يحرص 30 من سكان دوار "تادمانت"، الذي يقع بمنطقة تاحناوت، على الاستيقاظ يوميا على الساعة السابعة صباحا لمباشرة أشغال بناء أول مسجد يعمل بالطاقة الإيجابية، ومرتبط بشبكة الإنترنيت، بمساعدة متطوعين شباب من جمعية "كلوستر للنجاعة الطاقية"، بمواد بناء غير ربحية. تغيرت حياة سكان هذا الدوار المعزول عن منطقة مراكش، إذ لم يخرج من رتابته لعقود من الزمن بسبب الغياب الكلي للبنيات التحتية الأساسية، ليصبح لها معنى منذ أزيد من 12 شهرا، حينما بدأ مشروع إقامة مسجد ومدرسة بمواصفات لم يعتدها أطفال وشباب الدوار، الذين ظلوا لسنوات في عزلة قاتلة. أطفال هذا الدوار، الذين يتابعون حاليا دراستهم في مدرسة متداعية، ربطوا علاقة صداقة حقيقية مع نادية دادة، التي فضلت الاستقرار في المغرب قادمة من فرنسا لتحاول المساهمة في إخراج الدواوير النائية من عزلتها، وهو ما نجحت فيه إلى حد كبير، مستهدفة قرى الأطلس على وجه الخصوص في مبادراتها الاجتماعية الخيرية. تفتخر نادية، مديرة مشروع أول مسجد مصمم بالطاقة الإيجابية بدوار "تادمانت"، بأنها نجحت رفقة فريق عمل متطوع متكامل في إخراج هذا المشروع إلى الوجود في هذه المنطقة التي توجد على ارتفاع 2900 متر عن سطح البحر. تقول نادية دادة إن المشروع عبارة عن أول مسجد يتم تشييده بتقنية الطاقة الإيجابية، وهي عبارة عن تقنية تعتمد على خفض حجم استهلاك الطاقة الكهربائية التي تنتج في المبنى بشكل ذاتي ومستقل عن الشبكة الوطنية للكهرباء. وتضيف دادة، الحاصلة على شواهد جامعية عليا في التقنيات المستدامة، إن الطاقة الإيجابية ستوفر حاجيات المسجد والمدرسة القرآنية وبيت الإمام من الطاقة، وهي البنايات التي تعتمد مواد بناء مستدامة، إذ إنها لن تحتاج إلى التكييف وستقوم بحقن فائض طاقتها التي تنتج عبر اللوحات الشمسية المتطورة في الشبكة الكهربائية الوطنية، ما سيؤمن لها بعض المداخيل الرمزية. وتقول الشابة نادية دادة بحماس: "المشروع شارك في بنائه سكان دوار "تادمانت"، بعد خضوعهم لتكوين في مجال البناء ووضع الزليج، والمواد التي تستعمل خاصية العزل الحراري والصوت، والتي تمت صناعتها بإمكانيات محلية، سواء تعلق الأمر بالآجر أو الصباغة، إلى جانب الزليج من النوع المغربي التقليدي". يزداد حماس هذه الشابة الأمازيغية الأصل وهي تسرد بعض تفاصيل المدرسة الذكية، الأولى من نوعها، والتي سترى النور مع مطلع السنة الدراسية القادمة، إذ تقول: "سنقوم بجمع تبرعات بقيمة 400 ألف درهم، وتأسيس مدرسة تعليمية متكاملة لفائدة سكان هذا الدوار؛ وهو ما سيتيح للتلاميذ الاستفادة من مناهج دراسة لتدعيم مستواهم التعليمي في العديد من المجالات اللغوية والتكنولوجية، لرأب صدع الهوة الرقمية التي يعانون منها، وعانى منها آباؤهم لسنوات".