اهتمت الصحف المغاربية الصادرة اليوم الأربعاء، على الخصوص، بالمطالب الاجتماعية في تونس في ضوء الاحتفال بعيد الشغل، والجدل الذي أثاره قانون العمل الجديد في الجزائر، و احتفال الطبقة العاملة في موريتانيا بعيد الشغل. ففي تونس كتبت صحيفة "المغرب" أن عيد الشغل جاء هذه المرة على إيقاع "أزمة مفتوحة" بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر مركزية نقابية)، والسعي لتطويق الأزمة الداخلية الناجمة عن محاولة تمرد الجامعة العامة للتعليم الثانوي (نقابة)، وبدء مفاوضات اجتماعية في القطاعين العام والخاص، وكل ذلك قبل أيام معدودة من أول انتخابات بلدية ديمقراطية في تاريخ البلاد". وكتبت الصحيفة في افتتاحيتها تحت عنوان "حسابات الربح والخسارة بين الحكومة والاتحاد"، أن "اتحاد الشغل يجد نفسه اليوم على أكثر من واجهة.. واجهته التقليدية في المفاوضات الاجتماعية في القطاعين العام والخاص، وواجهة مستجدة إلى حد ما وتتمثل في مشاركته في مشاورات ما يعرف ب"وثيقة قرطاج 2" والتي ستفضي إلى حزمة جديدة من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية بمخرجات سياسية لم تتضح بعد." وسجلت الصحيفة أنه "بقدر التقدم في هذا المسار واتضاح مآلاته، فإن التعثرات القوية منتظرة ومتوقعة في المفاوضات الاجتماعية في القطاع العام"، معتبرة في المقابل، أن "الحكومة خسرت حربها الأساسية وهي إقناع شركائها في الداخل والخارج بقدرتها على قيادة الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية الضرورية للبلاد". وخلصت الصحيفة إلى القول إن البلاد "أمام اختيارات إستراتيجية تتجاوز التكتيك التفاوضي في هذا القطاع أو ذاك، وهي اختيارات تفرض على اتحاد الشغل أدوارا جديدة إلى حد ما ما دامت المركزية النقابية قد أصبحت فاعلا سياسيا بالبلاد"، مشيرة إلى أن "الانتخابات البلدية القادمة قد تفرز وضعا جديدا يفرض على الجميع إعادة تقييم الأوضاع وترتيبا مغايرا للأوراق". وكتبت صحيفة "الشروق" من جانبها، أن "واقع البطالة الذي تحصيه الأرقام في البلاد بمئات الآلاف ليس مسؤولية القوى الاجتماعية ولا هو مسؤولية الحكومة أو الأحزاب"، معتبرة أن "الواقع المتأزم في تونس هو نتيجة التنافر أمام طاولة المفاوضات، وعدم إصغاء الأطراف المعنية لبعضها البعض". وأضافت الصحيفة في افتتاحيتها، أن "الذي يدعي أن أزمة تونس اليوم تكمن في عدم إقبال التونسي على العمل وأن ملامحه الشغلية تبدلت، إنما هو يتجنى على الواقع"، مشددة على أنه "في هذا الظرف بالذات، ظرف متسم بالتقلبات وبأوجه أزمة، يحق للتونسيين جميعا أن يرفعوا شعار الوحدة، لأن البلاد تحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى رص الصفوف فعليا وليس نظريا". واعتبرت أن "تونس بحاجة إلى حل جماعي وإلى وحدة وطنية لا إلى تنافس نحو المصير الأسوأ"، مشيرة إلى أن "وطأة الأزمة في تونس تتخذ أبعادا أخرى في بلد يتسم اقتصاده بالهشاشة، وفي بلد أمامه سبل الحلول قليلة". وسلطت صحيفة "الصباح" من جهتها، الضوء على تصريحات نور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، بمناسبة فاتح ماي، حيث أكد بالخصوص أنه "من حق المنظمة الشغيلة كطرف اجتماعي انخرط في وثيقة قرطاج وتحمل مع شركائه مسؤولية تجسيد مضامين هذه الوثيقة أن يقترح تصحيح المسار وضخ دماء جديدة في مفاصل الدولة انطلاقا من حرصه على تسريع وتيرة الإصلاحات". وأشارت إلى أن الطبوبي أكد أيضا أن "عودة الموقعين على اتفاق قرطاج للحوار في الفترة الأخيرة يدل على أننا لم نتمكن من تحقيق تلك المضامين بالقدر الكافي"، مضيفا أن الاتحاد على وعي شديد بصعوبة الأوضاع والمخاطر التي تتربص بتونس وبالصعوبات التي تمنع الاقتصاد التونسي من الإقلاع. وقالت إن الأمين العام للمنظمة الشغيلة أكد استعداد منظمته لحث العمال على بذل كل ما في وسعهم لتطوير إنتاجية العمل، ومزيد من التضحية وتقاسم الأعباء، شريطة ألا ي حمل الأجراء وضعاف الحال وحدهم هذا الواجب. ولاحظت صحيفة "الصحافة اليوم" أن كلمة الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل بمناسبة الاحتفال بعيد الشغل جاءت مليئة برسائل واضحة المضمون موجهة إلى الحكومة، خاصة في ما يتعلق بالوضع الاقتصادي والاجتماعي بالبلاد. وأضافت أن الطبوبي اعتبر في كلمته أن البلاد "تعيش حالة من الإحباط بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة"، مؤكدا أن "هناك اجماعا شعبيا تؤكده الأرقام والإحصائيات على فشل الحكومات المتعاقبة منذ الثورة في إيجاد الحلول المناسبة". وسجلت الصحيفة في المقابل أنه "في الوقت الذي تعلن فيه حكومة يوسف الشاهد عن تحسن في المؤشرات الاقتصادية والمالية خلال الربع الأول من السنة الحالية، جاء تشخيص المنظمة الشغيلة في تناقض مع التشخيص الحكومي". وفي الجزائر، خصصت الصحف تعاليقها للجدل الذي أثاره قانون العمل الجديد والقائمة التي وضعتها وزارة العمل والخاصة بالنقابات والتنظيمات النقابية التي يحق لها ممارسة هذا العمل. وكتبت صحيفة (ليبيرتي)، في هذا الصدد، أن وزارة العمل، المدعوة إلى التدخل للحد من الاحتجاجات النقابية في قطاع التربية، والتي قادها المدرسون المنضوون تحت لواء المجلس الوطني المستقل لمستخدمي التدريس للقطاع ثلاثي الأطوار للتربية، قامت بما تقوم به أيضا وزارة في نظام استبدادي: إنزال عقوبات إدارية بالجملة على المنظمات النقابية. وفي افتتاحيتها بعنوان "العمل النقابي بين القانون والسياسة "، اعتبرت الصحيفة أنه وبدل القيام بالواسطة، التي تتطلبها أي حالة نزاع في المقام الأول، فإن مراد زمالي (وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي الجزائري) ومعاونيه اختاروا اللجوء إلى العقاب. وأوضحت أنه بما أن الترسانة القانونية ليس من الصعب إيجادها بالنسبة لإدارة تتمركز لديها المعطيات المتعلقة بالعمل النقابي في عالم الشغل، فإن وزارة زمالي طالبت النقابات المستقلة بالبرهنة على تمثيليتها. وكشف صاحب الافتتاحية أن هذا المسعى، والذي قد يستند، عند الحاجة، على حجج قانونية مستقاة من النصوص الجاري بها العمل، يدعو إلى الشك حول خلفيته السياسية، معللا بأن ذلك لم يتم القيام به كعملية عادية، وإنما كرد فعل على الإضرابات القوية والطويلة إلى الحد الذي جعل السلطات العمومية تعاني منها بشكل جدي وتشاطرها وجهة النظر هذه صحيفتا (الشروق) و(الحياة) اللتان رأتا أن هذا النهج مثير للشك على اعتبار أن وزارة العمل، التي تقوم بتسجيل وتسليم التراخيص للنقابات، لم تقم بمعالجة الملفات النقابية بشكل منتظم، في حين أن القانون يفرض عليها ذلك. واعتبرت الصحيفتان أنه يمكن افتراض أنه إذا كانت الوزارة لم تكن صارمة في هذا المجال، فلأنها كانت في حاجة للإبقاء على الزبونية في العالم النقابي، كما هو الحال في الدائرة الحزبية. وكشفتا أنه وباختيار سياسي استمرت نقابات دون قواعد حقيقية، بل وحتى دون هياكل ولا منخرطين، في الوجود بشكل قانوني على مدى سنوات طويلة واعتبرت، عند الحاجة، من بين الشركاء المفضلين للسلطات العمومية، مسجلتين أن الأمر ينطبق على نقابات وعلى أحزاب سياسية، إذ ليس غياب التمثيلية التي يستحق فعلا العقاب، وإنما العلاقات مع السلطة السياسية. من جهتها، ذكرت الصحيفة الالكترونية (كل شيء عن الجزائر) أن وزارة العمل قدمت ، أول أمس، حصيلة حول النقابات والتنظيمات النقابية الاجتماعية التي بررت حضورها، مسجلة أن القائمة تم الاعتراض عليها من قبل نقابات قطاع التربية، التي نددت ب"كبح" لنشاطها. وأوضحت أن جميع النقابات المستقلة في قطاع التعليم بما فيها النقابة المستقلة لعمال التربية والتكوين، والنقابة الوطنية لعمال التربية، والنقابة الوطنية المستقلة لمدرسي التعليم الثانوي والتقني، والمجلس الوطني المستقل لمستخدمي التدريس للقطاع ثلاثي الأطوار للتربية (كنابست)، تم الإعلان عن كونها غير مطابقة للمتطلبات الجديدة للتمثيلية. وحذرت الصحيفة من أن هذا الإجراء، الذي يرمي إلى إقصاء العديد من النقابات، قد يوقف النشاط النقابي بالجزائر، مبرزة أنه وبحسب هذا التصنيف، فإن أي حركة احتجاجية لن تكون ممكنة مستقبلا في قطاع التربية الوطنية، بسبب غياب نقابة تتمتع بالتمثيلية بشكل قانوني. من جانبها، شددت صحيفة (الوطن) على مشروع القانون المتعلق بقانون العمل، الذي يؤكد أن وجود تراجع في مجال حماية العمال، والحريات النقابية. وكشفت الصحيفة أنه، ومنذ إعداد صيغته الاولى سنة 2014، ثم الثانية سنة 2015، تم رفض مشروع القانون بشكل مطلق سواء من قبل النقابات المستقلة أو من قبل الاتحاد العام للعمال الجزائريين، لأنه يفتح الطريق للهشاشة في التشغيل، ويقوي من صلاحيات أرباب العمل ويقلص من حقوق العمال. وذكرت بأنه في شهر فبراير الماضي، طمأنت الحكومة، عن طريق وزير العمل، النقابات من خلال الدعوة إلى "حوار اجتماعي" حول هذه القضية، دون أن تسير في وعودها إلى نهاية المطاف، وذلك في الوقت الذي كانت تضع فيه هذه النقابة، المعارضة بشدة لمشروع القانون، اللمسات الاخيرة على "كتاب مقترحاتها" الذي سيسلم للسلطات العمومية. وفي موريتانيا، كتبت الصحف أن الطبقة العاملة احتفلت بعيدها العالمي، أمس، في عموم تراب البلاد، وسط تزايد المظاهرات والوقفات الاحتجاجية والإضرابات من أجل المطالبة بتحسين أوضاعها. وأضافت أن المركزيات النقابية والهيئات والروابط العمالية سلمت للحكومة 43 عريضة مطلبية، ضمنتها أبرز مطالب الشغيلة، ممثلة، على الخصوص، في تحسين الظروف المعيشية والمهنية والزيادة في الأجور وخلق المزيد من فرص الشغل واحترام الحريات النقابية. وأضافت أن المسيرات العمالية شهدت ترديد هتافات احتجاجية ضد غلاء المعيشة وغياب الرقابة على أسعار المواد الاستهلاكية وكذا تدني أجور العمال في غالبية القطاعات. ونقلت الصحف عن الأمين العام للكونفدرالية العامة لعمال موريتانيا، أكبر مركزية نقابية بالبلاد، عبد الله ولد محمد، قوله في تصريحات للصحافة عند انطلاق مسيرة نقابته تخليدا لعيد العمال، إن "البلد على كف عفريت، وإن على الحكومة أن تعي خطورة الوضع القائم وتتحرك لإنقاذ البلد من الانزلاق". وأضافت أن ولد محمد أشار إلى أن الحركة النقابية تضع في صلب اهتمامها هذا العام موضوع إعادة التوزيع العادل للثروة، معتبرا أن الاحتفال بعيد العمال جاء هذا العام "في ظل ظروف خاصة تتميز بسوء أداء الحكومة، التي حصدت وباعتراف البنك الدولي خلال السنوات الست الماضية ألفي مليار أوقية من قطاع المعادن وحده، بالإضافة لثلاثة ملايير دولار حصلت عليها كسلفة، لكن هذه الأموال الكبيرة لم تنجز منها مشاريع تسمح بتنوع اقتصادي يساهم في حل مشكل البطالة وسوء الخدمات العمومية في قطاع الصحة بالإضافة إلى تردي قطاع التعليم العمومي". وعلى صعيد متصل، نقلت الصحف عن مؤسسة المعارضة الديمقراطية (تضم أحزابا ممثلة في البرلمان)، قولها إن الفاتح من ماي لهذا العام أتى و"الشغيلة الموريتانية تعاني ظروفا صعبة وتحديات كبيرة بفعل ارتفاع تكاليف الحياة، وغلاء أسعار المعيشة والصحة والتعليم في مقابل تدني الأجور وانقطاعاتها المتكررة وعدم تعميم الضمان الصحي والاجتماعي هذا في القطاع العمومي". وتابعت الصحف، أن المؤسسة اعتبرت، في بيان، أصدرته بالمناسبة، أن الأوضاع في القطاع الخاص ليست أحسن حالا، "حيث يستفرد المشغلون بالعمال دون رقيب أو حسيب، فالأجور متدنية، وظروف العمل قاسية والغياب التام لأبسط الحقوق والضمانات، هذا إضافة الى الانتشار الكبير للبطالة (أكثر من 30 في المائة) وخاصة بين الشباب والخريجين وحملة الشهادات مع غياب استراتيجية جادة وفعالة للتشغيل"، محذرة من أن هذه الأوضاع تندر ب"انفجار في الواقع الاجتماعي للبلد، إيذانا بأن الوضع لم يعد يطاق وبأن الحلول الآنية والمسكنات لم تعد تقنع ولا تجدي نفعا، وهو ما بدأت بوادره تلوح في الأفق في شكل مظاهرات واعتصامات واحتجاجات شملت العديد من القطاعات الحيوية والحساسة وكان آخرها إضراب الأطباء". وقالت الصحف إن المؤسسة اعتبرت أن ما تعانيه الشغيلة الموريتانية هو نتيجة حتمية لفشل السلطات وعجز سياساتها، مطالبة الحكومة باتخاذ إجراءات جدية وفعالة لتحسين ظروف العمال والزيادة في الأجور، ومؤكدة تضامنها مع الأطباء المضربين والدكاترة العلميين المطالبين بالتشغيل وإدانتها "لما تعرضوا له من مضايقات ومنع من التظاهر".