انتقدت الناشطة الحقوقية خديجة الرياضي مواقف رئيس الحكومة تجاه معارضيه، بمن فيهم الناشطات الحقوقيات، معتبرة أن تصريحاته "لا تليق بمسؤول في قيمة رئيس الحكومة، خاصة تجاه النساء المنتقدات لسياسته، لا لشيء سوى لأنهن قوة ضاغطة لتغيير أوضاع المرأة المغربية"، وطالبته ب"خطاب يحترم الجميع بعيدا عن القدح والتجريح". وتابعت الرياضي، في تصريح لهسبريس، أن عبد الإله بنكيران مطالب بالإنصات للجميع "لأن الحركة النسائية حققت مكاسب كثيرة للمغربيات رغم أنها تبقى غير كافية لتحقيق المساواة والمناصفة"، موجهة اللوم إلى حزب العدالة والتنمية الإسلامي "الذي لعب دورا في معارضة أي تغيير يطال القوانين الخاصة بالمرأة، وعلى رأسها مدونة الأحوال الشخصية". الرياضي قالت إن التيار الإسلامي، بمن فيه إسلاميو "العدالة والتنمية"، أثار صراعاً مريراً ضد الحركة الحقوقية والنسائية بشأن المدونة، التي "عارضها الإسلاميون وحاصروا فكرة التعديل وقاموا بمواجهة وصلت، في بعض الأوقات، إلى درجة العنف وإطلاق فتاوى عبر المساجد ضد النساء المناضلات، لأنهن ناضلن لأجل مطالب إنسانية معقولة ومشروعة تحققت بعد ذلك بفضل إصرارهن". الناشطة الحائزة على "جائزة الأممالمتحدة لحقوق الإنسان"، عام 2013، أثارت الخلاف الحاد المنطلق عام 1999 بين التيارين الإسلامي والحداثي حول ما اصطلح عليه "الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية"؛ والذي انتهى بتحكيم ملكي ثم صدور مدونة الأسرة سنة 2004، فيما قالت إن الإسلاميين كانوا يواجهون "الخطة" ومطالب الحركات النسائية "بادعاءات على أن المطالب لا يقبلها المغاربة وخارجة عن قيمهم". وأوردت عضو الائتلاف المغربي لحقوق الإنسان أن الإسلاميين كانوا يعارضون وقتها أبرز مطلب يتمثل في ولاية المرأة في الزواج، بحيث "كانت بالنسبة لهم خطا أحمر (...) لكنهم اضطروا إلى التصويت بالإجماع على المدونة بعدما جاءتهم توجيهات"، فيما اعتبرت أن التصريحات الحالية لرئيس الحكومة تجاه تلك القضايا "مجرد خطاب سياسي أكثر منه قيمي في إطار صراع سياسي يتيح استعمال كل الأساليب غير اللائقة". "الحكومة تحاول تقزيم بعض القضايا المطروحة والتي تثار حولها صراعا قوية من قبيل المناصفة والمساواة"، تضيف الرياضي، التي قالت إن الفصل 19 من الدستور "ملغوم لأنه يثير قضية المناصفة بشروط تعرقل تحقيقها"، وأن وثيقة 2011 الدستورية "لم تأت بإرادة سياسية للتغيير، بل فارغة ومليئة فقط بمشاريع قوانين تنظيمية، مقابل تراجع القوى الضاغطة التي أدت إلى إخراج الدستور في محاولة لإسكاتها وزرع الوهم للمغاربة بأن هناك تغييرات وانتقالا حقيقيا نحو الديمقراطية". في سياق ذي صلة، قالت خديجة الرياضي إن حضور المرأة المغربية في الهيئات الحقوقية لم يحقق بعد المناصفة، "باستثناء المنظمات والهيئات النسائية"، فيما ضربت مثالا بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان، التي شغلت في ولايتين متتاليتين رئاستها، "نتشرط في قوانيننا أن يتاح للناشطات على الأقل الثلث للتواجد في الهياكل التنظيمية، بما فيها المكتب الوطني، حيث تمنح لهم مهام ذات مسؤولية وليس فقط مهاما صورية أو استشارية". وسجلت الرياضي ضعفاً في تواجد المرأة على مستوى الأجهزة الخاصة بالأحزاب والنقابات، "مقابل وجود مفارقة عجيبة تتمثل في أن معظم الحركات الاحتجاجية تتواجد فيها النساء بقوة، بل تتقدم تلك الاحتجاجات، كما هو حاصل في عدد من المناطق، بما فيها النائية التي تصعب، وفق منظور الأحزاب والنقابات، إقناعها بالعمل النضالي والانخراط فيه". المتحدثة ترى أنّ التواجد النضالي للمرأة "حاضر بقوة بالرغم من مخاطر المواجهة مع القوات العمومية والسلطة والتعنيف والاعتقال المحتمل"، مضيفة أن تواجدهن يأتي "حين تكون القضايا المثيرة للاحتجاج واضحة الأهداف وليس فيها غموض"، مشددة على أن النساء "يحتجن للنضال المستمر من أجل إثبات الوجود بعد هيمنة الذكورية على التنظيمات منذ زمان"، وفق تعبير الرياضي.