أكد المشاركون في ندوة دولية انعقدت بمدينة الجديدة، حول موضوع "الحصون التاريخية بالحوض المتوسطي والمحيط الأطلسي"، أن هذه المعالم الأثرية التاريخية أصبحت تمثل اليوم رمزا من رموز الانفتاح والتعاون بين البلدان الإيبيرية والمغرب بعد أن كانت في زمن مضى قلاعا للاحتماء من الآخر. وتم، بالمناسبة، استحضار العلاقات الدبلوماسية بين المغرب والبلدان الإيبيرية وهو ما يمكن هذه البلدان من تقوية وتثمين أواصر هذه العلاقات التاريخية بين الشعوب الإيبيرية والشعوب المتوسطية بصفة عامة على اعتبار أن حوض البحر والأبيض المتوسط شكل عبر التاريخ مهد الحضارة تلاقح الثقافات. وأوضحت كارلا غريشوي، المستشارة الثقافية بالسفارة البرتغالية بالرباط، أن هذه الندوة، التي تندرج في إطار الدورة 24 لمهرجان "سبعة أقمار وسبعة شموس" الذي تنظمه السفارة البرتغالية بتعاون مع عمالة إقليمالجديدة والمديرية الجهوية للثقافة، تشمل شبكة من المدن الإيبيرية بالإضافة إلى الرأس الأخضر (كاب فير) والمغرب. وأشارت، في تصريح صحفي، أن المهرجان هذه السنة اختار التطرق لموضوع الحصون التاريخية بالمنطقة خاصة بمدينة الجديدة باعتبارها المكان الأفضل لتنظيم هذا النوع من القاءات الرامية إلى تأهيل التعاون الثقافي والفني والدبلوماسي بين البلدان المشاركة، حيث تم بالمناسبة تسليط الضوء على أهمية هذه القلاع والتحصينات الأثرية في تطوير العلاقات المتميزة بين المغرب والبرتغال، على وجه الخصوص. من جانبه، اعتبر خافييلر كالفان مدير سرفانتيس بالمغرب أن هذا اللقاء له أهمية خاصة لكونه يجمع بين ثلاثة بلدان صديقة وإثارته الانتباه إلى موضوع له أهمية قصوى بالنسبة لحضارة وتراث هذه البلدان التي تتوفر على تراث غني جدا له نقاط مشتركة بحكم عامل الجوار، خاصة في مدينة مثل مدينة الجديدة التي تتوفر على معالم واضحة في هذا المجال على مستوى المنطقة الإيبيرية. وقال، في تصريح مماثل، إنه فضلا عن الاهتمام الحاصل بالمآثر التاريخية لدول المنطقة فإنه لابد من الاهتمام أيضا بمآثر تاريخية لها أشكال هندسية مختلفة في مدن أخرى، كما هو الحال بالنسبة للمآثر الرومانية التي لا تزال قائمة في البلدان المعنية، والتي تحتاج إلى إبراز وتثمين وإيجاد حلول لها، ما يجعل هذه اللقاءات والندوات بين مختصين، في نظره، مناسبة لإثارة الانتباه إلى هذه المعالم الأثرية بالغة الأهمية. وقال عبد الرحيم البرطيل، المدير الجهوي للثقافة لجهة دكالة عبدة، بنفس المناسبة، إن هذا الندوة تندرج في إطار مهرجان له حمولة تاريخية وسياسية وثقافية على اعتبار أن العلاقات المغربية البرتغالية هي علاقات متجذرة وتعود إلى ما قبل التاريخ وليس فقط إلى العصور الحديثة، موضحا أن هذ المناسبة ترمي إلى إبراز هذ العلاقات بين المنطقة الإيبرية وشمال إفريقيا خاصة المغرب عن طريق مجموعة من الأنشطة الثقافية منها محاضرات علمية تتمحور حول التحصينات الأثرية خاصة المنتمية منها إلى القرون الوسطى وعصر النهضة الأوروبية، والتي انتقل دورها من الحماية ضد الآخر في الماضي إلى رمز للانفتاح والتفاهم اليوم. وقال أبو القاسم الشبري، باحث أثري ومدير مركز أبحاث التراث الغربي البرتغالي التابع لوزارة الثقافة، في تصريح مماثل، إن لقاء "سبعة أقمار وسبعة شموس" بالجديدة بادرة طيبة لفعاليات مختلطة وهو برنامج ينظم في البلدان الثلاثة من أجل التبادل والتلاقح الثقافي. وأشار إلى أن هذا اللقاء، الذي شارك في تنشيطه إلى جانب محاضرين من إسبانيا والبرتغال، مكن من إبراز نقاط التلاقي والتلاقح من خلال استعراض تاريخ التواجد البرتغالي بالمغرب، ومن خلال تحليل تطور العلاقات المغربية البرتغالية والإسبانية عبر التاريخ خاصة في عصر النهضة، أي فترة القرون الوسطى وأثناء الوجود العربي في الأندلس وفي عصر النهضة وكذلك إبان احتلال شواطئ المغرب من قبل القوى الإيبيرية. ونظم خلال هذا المهرجان معرض للصور الفتوغرافية للمصور الفوتوغرافي البرتغالي روي بيريز تحت عنوان "الحقيقة القروية" استعرض فيها العشرات من الصور من الحجم الكبير بالألوان وبالأبيض والأسود تصور تشابه الحياة بين القرويين في كل المغرب والبرتغال. وتم، في نفس الإطار، تنظيم أمسية موسيقية كلاسيكية برتغالية (فاضو) نشطها عازف القيتارة كاشتيلو، رفقة مواطنته المطربة سارة.