كتاب فرنسي جديد: المهدي بن بركة قُتل غرقاً في حوض الاستحمام بإشراف الدليمي وبتنسيق مع "الموساد"    سانشيز يطالب الاتحاد الإوروبي بإلغاء التوقيت الصيفي نهائيا    الرباط تحتضن ندوة وطنية لإطلاق مشروع "معا من أجل عدالة حمائية للأطفال والنساء المحتجزات مع أطفالهن"    انطلاق المنظومة الجديدة للدعم المباشر للمقاولات الصغرى والمتوسطة في 2026    تقرير يسجل ارتفاع أسعار الخضر والفواكه واللحوم.. والرشيدية أغلى مدن المغرب    لجنة مشتركة بين المغرب وإسبانيا والبرتغال لتعزيز أثر تظاهرة مونديال 2030    مواجهات مع مطالبين بطرد اللاجئين من إيرلندا    مصرع شخصين وإصابة اثنين آخرين بجروح في انهيار منزل بالمدينة القديمة بالدار البيضاء    مجلة ليكسوس تدخل تصنيفات معامل التأثير والاستشهادات المرجعية العربي"    اصطدام حافلتين يسلب حياة العشرات في أوغندا    فنانون من 12 دولة يثرون الدورة 14 لمهرجان العرائش الدولي    إسرائيل تتعرف على "جثتي رهينتين"    أخنوش يجتمع مع رئيس "هيئة النزاهة"    تخفيضات الميزانية تهدد جهود الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان بالعالم    "اللبؤات" يسقطن في ثاني مواجهة أمام إيطاليا في "مونديال الناشئات"    الملك يستقبل غدا "منتخب الأشبال"    مشاركة منتدى الصحراء للحوار والثقافات في المؤتمر الدولي بمدينة الصويرة    الممثل عبد القادر مطاع يودع الدنيا عن 85 سنة    المغرب: عجز ميزانية متوقع في حدود 3 في المائة من الناتج الداخلي الخام سنة 2026 (تقرير)    تقرير برلماني: ربع المغاربة ما زالوا أميين رغم تعدد البرامج الحكومية لمحاربة الأمية    رحيل قامة فنية مغربية: عبد القادر مطاع في ذمة الله    المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة يتعادل ودّيا مع نظيره الاسباني (3-3 )    الملحمة الأوروبية تعود من جديد : ريال مدريد ويوفنتوس يشعلان المنافسة الأسطورية لعشّاق الكرة في المغرب    ريال مدريد "منبهر" بعثمان معما.. ويواصل متابعة موسمه مع واتفورد    الصحراء المغربية.. بولونيا تعتبر مخطط الحكم الذاتي بمثابة "الأساس الجاد والواقعي والبراغماتي من أجل تسوية دائمة"    ارتفاع ليالي المبيت السياحي بالصويرة    أكد أنه سيواصل الكشف عن التحامل ضده .. نيكولا ساركوزي يدخل السجن في سابقة بفرنسا    أشادت بولونيا ب"الإصلاحات العديدة، الطموحة"، التي يتم تنفيذها في المغرب تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله    إدريس لشكر… قائد التجديد وواضع أسس المستقبل الاتحادي    عبد اللطيف لوديي ومحمد بريظ يستقبلان قائد القيادة الأمريكية لإفريقيا «أفريكوم»    بعد تسجيل مستويات قياسية.. الذهب يشهد أسرع تراجع منذ سنوات    الأخضر يغلق تداولات بورصة البيضاء    35 قتيلا و3444 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع الماضي    ندوة تبرز الاحتفاء القرآني بالرسول    رئيس المخابرات المصرية يلتقي نتانياهو في القدس وبرنامج الأغذية العالمي يدعو إلى فتح كل المعابر ل"إنقاذ أرواح"    بين الأعلام والمطالب.. الجيل الذي انتصر في الملعب واتُّهم في الشارع    رابطة ترفض "إقصاء الفيلم الأمازيغي"    بين "أوتيستو" و"طريق السلامة" .. المهرجان الوطني للفيلم يستقبل الهامش    ترويج الكوكايين يطيح بشخصين في تطوان    علماء يصلون إلى حمض أميني مسبب للاكتئاب    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    "لارام" تدشن خطا مباشرا بين الدار البيضاء وميونيخ    بعد التتويج بكأس العالم.. هل خسر المغرب موهبة القرن أم ربح مشروعاً يصنع الأبطال؟    كنزة الغالي.. سفيرة بروح وطنية عالية تجسد الوجه المشرق للمغرب في الشيلي    رياضي سابق يفارق الحياة في مقر أمني بأمريكا    تمديد آجال الترشيح للجائزة الوطنية الكبرى للصحافة    المغاربة يترقبون ممراً شرفياً لكأس العالم للشباب في الرباط...    القصر الكبير : حجز أزيد من 30 كيلوغراما من مادة محظورة داخل مرايا معدة للتصدير    الصين تدعو الولايات المتحدة لحل الخلافات التجارية عبر الحوار    عن أي سلام يتحدثون؟    أونسا: استعمال "مضافات الجبن" سليم    ساعة أمام الشاشة يوميًا تخفض فرص التفوق الدراسي بنسبة 10 بالمائة    مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    دراسة: مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    العِبرة من مِحن خير أمة..    حفظ الله غزة وأهلها    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الحاجة إلى المثقف الأمازيغي
نشر في هسبريس يوم 08 - 10 - 2017

لا شك أن السؤال الأول الذي يتبادر إلى الذهن، ونحن بصدد مناقشة الحاجة إلى المثقف بشكل عام، والأمازيغي بشكل خاص، راهنا في المغرب، هو ما المقصود بالمثقف عامة، وبصفة "الأمازيغي" خاصة؟
فالمثقف بكل اختصار هو منتج للمعنى، يمتلك ما يكفي من أدوات المعرفة والإبداع والقدرة على طرح الأسئلة الصعبة، وعلى تحليل الواقع والوقائع والانتباه إلى نبض المجتمع وإخفاقات واختلالات تدبير قضاياه وشؤونه، وينخرط في مسارات تطوره الثقافي والاجتماعي والسياسي اعتمادا على رؤية إنسية وتصورات وإنتاجات علمية وفكرية أو إبداعية مؤثرة وذات جدوى ومعنى.
ومن المعلوم أنه من شروط تطور المجتمعات والتجارب الديمقراطية الإنصات لصوت المثقف الذي يضطلع بدور نقدي وتنويري يعكس انشغالات المجتمع وصوته ومشروع تطويره والاستجابة لطموحاته، وذلك بالشكل الذي يتمن دور الثقافة والفكر والمثقف ووظيفته كحامل للضمير الجمعي وفاعل ووسيط مجتمعي، خاصة أمام إخفاقات السياسي وفي مقابل مقاربته ومصالحه، وأحيانا جشعه وتجبره وعماه، وباعتبار المثقف منتج للمعنى يتيح إمكانات تحليل وفهم المجتمعات والأوضاع واختلالات تدبير شؤونها وإنتاج المعرفة الضرورية حولها.
ففي تاريخ الأنظمة الديمقراطية والمجتمعات المتقدمة يلاحظ كيف تم توظيف الثقافة وإنتاجات الباحثين والمفكرين والفنانين وانتقاداتهم وإبداعاتهم ونظرياتهم....في مسار التطور الاجتماعي والسياسي والثقافي، وتصريفها من خلال اختيارات النموذج المجتمعي ووضع السياسات العمومية وتقويمها، وتقوية أدوات الإنتاج الاجتماعي ودمقرطتها، خاصة في مجالات التعليم والثقافة والإعلام والشأن الديني وتطوير الحياة الاجتماعية.
من الواضح أن المثقف الأمازيغي هو أولا مثقف، وبالتالي تسري عليه كل الأسئلة والمواصفات والشروط التي يثيرها هذا الوصف والانخراط والوظائف المرتبطة به. ولأنه مثقف فلا يمكن أن يحمل هذه الصفة ما لم يبحث في وضعه وانتمائه الاجتماعي والثقاقي وفي الهوية التي ينتمي إليها. لذا كان على “المثقف” الأمازيغي مند نشأة المفهوم وتوفر شروط ظهوره، العمل على تأكيد مشروعية هذا الوصف في علاقة بمهامه وبوضعية الأمازيغية، وبالتطور الحضاري للمجتمع ككل.
ومن الملاحظ أن كل المثقفين المغاربة طرحوا سؤال الهوية والانتماء، والفرق أن جلهم تبنوا التصور القومي الذي يرتبط بسياق سياسي وإيديولوجي سابق وبعوامل موضوعية وبإغراءات الشرق، ولم يكلفوا نفسهم كثيرا عناء تفحص حقيقة انتمائهم واختلافهم المغربي، مع استثناءات قليلة أهمها إنتاجات وأعمال بعض اللسانيين والمؤرخين والمثقفين والمبدعين والفاعلين الأمازيع. نذكر منهم محمد شفيق وعلي صدقي أزايكو وابراهيم أخياط وحسن إدبلقاسم وأحمد بوكوس وبوجمعة الهباز والقاضي قدور ومحمد الشامي والصافي مومن علي وأحمد دغرني ومحمد أجعحاع وبلعيد بودريس...، وفي مرحلة لاحقة أحمد عصيد ومحمد أكوناض ومحمد بودهان وعلي حرش الراس ومريم الدمناتي وأحمد أرحموش...وآخرون لا يتسع المجال لذكرهم جميعا ونعتذر عن ذلك، وانضاف جيل لاحق من الشباب الباحثين والمبدعين في عدة مجالات فكرية ومعرفية وأدبية وفنية، والعاملين في مجال الترافع الحقوقي والفعل المدني والتنموي.
وبصدد الحديث عن السياق السابق الذي عرف نزوعا قوميا قويا واستفراديا، ينبغي أيضا استحضار المقاربة الفكرية الاختلافية لعبد الكبير الخطيبي التي كانت عميقة ومتميزة في سياق النقاش الفكري لسنوات السبعينات والثمانينات من خلال انتباهه المبكر إلى واقع التعدد اللغوي والتنوع الثقافي والاختلاف المغربي.
انطلاقا من تراكمات ونتائج هذا السياق واختيارات الماضي، يتضح أن وضع المثقف الأمازيغي وضع صعب بشكل مضاعف، ودوره مضاعف أيضا، لأنه يتحمل كل صعاب وتبعات الانخراط الثقافي في قضايا المجتمع ومسار تطوره الفكري والحقوقي، إضافة إلى عمله ودفاعه عن مشروعية الأمازيغية وإنصافها لغة وثقافة وهوية، وتحليل ونقد البنية الثقافية والفكرية الأحادية وإيديولوجيتها.
فقد أسس المثقف الأمازيغي مشروعيته وصفته وخطابه على تقديم بديل للمثقف القومي ومشروعه الفاشل في استيعاب وفهم حقيقة المجتمع المغربي ووضعه الثقافي المتنوع وعمقه الإنسي، والمساهمة في مسار البناء الديمقراطي وتطور المجتمع والحياة الحقوقية والثقافية والسياسية، وباعتباره حامل لقضية حقيقية ذات مشروعية حقوقية وثقافية بارزة، وذلك بشكل يستجيب للحاجة للتحول والمصالحة مع الذات وتصحيح إخفافات الماضي، والانتصار لقيم وخيارات التعدد الللغوي والتنوع الثقافي وتقوية مقومات الهوية الوطنية المنفتحة وفي صلبها الأمازيغية، وتحرير الإمكان البشري والممكن التنموي الوطني.
يتميز المثقف الأمازيغي أيضا، بتمكنه الواضح من إخراج نقاش الأمازيغية من الإطار العرقي ومن حدود التناول اللسني والثقافي البسيط، واعتماد المعارف الحديثة قي حقول الانثربولوجية واللسانيات والتاريخ والسوسيولوجيا...في التعاطي مع الإشكالات والمواضيع التي تتصل بالوضع اللغوي والثقافي والهوياتي، وربطها بمسار التطور الحضاري للمغرب ككل، في ارتباط ببقية القضايا الاستراتيجية ومشروع البناء الديمقراطي وتحقيق كرامة المواطن المغربي.
انطلاقا من هذه التوضيحات تتأكد الحاجة الملحة إلى المثقف الأمازيغي وأدواره في المستقبل من خلال:
الاضطلاع بمهامه النقدية والتنويرية ضد أسباب ومظاهر التخلف وقوى الاستبداد والنكوص التي تتهدد هويتنا المنفتحة ووجودنا الحضاري والثقافي المختلف وعيشنا المشترك، والإنصات لنبض المجتمع وآلامه، ونقد الاختيارات والسياسات والإجراءات غير المنصفة، والاستمرار في إنتاج المعرفة وتجديد المفاهيم، وتطوير النقاش العمومي والمساهمة في إغناء وتطوير الثقافة المغربية المتنوعة وتحديثها.
ثم الاستمرار في الدفاع عن أطروحته والإقناع بها، وإرساء نتائجها على المستوي المؤسساتي والتدبير الديمقراطي والمنصف للتعدد اللغوي والتنوع الثقافي وفكر الاختلاف والعدالة المجالية...وإنتاج الخطاب والمعرفة والإبداع الضروريين لذلك وللنهوض بالأمازيغية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.