أنحى الشاعر يوسف بوسريف باللوم على المدرسة المغربية، محمّلا إياها القسط الأكبر من مسؤولية الوضعية التي آلت إليها اللغة العربية المتداولة في وسائل الإعلام المغربية، باعتبار أن ما يُبثّ في وسائل الإعلام انعكاس لما تنتجه المدرسة. وفي مداخلة له ضمن الجلسة العلمية الثانية لندوة "اللغة العربية والإعلام: الواقع والرهانات"، المنظمة من طرف الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، ذهب بوسريف إلى القول: "إنّ التعليم المغربي يعيش في غيبوبة عن مجتمعه"، مضيفا: "المؤسسات التعليمية استقالت من وظيفتها؛ لذلك من الطبيعي أن يستقيل الإعلام بدوره من وظيفته". وأكّد بوسريف أنّ النقاش حول وضعية اللغة العربية في الإعلام المغربي يجب أن ينطلق من مساءلة دور المدرسة أولا؛ "لأنّ المدرسة ومعها الإعلام زجّا بالمواطن المغربي في منعطف أدى إلى تقليص عدد القرّاء"، لافتا إلى أنّ هذا الوضع لم يكن قائما إلى حدود ثمانينيات القرن الماضي؛ "حيث كان إقبالنا كبيرا على القراءة، وكنا نتباهى بذلك"، يقول المتحدث. الشاعر المغربي اتّهم المدرسة المغربية ب"فَصْل الشارع عن الكتاب"، و"نشر الأصولية التقليدية والنصوص التراثية الصلبة، التي ليست ماضٍ لا يزال ينبض، بل ماضٍ مضى وتوقّف"، على حد تعبيره، مضيفا: "الذي أقصده بالأصولية هو ماضي ابن تيمية وعبد الوهاب، وليس ماضي ابن رشد والثقافة العربية القديمة التي كانت تنبض ولا زالت، ولكن نبضها مخنوق". في هذا الإطار، انتقد بوسريف النتائج التي آلت إليها المراجعة الأخيرة لمقررات التربية الإسلامية، والتي أثارت ردود فعل غاضبة من طرف أساتذة الفلسفة، قائلا إنّ "التحريض على الفلسفة في هذه الكتب هو تلويث للأذهان وللمجتمع"، وأضاف أنّ "الذي حصل بعد تدخّل الملك ودعوته إلى مراجعة هذه المقررات هو أننا بدل أن نجد حلا خلقنا مأزقا جديدا". من جهة أخرى، اعتبر بوسريف أنّ هناك سياسة مقصودة لخلق "نوع من التشويش والإرباك، ولعْثمة اللسان الدارج المتداول في الشارع"، عبر ما يُبثّ في وسائل الإعلام السمعية البصرية في المغرب، من خلال الترويج لدارجة لا ترقى إلى العامّية المغربية الأصيلة، مضيفا: "سياسة تدبير الإعلام تتجاوز سلطة وزير الاتصال الذي لا يستطيع أن يغيّر شيئا؛ لأنه موجود كإكسسوار".