بوريطة يلتقي نظيره الغاني بالرباط على هامش مؤتمر نزع السلاح والتسريح وإعادة إدماج الجنود الأطفال    بوريطة يستقبل رئيس الجمعية الوطنية لجمهورية تنزانيا المتحدة    "الأحرار" يضع مقترحات الحكم الذاتي    تتويج أشرف حكيمي بجائزة أفضل لاعب إفريقي.. إشادة واسعة من قبل وسائل الإعلام الفرنسية    طنجة.. تدخل أمني ينتهي بإشهار الأسلحة الوظيفية وتوقيف مروج مخدرات    نبيل باها: "اللاعبون مستعدون لمواجهة البرازيل والفوز بالمباراة"    الفريق الاشتراكي يطالب بمراجعة التقطيع الانتخابي ويحذّر من تدخل ممثلي قطاعات وزارية في المسلسل الانتخابي    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بأداء سلبي    تنسيقية الأطباء تحذّر مجلس المنافسة من سعي "أكديطال" لاحتكار القطاع الصحي عبر الاستحواذ على Rochaktalim    ملف إسكوبار الصحراء .. النيابة العامة تكشف اختلالات خطيرة في العقود الموثقة    في مداخلة له خلال الدرس الافتتاحي للجامعة الشعبية بمكناس .. وسيط المملكة: الإنصاف أعلى من القانون حين يُظلم المواطن    الكاف يتجاهل المدرب محمد وهبي    الحكومة تكشف حصيلة المستفيدين من الدعم المباشر لمربي الماشية    المغرب يترأس المجلس الدولي للزيتون    تكريم فريق جمعية الأوائل للأطفال للأطفال في وضعية إعاقة إثر ظفره بكأس العرش لكرة القدم داخل القاعة    تحقيق إسباني يكشف استعمال النفوذ للحصول على صفقات في المغرب وخلفيات ذكر اسمي اعمارة ورباح    وزارة الصحة تطلق المنصّة الوطنية لرصد وفيات الأمهات والمواليد الجدد    أجهزة قياس السكر المستمر بين الحياة والألم: نداء أسر الأطفال السكريين لإدماجها في التغطية الصحية    الحكومة تقر "تنظيم مهنة العدول"            المغرب يحل ثالثا وفق مؤشر الأداء في مجال التغير المناخي (CCPI)    جمعية "السرطان... كلنا معنيون" بتطوان تشارك في مؤتمر عالمي للتحالف الدولي للرعاية الشخصية للسرطان PCCA    السكتيوي يعلن الجمعة لائحة الرديف    الفنان المغربي إِلياه والنجم المصري محمد رمضان يجتمعان في أغنية جديدة    برلمانية تسائل وزير التجهيز والماء حول "سرقة المياه الجوفية" بتارودانت    في الحاجة إلى فلسفة "لا"    ناسا تكشف عن صور جديدة للمذنب 3I/Atlas القادم من خارج النظام الشمسي    منظمة الصحة العالمية تحذر من الزيادة السريعة في استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية    الأمن الوطني ينفي شائعة تعرض طفل للعنف داخل مدرسة بالمغرب ويؤكد تداول الفيديو وقع خارج البلاد    الإنصاف أخيرا لأشرف حكيمي..    تدشين غرفة التجارة المغربية بإيطاليا في روما    غوغل تطلق أداة جديدة للبحث العلمي    وزارة الاقتصاد والمالية تصدر ميزانية المواطن لسنة 2026    مناورات مشتركة بين قوات المارينز الأميركية ونظيرتها المغربية تختتم في الحسيمة    أمريكا تقدم "خطة السلام" في أوكرانيا    الملك يبارك اليوم الوطني لسلطنة عمان    منتخبات ‬وفرق ‬وطنية ‬تواصل ‬التألق ‬وتخطيط ‬متواصل ‬يجعل ‬من ‬كرة ‬القدم ‬رافعة ‬تنموية ‬كبيرة    مونديال 2026.. جزيرة كوراساو الضيف المفاجأة    تقرير: نصف عبء خدمة الدين الطاقي في إفريقيا تتحمله أربع دول بينها المغرب    أوكسفام: "ثروات الأثرياء" في ارتفاع    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    منظمة الصحة تحتاج إلى مليار دولار    كأس ديفيس: المنتخب الايطالي يتأهل لنصف النهاية على حساب نظيره النمساوي    معمار النص... نص المعمار    لوحة لغوستاف كليمت تصبح ثاني أغلى عمل فني يباع في مزاد على الإطلاق    المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يعلن عن تشكيلة لجنة التحكيم    "صوت هند رجب" يفتتح مهرجان الدوحة السينمائي2025    مهرجان الناظور للسينما والذاكرة المشتركة يخلد اسم نور الدين الصايل    الأكاديمية الفرنسية تمنح جائزة أفضل سيرة أدبية لعام 2025 إلى الباحث المغربي مهدي أغويركات لكتابه عن ابن خلدون    القصر الكبير تاريخ مجيد وواقع بئيس    الوصايا العشر في سورة الأنعام: قراءة فقهيّة تأمليّة في ضوء منهج القرآن التحويلي    ارتفاع معدلات الإصابة بارتفاع ضغط الدم لدى الأطفال والمراهقين بواقع الضعف خلال العقدين الماضيين    أطباء يوصون بتقليل "شد الجلد" بعد الجراحة    الإنعاش الميداني يجمع أطباء عسكريين‬    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حول تساؤل الأستاذ الورياشي ما إذا إسرائيل عدوة أم لا
نشر في هسبريس يوم 08 - 05 - 2015

أصدقكم القول أخي الكريم بأنني سررت جدا لقراءة مقالكم بعنوان "إسرائيل عدوة، إسرائيل ليست عدوة" والمنشور في هسبريس يوم 06 ماي الجاري. وما لفت انتباهي هو ما تتحلون به من روح عالية للحوار والنقاش في قضايا تعتبر خلافية وليس بالضرورة أن نكون فيها مجمعين على رأي واحد. فالنقاش حينما يكون موضوعيا فإنه ولا شك سيكون مثمرا ومفيدا للمتحاورين وللمتتبعين وللقراء الكرام. أما أن يتحول الخلاف في الرأي إلى نقاش بيزنطي بل وإلى الطعن في الأشخاص والمساس بهم، فذلك يعد واحدة من تجليات العقول الصغيرة والفقيرة. ولو لم ألمس في شخصكم رجل حوار لما سارعت إلى الدخول معكم في محاورات من هذا القبيل.
1 في بداية الرد على ما جاء في مقالكم، أود أن أوضح لكم بعض الحقائق التي لربما أسيئ فهمها أو أن هناك في الأصل نقصا في التبليغ. ففي المقال الذي بادرتم بالتعقيب عليه لم أدافع عن إسرائيل كما جاء في تساؤلكم "هل بالضرورة نحن كمغاربة ندافع عن إسرائيل". فأولا إسرائيل ليست بحاجة لمن يدافع عنها. فعلمها وتفوقها المعرفي ونظامها السياسي القائم على الديمقراطية البرلمانية كله مع كامل الأسف كفيل بأن يعطيها التميز في منطقة تعج بالاستبداد والتخلف .وثانيا، إن جوهر الفكرة في مقالي كان هو الدفاع عن القضية الفلسطينية التي اعتبرتها "قضية عادلة". لكن الجدير بالاهتمام هو كيفية الدفاع عن هذه القضية، وهذا ما ينبغي فهمه واستيعابه والتخطيط له، إن كانت هناك قدرة على ذلك.
ففي ظل التوازنات الراهنة ينبغي الإقرار بحقيقة عوض أن نغمض أعيننا عنها، وهي أن ميزان القوة مختل لصالح إسرائيل. إذن ما العمل ؟ وإذا كنا حاليا غير قادرين على مواجهتها ، فهل المقاطعة في نظركم هو الحل الوحيد الأوحد ولا وجود لغيرها. أعتقد هذا ما تريده إسرائيل لأنه مع مرور الوقت تضرب الغطرسة الإسرائيلية موعدا لها كل مرة في تقتيل الشعب الفلسطيني، وتعطى لها الفرصة في ابتلاعها للأرض. فرحم الله الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة الذي دعا الفلسطينيين في نابلس في بداية الستينات إلى التفاوض والقبول بقرار التقسيم الأممي 1948 والرامي لإنشاء دولة فلسطين على ما يقارب 50 بالمائة من مساحتها التاريخية، فرموه بالطماطم واعتبروا ذلك الزعيم وصاحب النظرة البعيدة بمثابة "خائن". واليوم يجد الفلسطينيون أنفسهم يتفاوضون على ثلث المساحة.
رحم الله كذلك أنور السادات القائد الغيور على بلده وشعبه والرجل الشجاع ، والعاهل الأردني الملك الحسين بن طلال اللذان جنحا إلى خيار السلام بعد تجربة مريرة من الحروب المدمرة . وهو الخيار الذي مكنهما من استعادة سيناء وجزء من وادي عربة من دون إراقة الدماء. ولست بحاجة لكي أذكر أستاذي المحترم بأن معاهدة "كامب ديفيد" للسلام أرسى قواعدها المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني الذي كان يشرف على المفاوضات بين وزير خارجية مصر آنذاك حسن التهامي ونظيره موشي ديان في مدينة إفران في شهر شتنبر من عام 1977.
2 ما شدني في بداية مقالكم وهو أنكم استغربت بما يفيد أنكم لا تتفقون مع المقولة الرائجة "زمن رمي اليهود في البحر قد ولى" وتساءلتم "من قال ذلك؟". أفي نظركم أن رميهم في البحر ما زال خيارا ممكنا وقائما؟. فمرة أخرى أستاذي المحترم أتمنى عليكم أن ترشدوني إلى هذه الوصفة السحرية التي ينبغي أن نستعجل بها للقضاء فورا على هذا الكيان الغاصب. فالرهان على الرمي بهم في بحر غزة هو الذي فوت على العرب كل الفرص، وزاد من معاناة الشعب الفلسطيني الذي يطمع اليوم فقط في اصطياد سمكة في مخيم الشاطئ لكي يسد بها رمقه ، فتاتي عليه السمكة جثة هامدة في مياه غزة وخان يونس وفي حي الرمال ورفح. وإلى أن ياتي ذلك العهد الموعود برميهم في البحر سيكون الشعب الفلسطيني قد قضى نحبه ولن تجد منهم من ينتظر.
3 أما عن ترحيبي بالسيد شمعون بيريس، فلا يعني ذلك تزكيتي لسياسة اليمين الإسرائيلي المتغطرس . وأعتقد أنني لا أخالفكم الرأي في اعتبار إسرائيل دولة مجحفة بالحق الفلسطيني، إنما هذا الحكم لا يجب أن يعمي بصيرتي إلى وجود قوى إسرائيلية محبة للسلام ينبغي التعاطي معها من باب إحداث اختراق داخلي يمكن إذا ما تم توظيفه جيدا أن يكون مؤثرا على المشهد السياسي في إسرائيل. فهناك حركة "السلام الآن" التي تنشط بقوة من أجل عدالة القضية الفلسطينية ولربما أكثر من الفلسطينيين الذين ساهموا بإسمنتهم في بناء جدار الفصل بين الضفة وإسرائيل. وشمعون بيريس الذي يقال عنه مجرم حرب يعد من الذين ساهموا في إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية ،فهو مهندس اتفاقات أوسلو لعام 1993 بشهادة الفلسطينيين أنفسهم، وهو كذلك الرجل الذي وضع الرئيس عرفات وخلفه أبو مازن يدهما في يده. أما من يستشهد بمجزرة قانا في جنوب لبنان لكي يعتبر شمعون بيريس مجرما وقاتل أطفال، فمن الأولى مساءلة ما يسمى برجال المقاومة في حزب الله الذين اتخذوا من الأطفال أذرعا بشرية لإطلاق خردة من الصواريخ على إسرائيل.
ولذلك، أؤكد لكم أيها الأستاذ المحترم أن الترحيب بهذه الشخصية هو من قبيل دعم تيار السلام الذي لن يكتب له اكتساح الساحة مادام هناك حشد إعلامي وسياسي غوغائي مناوئ لا يفيد في شيء سوى أنه يصب في خانة اليمين لإسرائيلي المتطرف الذي يقوده بنيامين الفائز مؤخرا في الانتخابات على خلفية البعبع العربي بعد أن جعل منه فزاعة لترهيب الناخب الإسرائيلي.
4 لقد جاء في مقالكم " القول بأن إسرائيل ليست عدوا ليس إقرارا محايدا"، وفي بضعة أسطر بعد هذا القول ذكرتم "إن هذه العداوات قد تتحول إلى صداقات بحكم المصالح التي يفرضها مبدأ الجوار"، مضيفا جزاكم الله خيرا "أن الجار عندما يفرض نفسه فإننا نحابيه وهو ما وقع بصفة مباشرة بين مصر والأردن وإسرائيل، ودول الخليج بصفة غير مباشرة" . سيدي يبدو لي، مع المعذرة لشخصكم، أن هذا القول لو أخذ الشطر الأول منه وألحق به الشطر الثاني فهو لا يستقيم على بعضه، مع أنني أتفق معكم بأن إسرائيل التي فرضت نفسها استطاعت أن تكون صداقات كما جاء في مقالكم. وإذا الأمر كذلك، فلماذا تريدون أن ينظر إلى إسرائيل كعدوة للمغرب في الوقت الذي تدافع فيه هذه الدولة على الوحدة الترابية للمملكة، وفي الوقت ذاته يجري التعامل معها من طرف الفلسطينيين والعديد من الدول العربية التي ربطت معها علاقات دبلوماسية. أتطلبون منا أن نكون فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين. رجاء لا تستغفلوننا وأربأ بنفسي أن أدخل في تبريرات لا يتسع لها هذا المقال ولا يسمح بها الظرف، مكتفيا سيدي بأن ينحصر ردي على السياقات الواردة في مقالكم.
5 تحدثتم عن الواقعية السياسية التي تنهجها إسرائيل أو الولايات المتحدة الأمريكية في الدفاع عن مصالحهما ولو في معظم الاحيان مع الأسف على حساب القيم الإنسانية. ومن هنا أدعوكم إلى التساؤل معي أو ليس من حق المغرب أن ينهج مقاربة الواقعية السياسية لضمان مصالحه وما أكثرها، وفي نفس الوقت يحرص من جهته على تلك القيم. ولسنا في هذا الباب من دعاة التخلي عن مبادئنا ولا قيمنا ولا أيضا من دعاة التفريط في مصالحنا الوطنية. إذ لابد من الدفاع عن عدالة القضية الفلسطينية بالقدر الذي تتحمله إمكانيات المغرب، ولسنا بحاجة أن نحمل بلادنا ما لا طاقة لها به. ومن جهة أخرى، لما غابت الواقعية السياسية عن ذهن صدام حسين وذهبت به نرجيسته في اتجاه الركض من وراء الوهم السياسي أو الحلم بإحراق إسرائيل، أحرق شعبه. عفوا سيدي إذا كانت هذه هي المثل والقيم السياسية فمن الأفضل تركها لغيرنا لعله يسترشد بها.
6 وعن القيم التي تتحدثون عنها وضرورة استحضارها في السياسات الخارجية للدول، أؤكد لكم أننا مع هذا الطرح المغرب لم يتوان في القيام بذلك، ولكن في نفس الوقت على الطرف الآخر أن يلتزم بنفس المبادئ والقيم في تعاطيه مع قضايا بلادنا. فالمغرب لم يتخل يوما ما عن الدفاع عن القضية الفلسطينية على جميع المستويات وباعتراف دولي. وإن كان القادة الفلسطينيون في لحظة تاريخية قد زاغوا عن هذه القيم بالتنكر لمواقف المغرب، فإننا ما زلنا نتذكر استقبال الرئيس عرفات بالأحضان لرئيس الجمهورية الوهمية والسماح له بإلقاء خطاب معاد للمغرب أمام البرلمان الفلسطيني. وهذا مرفوض لدى كل من له ذرة من الوطنية. قد يقول القائل إن الرئيس عرفات كان تحت ضغط الجزائريين ولنصدق ذلك على مضض. واليوم أرفع التحدي ما إذا كان بمقدور أي مسؤول فلسطيني أن يعلن تأييده لوحدتنا الترابية.
7 أما استشهادكم ب"ميشال كولون" ، الكاتب البلجيكي، في مناهضته لإسرائيل ليس المطلوب منه أن يحابيها أو يعاديها. فبلده ليست مثقلا بقضايا وطنية، كالمغرب، وبالرغم من ذلك فبلجيكا لديها علاقات دبلوماسية وتجارية واقتصادية مع إسرائيل. ولذلك كان على الكاتب المحترم الذي أتيت على ذكره، وبمعيار القيم الذي تتحدثون عنه، أن يمارس ومن معه من المجتمع المدني البلجيكي ضغوطات على حكومة بلاده لقطع العلاقات مع الكيان الإسرائيلي أو عدم استقبال الإسرائيليين فوق التراب البجيكي.
8 إجمالا، وبعد استكمال قراءة مقالكم تولد لدي انطباع، ولا أريد أن أكون جازما، بأن تشريحكم للوضع وفهمكم للأمور يحيلنا إلى تلك المقاربات التي طبعت في فترة الحرب الباردة, فيما العالم سيدي عرف تغيرات جذرية بانتقاله من القطبية الثنائية إلى القطبية الأحادية التي تتحكم فيها اليوم الولايات المتحدة الأمريكية شئنا أم أبينا. ففي نظري هذه هي الواقعية السياسية التي تطبع تركيبة المنظومة الدولية ينبغي أن نكون مدركين لها. فالحديث عن الإمبريالية والرأسمالية لم تعد لغة العصر ولا هي صالحة لهذا الزمن سواء كان رديئا أو سليما فهي إشكالية تجاوزت العرب.
وعلى الرغم من هذا التشريح إن كنت معه أو ضده، كم كنت أتمنى على الأقل في مقالكم أن تطالعونا بطرح بديل للخروج من هذا الوضع الراهن . وهذا ما يقودنا إلى التساؤل هل سنبقى في حالة انتظار والشعب الفلسطيني يعاني الأمرين والأرض تبتلع ، بينما ليس هناك إلا خياران: خيار الحرب لمواجهة إسرائيل أو خيار السلام كاستراتيجية للخروج من هذا الجمود الذي هو بكل تأكيد في صالح إسرائيل. أما اللغة الخشبية من قبيل الصمود والتحدي وأن يوما سياتي لا ريب فيه كي نرمي باليهود في البحر فإنه خطاب مثير للغثيان. ولذلك سيدي، كان عليكم أن تساعدوننا باقتراحات عملية وناجعة بخصوص الإشكاليات الخمس المطروحة في الملف الفلسطيني وهي: حدود الدولة الفلسطينية، ومسألة اللاجئين، ومشكل المستوطنات، ومشكل المياه وأخيرا وضعية مدينة القدس. هذه المقاربة الشاملة والعملية نلاحظ أنها غائبة في مقالكم، فهل ذلك راجع لنقص في التحليل أم إلى غياب استراتيجية واضحة المعالم في التعاطي مع القضية. فزمن الغوغائية وتجييش المشاعر لم يعد له مكان في عالم اليوم، بل هاتوا ما في جعبتكم بدلا من المزايدات الفارغة.
سيدي هذه هي الوصايا الثمانية وتحاشيت أن أرفعها إلى عشرة لكي لا يطلق ضدي الغوغائيون الأحكام الجزافية بأنني متصهين أو كما ادعوا من قبل أنني رئيس لجمعية الصداقة المغربية الإسرائيلية.
وأخيرا، آمل أستاذي الكريم أن تجدوا في هذه الملاحظات والاستنتاجات التي أوحى لي بها مقالكم ما يمكن أن يثري النقاش ويغنيه على غرار ما فعلتم أنتم أيضا من جانبكم. ولكم مني كل المحبة من عهد الوطنية الضاربة في القدم عهد "ميسينيسا" أي "ميس نيزا". ولا شك يا سيدي أنتم أكبر من أذكركم بأن حب الأوطان من الإيمان. فأنتم المومن وأنا المسلم لكن ليس بالمعنى القدحي الذي ذكرتموه حينما وضعتموني في سياق المقارنة مع من يفترض فيه أن يكون شريكي في الوطن الأستاذ "سيون أسيدون". ولقد آمنت بوطني قبل أي شيء آخر وأسلمت له نفسي. وأملي أن نلتقي نحن الإثنان على حب هذا الوطن.
ورحم الله الشاعر نزار قباني في قصيدته التي أرثى فيها العرب تحت عنوان "متى يعلنون وفاة العرب". ولكم أن تستأنسوا بهذه الأبيات الشعرية فهي تجمل المأساة العربية في ماضيها وحاضرها .
أحاول منذ بدأت كتابة شعري
قياس المسافة بين جدودي العرب
...رأيت جيوشا...ولا منجيوش
...رأيت فتوحا....ولا م نفتوح
...وتابعت كل الحروب علىشاشة التلفزة
...فقتلى على شاشة التلفزة
...وجرحى على شاشة التلفزة
...ونصر من الله ياتي إلينا...على شاشة التفزة
أيا وطني..جعلوك مسلسل رعب
نتابع أحداثه في المساء
فكيف نراك إذا قطعوا الكهرباء
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.