رئيس الحكومة يستقبل وفدا من كبار المسؤولين والفاعلين الاقتصاديين بمقاطعة آنهوي الصينية    ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة بشكل يومي مفيدة لصحة القلب (دراسة)    تأجيل أولى جلسات مقاضاة الأمير مولاي هشام لليوتوبر رضا الطاوجني    رسميا.. تحديد موعد الديربي البيضاوي بين الرجاء والوداد    "ماركا" الإسبانية تشيد باللاعب المغربي الدولي عثمان معما    محاربة الهدر المدرسي هو المدخل لمحاربة ظاهرة الشباب غير المندمجين في التعليم أو العمل (برادة)    منير محقق يصدر «تحليل بنيات الحكاية الشعبية المغربية»    شعلة الحي المحمدي تطلق «حوارات شبابية» مع الدكتور كمال هشومي    دعوات نقابية لاحترام حق الشباب في الاحتجاج وتحذير من تهديد الاحتقان المتنامي للسلم الاجتماعي    بلاوي يشيد بمجهودات تمكين المرأة    منتخب "الأشبال" يواجه فرنسا بطموح بلوغ النهائي والاقتراب من اللقب التاريخي    إندونيسيا تستبعد رياضيين إسرائيليين    "أسعار الاستهلاك" ترتفع في المملكة    "تقنيو السكانير" ينادون بتقنين المهنة    سانشيز: المسؤولون عن "الإبادة الجماعية" في غزة يجب أن يحاسبوا قضائيا    فتح باب الترشيح للاستفادة من دعم الموسيقى والأغنية والفنون الاستعراضية والكوريغرافية    "جيتكس غلوبال 2025" .. الذكاء الاصطناعي يحدد خريطة إنتاجية جديدة    "الصحة العالمية": الاضطرابات العصبية تتسبب في 11 مليون وفاة سنويا حول العالم    المغرب يتجه لدخول نادي منتجي اليورانيوم في العالم    شرطة فاس تستخدم سلاحها الوظيفي لإيقاف جانحين بعد تعرض عناصرها لهجوم بسكاكين    أكادير.. اعتقال شخص متلبس بالتحضير لعملية الهجرة غير الشرعية لفائدة 45 مرشحاً    الحسيمة.. أحكام بحق خمسة قاصرين على خلفية أحداث إمزورن    الناتو يبدأ مناوراته النووية فوق بحر الشمال وسط توتر دولي متصاعد    إسبانيا ‬تتموقع ‬إلى ‬جانب ‬المغرب.. ‬نحو ‬شراكة ‬بحرية ‬جديدة ‬تعيد ‬رسم ‬موازين ‬المتوسط    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    التحول الحاسم في مسار النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية و نهاية الأطروحة الإنفصالية.    مندوبية التخطيط تتوقع نموا ب4,7 في المائة خلال الفصل الرابع ل2025    "فيفا" يكشف التميمة الرسمية لمونديال السيدات لأقل من 17 سنة    مهرجان بن جرير يكرم رشيد الوالي ويحتفي بذكرى محمد الشوبي    الزابيري.. من شبل إلى أسد يقود المغرب لنصف نهائي المونديال    قادة أربع دول يوقعون وثيقة شاملة بشأن اتفاق إنهاء الحرب في غزة    فيديو.. المنتخب المغربي يخوض آخر حصة تدريبية على أرضية ملعب الأمير مولاي عبد الله قبل مواجهة الكونغو    طقس الثلاثاء: أجواء حارة بعدد من الجهات    كريم الأحمدي ل"سبورتنيوس": حكيم زياش مكانه الطبيعي في نخبة الدوري الهولندي    الحكومة الفرنسية الجديدة الهشة تعرض مشروع الميزانية    قصف يقتل 3 فلسطينيين شرق غزة    المغرب: الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في صلب مشروع تعميم الحماية الاجتماعية    الذهب يلامس ذروة قياسية جديدة وسط إقبال على الملاذ الآمن    انفجار يقتل 3 عناصر من الدرك شمال إيطاليا    نحو ألفي قتيل و30 ألف جريح إسرائيلي منذ أكتوبر 2023.. تقرير يرصد امتداد الخسائر إلى خمس جبهات    سابقة.. مؤسسة خاصة للمهن شبه الطبية بالجديدة تعلن عن إطلاق سنتها الدراسية الأولى بالمجان    سائقو الطاكسيات الصغيرة بالجديدة يحسمون الموقف: ''لا أمين للحرفة.. والعداد لن يشتغل حالياً!    بميناء طنجة المتوسط: إحباط محاولة تهريب أدوية مخدّرة وحجز 9 آلاف قرص من "ريفوتريل"    تأخر التساقطات يقلق المزارعين ومربي الماشية من موسم فلاحي صعب    "جيتكس غلوبال" يبرز مستجدات الحلول الذكية ومستقبل الأصول الرقمية    معايير منح جائزة نوبل بين التشريف السياسي والاستحقاق الأكاديمي    فوز 3 علماء بجائزة نوبل في الاقتصاد    لافونتين المغربي والخطاب السياسي..    دراسة يابانية: الشاي الأخضر يقي من مرض الكبد الدهني    علماء كنديون يكتشفون طريقة بسيطة عن طريق تحليل عينات من أظفار القدم للكشف المبكر عن سرطان الرئة    جائزة نوبل للأدب بيان ضدّ الشعبوية الأوروبية    «بين حبيبات الرذاذ، خلسة صفاء» .. ما بين المبتدأ وشبه الجملة، ينهمر شعر مينة الأزهر    المغاربة متوجسون من تداعيات انتشار الأنفلونزا الموسمية خلال فصل الخريف    العِبرة من مِحن خير أمة..    حفظ الله غزة وأهلها    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في قانون محاربة الغش في الامتحانات
نشر في هسبريس يوم 15 - 04 - 2018

يمثل الغش أحد المعضلات التي تواجه النظام التربوي، في ظل الثورة التكنولوجية وتطور وسائل الاتصال والتواصل بشكل متسارع وغزوها للفضاءات التربوية ومراكز الامتحانات.
والغش يتنافى مع القيم والمبادئ والغايات التي تسعى المدرسة المغربية إلى ترسيخها في المجتمع، كما يعتبر تجاوزا سافرا لضوابط تنظيم الامتحانات وإخلالا مقصودا للتعاقد التربوي والأخلاقي القائم بين مكونات المنظومة التربوية.
ولمجابهة هذه الظاهرة والحد من آثارها عمل المغرب منذ بداية الاستقلال على إصدار الظهير الشريف رقم 1.58.060 بتاريخ 25 يونيو 1958 بشأن زجر الخداع في الامتحانات والمباريات العمومية، وتضمن عقوبات جنائية في حق مرتكبي الغش تتراوح بين الغرامة وسجن قد يصل إلى 3 سنوات.
وقد أحال الظهير الشريف السابق في ما يتعلق بالعقوبات التأديبية على القرارات الوزيرية، ومنها قرار وزير التربية الوطنية رقم 2111.12 الصادر بتاريخ 31 ماي 2013 في شأن تعزيز آليات ضبط كيفيات اجراء امتحانات نيل شهادة الباكالوريا.
وجاء هذا القرار لتوحيد الاجتهادات المتباينة في شأن معاقبة مرتكبي الغش في الامتحانات من خلال التنصيص في المادة 3 منه على ما يلي: يتولى رؤساء مراكز الامتحانات وكذا المكلفون بالحراسة تحرير محضر ضبط المخالفة، يتضمن هوية المترشح أو المترشحة والرقم الوطني للامتحان ورقم الهاتف أو نوع الحاسوب المضبوط أو اللوحة الإلكترونية، وكذا الرقم التسلسلي لهذه الأجهزة. وبمقتضى المادة 2 من القرار تطبق أحكام الظهير الشريف الصادر بتاريخ 25 يونيو 1958 في حق مرتكبي الغش.
كما قامت الوزارة بالتصدي للظاهرة من خلال إطلاق حملة تحسيسية بمختلف المؤسسات التعليمية لتوعية التلاميذ والتلميذات بمخاطر الغش وتزويد مراقبي إجراء الامتحانات بأجهزة الكشف ورصد الهواتف النقالة والوسائط الإلكترونية الأخرى المحظور حيازتها داخل فضاء مركز الامتحانات.
وقد شكل كل ذلك أرضية لبلورة القانون الجديد رقم 02.13 المتعلق بزجر الغش في الامتحانات المدرسية الصادر بشأن تنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.126 بتاريخ 25 غشت 2016 في سياق توحيد الجهود ومختلف التدخلات لمحاصرة الظاهرة.
ولتسليط الضوء أكثر على هذا القانون، قمت بقراءته شكلا ومضمونا على أمل تثمين الإيجابي من مقتضياته وإثارة نقائصه وثغراته؛ فمن حيث الشكل يتكون من 10 مواد موزعة على أربعة أبواب، يتضمن الباب الأول تعريف مفهوم الغش ومجال تطبيقه، أما الباب الثاني فخصص للحديث عن إجراءات التأديب؛ في حين أن الباب الثالث رصد وعدد العقوبات المخصصة لمرتكبي الغش في الامتحانات، والباب الرابع والأخير تضمن المقتضيات الختامية.
أما من حيث المضمون فالقانون الجديد يهدف إلى ترسيخ مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص وتعزيز الشفافية والمصداقية أثناء إجراء الامتحانات، كما وضع حدا للغموض واللبس في مفهوم الغش من خلال تعريفه في المادة الأولى: بممارسة المترشحة أو المترشح أو غيرهما أي شكل من أشكال التحايل والخداع في الامتحانات المدرسية المتوجة بالحصول على إحدى الشهادات أو الدبلومات الوطنية.
وبقدر ما وسعت المادة من دائرة مرتكبي الغش (المترشحون والمترشحات- المكلفون بالإجراء-المراقبون - غير المترشحين المشاركون في عملية الغش) بقدر ما حصرت مجال التدخل في الامتحانات الإشهادية المتوجة بالحصول على إحدى الشهادات والدبلومات الوطنية؛ ويعني ذلك أنه تم استثناء امتحانات المراقبة المستمرة من مقتضيات القانون.
كما عملت المادة على سرد الأفعال الممثلة لحالات الغش، وقد عددتها في ثماني حالات تتراوح بين تبادل المعلومات كتابيا أو شفويا داخل فضاء الامتحان، وحيازة أو استعمال الوسائل الإلكترونية والمخطوطات والوثائق غير المرخص بها.
كما منحت المادة للجنة التصحيح وتقييم إنجازات المترشحين صلاحية تحرير محضر مخالفة بناء على قرائن تثبت ذلك؛ ووسعت مجال التدخل ليطال غير المترشحين المساهمين في الإجابة عن أسئلة الامتحان من داخل أو خارج المركز، وكذا كل المسؤولين والمتدخلين أو المشاركين في نقل أو حماية عدة الامتحان.
أما المادة الثانية فتطرقت إلى الفضاءات المرتكب داخلها الغش، وكذا الوسائل المستعملة لنقل مواضيع الامتحانات.
وقد عرج الباب الثاني انطلاقا من المواد 3 و4 و5 و6 على الحديث عن العقوبات المطبقة على مرتكبي الغش، تبتدئ بسحب ورقة التحرير من المترشحين والمترشحات وتحرير محضر في هذا الشأن، والتوقيف الاحترازي عن العمل في حق جميع الفاعلين المشاركين في تحرير ونقل أو حماية أوراق ومواضيع الامتحانات، وإحالة ملفهم على أنظار النيابة العامة للتحقيق معهم في الأفعال المنسوبة إليهم.
كما تحدث هذا الباب عن اللجنة التأديبية المشكلة للنظر في محاضر المكلفين بالإجراء والمكلفين بتقييم أجوبة المترشحين؛ وتبقى مقرراتها التأديبية حسب طبيعة الأفعال المرتكبة، فيمكنها منح نقطة الصفر وإلغاء نقط جميع باقي المواد، أو اتخاذ قرار الإقصاء النهائي من اجتياز الامتحان خلال الموسم الجاري أو الموسم المقبل. أما اذا ارتبطت حالات الغش بحيازة أو استعمال الوسائل الإلكترونية كيفما كان شكلها أو نوعها أو مخطوطات ووثائق غير مرخص بها، فيمكن للجنة اتخاذ قرار الحرمان من اجتياز الامتحان لموسمين دراسيين متتاليين.
أما الباب الثالث فعمل على سرد العقوبات الزجرية في حق المشاركين في الامتحان بوثائق مزورة أو انتحال صفة مترشح لاجتياز الامتحان أو تسريب مواضيع الامتحان من طرف مختلف المتدخلين في تحرير أو نقل أو حماية مواضيع الامتحان، أو المساهمة من غير المترشحين في الإجابة عن أسئلة الامتحان أو الاتجار بمواضيعه وأجوبته باستعمال وسائل تقليدية أو إلكترونية بشكل فردي أو في إطار شبكات.
وتتراوح هذه العقوبات بين السجن من 5 أشهر إلى 6 سنوات أو بغرامة يقدر مبلغها بين 5000 درهم و100000 درهم (عشرة ملايين) أو بالعقوبتين معا.
لقد أحسن المشرع بإخراجه القانون الجديد لمحاربة ظاهرة الغش في الامتحانات، لدعم تأمينها وتجويدها انسجاما مع الجهود الرامية إلى إرساء الممارسة الامتحانية على معايير الجودة، لتسهم في التصريف الفعلي لقيم الإنصاف وتكافؤ الفرص والاستحقاق وتعمل على تحسين ظروف هذه الامتحانات تنظيما وتحضيرا للنتائج على نحو يضمن الرفع من موثوقيتها ومصداقيتها.
غير أن هذا القانون أغفل بعض الجوانب التالية:
- تحدث القانون عن الامتحانات المدرسية وأغفل الامتحانات الجامعية.
- أغفل القانون حالات الغش المرتكبة في امتحانات المراقبة المستمرة طيلة السنة.
- أعفى القانون المترشحين والمترشحات من العقوبات الزجرية واكتفى بعقوبة الإقصاء من الامتحان والحرمان من الدراسة.
- لم يكرس الضمانات الكافية، لاسيما للمكلفين بإجراء الامتحانات بعد استفحال ظاهرة الاعتداء عليهم.
- أحجم عن الحديث عن الإجراءات المواكبة والمصاحبة من قبيل التحسيس والإرشاد والتوعية بآفة الغش، وكذا تثبيت أجهزة التشويش على شبكة الاتصال بمحيط مراكز الامتحانات.
*باحث في القانون والشأن الإداري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.