واصلت الجالية المغربية تأكيد ارتباطها القوي بأرض الوطن من خلال استمرار تدفق التحويلات المالية بنسق تصاعدي، إذ كشف مكتب الصرف أن تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج بلغت ما يفوق 102,93 مليار درهم عند نهاية شهر أكتوبر الماضي، مسجلة بذلك زيادة سنوية نسبتها 1,5 بالمائة مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية. وتشكل هذه التحويلات المالية ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني ودعما مباشرا للأسر المغربية، خاصة في ظل الظرفية الاقتصادية العالمية المتقلبة، حيث انتقلت هذه العائدات من 101,41 مليار درهم المسجلة في السنة الفارطة إلى مستواها الحالي، مما يعزز احتياطي البلاد من العملة الصعبة ويساهم في استقرار التوازنات المالية. وبالموازاة مع الدعم القادم من مغاربة العالم، تعززت خزينة الدولة بعائدات قياسية من قطاع السياحة، الذي حقق إيرادات بلغت 113,26 مليار درهم خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الجاري، بزيادة لافتة قدرها 16,7 بالمائة، وهو ما رفع فائض ميزان السفر إلى أكثر من 85 مليار درهم، رغم ارتفاع نفقات سفر المغاربة إلى الخارج. وتأتي هذه المؤشرات الإيجابية في وقت يواجه فيه الميزان التجاري للمملكة ضغوطا متزايدة، حيث أظهرت بيانات مكتب الصرف اتساع العجز التجاري بنسبة 19,6 بالمائة ليصل إلى قرابة 297 مليار درهم، نتيجة ارتفاع فاتورة الواردات، لا سيما المواد الاستهلاكية والسلع، بوتيرة فاقت نمو الصادرات المغربية إلى الخارج. ورغم تحدي العجز التجاري، فإن الأداء الجيد لقطاع الخدمات، مدفوعا بحيوية السياحة وصلابة تحويلات الجالية، مكن ميزان الخدمات من تحقيق فائض مهم تجاوز 129 مليار درهم، مما يؤكد الدور المحوري الذي يلعبه مغاربة العالم والقطاع السياحي في معادلة الاقتصاد الوطني.