تواصل الجبهة الوطنية لمناهضة التطرف والإرهاب حشْد جهود الفاعلين المدنيين والسياسيين، لمواجهة تمدّد الفكر المتطرّف بالمغرب؛ فبعد اللقاء التأسيسي للجبهة، أواسط شهر غشت الماضي، وجّهتْ مذكّرةً إلى مختلف الأحزاب السياسية المغربية، تحثّها فيها على تضمين برامجها الانتخابية للاستحقاقات التشريعية المقبلة مقترحات لمواجهة الفكر المتطرّف ومحاربة الإرهاب. الجبهة الوطنية المناهضة التطرف حذّرتْ من المخاطر المستقبلية لتوالي الأحداث الإرهابية في المحيط الإقليمي والمتوسطي وعبر العالم على المغرب، خاصّة في ظلّ الأوضاع الهشة التي تعرفها بعض دول الجوار، فضلا عن الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية المتراكمة، داخليا، والتي يمكن استغلالها في خلق حاضنات للظاهرة الإرهابية"، حسب ما جاء في المذكرة. محمد الهيني، منسّق الجبهة الوطنية لمناهضة التطرف والإرهاب، قالَ، في تصريح لهسبريس، إنَّ المغرب بذل مجهودات مهمّة على مستوى محاربة الإرهابيين كأفراد؛ "ولكنْ، على مستوى محاربة الفكر الإرهابي، لمْ يُبْذل أيّ مجهود، ولمْ يحصلْ تقدّم ملموس في مجال إصلاح الحقل الديني"، على حدّ تعبيره. وحذّرتِ الجبهة الوطنية لمناهضة التطرف والإرهاب من أخطار داخلية، قالتْ إنها لا تقلّ خطورة عن الأخطار والتهديدات الدولية والإقليمية؛ "بل وتشكل تهديدا حقيقيا لكل المجهودات المبذولة حتى الآن للمحافظة على الاستقرار". ويتعلق الأمر، حسب ما جاء في المذكّرة، ب"الأفكار والدعوات المتطرفة والمستندة إلى تأويلات خاطئة للدين لا تتورع، خدمة لأجندات الإرهاب في تكفير المخالفين في الرأي بل والمطالبة بقطع رؤوسهم". وفي هذا السياق، قالَ محمد الهيني إنَّ هذه التهديدات تفرض على المغرب أنْ يضاعف جهوده على مستوى محاربة الفكر المتطرّف؛ وذلك بسنّ قوانين تجرّم التكفير، وتحارب الخطابَ السياسي المتطرف، مضيفا: "ليست هناك أيّ مجهودات على هذا المستوى؛ بلْ إنّنا أصبحنا نسمع رئيسَ الحكومة، الذي هو رئيس السلطة التنفيذية، يعبّر في خطاباته عن أفكار متطرفة". وأردف المتحدث ذاته أنَّ الأحزاب السياسية المغربية مدعوّة إلى تضمين برامجها الانتخابية مقترحات لتجريم التكفير والتحريض على الكراهية والعنف، وإصلاح برامج التعليم، لتصيرَ مشجّعة على قيَم الحوار والتسامح، وألّا تعتبرَ أنَّ محاربة الفكر المتطرّف مسألة جنائية وأمنية فقط. وأشار منسّق الجبهة ذاتها إلى أنَّ محاربة الفكر المتطرف والإرهاب لا ينبغي أن تقتصر على المقاربة الأمنية؛ بل يجب اعتماد مقاربة مجتمعية تسهم الأحزاب السياسية في وضعها. ودعت الجبهة الوطنية لمناهضة التطرف والإرهاب الأحزابَ السياسية إلى "تجريم كل الدعوات التكفيرية وخطابات الكراهية والعنصرية أيا كان مصدرها، وأيا كان أصلها؛ والمنع التام لكل استغلال للدين في أي فعل عمومي؛ وتنقية البرامج التعليمية من كافة أشكال اللاتسامح والتعالي الديني والعنف اللفظي، وإعادة صياغتها على أسس المواطنة وعلى ما نصّ عليه دستور 2011". كما دعت الجبهة إلى تفعيل حصر الدستور للشأن الديني، تأويلا وفهما وفتوى، في "إمارة المؤمنين" وفي المجلس العلمي التابع لها؛ وضرورة تكوين أعضاء المجالس العلمية تكوينا حقوقيا. وذهب الهيني إلى القول إنّ الفتوى يجب ألّا تظلَّ محصورة في نطاق ما يقرّره الفقهاء؛ بل يجب أن يشارك فيها مختلف الأطراف الفاعلة في المجتمع، من مختصّين في مختلف فروع العلوم الاجتماعية، مضيفا: "نحن لسنا في دولة دينية، بل في دولة مدنية".