في خضم الجدل القائم في المغرب بين وزارة الاتصال والمؤسسات الدولية المهتمة بحرية التعبير حول مستوى حرية الصحافة في المغرب، قدم هشام ملحم الإعلامي الأمريكي وصفة للدول الراغبة في التوفر على وسائل إعلام حرة والرفع من سقف حرية التعبير والرأي، وذلك بمناسبة احتفال السفارة الأمريكية بالرباط باليوم العالمي لحرية التعبير، مؤكدا أن صحافة بلده "تتوفر على القدرة لإحراج الرئيس الأمريكي وكبار المسؤولين لأنها تعلم أن هناك قضاء يحميها". وبلغة حاسمة تحدث مدير مكتب قناة العربية في واشنطن على أنه لا يمكن الحديث عن صحافة حرة "ما لم يكن هناك مجتمع حر، وقضاء مستقل، وبيئة سياسية تجعل الصحافي قادرا على مساءلة ومحاسبة المسؤولين بشكل علني"، مسقطا هذه الوضعية على حال الصحافة في الدول العربية حيث تصطدم حرية الرأي والتعبير بالعديد من المعيقات خصوصا السياسية منها. ورفض الخبير الإعلامي الأمريكي الحديث عن صحافة حرة ومستقلة في دول "تغيب عنها الثقافة السياسية التي تحترم حرية الرأي والتعبير والتعديدية السياسية والثقافية"، وهو ما يغيب عن جل الدول العربية، وفق تعبير ملحم. وعبر المتحدث الأمريكي عن تفهمه لغياب صحافة التحقيق والاستقصاء في جل الدول العربية، "حيث هناك العديد من الصحافيين الجيدين والمهنيين"، إلا أنهم لا يستطيعون الكشف عن وثائق سرية لأجهزة مخابرات بلدهم، أو وثائق سرية لمؤسسات حساسة في الدولة، وحتى إن فعلوا فإن مدير النشر لن يستطيع نشرها "لأنه يعلم أنه لن يجد قضاء مستقلا يحميه من بطش السلطة" يورد المتحدث. وميز هشام ملحم بين الدور المنوط بالصحافي وبين المناضل السياسي، "لأن الصحافي ليس مناضلا"، مقدما المثال بالولاياتالمتحدةالأمريكية حيث لا أحد يتحدث عن صحافة مناضلة، بالإضافة إلى أن أكبر الصحف الأمريكية لا يمكن وصفها بأنها صحف مناضلة، بل كل ما في الأمر أن هناك تقاربا في الخط التحريري لبعض الصحف وبين التوجهات الإيديولوجية أكبر حزبين في البلاد. وعلى الرغم من الفرق الشاسع بين حرية التعبير في بلاد "العم سام" ونظيرتها في الدول العربية ، إلا أن هذا لم يمنع الصحافي الأمريكي من تقديم لمحة عن وضعية حرية الإعلام في الولاياتالمتحدةالأمريكية، من خلال التذكير بالقضايا التي فجرتها وسائل الإعلام الأمريكية وأحرجت أكبر المؤسسات الحكومية انطلاقا من فضيحة سجن أو غريب والانتهاكات في معتقل غوانتنامو، مرورا بتجسس المخابرات الأمريكية على الأشخاص القادمين حديثا إلى أمريكا وصولا إلى تفجير فضيحة السجون السرية لوكالة الاستخبارات المركزية CIA. قدرة صحافة بلاد "العم سام" على الكشف عن أكبر الفضائح التي وضعت الإدارة الأمريكية ومؤسساتها في حرج وأجبرتها على الاعتذار، لم تحل دون اعتراف ملحم بأن صحافة بلده قد أخطأت إبان تغطيتها للغزو الأمريكي للعراق، لأنها لم تطرح الأسئلة الضرورية للتأكد من مدى مصداقية ادعاءات إدارة الرئيس الأسبق جورج بوش بوجود أسلحة دمار شمال في العراق، وهو "الخطأ الذي اعترفت به وسائل الإعلام المحلية واعتذرت عنه" يقول نفس المتحدث.