أخنوش : المغرب أصبح نموذجا إقليميا في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب        دوري أبطال إفريقيا .. نهضة بركان يعود بفوز صعب من نيجيريا    الوداد يعود بانتصار ثمين من زنجبار ويعزز صدارته في كأس الكونفدرالية    افتتاح فعاليات الدورة 22 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش    زيادات مرتقبة في أسعار السجائر ابتداء من يناير 2026    بجيجو: بفضل الرؤية المتبصرة لجلالة الملك، باشر المغرب إصلاحاً طموحاً لاستباق الأزمات الصحية وتعزيز حكامة المنظومة الصحية    ارتفاع طفيف في أسعار الإنتاج بالصناعات التحويلية    جددت المملكة المغربية وجمهورية الصومال الفيدرالية، اليوم الجمعة، التأكيد على إرادتهما المشتركة لتعزيز شراكتهما القائمة على التضامن الفاعل بين البلدين    الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تكشف في تقريرها السنوي استمرار تضييق الحريات وتدهور الحقوق الاقتصادية والاجتماعية خلال 2024    انخفاض ينهي تداولات بورصة البيضاء    الأطلس في قلب القفطان : رموز الطبيعة تلهم تصاميم أسبوع القفطان 2026    المكتب الوطني للسكك الحديدية يتوقع أن يتجاوز رقم معاملاته الإجمالي 5 ملايير درهم سنة 2025    عن ترجمتها لرواية «حكاية جدار» للفلسطيني ناصر أبو سرور: الفرنسية ستيفاني دوجول تفوز ب «جائزة ابن خلدون – سنغور للترجمة»    ندوة وطنية بالصويرة تستقصي «ذاكرة الشاعر محمد السعيدي الرجراجي    الدورة 21 للمهرجان الدولي السينما والهجرة بأكادير تركز على قضايا الهجرة وتكرم رواد الصناعة السينمائية    هل كانت ترجمة قرار مجلس الأمن 2797 حيادية أو موجهة سياسيا؟    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    النيابة العامة تلغي أزيد من 70 ألف برقية بحث طالها التقادم        ترحيل جثامين أفراد الأسرة المغربية الأربعة ضحايا حادث اختناق في مالقة    الدار البيضاء .. التساقطات المطرية الأخيرة تنعش آمال الفلاحين    "أوروبا ليغ".. ليون إلى الصدارة وأستون فيلا يواصل عروضه القوية    كوريا واليابان تدرسان تقديم ملف مشترك لاستضافة كأس آسيا لكرة القدم 2035    طنجة.. توقيف شخصين ظهرا في فيديو وهما يقودان سيارتين بطريقة خطيرة ويعرّضان حياة المارة للخطر    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    مولودية وجدة يستقبل الجريح رجاء بني ملال لتأكيد الصدارة    منظمة الصحة العالمية تدعو لتوفير علاج العقم بتكلفة معقولة ضمن أنظمة الصحة الوطنية    ترامب يفعلها من جديد... إعلان مفاجئ يربك العالم.    "فيفا" يكشف تفاصيل إجراء قرعة مونديال 2026 والوعاء الذي يضم المغرب        الوداد وأولمبيك آسفي يسعيان لمواصلة البداية القوية في كأس "الكاف"    إيران تقاطع قرعة كأس العالم 2026    أكثر من 1.1 مليار شخص قاموا برحلات دولية خلال الأشهر التسعة الأولى من 2025    حموشي يجدد دماء إدارته بتعيينات جديدة في خمس مدن    المغرب وإسبانيا يعقدان الدورة ال13 للاجتماع رفيع المستوى في مدريد خلال دجنبر المقبل    جلالة الملك يهنئ رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية بالعيد الوطني لبلاده    أحكام نهائية ثقيلة في قضية "التآمر على أمن الدولة" بتونس    منظمة الصحة العالمية تنشر للمرة الأولى توجيهات لمكافحة العقم    انطلاق عملية تصدير أولى توربينات الرياح من معمل "أيون" بالدريوش نحو ألمانيا    مخرج فيلم "كوميديا إلهية " علي أصغري يقدّم مقاربة مبسطة للواقع في مهرجان الدوحة السينمائي    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    13 قتيلاً في قصف على ريف دمشق    128 قتيلا حصيلة حريق بهونغ كونغ    "العلم" تتوج بجائزة الحسن الثاني للبيئة في دورتها الخامسة عشرة    مجلس النواب يصادق على قانون الانتخابات ويمرّر شرطاً تعجيزياً يُقصي الشباب من اللوائح المستقلة        حجز 200 كلغ من اللحوم الحمراء الفاسدة بأحد المحلات بحي الديزة بمرتيل    وفاة داني سيجرين .. أول من جسّد شخصية سبايدر مان على التلفزيون    سريلانكا: ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات إلى 40 قتيلا على الأقل    المغرب .. 400 وفاة و990 إصابة جديدة بالسيدا سنويا    فلسطين.. هل سيقوم المغرب بدور مباشر في عملية السلام إلى جانب الولايات المتحدة؟    الأوقاف تكشف عن آجال التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    بعد ‬تفشيها ‬في ‬إثيوبيا.. ‬حمى ‬ماربورغ ‬تثير ‬مخاوف ‬المغاربة..‬    علماء يكتشفون طريقة وقائية لإبطاء فقدان البصر المرتبط بالعمر    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خريف الديمقراطية المغربية
نشر في هسبريس يوم 26 - 03 - 2010

"ما نعيشه ليس هو الأساسي فانتبهوا، إنهم يهيئون لما هو أعظم ولن ننتظر طويلا لنراه ساطعا في كبد السماء" بهذه العبارة المركزة يختم أحد الصحفيين المعروفين في ساحة الصحفية المغربية إحدى مقالاته. عبارة قد تبدو للبعض اجترار للقديم و مضيعة للوقت أو بالأحرى مجرد عبث يسعى إلى زرع اليأس وبث روح العدمية في صفوف المغاربة. بيد أنها التعبير الدال على صورة من صور "خريف الديمقراطية المغربية" على حد تعبير البروفسور المهدي المنجرة.
فصل بدأت تباشيره تلوح في الأفق من خلال العديد من المتغيرات التي عرفها وما يزال يعرفها المشهد المغربي على أكثر من صعيد، تجعل هذا الخريف واقعا معاشا لا مجرد تكهنات تكتبها أقلام مرتد وعدمية كأقل نعوت يمكن أن توصف بها من قبل أئمة العهد الجديد ورواد مذهب الديمقراطية المغربية.
وهنا نتساءل كيف لا يكون الإنسان عدميا في واقع يتفق فيه الجميع على صناديق الاقتراع هي الحكم الفاصل لتقييم أداء السياسيين ومعرفة حكم المواطنين عليهم. وبين عشية وضحاها يخرق هذا المبدأ الديمقراطي العريق ليلحق مهندسو التعديل الأخير بالحكومة رجلا فشل في الحصول على مقعد انتخابي في دائرة صغيرة بالعاصمة الرباط. أليست هذه الخطوة رسالة واضحة إلى من في قلبه ذرة إيمان بالعملية الانتخابية أن الصناديق ليست سوى بروتوكول تفرضه الأعراف، ومن أخرجه المنتخبون من الباب بإمكان محترفي السياسة إعادته من النافذة. زيادة على هذا ما يزيد الطين بلة هو إقدام ممثلو الأغلبية على التصويت لصالح ممثل حزب معارض لرئاسة الغرفة الثانية بالبرلمان؟؟.
نعم لماذا لا يصل الفرد إلى قمة التشاؤمية وهو يرى ما يعتري المشهد الحزبي من أمراض وفضائح لو علم رواد التعددية الحزبية أنها ستوصل إلى هذا الواقع ما نظروا لها يوما. أحزاب تتربع على قيادتها رجالات عمرت عقودا من الزمن، تفرض على هواة جمع المستحثات والآثار إقامة متحف يجمعها. أما الأدهى والأمر فهو مدى فعاليتها في الحقل السياسي الذي لم تعد تميز فيه اليمين من اليسار والإصلاحي من المحافظ و الليبرالي من الحداثي من جهة، ومن أخرى لم يعد الانتماء إلى الأغلبية أو المعارضة خيارا سياسيا ينطلق من أجندة وبرنامج الحزب بقدر ما هو قرار مرتبط بأحوال طقس الموسم السياسي الذي يفرخ الأحزاب في اللحظات الأخيرة من المارطون الانتخابي. واقع يعكس حقيقة أحزاب مسلوبة الإرادة وخاضعة لمنطق المبايعة، إنها في أحسن الأحوال لا تتعالى عن مستوى الزاوية أو القبيلة أو النادي.
التيئيسية أقل ما يمكن أن تعتري من يرى دبلوماسية بلده على الصعيدين الحكومي والحزب، تعجز في التعاطي مع الملفات الحساسة الواحد تلو الأخر، بدءا بملف الصحراء الذي لم يبرح مكانه منذ اتفاق وقف إطلاق النار إلى مقترح الحكم الذاتي الذي لم تظهر فعاليته في مقاربة هذا القضية حتى الآن. وصولا إلى قضية أميناتو حيدر التي غيبت الحكمة في التعاطي معها، إذ كان بالإمكان إخماد فتيلها قبل توهجه لو دبرت القضية وفق منطق عقلاني لا عاطفي.
عودا على بدء ليست تلك المقولة تخمينا بل كشف عن مهزلة عاشتها وما تزال تعيشها الصحافة غير الحزبية التي اختارت تعرية الواقع المزيف و الكتابة عنه بلا مراهم تجميل مقدمة بذلك قراءاتها الخاصة للزمن المغربي قاطعة بالمرة مع لغة الخشب و التلميع. في صراعها مع دواليب باقي السلط، وتحديدا سندان السلطة القضائية و مطرقة السلطة التنفيذية وأعني هنا بالتحديد وزارة الداخلية التي حلت محل مؤسسة الوزير الأول وكذا وزارة العدل في مقاربتها النوعية لملف الصحافة، ما أسفر عن إعدام صحف وإرسال صحفيين إلى السجن في عز الانتقال الديمقراطي وأوج ازدهار العهد الجديد.
واقع ما انفك يؤكد يوما بعد آخر أن الارتجالية هي الخيط الناظم بين كل دواليبه، انطلاقا من حكومة ترفع تحديات وأرقام أكبر من قدرتها ( 10 ملايين سائح، 10 آلاف مهندس...)، مرورا بشعب لا يعدو طموحه أن يكون الحصول على لقمة العيش لاستمرار في لعبة الحياة بعيدا عن أي مطمح تغييري آخر، وصولا إلى أحزاب لا تقدر على ترتيب شؤونها الداخلية إلا في ساحات المحاكم، فكيف بها مع شؤون المواطنين؟
حصيلة كل هذا قلب في المواقع والأدوار بين السياسي الذي يقود بمساعدة الموظف بينما يبقى المثقف في ذيل القائمة إذا ما اتسع له الحيز هناك في الذيل.
يبدو أن الضحية الأولى في هذا المسلسل المنتهي قبل أوانه هو مشروع أو فكرة الديمقراطية الذي لاح في الأفق ما يشبه طيفها، ثم تراءى للجميع أن العودة إلى الزمن البائد وإن في قالب جديد انتصر مقدمات التغيير التي استهل بها المسلسل. ما يجعل فكرة جبهة وطنية من أجل إنقاذ الديمقراطية ضرورة ملحة اليوم أكثر من أي وقت أخر لأن مصلحة البلاد تستدعيها.
*صحفي و باحث في العلوم القانونية وعلم الاجتماع
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.