطاب الملكي في 17 تشرين الأول (أكتوبر) 2001 بمنطقة أجدير (وسط البلاد)، حيث تحدث الملك عن ضرورة النهوض بالثقافة واللغة الأمازيغيتين. تلا ذلك تأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، ثم تشكيل لجنة متعددة الأطراف من لدن وزارة الاتصال (الإعلام)، تضم ممثلين عن الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون والقناة الثانية والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وعُهد إليها إيجاد صيغ ملائمة لإدماج الأمازيغية في الإعلام العمومي الوطني. وخلصت أعمال اللجنة إلى التوصية بتعزيز البرامج الناطقة باللغة الأمازيغية في القناتين الأولى والثانية وفي الإذاعات؛ علما بأن الأمازيغية كلغة وثقافة كانت حاضرة في الإعلام المغربي بشتى أصنافه من صحف وإذاعات وتلفزيونات.

بالموازاة مع تلك التوصية، كان هناك نقاش عميق حول إحداث قناة تلفزيونية باللغة الأمازيغية، وهو نقاش تطلب وقتا طويلا، بالنظر لحجم ميزانيته المنتظرة والاستثمارات المالية التي يتطلبها هذا المشروع الهام، وأيضا بالنظر لحرص أعضاء اللجنة على إيجاد أفضل الصيغ التي ستظهر بها هذه القناة، لأن وضع المغرب لا يشبه اوضاع دول أخرى يعد إشكال التعدد اللغوي والثقافي مطروحا فيها، وقد أوفدت اللجنة المذكورة بعثة (كنت عضوا فيها) إلى إسبانيا وبلجيكا وهولندا وسويسرا، للاطلاع على كيفية معالجة موضوع التعدد اللغوي والثقافي هناك. وقد خرجنا بخلاصة أساسية مؤداها أن الطريقة التي طُرح بها الإشكال اللغوي والثقافي في تلك البلدان وكيفية معالجته لا علاقة لهما بالسياق المغربي. ومع ذلك، فقد استفدنا على المستوى التقني الشيء الكثير.

إذا أخذنا على سبيل المثال كاتالونيا في إسبانيا، نلاحظ أن الكاتالان كانت تحذوهم رغبة في الانفصال والاستقلال الذاتي، وتراجعوا فيما بعد عن مواقفهم ـ أتحدث هنا على المستوى الإعلامي تحديدا ـ. فحين بدأوا ينتجون أعمالا تلفزيونية باللغة الكاتالونية، كان ضروريا التفكير في كيفية تسويق تلك الأعمال، فوجدوا أن السوق الأقرب لذلك هو إسبانيا. من قبل، كانوا متشددين جدا، إذ كانت لديهم لجنة داخل التلفزيون تضم مختصين يحرصون على أن تكون الأعمال التلفزيون خالية من أية مفردة باللغة الإسبانية. ثم طُرح لديهم أيضا إشكال كيفية التعامل اللغوي مع المهاجرين الموجودين في كاتالونيا، باعتبار أن تلك الأقليات ينبغي أن يكون لها حق في الإعلام العمومي، انسجاما مع الاختيار الديمقراطي المعتمد هناك. ومن ثم، تراجعوا عن تلك المواقف المتشددة.

حين عدنا كبعثة إلى المغرب، تباحثنا كثيرا في شأن الصيغة المثلى لإنشاء قناة أمازيغية يجد المغاربة جميعا أنفسهم فيها، لأن الأساس هو إنشاء قناة باللغة الأمازيغية استجابة لمعطيات الواقع، مما أفضى إلى التصور العام الذي اعتمدناه بتنسيق وتعاون مع وزارة الاتصال والقناتين التلفزيونيتين وأيضا مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.

إذنْ، ما الهدف الأساس من إنشاء القناة؟

الهدف تعزيز صرح الإعلام السمعي البصري العمومي في المغرب. فخلال السنوات الأخيرة، شهد هذا الحقل طفرة قوية وتحولات جذرية، من خلال إنشاء قنوات وإذاعات حرة؛ بالإضافة إلى التحول الإيجابي الذي حصل على مستوى الإعلام المكتوب. إذن، فقناة 'تمازيغت' لبنة من اللبنات الأساسية التي تحاول من خلالها الدولة تعزيز منظومة إعلامية قوية، فكلنا يعلم أنه لا يمكن تحقيق أي تطور بأي بلد دون وجود إعلام قوي لاسيما الإعلام السمعي البصري العمومي.

إلى أي حد تفكرون في أن تكون هذه القناة ذات توجه جريء في التعامل مع قضايا المواطن، حتى لا تكون نسخة مكررة لطريقة المعالجة الإعلامية الموجودة في بعض القنوات الرسمية؟

قناة 'تمازيغت' ستعتمد سياسة القرب في جميع برامجها، سواء تعلق الأمر بنشرات الأخبار أو البرامج السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها. الصيغة التي اعتمدناها في كل إنتاجاتنا هو أننا حاولنا أن نكون قريبين من اهتمامات المواطن اليومية وانتظاراته سواء ذلك الذي يعيش داخل الوطن أو خارجه. سياسة القرب ليست شعارا، وإنما ينبغي أن تتجسد في التعامل المهني مع المواضيع وطريقة معالجة مختلف القضايا والأخبار وكذا في تصوُّر البرامج. فالمواطن المغربي سواء كان يتحدث باللغة الأمازيغية أو لا يتحدث بها، ينبغي أن يحس بأن برامج القناة (التي ستكون مرفقة بترجمة إلى العربية) تحقق مفهوم الإنصات لنبض الواقع والمجتمع. لا يمكن في نشرات الأخبار ـ مثلا ـ تجاهل حدث هام يشغل بال الناس، بل لا بد من تناوله بطريقة مهنية من خلال طرح مختلف الإشكالات المرتبطة بالحدث، وتحقيق التوازن المطلوب في كيفية المعالجة بإتاحة فرصة الحديث لكل الأطراف المعنية بالموضوع.

وما درجة الجرأة في هذا التناول؟

الجرأة هي المهنية وليست رديفا لإحداث الصدمة أو الإثارة. وتعني الإحاطة بجميع جوانب الموضوع المتناوَل واستبعاد السطحية في معالجته؛ علماً بأن الجمهور الحالي أصبح انتقائيا، يختار برامجه، ويمتلك صلاحية تغيير مشاهدة القنوات في ثوان معدودة، كما أنه قادرعلى المقارنة بين طرق معالجة المواضيع في مختلف القنوات الفضائية. إذن، المهنية هي الأساس، والقانون هو الفيصل.

نعلم أن هناك أمازيغيات وليست أمازيغية واحدة في المغرب: ('تاريفيت'، 'تامازيغت'، 'تاشلحيت'). كيف ستعالجون، إذن، إشكال تعدد الاستعمالات اللغوية للأمازيغية، أخذاً بعين الاعتبار أن هناك جهودا لمعيارية هذه اللغة وتوحيدها في نسق لغوي واحد؟

هذه إشكالية كبرى، ولا توجد حاليا في المغرب جهة يمكن أن تقول إنها تتوفرعلى جواب حاسم وقاطع ومقنع لهذا الموضوع. إحداث لغة معيارية هي مهمة موكولة إلى المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وهناك لجان تشتغل على ذلك حاليا. وقد وضع المعهد مجموعة من المعاجم لتوحيد تلك اللهجات، مع أن في كل لهجة متغيرات عديدة.

أضيف إلى ذلك، أن الصحافيين العاملين بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون قاموا منذ سنين بجهود كبيرة في النشرات الإخبارية المبثوثة باللغة الأمازيغية، من خلال نحت وابتكاركلمات ومفردات باللغة الأمازيغية. ولعلّ المعهد استفاد من هذه العملية. وبدورنا، استلهمنا هذا التراكم الإيجابي والهام، فالفريق الصحافي الذي يعمل حاليا في قناة 'تمازيغت'، استفاد من تدريبات بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون.

بما أنه ليس هناك حل نهائي لهذا الإشكال يمكن أن تقترحه جهة ما، فقد اخترنا مؤقتا حلين اثنين: أولهما بثّ نشرات الأخبار باللهجات الأمازيغية الثلاث، وثانيهما تنويع اللغة التي تقدم بها برامج معينة بالتناوب بين هذه اللهجات، كأن تقدم حلقة من برنامج اقتصادي بتاريفيت ثم تقدم الحلقة الموالية بتامازيغت وتكون الحلقة الثالثة بتاشلحيت. وبعد فترة من الزمن، سنقوم بدراسة لاستخلاص نتائج هذا الحل التجريبي، لأن الجمهورهو الحَكَم في نهاية المطاف.

تؤكدون باستمرار أن 'تمازيغت' ستكون قناة كل المغاربة مهما اختلفت لغاتهم وثقافاتهم، كيف ذلك؟

هذا ليس شعارا ديماغوجيا، فالشعب المغربي يتميز بتنوع لغاته وتعدد روافده وثقافاته، وهو في هذا التنوع حريص على وحدته وانسجامه وتماسك مختلف مكوناته. قناة لكل المغاربة، لأنها ليست قناة موضوعاتية أو إثنية (عرقية) وليست 'غيتو' (منطقة معزولة)، والأمازيغيون أنفسهم يرفضون أن تكون كذلك. وقد جرى التأكيد على هذه المسألة في مختلف لقاءات وأدبيات اللجنة التحضيرية للقناة. ومن ثم، نحرص على أن يجد المغاربة أنفسهم في كل برامج 'تمازيغت'، وأن يتابعوها بشغف واهتمام. وسنوفر لغير المتحدثين بالأمازيغية الوسائل لفهم مضامين برامج القناة، وفي الوقت نفسه لتعلّم هذه اللغة. وينص 'دفتر التحملات' (التعهدات) الخاص بهذه القناة على أن سبعين في المئة على الأقل من برامجها تبث بالأمازيغية، بينما تخصص النسبة الباقية للغة العربية. كما أننا في تناول مختلف المواضيع والقضايا لا ننطلق من خلفيات أمازيغية، وإنما نستند إلى أساس إعلامي محض يتجلى في تقديم خدمة إعلامية مفيدة لكل المغاربة.

مارستَ كإعلامي مهمات متعددة خلال اشتغالك في القناة الثانية. والآن تدخل تجربة جديدة قوامها الإشراف على البرامج الأمازيغية في مؤسسات القطب العمومي. ماذا تمثل هذه التجربة بالنسبة لك؟

هذه التجربة تنضاف إلى التجارب الأخرى التي عشتها في القناة الثانية، وأعتبرها على المستوى الشخصي تحديا مهنيا كبيرا، وآمل أن أكون في مستوى هذا التحديد. أما على المستوى الموضوعي، فأرى أنها تمثل إنجازا كبيرا بالنسبة للمغرب، فبلادنا شهدت تحولات مهمة على المستويات الاقتصادية والسياسية والمؤسساتية. وجاء إنشاء القناة الأمازيغية أولا تلبية لحاجة العديد من المواطنين الذين يتحدثون بهذه اللغة، وثانيا لتعزيزالنهج الديمقراطي الذي يسير فيه المغرب. فمن ضمن مبادئ الديمقراطية أن تجد جميع شرائح المجتمع نفسها في مؤسسات الدولة، وخاصة في الإعلام.

عن جريدة القدس العربي يوم 01 من فبراير2010


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.