من المستفيد من إلغاء ماستر الصحافة بمدرسة الملك فهد العليا للترجمة بطنجة؟ ربما ضللوا السيد الوزير..الأمر يتعلق بوزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر..لو لم يضللوه، لقال الحقيقة يوم الثلاثاء 6 يناير 2015 في إجابته عن سؤال شفوي بمجلس النواب حول إلغاء الماستر المتخصص في الترجمة و التواصل والصحافة بمدرسة الملك فهد العليا للترجمة بطنجة..فمن ضلله؟ ولماذا؟ وكيف؟ إذا فتح الوزير تحقيقا، فطبعا سيتوصل إلى المستفيد أو المستفيدين من الأخطاء الكرونولوجية، ومن ثمة التحليلية والاستنتاجية التي وقع فيها السيد الوزير أمام مجلس النواب، مباشرة على شاشة التلفزة المغربية..فماذا وقع؟ استمع الوزير إلى سؤال من برلماني اتحادي، ثم أجاب بطريقة تدعو للغرابة.. فأجاب بما يلي: (هناك معايير وطنية، وهذا الماستر لم توافق عليه المؤسسة، ولم توافق عليه الجامعة. لم يستوف المعايير. وعندما يستوفي المعايير، مرحبا به. نحن نحاول أن نزيد في الماسترات، ولكن إذا كان الأساتذة، يمكن فتح الماستر... ياك كنا مؤدبين في الجواب؟ أولا، هذا ليس سؤالا للبرلمان. الماستر يا عباد الله؟ هل اشتكت إليك الكلية؟ الشعبة؟ الشعبة ضده. الشعبة ضد الماستر. يجب أن تعرفوا المعطيات قبل أن تحكموا. نحن معكم. نحن نريد أن نشجع الماستر، ولكن يخصنا الأساتذة لكي ندرس الشعبة. من يدرسهم؟ هل أستاذ واحد يدرس لك الماستر؟ هل تريدون أبناء الشعب أن يدرسهم واحد أو اثنان؟ الأساتذة لم يتفقوا فيما بينهم. فماذا أفعل أنا؟ لمن أعطي الماستر؟ الكلية ضدها. إذا كنت أنت وزيرا، فهل تعطي الماستر؟).هذا هو جواب السيد الوزير بالدارجة المغربية..وواضح أن الوزير لم تصله المعلومات الصحيحة..وصلته من قنواته الإدارية معلومات خاطئة، فبنى عليها جوابا خاطئا.. وذهب أكثر من ذلك، فاستغرب من طرح السؤال، قائلا: هذا ليس سؤالا للبرلمان.. ولنا أن نتساءل هل كان السيد الوزير ينتظر سؤالا حول "ملف نووي" مثلا؟... وأضاف: هل تريدون أبناء الشعب أن يدرسهم واحد أو اثنان؟كان الوزير متحمسا لجوابه..وواضح أنه كان مقتنعا أيما اقتناع بما يقول..إلا أن الحقيقة كانت مخالفة لذلك تماما.. فلو أرسل لجنة تحقيق إلى عين المكان، لأدرك أن قنواته الإدارية غير سليمة.. فيها خلل.. إن مسلك الصحافة ليس به أي خصاص تكويني أو تأطيري: فيه 10 أساتذة إلى جانب عدد مماثل من المهنيين أو أكثر، وهؤلاء مستعدون تمام الاستعداد للتخلي عن المستحقات التي تمنحها إياهم الجامعة مقابل تأطيرهم لأبناء المغاربة في تخصص استراتيجي لم تعد تخفى أهميته على أحد.. إن هذا الماستر الذي استأثر باهتمام إعلامي منذ الصيف الماضي يدرس به حاليا أكثر من 70 طالبا، وكيف لأستاذ واحد أو إثنين أن يقوم بتأطير هذا العدد من الطلبة وفي كل مواد المقرر الدراسي؟... لقد قامت رئاسة الجامعة بتوفير استوديو خاص للأشغال التطبيقية لفائدة طلبة الماستر... أما ميزانية تسيير المؤسسة فقد ارتفعت من مليون درهم إلى أكثر من مليوني درهم.. فيما تمت توسعة المدرسة بإضافة جناح من 6 حجرات ومدرجين (أي أكثر من 300 مقعد دراسي جديد).. وهذا الماستر مفتوح منذ 2010، وتخرجت منه 4 أفواج، في انتظار تخرج الفوج الخامس في شهر يونيو المقبل..وإذن، فالإشكالية ليست في أي خصاص..وإذا كان الخصاص موجودا، فإنه بكل تأكيد في بعض الأدمغة المسؤولة التي تضلل السيد الوزير..والماستر المعني تمت الموافقة على إعادة اعتماده في مارس 2014، على جميع المستويات، بما في ذلك رئاسة الجامعة..ووقعت المفاجأة يوم 17 يوليوز 2014، عندما أعلنت إدارة المؤسسة إلغاء هذا الماستر، وقد تم الإعلان عن الإلغاء في الدورة العادية لمجلس مدرسة الملك فهد العليا للترجمة، بدون سابق إنذار وبدون احترام مسطرة إعادة الاعتماد التي كانت في مرحلتها النهائية... وبعد حوالي أسبوعين من هذا التاريخ، وتحديدا يوم 31 يوليوز 2014، نشرت جريدة (العلم) المغربية في صفحتها الأولى تصريحا لرئيس جامعة عبد المالك السعدي يقول فيه: الماستر ما زال معتمدا... وقد تم إدخال كل التصحيحات التي قدمت بصدد الماستر..ها هو إذن السيد رئيس الجامعة ينفي إلغاء الماستر..فماذا وقع في المرحلة الممتدة بين نفي الإلغاء وتأكيد الإلغاء؟ماذا وقع بين نفي رئيس الجامعة وتأكيد الوزير؟هل هذه مرحلة صامتة؟ أم كان فيها ما كان؟ وإذا كان ما كان، فماذا كان؟ على كل حال، بعد جواب الوزير أمام البرلمان، بعث رئيس مسلك الماستر المعني، الأستاذ الطيب بوتبقالت، رسالة إلى الوزير لحسن الداودي، بتاريخ 16 يناير 2015، يؤكد فيها أن الماستر مفتوح للسنة الجامعية الخامسة على التوالي، وأن طلبته يتابعون دراستهم بدون انقطاع، ويسهر على تأطيرهم كافة أساتذة الشعبة، مدعومين بمهنيين وباحثين أكفاء. ويؤكد رئيس المسلك أنه لم يسبق أبدا للشعبة أن خصصت ولو اجتماعا واحدا، أو رفضت سرا أو علانية، أو حتى تبادرت إلى أذهان أساتذتها مسألة رفض هذا الماستر. و لا أدل على ذلك من كون جميع أساتذة الشعبة المعنية يزاولون حاليا مهامهم البيداغوجية في تأطير هذا الماستر بكل مسؤولية وبدون تحفظ أو تردد. وبإمكانكم، السيد الوزير، يقول رئيس الماستر، أن تتصلوا بكل واحد من الأساتذة المؤطرين قصد تبيان وإجلاء الحقيقة، وبالتالي رفع أي شك أو لبس في الموضوع.وهكذا يتضح أن الشعبة لم ترفض الماستر، وأنها تزاول مهمتها بشكل طبيعي، والطلبة يواصلون دراستهم..فما هو مصدر المعلومات الحقيقي الذي اعتمد عليه الوزير في جوابه أمام البرلمان؟ لا شك أن هناك حلقة مفقودة بين الرباط وطنجة..إن السيد الوزير وحده مسؤول عن اكتشاف الحلقة المفقودة، لإنصاف الأكفاء من أبناء الشعب الذين لهم الحق، كل الحق، في هذا الماستر الذي يموله دافع الضرائب المغربي...وفي هذه الحلقة المفقودة يتمركز من لا يريد خيرا لأبناء هذا الوطن.. وختاما: وإلى هذا، هناك إجازة مهنية في الإنجليزية، هي الأخرى تم إلغاؤها في نفس المدرسة، وفي نفس الوقت، ومن قبل نفس المسؤولين، وبنفس القرار، ولم يشر إليها الوزير..وكان من المفروض أن ينصفها هي الأخرى، علما بأن سيادته ردد أمام البرلمان في وقت سابق أن الشاب الذي لا يتقن الإنجليزية، لا مستقبل له.. هذا من تصريحات سابقة للوزير..وما دامت هذه قناعته، فلا يجوز غض الطرف عن حق شبابنا في إتقان اللغة الإنجليزية ، علما بأن المسلكين المعنيين بقرار الإلغاء (الإجازة المهنية والماستر المتخصص) يدرسان أكثر من %50 من العدد الإجمالي لطلبة المؤسسة.. والأغرب من كل هذا، أن وقت إلغاء المسلكين يتزامن مع فتح إدارة المؤسسة تكوينا مستمرا لفائدة أطر من ليبيا الشقيقة مقابل 75.000 دولار أمريكي.. وقد تجند له كافة أساتذة الشعبة الانجليزية..فكيف يتم إلغاء الإنجليزية لأبناء الشعب، وقبولها لتكوين آخر بمبلغ 75.000 دولار؟ المطلوب من السيد الوزير، وهو يردد أمام البرلمان حق أبناء الشعب، أن يعيد النظر في قرار المسلكين معا، جملة وتفصيلا، وأن يفتح تحقيقا للبحث عن الحقيقة، واتخاذ الإجراءات القانونية..