تعرف أغلب المرافق العمومية بمدينة وزان غياب ولوجيات للأشخاص في وضعية إعاقة، في الوقت الذي خطت فيه مجموعة من المدن المغربية خطوات مهمة في هذا الباب عبر إنشاء ممرات وتوفير خدمات خاصة لهذه الفئة، وإيلائها أهمية قصوى ضمن مختلف مراحل تسطير المشاريع التنموية والبنيوية الجديدة، مراعاة لأوضاعهم الصحية. وفي ظل هذه الوضعية، ما زال الأشخاص في وضعية إعاقة بدار الضمانة يكابدون الكثير من المعاناة، خاصة على مستوى الولوجيات التي تسمح لهم بالتنقل بين الإدارات والمؤسسات من أجل قضاء أغراضهم الاعتيادية. إقصاء ومعاناة جولة سريعة لهسبريس قادتها إلى عدد من الإدارات العمومية بمدينة وزان، كمقر بلدية المدينة الحالي وعمالة الإقليم وكذا الملعب البلدي وغيرها من المرافق العمومية، وقفت على غياب تام لأبسط متطلبات الأشخاص في وضعية إعاقة، وبدا ذلك جليا عند المداخل الرئيسية للبنايات المذكورة التي من المفروض أن تتوفر على ولوجيات تضمن حق ولوج تلك الفئة المجتمعية على دخول الإدارة بسهولة، دون الحاجة إلى طلب مساعدة المرتفقين، خاصة إذا تعلق الأمر بمستعملي الكراسي المتحركة. محمد الربيعي، الفاعل الجمعوي الناشط في مجال الإعاقة، إن الأشخاص في وضعية إعاقة بوزان يفتقدون إلى أبسط مقومات شروط العيش الكريم واللائق التي تحترم الحقوق المدنية المتعارف عليها وطنيا ودوليا وكذلك الحقوق الطبيعية الكونية القائمة على احترام كل المبادئ والقيم الإنسانية. وأشار المتحدث إلى افتقار 90 في المائة من المؤسسات العمومية وشبه العمومية، الواقعة بالنفوذ الترابي لوزان، لولوجيات؛ بالرغم من الاختلاف السائد في تحديد هذا المفهوم، معتبرا الولوج إلى مؤسسة ما مجرد صورة شكلية "لأن المعاق يحتاج لمن يساعده بشكل دائم ومستمر"، يورد المتحدث. وأكد الفاعل الجمعوي الناشط في مجال الإعاقة على سبق الدولة المغربية من بين الدول العربية والإفريقية إلى التوقيع على الاتفاقية الدولية للأشخاص ذوي إعاقة الصادرة عن الأممالمتحدة سنة 2006، وهي الاتفاقية التي تنص على حق ذوي الإعاقة في الولوج على قدم المساواة مع غيرهم الى البيئة المادية المحيطة ووسائل النقل والمرافق والخدمات الأخرى المتاحة لعامة المواطنين، أو تلك المقدمة إليهم في المناطق الحضرية والريفية على السواء طبقا للمادة (09) من الاتفاقية المذكورة. وعاب المتحدث ذاته افتقار البنايات والفضاءات العمومية إلى الولوجيات، حتى وإن وجدت، يضيف الربيعي، فإنها لا تستجيب للمعايير المتعارف عليها، معتبرا المسألة انتهاكا لحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، وعقبة تمنعهم من التمتع بحقوقهم على غرار الأسوياء. وزاد الفاعل الجمعوي الناشط في مجال الإعاقة: "لا يمكن الحديث عن إدماج الأشخاص ذوي الإعاقات دون التوفر على الولوجيات الأساسية، باعتبارها مدخلا أساسيا لضمان حياة مستقلة وموارد عيش دائمة تحترم كرامة الإنسان ومبدأ تكافؤ الفرص". واستحضر المتحدث مضامين القانون رقم 10.03 المتعلق بالولوجيات وللمقتضيات العامة للمواد الأربع الأولى التي تنص على ضرورة توفر كل البنايات العمومية والخاصة والطرقات والفضاءات الخارجية ووسائل النقل العمومية على ولوجيات تحترم حق ولوج الأشخاص في وضعية إعاقة اليها بسهولة. ودعا الربيعي إلى ضرورة أخذ حقوق هذه الفئة بعين الاعتبار كأولوية لتكريس مبدأ المساواة بين جميع شرائح المجتمع دون ميز أو إقصاء، وذلك وفق المقاييس والمعايير الدولية المعمول بها في هذا المجال، حتى لا يتم إقصاء هذه الشريحة من المجتمع المغربي من ممارسة حقها والاستفادة على قدم المساواة مع الآخرين من الخدمات والمرافق المجتمعية تطبيقا للقوانين الصادرة بخصوص الولوجيات العمرانية وتسهيلها أمام الاشخاص في وضعية إعاقة طبقا للمواد (5.6.7) سواء تعلق الأمر بقانون التعمير أو المجموعات السكنية أو عند إنجاز تصاميم التهيئة والتي تؤكد المواد سالفة الذكر على تمكين هذه الفئة من العيش في استقلالية والمشاركة بشكل كامل في جميع جوانب الحياة. واعتبر إلياس .م، أن معاناة الأشخاص في وضعية إعاقة في الولوج لمختلف المرافق العمومية معضلة واضحة يأبى المسؤولون على تدبير الشأن المحلي بمدينة وزان على التعاطي معه. وأشار إلياس إلى مباراة الديربي التي جمعت شباب أولمبيك وزان لكرة القدم ونظيره الاتحاد الشفشاوني؛ وهو الموعد الذي عرف حضور آلاف المشجعين، فيما تكبد الأشخاص "المعاقون" خاصة أصحاب الكراسي المتحركة معاناة من نوع خاص عجلت برحيل بعضهم عن متابعة الموعد الرياضي دعا إلياس، في تصريح لهسبريس، الجهات المختصة إلى ضرورة إصلاح الملعب البلدي وتوفير كراس للمشجعين وكذا تعبيد الطريق المؤدية إليه بشكل يضمن ولوج هذه الفئة إلى المرفق المذكور. احتلال الملك العمومي محمد مرغاد، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع وزان، قال إن "احتلال المقاهي والباعة المتجولين للأرصفة والملك العمومي أضحى يؤثر على السلامة البدينة والجسدية للمواطنين الذين يجدون أنفسهم وسط الطرقات بدون قصد، شارعين في مزاحمة الشاحنات والسيارات والدراجات النارية". وأكّد مرغاد، في حديث لهسبريس، أن "الخطورة تزداد كلما تعلق الأمر بذوي الإعاقة الحركية"، مطالبا الجهات المختصة بضرورة التدخل لمحاربة هذه الظاهرة وتحرير الملك العمومي. وأضاف الفاعل الحقوقي أن إمكانية ولوج الأشخاص في وضعية إعاقة بالمدينة تبدو صعبة بل مستحيلة، في بعض الأحيان، دون الاعتماد على الغير؛ وهو ما اعتبره متنافيا مع الحقوق الإنسانية، وخاصة منها ذوي الإعاقة المنصوص عليها في كل الاتفاقيات الشيء الذي يحد من الاستقلال الذاتي لهؤلاء الأشخاص ويعيق حرية التنقل السلس لديهم. عبد الحليم علاوي، رئيس المجلس البلدي لوزان، أقر، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، بغياب ولوجيات عن مرافق ومؤسسات عمومية يعود تاريخ بنائها إلى سنوات خلت. وأشار المسؤول الجماعي ذاته في الوقت نفسه إلى مشاريع منجزة وأخرى في طور الإنجاز تحترم شروط ولوج الأشخاص في وضعية إعاقة، معطيا المثال بفضاء حديقة لالة أمينة بحي العدير ومشروع المحطة الطرقية بحي النهضة بطريق شفشاون، التي تتوفر على ولوجيات لتمكين "أصحاب الكراسي" من دخول فضاء المحطة وشبابيك التذاكر بسهولة على حد قوله. أما الولوج للملعب البلدي، يضيف علاوي، فيتم التعاطي مع مشكل الولوج بالسماح للأشخاص بالدخول إلى جنبات الملعب تفاديا لمشكل الاكتظاظ. وفي هذا السياق، شدد المتحدث ذاته على أن حالات معزولة جرى رصدها خلال الديربي الأخير الذي احتضنه الملعب البلدي لوزان. وختم رئيس بلدية وزان حديثه بالتأكيد على ضرورة توفر المشاريع المستقبلية، التي يكون فيها المجلس آمرا بالصرف، على ولوجيات تضمن حق الولوج للجميع على قدم المساواة.