تجدد الجدل داخل المؤسسة البرلمانية حول قرار فصل النيابة العامة عن السلطة التنفيذية، ممثلة في وزير العدل والحريات، الذي يعتبر رئيساً لها، وإسناد رئاستها إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، مع تخويل وزير العدل صلاحية إعداد السياسة الجنائية التي يتم إقرارها من طرف السلطات المختصة. ودعا أعضاء الهيئة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة، في الوثيقة النهائية التي تمخضت عن سنة من الحوار، بعد نقاشات حادة حول استقلالية النيابة، إلى "إعمال الضمانات المقررة دستوريا لاستقلال السلطة القضائية، تحصينا لها من أي تدخل أو تأثير خارجي". وهبي: النيابة خاضعة لوزير العدل عبد اللطيف وهبي، الرئيس السابق للجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان دعا إلى ضرورة أن تبقى النيابة العامة التي تملك الكثير من السلطات التي تهم حريات وحقوق المواطنين، كالأمر بالاعتقال والمنع من السفر وغيرها، خاضعة لسلطات وزير العدل الذي يخضع بدوره لرقابة البرلمان. وسجل وهبي أن النقاش الذي رافق هذه المسألة أثبت "أن السجال وما رافقه يؤكد أن الخلل يكمن في فصول الدستور التي تنظم السلطة القضائية"، مشيرا إلى "أن جميع التشريعات قابلة للتغيير في أية لحظة إذا اقتضى الأمر ذلك". ويرتقب أن تنظم لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان يوما دراسيا لفتح النقاش حول الموضوع الذي أصبح محط خلاف بين الفرقاء السياسيين والحقوقيين، رغم أن فرق المعارضة دعت لفصل النيابة العامة عن وزير العدل والحريات. وتعرض الرميد، في أكثر من مناسبة، لاتهامات جهات من المعارضة بتوظيف رئاسته للنيابة العامة، لتصفية خصومه في ملفات الفساد التي يحيلها عليه المجلس الأعلى للحسابات. وحول موقفه في حال تشبث المعارضة التي ينتمي إليها بضرورة فصل النيابة العامة واستقلالها عن وزير العدل، أكد وهبي بأنه سيخضع لقرارها، لأن العمل السياسي يقتضي في بعض الأحيان التنازل عن بعض المواقف الشخصية، "احتراما لإرادة الحزب، ولقرار تنسيقية أحزاب المعارضة". وأعلن البرلماني في الأصالة والمعاصرة، المعارض، عن تعليق موقفه الداعي إلى عدم استقلالية قضاة النيابة العامة على سلطة وزير العدل، مسجلا أنه ظل يدافع عن هذا القرار انطلاقا من قناعته المهنية، ومن مضمون الدستور الذي يقر بربط المسؤولية بالمحاسبة. حنين: ضرورة الاستقلالية وردا على المطالبة ببقاء النيابة العامة تحت وصاية وزير العدل، أوضح الرئيس الأسبق للجنة العدل والتشريع، محمد حنين، أن الميثاق الوطني لإصلاح العدالة حسم في هذا الموضوع بإقراره الاستقلالية. وأكد حنين أن هذا التوجه المتعلق باستقلالية النيابة العامة عن وزارة العدل، زكاه "جلالة الملك في مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية الذي وافق عليه المجلس الوزاري". وأشار البرلماني عن حزب التجمع الوطني للأحرار، أن الاستقلالية التي نص عليها المشروع تعد من أهم مظاهر استقلالية السلطة القضائية التي جاء بها الدستور، مسجلا أن النقاش سيحسم بطرق ديمقراطية حسب توجهات الفرق البرلمانية في البرلمان. "هذا الموضوع شائك، ويجب تعميق النقاش فيه على ضوء الميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة ومشروع القانون التنظيمي"، يقول حنين مؤكدا على "ضرورة عدم التسرع في اتخاذ قرار مخالف لما تم تكريسه في الميثاق الذي يجب التعامل معه بشمولية". وتساءل حنين، في حديثه لهسبريس، عن جدوى رئاسة وزير العدل للنيابة العامة رغم أن ليس له عضوية داخل المجلس الأعلى للسلطة القضائية، والذي من مهامه ترقية ومعاقبة القضاة وضمنهم قضاة النيابة العامة.