احيا المسلمون في مدينة سبتةالمحتلة، صباح السبت، صلاة عيد الاضحى في ساحة لومة كولمينار، تماشيا مع التقويم الرسمي المعتمد من طرف المملكة المغربية، متجاهلين بذلك الموعد الذي اعتمدته الدولة الاسبانية واحتفلت بموجبه بالمناسبة يوم الجمعة. ورغم خضوع المدينة لادارة مدريد، يواصل مسلمو سبتة – وغالبيتهم من اصول مغربية – منذ سنوات طويلة احياء الاعياد الدينية وفق الرزنامة المغربية، في تقليد مستقر يجسد تشبثا راسخا بالمرجعية الدينية والثقافية للمغرب، يتجاوز المعطيات الادارية والسياسية المفروضة بحكم الامر الواقع. وعرفت ساحة الصلاة، التي تم تهيئتها مسبقا بتنسيق بين هيئات اسلامية محلية، توافد المصلين ابتداء من الساعة الثامنة والنصف صباحا، وسط اجواء منظمة شملت توفير مفروشات ومكبرات صوت ومرافق صحية، بالاضافة الى توزيع مياه الشرب. وقد تولى الامامة احد الائمة المحليين، في مشهد روحاني تميز بالحضور الواسع للعائلات. ويتكرر هذا المشهد كل سنة، اذ دأب مسلمو المدينةالمحتلة على الانضباط الكامل لمواقيت الشعائر التي تصدر عن وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية المغربية، بما في ذلك الصيام والافطار ومواسم الحج والعيد، في انسجام ثقافي وشعبي عميق مع امتدادهم الطبيعي جنوب المعبر. وفي وقت اكتفت فيه السلطات الاسبانية بتامين محيط المصلى، غابت اية مظاهر رسمية عن هذا الحدث، الذي بات يحمل في طياته دلالات تتجاوز البعد الديني، ويعكس استمرار حضور الهوية المغربية في تفاصيل الحياة اليومية لمسلمي سبتة، من اللباس والمصطلحات والطقوس، الى الممارسات الاجتماعية والعائلية. وتعد مناسبة عيد الاضحى من ابرز اللحظات التي تظهر فيها هذه الخصوصية، خصوصا من خلال اختيار توقيت الصلاة، وتقاليد الاضحية، وطقوس التهنئة، التي لا تختلف في شيء عما يجري في باقي مدن المملكة. في مدينة يراد لها ان تبدو اوروبية بالكامل، تفرض الروح المجتمعية للمكون المسلم ايقاعا مغايرا، يعكس هوية متجذرة لا تزال تقاوم النسيان، وتعيد التاكيد، كل سنة، على ان الانتماء لا يحدده موقع جغرافي بقدر ما تؤكده الذاكرة والعادة والشعيرة.