اتفاقية شراكة وتعاون بين الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها وقطب الأمن الوطني و«الديستي»    جيل زد يؤكد أن الحوار مع الحكومة الحالية لا معنى له، والمناورات السياسية انتهت        تحفيز نسوة .. تعاون مغربي إسباني يمنح المرأة القروية مفاتيح الريادة الاقتصادية    بتعليمات سامية من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، يشارك ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، اليوم الثلاثاء، بدكار في أشغال منتدى " إنفست إن سينغال ".        «زد» (Z): الحرف الذي تحول إلى أعمال روائية وسينمائية ورمز عالمي للمقاومة والتعبير    مهرجان الإسكندرية السينمائي .. المخرج المغربي حكيم بلعباس ينشط ماستر كلاس حول الإخراج    نجوى كرم تشعل دبي أوبرا بحفل فني استثنائي    تربية المواشي تقرب بين المغرب وفرنسا    مجلس جهة الشرق يصادق على 80 نقطة لدعم مشاريع تنموية كبرى بمختلف أقاليم الجهة    اعتراف بدور الاتحاد الإفريقي للشباب ‬        بين نفي المصحات وإقرار الحكومة.. جدل دعم المستشفيات الخاصة يصل البرلمان    استمرار اختطاف غالي وبن ضراوي يشعل موجة تضامن واسعة وتنديد بالصمت الرسمي المغربي    اليماني: سعر المحروقات يبنغي ألا يتعدي 10 دراهم وتحرير القطاع لم ينعكس على الصحة والتعليم    المنتخب المغربي يجري أول حصة تدريبية قبل ودية البحرين    التغيير في المغرب.. غير ممكن !    ماتيوس: بايرن هو الأفضل في أوروبا    مونديال كرة القدم لأقل من 20 سنة (ثمن النهائي).. نزالات قوية لتأكيد التفوق والعبور إلى دور الربع    "الجمعية" تعقد لقاء مع بوريطة بشأن استمرار احتجاز غالي وبن الضراوي في السجون الإسرائيلية    وزارة الصحة تطلق حملة وطنية واسعة للتحسيس والكشف المبكر عن سرطاني الثدي وعنق الرحم    استئنافية الرباط تؤيد حبس الناشطة ابتسام لشگر سنتين ونصف    بركة يتحدث بلسان الحقيقة والمسؤولية لجيل يبحث عن الثقة    اسرائيل تستمر في احتجاز عزيز غالي ومغربيين أخرين    فيفا يطرح تذاكر مباريات كأس العالم ابتداء من 20 درهماً    الركراكي يهنئ لاعبي المنتخب المغربي على انجازاتهم الفردية رفقة أنديتهم    بايتاس: مطالب "جيل زد" تحظى بمتابعة الحكومة والإصلاحات الاجتماعية مستمرة    النيابة الإسبانية تطالب ب50 سنة سجنا لمغربي متهم بتنفيذ هجوم إرهابي        كيوسك الثلاثاء | إصلاح المدرسة العمومية رهين بانخراط الطاقات التربوية الخلاقة    أداء إيجابي في بورصة الدار البيضاء    وزارة النقل توضح موقفها من خدمات النقل عبر التطبيقات الذكية    محكمة تونسية تطلق سراح مواطن حُكم عليه بالإعدام بسبب انتقاده للرئيس    المغرب ‬وجهة ‬سادس ‬أكبر ‬ناقل ‬بحري ‬في ‬العالم ‬لفتح ‬خط ‬تجاري ‬جديد    67 قتيلا حصيلة انهيار المدرسة في إندونيسيا مع انتهاء عمليات البحث    تقرير غوتيريش يوصي بتمديد ولاية "المينورسو" ويكشف موافقة أممية على بناء ملاجئ عسكرية مغربية في الصحراء    المفوضية الأوروبية تشيد بتوقيع الاتفاق الفلاحي المعدل مع المغرب    مولودية وجدة يحقق فوزه الأول وشباب المحمدية يتعثر    من باريس إلى الرياض.. رواية "جزيرة القارئات" الفرنسية بحرف عربي عبر ترجمة مغربية    انطلاق "دوري الملوك" في السعودية    مباحثات إسرائيل و"حماس" "إيجابية"    حركة "جيل زد" تلجأ إلى سلاح المقاطعة للضغط على أخنوش    عمدة مدينة ألمانية يقترح إشراك التلاميذ في تنظيف المدارس    طقس حار في توقعات اليوم الثلاثاء بالمغرب    جدل بتطوان حول ميزانية 2026 بين الأغلبية والمعارضة    هذا الموريسكي .. سر المخطوط الناجي (2)    دراسة: التدريبات الرياضية تقلل الإحساس بالجوع    الخلايا التي تمنع أجسامنا من مهاجمة نفسها.. نوبل الطب 2025 تكرّم اكتشاف "فرامل المناعة"    أهم نصائح التغذية لشهر أكتوبر    عنوان وموضوع خطبة الجمعة القادمة    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    دراسة: فحص بسيط يكشف عن خطر الإصابة بالخرف قبل عقود من ظهور الأعراض    منح جائزة نوبل في الطب لثلاثة علماء عن أبحاثهم في مجال التحكم في الجهاز المناعي    العلماء يدرسون "التطبيب الذاتي" عند الحيوانات    وزارة الأوقاف تخصص خطبة الجمعة المقبلة: عدم القيام بالمسؤوليات على وجهها الصحيح يٌلقي بالنفس والغير في التهلكة    بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المعزوز: مؤسسة "رئيس الحكومة" تشتغل خارج الدستور المغربي
نشر في هسبريس يوم 15 - 06 - 2014

اتهم الدكتور محمد المعزوز، القيادي في حزب الأصالة والمعاصرة، مؤسسة "رئيس الحكومة" بأنها تشتغل على هامش الدولة، وخارج الدستور المغربي، لأن الشرعية الوحيدة التي تؤمن بها هي شرعية حزب العدالة والتنمية التي تمثله، وتسعى إلى مصادرة شرعية حزب الأصالة والمعاصرة بالدعوة إلى استئصاله".
وقال المعزوز، في مقال خص به هسبريس ردا على دعوات سابقة لرئيس الحكومة بأن يحل حزب "الجرار" ذاته، إن حزب العدالة والتنمية كانت أمامه فرصة تاريخية لو استقال من الحكومة بسبب شكاويه من الدولة العميقة، غير أنه غير قادر على تقديم الاستقالة من الحكومة لأنه ألف غواية الحكم".
وهذا نص مقال المعزوز كما ورد إلى الجريدة:
مؤسسة رئيس الحكومة وسؤال الشرعية
ليس يخفى أن بنية الحكومة اليوم، تستفز "أفق انتظار" المواطن من حيث تمثله للمدلولية الفيزيقية والمعنوية لمنزلة "رئيس الحكومة" ، من جهة ما ينبغي أن يكون متوفرا فيها من سمو المعنى المختزل، لدلالة القيادة السياسية المنضبطة لمفهوم الدولة، كنسق سياسي أو "تاريخ كلي" يفترض فيه كثيرا من التعالي الإيجابي عن عصبية المذهبيات أو الإيديولوجيات المنساقة إلى وهم امتلاك الحقيقة، وتلك صفة أساس تتحدد من خلالها " بروفيلات" رجل الدولة، لأن علاقته بالدولة من خلال دور " رئيس الحكومة" هو حمايتها وبناء الكيان السياسي من منظور "الكلية" المبني على أسس الوحدة الوطنية وانسجام المنظومة المجتمعية من داخل تنوعها ومن الاختلاف الإيجابي لمكوناتها، هنا تتحدد دلالة القيادة السياسية باعتبارها مفهوما له صلة بقوة الدولة بتعضيد أدوارها الحيوية في التنمية وترسيخ انسجامها مع المجتمع .
كل خروج عن هذه الصفة، هو إخلال بين بمؤسسة "رجل الدولة"، أو قل هو نفس صريح "لأسس الدولة " بلغة ماكس فيبر، لأن الوقوع في خطأ ممارسة دور " رئيس الحكومة" قد يسبب مباشرة في إحداث ارتجاجات للكيان الموضوعي للدولة، وفي خلق احتقانات، ليس ما بين الدولة نفسها والمجتمع،فقط، ولكن في داخل النسيج الإجتماعي ذاته. هذا يعني أن الإطار المرجعي والقصودي لسلوكيات رجل الدولة هو خدمة الأهداف الكبرى للدولة ممثلة في مصلحتها من جهة اعتبارها أعلى تعبير مؤسساتي لمنفعة الجماعة الوطنية .
يعلمنا التاريخ، وكان حريا بفاعلينا السياسيين أن يتعلموا منه،أن "الكاردينال ريليشيو"الذي كان رئيسا لوزراء فرنسا (1622) زمن لويس الثالث عشر، وكان كاثوليكيا، قد ميز في مواقف كثيرة ما بين قناعاته السياسية ومعتقداته الدينية، انضباطا لمواصفات "رجل الدولة"، إذ انتصر تكتيكيا وسياسيا، خدمة للدولة،إلى البروتستانتية، وهي غير عقيدته الدينية بإبرام معاهدة مع ملك السويد ضد ألمانيا التي كانت تهدد فرنسا، بدعوى انقاد الدويلات البروتستانتية، لقد تمكن أمام هذه النازلة من خلع عباءة رجل الدين وارتداء جبة السياسي، بالرغم من تخوينه القاسي من طرف السلطة البابوية المطلقة في فرنسا بتهمة الخروج عن العقيدة الكاثوليكية .
لقد أصر "ريشيليو" على استكمال مهامه السياسية كرجل دولة خدمة لفرنسا، ولمقتضيات الدولة وحساباتها الخاصة، وهاهنا تمكن من نحث مفهوم سياسي انزاح إلى صفة التاريخانية والكونية،لأنه وضع دليلا مرجعيا لسلوكيات السياسي، إنه مفهوم « raison d'Etat والذي يترجم ب"الأسباب الخاصة للدولة، أصبح هذا المفهوم رديفا "لرجل الدولة" المحنك الذي يترفع عن المصلحة الحزبية الضيقة وعن المرجعيات الأخلاقية خدمة لمصلحة الدولة في علاقاتها بالمجتمع، وتلك أعلى درجات السمو السياسي والأخلاقي .
بالانعطاف على سلوكيات رئيس الحكومة في المغرب، يستنتج من التتبع والمعاينة المباشرة أنه لا يتوفر على صفة رجل الدولة، ليس لأنه لم يستطع أن يميز ما بين كونه رئيس الحزب وبذي مرجعية دينية وما بين كونه رئيسا للحكومة فقط، بل لأنه عجز عن إدراك قواعد ممارسة السياسة حيال ظواهر سياسية حاضرة ومتجددة من حوله، ومنها انبثاق دينامية حزبية جديدة قد تكون ممثلة في حزب الأصالة والمعاصرة أو في غيره، لم يدرك رئيس الحكومة فكر الإنسياب السياسي والتحول برؤية شاملة لأسباب تكون حزب الأصالة والمعاصرة وحضوره كحساسية تعبر عن استنهاضها بحمل مشروع فكري ومجتمعي ، مع كل الاختلافات التي قد تثيره وما يترتب عنها من اتفاق أو معارضة .
فلما يدعو رئيس الحكومة إلى حل حزب الأصالة والمعاصرة استتباعا لخرجات غير متزنة في الغرفتين البرلمانيتين، كالتعبير عن استعداده للخروج إلى الشارع والإستقواء المغلوط بالشعب وبادعاء مفرط، فإنه بذلك لا يخل بشرط القيادة ولا يقدم الدليل على العجز عن صوغ خطاب سياسي تراعى فيه « la raison d'Etat « مقرون برؤية للقيادة وبحنكة رجل الدولة الذي يحسن إقامة التوازنات في سياق الشرعية المتوافق عليها من داخل المجتمع عبر الدستور الجديد للبلاد، وإنما نلفيه يؤسس من خلال مؤسسة "رئيس الحكومة" إلى "نفس الأسس" بلغة الأنتربلوجيا، للدولة وللدولة الوطنية، لأنه يؤسس لكوكبة من التناقضات في علاقته بالدولة باعتباره الرجل الثاني فيها (رئيس الحكومة)، وفي سلوكياته وخطاباته التي تنقض الدولة نفسها وتسفهها يوصف هذه الدولة التي يمثل فيها قمة هرمية تشتغل بمحاذاة دولة أخرى تلك التي لم يتعب من وصفها ب "الدولة العميقة".
نحن هنا أمام إبهام انطولوجي لمؤسسة رئيس الحكومة، إذ أنها بالمعنى الذي أصبحت تعبر عنه اليوم، فهي تنحو إلى طمس الدولة والاعتداء غير المحسوب على وحدة المجتمع،وحرية التفكير والتعبير.
هذا يعني أن مؤسسة "رئيس الحكومة" تشتغل على هامش الدولة، وخارج الدستور لأن الشرعية الوحيدة التي تؤمن بها هي شرعية حزب العدالة والتنمية التي تمثله، بدليل أنها تسعى إلى المصادرة على شرعية حزب الأصالة والمعاصرة بالدعوة إلى استئصاله دونما أي اعتبار لكثير من أفراد المجتمع الذين فضلوا الالتحاق بصفوف هذا الحزب وآمنوا بالاشتغال فيه كحساسية لها حقها في الوجود فكريا ودستوريا.
إن إلغاء الشرعيات المنافسة، والتمركز حول الشرعية الوحيدة أسقطت "رئيس الحكومة" في شخصنة ظروف الحزب المنافس واعتماد" خطاب الذبيحة" لطقسنة فوبيا الضحية وهيستيريا المظلومية . كان الأمر مفهوما لما كان حزب العدالة والتنمية في المعارضة، أما أنه اليوم وهو يحكم، ويجتر "اللازمة نفسها" فهذا دليل آخر على أن رئيس الحكومة لم يستوعب الدور الدولتي المنوط به ولا تحكمه ضوابط "رجل الدولة" والوعي بدور المستوعب والمدبر للاختلافات والتدافعات مهما كان مصدرها ونوعها انسجاما مع « la raison d'Etat » ومقتضيات الدستور.
أما أنه قد فضل ممارسة غواية الشخصنة، فكان عليه أن يدفع بهذه اللعبة إلى أبعد مداها أن يسمي عرابوا من وصفهم بالدولة العميقة، وأن يكشف عن وجوههم، أن يذكر "غريمه" الأصالة والمعاصرة بالواضح وأن يدبر خلافه معه في نقاش عمومي عادل، أما أن يتخفى في " حفل تنكري" منعما بحبوحة السلطة راضيا أن يكون ملحقة للتنفيذ فقط، ومستعدا للعب أي دور استرضاء للقصر، وفي ذات الوقت يشكك في كل شيء مثله كمثل " من يأكل الغلة ويسب الملة" فهذا أشبع مشهد في "كوميديا سوداء" تعطي الانطباع بأن هناك "نحرا قربانيا" للسياسة كفكر وأخلاق.
لقد كان أمام حزب العدالة والتنمية فرصة تاريخية لارتياد مصاف الأحزاب الكبرى المتصفة بالانتصار الواضح لمبادئها ومواقفها، لو استقال من الحكومة شارحا للمغاربة أن هناك دولة عميقة متحكمة ومستبدة، وأن هناك من يفرمل عجلة إعمال الدستور وأن هناك حزبا اسمه الأصالة والمعاصرة وأن هناك ...
لو فعل ذلك لكان بحق حزبا يستحق كل الاحترام والتقدير، ولأقام الدليل على صدق نيته وصفاء طويته ونبل سعيه لخدمة الشعب والانتصار للشرعية والمؤسسات ولثقة الناخبين الذين بوئوه المرتبة الأولى في الاستحقاقات الأخيرة .
لو أقدم حزب العدالة والتنمية على الاستقالة انسجاما مع أطروحة دعاواه، لحقق انعطافا سياسيا ايجابيا وتاريخيا يؤسس لمرحلة جديدة للممارسة السياسية والحزبية في بلادنا.
لكني أجزم صادقا، أنه لا يستطيع، لأنه اختار غواية الحكم!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.