مونديال الناشئين: المنتخب المغربي يمطر شباك كاليدونيا ب16 هدفا معززا حظوظه في التأهل    ست ورشات مسرحية تبهج عشرات التلاميذ بمدارس عمالة المضيق وتصالحهم مع أبو الفنون    الدار البيضاء تحتفي بالإبداع الرقمي الفرنسي في الدورة 31 للمهرجان الدولي لفن الفيديو    المنتخب المغربي الرديف ..توجيه الدعوة ل29 لاعبا للدخول في تجمع مغلق استعدادا لنهائيات كأس العرب (قطر 2025)    نصف نهائي العاب التضامن الإسلامي.. تشكيلة المنتخب الوطني لكرة القدم داخل القاعة أمام السعودية    أسيدون يوارى الثرى بالمقبرة اليهودية.. والعلم الفلسطيني يرافقه إلى القبر    بعد فراره… مطالب حقوقية بالتحقيق مع راهب متهم بالاعتداء الجنسي على قاصرين لاجئين بالدار البيضاء    أيت بودلال يعوض أكرد في المنتخب    الركراكي يوجه الدعوة لآيت بودلال لتعويض غياب نايف أكرد    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بأعلام فلسطين والكوفيات.. عشرات النشطاء الحقوقيين والمناهضين للتطبيع يشيعون جنازة المناضل سيون أسيدون    حصيلة ضحايا غزة تبلغ 69176 قتيلا    بين ليلة وضحاها.. المغرب يوجه لأعدائه الضربة القاضية بلغة السلام    توقيف مسؤول بمجلس جهة فاس مكناس للتحقيق في قضية الاتجار الدولي بالمخدرات    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    مديرة مكتب التكوين المهني تشتكي عرقلة وزارة التشغيل لمشاريع مدن المهن والكفاءات التي أطلقها الملك محمد السادس    عمر هلال: اعتراف ترامب غيّر مسار قضية الصحراء، والمغرب يمد يده لمصالحة صادقة مع الجزائر    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    التجمع الوطني للأحرار بسوس ماسة يتفاعل مع القرار التاريخي لمجلس الأمن حول الصحراء المغربية    أولمبيك الدشيرة يقسو على حسنية أكادير في ديربي سوس    الرئيس السوري أحمد الشرع يبدأ زيارة رسمية غير مسبوقة إلى الولايات المتحدة    شباب مرتيل يحتفون بالمسيرة الخضراء في نشاط وطني متميز    مقتل ثلاثة أشخاص وجرح آخرين في غارات إسرائيلية على جنوب لبنان    مغاربة فرنسا يحتفلون بذكرى المسيرة    دراسة أمريكية: المعرفة عبر الذكاء الاصطناعي أقل عمقًا وأضعف تأثيرًا    "حماس" تعلن العثور على جثة غولدين    إنفانتينو: أداء المنتخبات الوطنية المغربية هو ثمرة عمل استثنائي    بعد حكيمي.. إصابة أكرد تربك الركراكي وتضعف جدار الأسود قبل المونديال الإفريقي    النفق البحري المغربي الإسباني.. مشروع القرن يقترب من الواقع للربط بين إفريقيا وأوروبا    درك سيدي علال التازي ينجح في حجز سيارة محملة بالمخدرات    الأمواج العاتية تودي بحياة ثلاثة أشخاص في جزيرة تينيريفي الإسبانية    فرنسا.. فتح تحقيق في تهديد إرهابي يشمل أحد المشاركين في هجمات باريس الدامية للعام 2015    لفتيت يشرف على تنصيب امحمد العطفاوي واليا لجهة الشرق    الطالبي العلمي يكشف حصيلة السنة التشريعية    ميزانية مجلس النواب لسنة 2026: كلفة النائب تتجاوز 1.59 مليون درهم سنوياً    تقرير: سباق تطوير الذكاء الاصطناعي في 2025 يصطدم بغياب "مقياس ذكاء" موثوق    بنكيران: النظام الملكي في المغرب هو الأفضل في العالم العربي    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    إسبانيا تشارك في المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب بالدار البيضاء    "أونسا" يؤكد سلامة زيت الزيتون    "يونيسيف" ضيفا للشرف.. بنسعيد يفتتح المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب    بيليم.. بنعلي تقدم النسخة الثالثة للمساهمة المحددة وطنيا وتدعو إلى ميثاق جديد للثقة المناخية    مخاوف برلمانية من شيخوخة سكانية بعد تراجع معدل الخصوبة بالمغرب    تعليق الرحلات الجوية بمطار الشريف الإدريسي بالحسيمة بسبب تدريبات عسكرية    الداخلة ترسي دعائم قطب نموذجي في الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي    مهرجان الدوحة السينمائي يعرض إبداعات المواهب المحلية في برنامج "صُنع في قطر" من خلال عشر قصص آسرة    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    العرائش.. البنية الفندقية تتعزز بإطلاق مشروع فندق فاخر "ريكسوس لكسوس" باستثمار ضخم يفوق 100 مليار سنتيم    اتصالات المغرب تفعل شبكة الجيل الخامس.. رافعة أساسية للتحول الرقمي    الأحمر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    فرحة كبيرة لأسامة رمزي وزوجته أميرة بعد قدوم طفلتهما الأولى    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    الوجبات السائلة .. عناصر غذائية وعيوب حاضرة    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرض النفسي : هموم أم جنون؟
نشر في هسبريس يوم 26 - 06 - 2011

عندما تسيطر الأفكار السوداء على مخيلة الشخص وتجتاحه الأحاسيس السلبية، ويعتقله الحزن والاكتئاب في حجرة مظلمة، يكون قد سقط فريسة مرض يحرم صاحبه الابتسامة والصحة والأمان. فيرديه ضحية من ضحاياه. يكسر إرادته ويعاكس رغباته ويجعله يمر بأيام عصيبة يرى فيها الابتسامة تاجا فوق رؤوس الناجين من أنياب هذا المرض الفتاك بحياة المرء وقدراته على العيش بشكل طبيعي.
ماذا يقصد بالمرض النفسي؟
تعرف الموسوعة العالمية ويكبيديا المرض النفسي أو العصاب بأنه اضطراب في الشخصية وهو اضطراب عصبي وظيفي غير مصحوب بتغير بنيوي في الجهاز العصبي. ترافقه في كثير من الأحيان أعراض هستيريا،وحصر نفسي، وهواجس مختلفة. ولعل العصابات قديمة قدم الجنس البشري نفسه. ونحن نقع على وصف لها في كثير من المصنفات التراثية وبخاصة غير الطبية منها. أما الدراسة الطبية النظامية للاضطرابات العصابية فلم تستهل إلا في منتصف القرن التاسع عشر للميلاد. ويعتبر جان مارتن شاركو و سيغموند فرويد من أبرز الرواد في هذا المضمار. ومن أشهر الأمراض النفسية الهستيريا والوسواس والرهاب. ويؤكد د.الأمين إسماعيل البخاري أن حوالي 20 % من البالغين يصابون بالمرض النفسي في مرحلة ما في حياتهم، والإحصائيات تدل على أن 4 من 10 من أسباب العجز يرجع بالدرجة الأولى إلى أمراض نفسية وأولها مرض الاكتئاب. وبالرغم من شيوع المرض النفسي إلاّ أن حوالي 50 % أو اقل يسعون للعلاج. ويعتقد أن أ سباب المرض النفسي عديدة ولكن يمكن تلخيصها بأنها نتيجة تفاعل معقّد بين الاستعداد الوراثي والضغوط النفسية والبيئية. مع حدوث بعض التغيرات في الهرمونات العصبية في الدماغ من ناحية الكم والكيف. وقد يكون لوجود بعض التشوهات الخلقية في المخ أو تلك التي تحدث أثناء عملية الولادة دور في ذلك إلاّ أن للعامل الوراثي دور ملحوظ في أكثر الأمراض العصبية والوجدانية والعقلية. كما أن التطور المذهل في وسائل العلاج ووسائل تشخيص المرض والوعي الصحي المتزايد قلّل كثيراً من فترة حجز المرضى بالأقسام الداخلية. ونسبة للسيطرة الكبيرة على الأعراض المرضية أصبح تقبّل العائلة للمريض النفسي في المنزل بدرجة أكبر وقد ساعد ذلك كثيراً في التقليل من بناء المستشفيات الكبيرة التي تضم أسرة للمرضى. والآن يتم التركيز على بناء وحدات نفسية صغيرة من ضمن مباني المستشفي العام، أي ليس هناك عزل للمرضى النفسيين في مصحّات أو مستشفيات كبيرة تقام بعيدًا عن المدينة.
المريض النفسي ليس مجنونا
يخلط الكثير من الناس بين المرض النفسي والعقلي، حيث يعاني الكثير من المرضى النفسانيين من اتهامات المجتمع لهم بالجنون مما قد يجعل حالتهم تتدهور أكثر. ويفرق د. محمد نبيه عبد الرحيم المريض النفسي عن المريض العقلي (المجنون) بأشياء كثيرة: الأول أنه يعي مرضه أو ما به من حالات نفسية غير سوية، كما يعي جيدًا سلوكه ونشاطاته الفردية والاجتماعية. فعلى سبيل المثال، إن المصاب بالهلوسة (هي انحراف بالحس والإدراك) قد يرى أو يسمع أشياء لا وجود لها في الواقع، إلا أنه يعلم جيدًا أن هذه الأشياء التي يسمعها أو يراها لا وجود لها، لذلك يكون سلوكه طبيعيًا وعاديًا.
أما المريض العقلي (أنواع الجنون الكثيرة) فهو، بالعكس، قد يرى أو يسمع أشياء لا وجود لها ولكنه وهذا ما يميزه يقتنع فعلاً بوجودها ويكون بموجب ذلك سلوكه ونشاطه وحركاته. ففي بعض أنواع الجنون يقول المريض بها، إنه يسمع صوتًا أو يرى قادمًا من بعيد، لذلك فهو يصغي لهذا الصوت أو يجيب عن أسئلة وهمية أو يخاطب هذا الصوت غير الموجود. كما أنه قد يتقدم لمقابلة أو للهجوم على القادم أو يشير إليه.. إن المجنون هنا، يظن وجود أشياء غير موجودة ويبني سلوكه على هذا. في الفصام، وهو نوع من الجنون، يكون المريض منطويًا على نفسه، جامدًا يهمل حاجياته الغريزية، إلا أنه ينقلب أحيانًا إلى وحش فيهجم ليقتل طبيبه، أو الممرض، أو من يقع تحت يديه، بسبب ظنه أن هذا يريد به سوءًا.
المرض النفسي وعلاقته بالجن
تغص بيوت الدجالين بالمرضى النفسانيين نتيجة الاعتقاد السائد بارتباط المرض النفسي بالجن والعين والحسد. حيث يفضل الكثير من المرضى التوجه نحو الدجالين عوض زيارة دكتور الأمراض النفسية ظنا منهم أن المجانين هم من يقصدون تلك المصحات. وإذا كان علماء كبار من المسلمين يعتقدون بتلبس الجن للإنس والتحكم فيه ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية فإن رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي يخالفهم هذا الاعتقاد. حيث يرى إن الله سبحانه وتعالى لم يُمكِّن الجن بحيث يتحكم في الإنسان، لأن هذا التحكم ينافي قول الله تعالى "ولَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ" وينافي قوله تعالى "إنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً" فالله استخلف الإنسان في الأرض وسخر له كل ما في السماوات وما في الأرض جميعا ، فكيف يسخر الإنسان للجن؟.بل إننا في القرآن نجد العكس الإنسان يسخر الجن. سيدنا سليمان سخر الله له الجن "فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ، والشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وغَوَّاصٍ، وآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ" حتى كان يعاقبهم ويحبسهم وقد يقيدهم ومقرنين في الأصفاد "وَمِنَ الجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ" سخر الله الجن ورأينا في سورة النمل أن الإنسان قد يكون أقوى من الجن لأن سيدنا سليمان قال للناس الحاضرين في مجلسه لما عرف إن بلقيس ملكة سبأ ستأتي مسلمة فقال أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك قبل ما ينتهي مجلس الحكم وقال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك. وردا على القول بأن هناك إشارة في القرآن يستدل بها البعض لإثبات تلبس الجن للإنسان وهي قوله تعالى حينما يتحدث عن الذين يأكلون الربا {الَذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إلاَّ كَمَا يَقُومُ الَذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ المَسِّ} يقول يوسف القرضاوي: إن الشيطان ممكن يمس الإنسان ما معنى يمسه؟ والقرآن ذكر عن سيدنا أيوب {واذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وعَذَابٍ} مستني الشيطان إذ نصب وعذاب معاناة وعذاب من الوسوسة التي كان يوسوس بها لأيوب. إن أيوب اشتد به المرض وطال فالشيطان جاء يقول له هذا من سخط الله عليك هذا أن الله تخلى عنك إنك ستظل مريض أبد الدهر إنك كذا بهذه الوساوس آذاه وتسبب له المعاناة النصب والعذاب النفسي فهذا مس يعني كما قال سيدنا أيوب رب يعني أن يمسني الدر .وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الدر وأنت أرحم الراحمين فهذا المس، والعرب كانوا يعتقدون إنه الإنسان ممكن الشيطان يمسه إنما هذا لايعني أن يسكنه ويتحكم فيه.
أنت معقد نفسيا !
من منا لم يحظى بلقب "معقد نفسيا" في حياته...ومن منا لم ينعت به محاوره إذا اختلف معه في الرأي والفكر...كلمة نرددها كثيرا لكن قليلون منا يدركون مفهوم العقدة النفسية. وفي هذا الصدد يقول الدكتور لطفي الشربيني استشاري الطب النفسي " لعل هذا المصطلح(العقد النفسية)من أكثر الكلمات التي يتداولها الناس وعادة ما يطلقونها دون علم بمعناها الحقيقي،وقد يصف الواحد منا شخصا آخر بأن لديه عقدة..أو نصف من نختلف معه أنه معقد دون أن نعلم الأصل العلمي لما نقول..وأصل الحكاية حين نبحث عنه لابد من العودة إلى قواعد علم النفس الحديث التي وضعها الطبيب النمساوي المعروف سيجموند فرويد(18561936)حين وضع تصورا للنفس الإنسانية بأنها تتكون من العقل الواعي الذي يتعامل مع حقائق الحياة ويخضع لسيطرتنا وإرادتنا،والعقل الباطن الذي يحتوى علي أشياء كثيرة لا نعلم عنها شيئاً في الأصول المعتادة منها الرغبات المكبوتة والانفعالات الداخلية وقوى تتصارع مع بعضها البعض بداخلنا،فالعقدة النفسية هي إذن مجموعة من المشاعر والانفعالات الداخلية تعبر عن احتياجات وغرائز متشابكة قد تنشأ من المبالغة في طلب بعض الرغبات بصورة قد تؤدى إلى الانحراف . وليست العقد النفسية-من هذا المنظور النفسي-سوى خبرات ومشاعر تحمل انفعالات نفسية تم اختزانها في عقلنا الباطن في مراحل عمرنا السابقة،ربما من أيام الطفولة نتيجة لتعرضنا للضغوط والحرمان والمواقف الصعبة،ورغم أن هذه المشكلات قد أنتهي عهدها منذ زمن طويل إلا أنها تبقي في داخلنا،ويمكن أن تشكل طباعنا وسلوكنا ويظهر تأثيرها حين تتعرض لمواقف مشابهة في حياتنا.. والحقيقة أن كل منا لديه من من العقد النفسية كم معين قد يتحكم في ميوله واتجاهاته في الأحوال المعتادة ، وقد يؤثر في مزاجه وحالته النفسية في حالة الصحة النفسية أو حين يصاب بالاضطراب النفسي". ويختلف نوع العقدة النفسية من شخص لآخر غير أن علماء النفس يعتقدون أنه من أكبرها: عقدة الإهمال، عقدة الذنب، عقدة المنافسة الأخوية، عقدة النقص، عقدة الخصي، عقدة الخطر أو اختلال الأمن.. .
حكايات نساء افترسهن المرض
السيدة ربيعة:
في عقدها الخمسين، أم لثلاث بنات وابنين، تعيش في منطقة معزولة. زوجها لا يعمل وابنها الكبير هو من يعيلهم. يعمل في البناء وقطف الزيتون وكل ماجادت به سوق العمل...بعد ما يربو عن ثلاثين سنة من الزواج لم تعد قادرة على تحمل حياتها التي تصفها بالصعبة جدا. وتعزو ذلك إلى زوجها الذي تنعته بأسوء النعوت لأنه حسب كلامها هو المسؤول عن مرضها وحياتها البائسة. فهو رجل أناني لا يفكر في أبنائه ولا زوجته. يحبس بناته في المنزل ويخرج أبناءه للعمل فيما هو يضيع وقته في المقاهي والثرثرة والشجارات...تقول أنها لاتحس معه أنها امرأة ولا يجود عليها بكلمة واحدة طيبة، الحوار بينهما منعدم والغالب هو الجدال والسب والغضب. ربيعة تعاني من مرض نفسي يحرمها من النوم، ويجعلها تحس بألم حاد في كل أنحاء جسمها، لاتقوم بأي عمل منزلي وتأمر بناتها باستمرار بنظافة المنزل بشكل مبالغ فيه، عصبية دوما وتكثر من الدعاء بالسوء على أبنائها...تتناول الأدوية بشكل متقطع وتفسر هذا بالفقر الذي ترزح تحته. فعندما تحس بنوع من التحسن تتوقف عن شراء الأدوية لأنها تتدبر تكاليفه بمشقة....
الطالبة ليلى:
كانت سنتها الأولى في الجامعة مليئة بالأحداث. كانت تحضر بعض الدروس الدينية مع صديقاتها لأن هذا ملزم لها باعتبارها منتمية لجماعة دينية. لكن الخوف تملكها منذ علمت أن إحدى الأخوات يسكنها جني يهودي يتحدث من وقت لآخر. كتمت الخوف بداخلها وكانت تذهب للحضور معهن وقلبها يخفق ذعرا من الالتقاء بتلك الطالبة....ولم يكد يخرج الخوف منها حتى وقعت حادثة مروعة أمام الكلية التي تدرس بها. سيارة تدهس طالبة وترديها ميتة وسقوط طلبة آخرين جرحى مما أثار مشاعر الأسى في صفوف الطلاب. وهنا بدأ الكل يتحدث عن الكثير من الطالبات اللواتي يسكنهن الجن ولا تكاد تمر ليلة دون أن تسمع بطالبة مصروعة داخل الحي الجامعي...استوطن الهلع بداخلها خوفا من أن يتلبسها الجن هي الأخرى. فبدأ الوسواس يسيطر عليها. وذات يوم كالعادة صلت كثيرا وقرأت القرآن وهي في منزل أهلها. أحست بنوع من الألم في رجلها فقررت أن تحاول النوم دون التفكير كثيرا. لكنها سرعان ما ربطت بين ألم رجلها والجن. واجتاح خيالها صورة ذلك الشيخ الذي يخرج الجني من رجل إحدى المتلبسين بالجن. فبدأ الرعب يستولي عليها اعتقادا منها أن الجني يحاول تلبسها ابتداءا من رجلها. بدأ جسمها كله يهتز بشكل قوي وفقدت السيطرة عليه تماما....نقلت للمستشفى وتم تهدئتها بحقنة ...ثم عادت للمنزل وأصبحت تعاني من ألم في رجليها وفي رقبتها، لا تستطيع النوم لوحدها، وتعتقد نفسها متلبسة بالجن. بعد زيارة الكثير من الأطباء دلتها إحدى صديقاتها لدكتور الأمراض العصبية فكتب لها بعض الأدوية وما إن تناولتها لمدة قصيرة حتى شفيت تماما من المرض وأصبحت تتجنب كل أنواع التفكير السلبي الذي من الممكن أن يسبب لها العذاب الذي عاشته عندما نهشها المرض وسرق منها أياما كان باستطاعتها أن تعيشها في صحة وهناء.
الضحك ...علاج نفسي فعال
لقد أصبح هناك العديد من الأدوية النفسية الفعَّالة منذ الخمسينات لمساعدة المريض النفسي. وأصبحت هناك قدرة للمريض للتكيف مع أعراضه النفسية. وفي بعض الحالات قد يكون هناك شفاء تلقائي طبيعي للمريض من خلال عامل الزمن والدواء في هذه الحالة لا يلعب إلا دور المخفف لمظاهر المرض لزيادة قدرة تحمل المريض لمرضه. وفي بعض الحالات الأخرى قد يحتاج المريض لتناول دوائه لمدة سنوات طويلة، من أجل إبقاء مرضه تحت السيطرة. وتقوم الأدوية النفسية بالتخفيف من معاناة الكثيرين من المرضى الذين يمكن أن يعيشوا وسط مجتمعاتهم، والذين لولا الأدوية لأصبح مرضهم لا يطاق ولا يحتمل، ولأصبحوا مرضى مزمنين في المشافي والمصحات العقلية. غير أن الضحك حسب الدكتور لطفي الشربيني هو دواء هام لرفع اليأس والتشاؤم،والترويح عن النفس، كما أنه وسيلة ناجحة بدفع الملل الناتج عن حياة الجد والصرامة، وتنفيس جيد عن آلام الواقع، فالإنسان حين يضحك فإنه يقلل طاقة التحفز والانفعال في داخله ويؤكد لنفسه أن الحياة لا يجب أن تكون بهذه الجدية والخطورة والصرامة التي لا لزوم لها . إن الذين يتمتعون بالحس الفكاهي والمرح يأتون في ترتيب متأخر في سلم الأشخاص المعرضين بالإصابة بالمرض النفسي فالفكاهة والمرح هي الحل التلقائي لمشكلة التوتر الذي يصيب الإنسان وما يلبث أن يمتلكه ويحطمه ، كما ثبت علمياً أن من يتمتعون بالقدرة على المرح والفكاهة يعيشون عمراً أطول ويظلون في صحة جيدة مهما تقدم بهم السن نتيجة لنظرتهم الإيجابية للحياة وعدم الاستسلام للهموم. ويقدم الدكتور نصيحته الذهبية متوجها إلى الجميع بضرورة أن نبتسم للحياة في كل المواقف ، بل أن يضحك الواحد منا حين يواجه الهموم، والابتعاد عن " النكد " لأنه مأزق أسوء من الفقر والإفلاس ، ومحاولة الاحتفاظ بروح المرح والمشاعر الإيجابية نحو الحياة فهذا هو سر الشباب الدائم . وعلينا أن تتذكر إنه من منظور ديننا الإسلامي فإن المرء عليه أن يلقى أخاه " بوجه طلق " كما يصف الحديث الشريف تبسم المرء في وجه أخيه صدقة وورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " كان أكثر الناس تبسماً ".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.