اهتمت الصحف المغاربية الصادرة اليوم الاثنين، على الخصوص، بانعكاسات التحركات الاحتجاجية على الاقتصاد التونسي، واتساع دائرة الإضرابات في الجزائر. ففي تونس اعتبرت صحيفة "الصباح الأسبوعي" أن إيقاف إنتاج حقول النفط، والفوسفاط "الذي يترتب عنه إيقاف عدة مؤسسات أخرى هو بمثابة تجويع جماعي، وليس احتجاجا لتقديم مطالب تنموية وغيرها". وأضافت الصحيفة في افتتاحيتها أن ذلك يؤدي إلى "تعطيل كامل للبلاد وبالتالي على الحكومة أن تقدم حلولا استثنائية وأن يكون لدى المحتجين وعي وإدراك بدقة المرحلة والظروف..."، معتبرة أنه "إذا كان على الجهات المسؤولة أن تقدم بدائل حقيقية وتنموية فعلى المحتجين أيضا التفاعل إيجابيا مع المبادرة الخاصة والمقترحات والإجراءات المقدمة". ومضت الصحيفة قائلة أنه "لا يمكن تشغيل الكل في الحوض المنجمي أو في شركة الفوسفاط، وكفانا إثقالا لكاهل المؤسسات الوطنية"، مشددة على أنه قد "آن الأوان لإيقاف نزيف الاحتجاجات "القاتلة"... التي تعطل عجلة الاقتصاد وتزيد في إغراقه". ورأت أن "الفوسفاط والبترول والغاز، وغيرها ثروات وطنية وملك لكل التونسيين ولا يمكن بأية حال من الأحوال، إصابة قطاع كامل بالشلل في محاولة لإيصال الأصوات المطالبة". وأوردت صحيفة "الشروق" من جانبها تصريحات لرئيس الحكومة يوسف الشاهد أكد فيها أنه عند قدوم الحكومة الوطنية وجدت إنتاج الفوسفاط معطلا، وساهمت في عودة الإنتاج ليصل إلى معدلات قياسية مماثلة لمعدلات سنة 2010، مشيرا إلى أن الحكومة تفادت الحل الأمني. وشدد الشاهد على ضرورة مواصلة الحوار في الملف المذكور مع الشركاء الاجتماعيين، مشيرا إلى وجود بوادر إيجابية لعودة الإنتاج بعد جلسات ماراطونية بين الحكومة واتحاد الأعراف (اتحاد أرباب العمل) ونواب جهة قفصة. ومن جهتها سجلت صحيفة "البيان" أنه رغم مساعي وزارة الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة وجولة المفاوضات واللقاءات بين مختلف الأطراف "إلا أن أزمة شركة فوسفاط قفصة مازالت تراوح مكانها بل اشتدت بعد أن تعطلت عملية الإنتاج فيها كليا ونزول رقم معاملاتها إلى أقل من النصف". ونقلت الصحيفة عن وزير الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة خالد قدور قوله إن "الأزمة مازالت متواصلة والاختلافات في المواقف والآراء مازالت قائمة رغم مساعي الوزارة والعديد من الأطراف إلى مواصلة المفاوضات الاجتماعات لحلحلة الأزمة وعودة الإنتاج الذي لم يتجاوز في وضعه الطبيعي 50 في المائة من إمكانيات الشركة". واعتبر الوزير التونسي أن تعطيل الانتاج من قبل المعتصمين الرافضين لنتائج مباراة للتشغيل تسبب في خسائر مالية ضخمة واختلال التوازنات بين مداخيل الشركة ومصاريفها. وأشار إلى أن شركة الفوسفاط لم تعد قادرة على المزيد من التوظيف، مضيفا أن المطالبة بذلك غير ممكنة، خاصة وأنها تضم في الوقت الراهن 30 ألف موظف بعد أن كانوا سنة 2010 عشرة آلاف موظف. ومضى الوزير قائلا إن 11 ألف موظف يتقاضون رواتب دون أن يعملوا، مشيرا إلى وجود أطراف سياسية واجتماعي تقف وراء الأزمة. ومن جهة أخرى أشارت "الشروق" إلى أن المعتصمين في ولاية تطاوين اعتبروا خلال وقفة احتجاجية أمس الأحد أن الحكومة لم تنفذ إلا جزءا بسيطا مما تضمنه "اتفاق الكامور". وأضافت أن المتحدث باسم تنسيقيات اعتصام الكامور قال إن المعتصمين مصممون على العودة إلى تعطيل الشركات البترولية إذا لم تستجب الحكومة لمطالب شباب الجهة. وفي الجزائر اهتمت الصحف بالحركات الاجتماعية المتواصلة حيث عادت صحيفة "ليكسبريسيون" إلى الدعوة إلى اضراب عام من قبل النقابات، معتبرة أن ذلك "يستجيب لمنطق تصعيد يخضع لأجندة محددة". ولاحظت الصحيفة أنه بعد بضعة أيام من الاضراب لمدة يومين الذي دعت إليه خمس نقابات في قطاع التعليم، هناك دعوة أخرى وهذه المرة من طرف مجموعة من حوالي عشر نقابات لشن إضراب يوم 4 أبريل المقبل. وأضافت أنه على الرغم من كون الاحتجاج الأول لم يلق استجابة كبيرة، فإن التهديد بإضراب غير محدود يمكنه أن تشكل مدعاة للقلق بالنسبة للتلاميذ وأولياء أمورهم، ملاحظة أنه يبدو أن هذا جانب من الوضع لا يمثل أولوية بالنسبة للنقابات التي تقول إنها تمثل العاملين في قطاعات التعليم والصحة والتعليم العالي والإدارة. وأشارت الصحيفة إلى أن المسؤولين النقابيين الذين اجتمعوا في مقر الإتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين، في نهاية الأسبوع، قاموا بتقييم "حركة الاحتجاج والإضراب الوطني ليوم 14 فبراير 2018 الذي نجح في تعبئة العمال في العديد من القطاعات حول مجموعة من المطالب". وأضافت أن تلك النقابات لاحظت "غياب حوار اجتماعي جدي بين الحكومة والمنظمات النقابية واللجوء إلى استخدام أساليب لعرقلة العمل النقابي، واللجوء التلقائي إلى القضاء لحل الصراعات الاجتماعية"، مبررة أن "اللجوء إلى إجراءات متطرفة، يكون أثره الوحيد، في حال نجاحه، تجميد الوظيفة العمومية برمتها، مما ستنجم عنه حالة من الفوضى في البلاد". وتساءلت صحيفة "لسوار دالجيري" من جانبها عن دور النقابات العمالية، مشيرة إلى أن يوم 24 فبراير وهو ذكرى تأميم سونتراك تم الاحتفال به في ظروف خاصة هذا العام، حيث تهتز البلاد على وقع تحركات اجتماعية كثيفة تخوضها نقابات، يثير دورها جدلا في الوقت الراهن. واعتبرت أن هذا التاريخ الرمزي يأتي في ظرف حرج، هذه المرة، وقد يكون حاسما في مسلسل تطور الإحاطة بالمطالب الاجتماعية بشتى أنواعها في الجزائر. وترى الصحيفة أن الأحداث التي تهز قطاع التعليم منذ عدة أسابيع كشفت عن وجود حالة من التناقض لا يتم فيها رفض دور النقابات فحسب بل إنه أصبح يثير الشجب والاستنكار. وأشارت إلى أن التلاميذ و أولياء أمورهم أصبحوا يقفون في وجه المنظمات النقابية التي يتهمونها صراحة بالعمل لتحقيق مصالحها فقط على حساب التلاميذ الذين تتم التضحية بهم وجعلهم في وضعية دقيقة من شأنها أن تضر بمسارهم الدراسي. ومن جانبها، تطرقت صحيفة "لوجور دالجيري" إلى تداعيات إضراب العاملين في قطاع الصحة والمدرسين، مشيرة إلى أن وزير العمل والأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين عبد المجيد سيدي سعيد ورئيس حركة البناء، مصطفى بلمهدي دعوا المضربين في قطاعي التعليم والصحة إلى "العودة إلى العمل" و "اتباع سبيل الحوار". وأشارت إلى أن وزير العمل أكد أنه رغم المطالب المشروعة للعاملين في قطاعي التعليم والصحة إلا إن الوسائل التي تلجأ إليها النقابات ليست كذلك لأن القضاء اعتبر أن تلك الحركات الاحتجاجية غير مشروعة. وفي نفس السياق دعا الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين عبد المجيد سيدي سعيد النقابيين إلى "الحوار" والحفاظ على السلم والاستقرار في البلاد. وهو ما ذهب إليه أيضا مصطفى بلمهدي رئيس حركة البناء الذي اعتبر أن "الإضرابات التي يتسع نطاقها يوما بعد يوم تفرض على الدولة إيجاد حلول عاجلة من خلال حوار جاد وليس من خلال القمع".