أنفوغرافيك | 25.84 مليون درهم.. لتمويل 40 مهرجان وتظاهرة سينمائية    حملة أمنية بوزان تطيح بمروجي مخدرات وتوقف مطلوبين للعدالة    موجة حر تصل إلى 47 درجة مع الشركي من غد الأربعاء إلى السبت المقبل    ليلة ملتهبة بتطوان وشفشاون.. حرائق غابوية متواصلة وصعوبة في السيطرة بفعل الرياح القوية    النيابة العامة لدى المحكمة الابتدائية بالرباط تأمر باعتقال ابتسام لشكر وإحالتها مباشرة على الجلسة للمحاكمة    الجفاف يطال أكثر من نصف أوروبا وحوض البحر المتوسط منذ أبريل الماضي    المحلي يواصل التحضيرات للقاء زامبيا    "الكاف" يوجّه إنذارا لكينيا بسبب خروقات أمنية في بطولة "الشان"    توجيه الدعوة ل 26 لاعبا من المنتخب المغربي لكرة القدم لأقل من 20 سنة للمشاركة في وديتي مصر    المقاصة.. انخفاض النفقات الصادرة بنسبة 19,2 في المائة عند متم يوليوز الماضي    إسبانيا تُلغي قرار بلدية خوميا بحظر الاحتفالات الإسلامية في الأماكن العامة    مصرع سائق دراجة نارية في حادث مروع    "فيفا" تطلق أكبر برنامج تطوعي في تاريخ كأس العالم استعدادًا لنسخة 2026    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بارتفاع طفيف    بطولة إنجلترا لكرة القدم.. الجناج الدولي غريليش ينتقل من سيتي إلى إيفرتون على سبيل الإعارة    افتتاح متجر يرفر 350 منصب شغل بمرتيل    اطلاق فعاليات الأبواب المفتوحة لفائدة الجالية المغربية بالخارج    سجن عراقي يقلق عائلات في المغرب    الجماهير تصوت على حكيمي وبونو    الحجابة الملكية تسلم هبة للأمغاريين    ذروة "شهب البرشاويات" تزين سماء المغرب في منتصف غشت الجاري    الناشط أسيدون في وضع صحي حرج        صحفي هولندي يرجح انتقال زياش إلى أياكس أو تفينتي    المغرب ضيف شرف الدورة ال 21 لمعرض بنما الدولي للكتاب    توقعات أحوال الطقس غدا الأربعاء    رحيل الفنانة التشكيلية المغربية نجوى الهيتمي عن عمر يناهز 46 سنة    احتجاجات متواصلة في المدن المغربية تنديدا باستهداف الصحافيين في غزة وتجويع القطاع    رئيس كوريا الجنوبية والرئيس الأمريكي يعقدان قمة في 25 غشت    توقيف عدائين سابقين بعد تعنيف قائد خلال وقفة احتجاجية أمام مقر جامعة ألعاب القوى بالرباط    وَقاحةُ سياسي‮ ‬جزائري‮ ‬بالدعوة للتظاهر ضد النظام المغربي‮ تجد صداها عند‮ ‬أنصار‮ «‬التطرف الاسلامي» ‬وبقايا‮ ‬«القومجية»‮ ‬وفلول «البيجيدي‮» ‬المتنطعة باسم‮ ‬غزة‮!    المغرب يمد يد العون للبرتغال بطائرتي كنادير لمواجهة حرائق الغابات (فيديو)        مجلة "فوربس" تتوج رجل الأعمال المصري كامل أبو علي رائدا للاستثمار الفندقي في المغرب        "شين أنتر" تختتم احتفالية بالجالية    ارتفاع أسعار النفط بعد تمديد الولايات المتحدة والصين هدنة الرسوم الجمركية    الدوزي يلهب الحماس في "راب أفريكا"    الرباط تحتضن أولى نسخ "سهرة الجالية" احتفاءً بأبناء المهجر (صور)    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    الأحزاب والانتخابات: هل ستتحمل الهيآت السياسية مسؤوليتها في‮ ‬تطهير السياسة من المرشحين المشبوهين‮ ‬وتقديم الأطر النزيهة لمغرب المستقبل؟    مهرجان "راب أفريكا" يجمع بين المتعة والابتكار على ضفة أبي رقراق    حين يلتقي الحنين بالفن.. "سهرة الجالية" تجمع الوطن بأبنائه    مالي وبوركينا فاسو والنيجر توحد جيوشها ضد الإرهاب    سيرغي كيرينكو .. "تقنوقراطي هادئ وبارع" يحرك آلة السلطة الروسية    دراسة: الأطعمة عالية المعالجة صديقة للسمنة    هل يمكن أن نأمل في حدوث تغيير سياسي حقيقي بعد استحقاقات 2026؟    عوامل تزيد التعب لدى المتعافين من السرطان    دراسة: استعمال الشاشات لوقت طويل قد يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب لدى الأطفال والمراهقين    دراسة: الفستق مفيد لصحة الأمعاء ومستويات السكر في الدم    دراسة تحذر.. البريغابالين قد يضاعف خطر فشل القلب لدى كبار السن    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"كوتشي" تمارة .. وسيلة نقل تقليدية في وسط حضري

الساعة الرابعة بعد الزوال بحي المسيرة 1 بمدينة تمارة، نوجد بمحطة سيارات الأجرة الكبيرة، حيث توجد كذلك محطة أخرى للعربات المجرورة بالخيول، أو "الكوتشي"، كما يطلق عليها بالعامية، سائقوه وأغلبهم شباب، ينتظمون في صف، ينتظر كل واحد منهم أن يحين دوره ليظفر بعدد من الركاب يملأ به عربته لتنطلق رحلته المعتادة من المسيرة 1 إلى حي كيش الوداية أو ما يسمى أيضا "القرية''.
فما إن يقترب شخص ما من هذه العربات حتى يتهافت عليه سائقوها ''القرية أخويا، الكيش''، وهناك من السائقين من نفذ صبره وهو ينتظر دوره، فيلجأ إلى استعمال القليل من التحايل، كأن ينادي الأشخاص المتوجهين للعربة الموجودة في الدور الأول بدعوى نفاذ الأماكن أو اجتناب الازدحام، ويصيح ''را عامرا هاديك أخويا أجي هنايا''.
العربات المجرورة بالخيول بمدينة تمارة، بعيدة كل البعد عن تلك التي توجد بالمدينة الحمراء، لا تشبهها في شيء، فالثانية تزين وتعرض في أبهى حللها، لأن معظم مستعمليها سياح أجانب، بينما الأولى تبدو في مظهر بشع، أحصنة متسخة، عربات مهترئة حتى سائقيها لا يهتمون بمظهرهم وهندامهم.
ثمن الرحلة وخط سيرها يختلفان كذلك، ف"كوتشي" مراكش يركبه السياح بمائة درهم مقابل جولة صغيرة في بعض شوارع المدينة، بينما "كوتشي" تمارة، فثمن الرحلة على متنه لمسافة تقدر بكيلومتر واحد تقريبا هو درهمان فقط، كما أن جل مستعمليه هم أبناء المدينة.
حسرة تلميذ
بدر، شاب في عقده الثاني، انقطع عن الدراسة من السنة الثانية إعدادي، ليصبح سائق "كوتشي"، يقول "منذ أن كنت في الثامنة من عمري وأنا أجالس أصدقائي سائقي العربات المجرورة بالخيول، من هنا بدأ ارتباطي بهذه المهنة".
بسؤال بدر عن سبب انقاطعه عن الدراسة، اتجهت عيناه صوب الأرض، وملامح وجهه يبدو عليها الكثير من الأسف "ماكانش عندي العقل، تبعت الدوران والدراري". يومئ برأسه متحسرا، يبتسم ابتسامة خفيفة ثم يتابع ''حتا دابا الحمد لله هاحنا عايشين''.
يشتغل بدر من الساعة الثانية بعد الزوال إلى حدود الساعة التاسعة مساء، وما استطاع جنيه من ربح مادي خلال هذه المدة الزمنية يتقاسمه مع صاحب العربة، في هذا الصدد يقول: ''كل نهار ورزقو(...) لكن غالبا المبلغ يتراوح مابين 150 و180 درهم، نصيبي منها 70 أو 90 درهم''.
روائح كريهة
الكائن بمحطة العربات المجرورة بالخيول، أو حتى المار بجانبها، يشم رائحة كريهة تصل حد الشعور بالغثيان. روث الخيول مطروح هنا وهناك، على طول الشارع الرابط بين حي المسيرة 1 وكيش الوداية، في منظر مقزز يثير الاشمئزاز، بعض سائقي ''الكوتشي'' لا يستعملون الأكياس البلاستيكية لأحصنتهم، وحتى إن توفرت، يكون بها ثقب يتحول على إثره الشارع إلى مرحاض للخيول.
عدم استعمال الكيس البلاستيكي للحصان يعتبر مخالفة، عقوبتها حجز العربة لمدة 15 يوما، كما أن هناك قوانين أخرى منظمة لسير العربات المجرورة بالخيول في المدن، كأن يتوفروا على الرخصة، التأمين، أن لا يتجاوز عدد الراكبين خمسة أشخاص بالإضافة إلى السائق، لكن معظم السائقين يضربون هذه القوانين عرض الحائط، خاصة أيام الدراسة، الفترة التي تعرف فيها العربات إقبالا كبيرا من طرف التلاميذ الذين قد يصل عددهم إلى عشرة في العربة الواحدة.
امتهان حرفة
محمد، الرجل الأكبر سنا بين مالكي العربات، يبلغ من العمر 58 سنة، جسمه نحيل، على وجهه تجاعيد بارزة خطها الزمن على مر السنين، امتهن سياقة "الكوتشي" منذ سنة 1993، يقول بصوت منخفض، "هاد المهنة عيشات قومان".
له ستة أبناء، لكن وضعيتهم المهنية غير مستقرة، ''يعاونو غي راسهم''، يضحك ثم يضيف "أنا والحمد لله، أتمكن بفضل هذه المهنة من التكفل بالاحتياجات الضرورية لأسرتي، أملك شقة أدفع دينها الشهري بمبلغ يقدر ب 500 درهم، بالإضافة إلى مصاريف الأكل والشرب وفاتورة الماء والكهرباء".
العربات المجرورة بالخيول، تشكل منافسا قويا لسيارات الأجرة الصغيرة في خط السير الوحيد المسموح لها به في المدينة، ذلك أن ثمن الرحلة لا يتعدى درهمين، بينما سيارة أجرة صغيرة تكلف عشرة دراهم من حي المسيرة 1 إلى كيش الوداية نظرا أن سائقي ''الطاكسي" لا يشغلون الحاسب.
فيما يخص التعامل مع الخيول، هناك مكان مخصص لها يتردد عليه سائقو العربات بانتظام من أجل تنظيفها، وعند نهاية كل رحلة، يتم تقديم الطعام للفرس في انتظار أن يحين دوره لبداية رحلة أخرى، أما في حالة مرضه فيتم الاتصال بطبيب بيطري يشتغل بإحدى الثكنات العسكرية الموجودة بالمدينة لتزويدهم بالأدوية، بحسب ما صرح به عادل، أحد سائقي "الكوتشي".
تاريخ تليد
وبالرجوع إلى التاريخ، فإن دخول العربات المجرورة بالخيول "الكوتشي" للمغرب، بحسب الأستاذ الباحث المتخصص في التراث، محمد أوجمعة، يعود للقرن التاسع عشر، وهي الحقبة التي عرفت استقرار جاليات أجنبية بالمملكة، خاصة التجار البريطانيين، حيث كانت تستعمل هذه العربات في تنقلات الشخصيات المرموقة بالمجتمع والممثلين السامين للسلطات.
هكذا، تحولت العربات المجرورة بالخيول إلى وسيلة نقل تستخدم من طرف الطبقات الشعبية، بعدما كانت رمزا للمكانة الاجتماعية المرموقة، فهي الآن تمكن راكبيها من ادخار بعض المال وإنقاذ جيوبهم، وتوفر كذلك لسائقيها مهنة يستطيعون عن طريقها ضمان لقمة عيشهم.
(*) صحافية متدرّبة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.