يواجه القطب الصناعي بإقليم الفحص أنجرة مفارقة لافتة، تتمثل في تسجيل خصاص يتجاوز 6000 منصب شغل في المنظومة الصناعية، رغم تحقيق معدلات إدماج مهني قياسية للشباب، مما يعكس فجوة متنامية بين العرض التكويني والتحولات المتسارعة للاستثمارات بالمنطقة. وكشفت بيانات رسمية للوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات (أنابيك)، تم استعراضها خلال منتدى نظمته المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بجماعة قصر المجاز بمناسبة الذكرى السبعين لعيد الاستقلال، أن الشركات العاملة بالمنظومة الصناعية لا تزال تبحث عن آلاف الكفاءات المؤهلة لتلبية حاجياتها المتزايدة. وأوضح المدير الإقليمي للوكالة، عماد ادهيبات، أن المؤسسة تمكنت من إدماج 8557 شابا خلال عام 2024، إضافة إلى 7464 آخرين خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، مسجلة بذلك أعلى معدل إدماج على مستوى جهة طنجة – تطوان – الحسيمة. ورغم هذه الأرقام المرتفعة، أشار المسؤول إلى أن حجم الطلب المهني يتجاوز بكثير القدرات الاستيعابية الحالية، خاصة في قطاعات حيوية تشمل صناعة السيارات ومكوناتها، واللوجستيك، والخدمات المينائية، والنسيج، والمهن التقنية الدقيقة. ويعزو فاعلون مؤسساتيون هذا التباين إلى ضعف ملاءمة التكوين مع الحاجيات المتسارعة للمقاولات، مؤكدين أن الإقليم يشهد طفرة استثمارية لا تواكبها وتيرة تأهيل الكفاءات الشابة بالسرعة المطلوبة، لا سيما في مجالات المهن الخضراء والمركبات الكهربائية التي تتطلب تأهيلاً نوعياً. وتشكل البنية الديمغرافية للإقليم فرصة حقيقية لتدارك هذا العجز، إذ يمثل الشباب نحو 30 بالمائة من مجموع السكان، غير أن استثمار هذا الرصيد البشري يتطلب، وفق المتدخلين، مقاربة مندمجة بين مختلف الفاعلين المؤسساتيين والاقتصاديين لبلورة مسارات إدماج مرنة. من جانبه، أكد رئيس قسم العمل الاجتماعي بعمالة الفحص أنجرة، محمد تصميت، أن المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وضعت التشغيل في صلب أولوياتها، عبر دعم المشاريع المدرة للدخل وتعزيز قابلية التشغيل، مع التركيز على ترسيخ منطق "التأهيل حسب الطلب". وخلص المشاركون في المنتدى، الذي شهد تنظيم معرض للمنتوجات المجالية وورشات حول ريادة الأعمال، إلى أن الحفاظ على وتيرة الإدماج وتلبية حاجيات السوق يظلان رهينين بإعادة هيكلة سريعة للعرض التكويني، وتوفير منظومة يقظة استشرافية لتوقع التحولات المستقبلية في سوق الشغل بالإقليم.