انعقاد الدورة الأولى للجنة المشتركة للتعاون بين المغرب وبوروندي    انعقاد عاجل للمجلس الوزاري يُغيّب أخنوش عن جلسة المساءلة في البرلمان    الفريق الحركي بمجلس النواب يقدم مقترح قانون متعلق بتحديد تدابير حماية المستهلك    الجزائر تطرد 15 موظفا آخر من السفارة الفرنسية.. وباريس: "سنرد بشكل حازم"    الاستثمارات الصينية في المغرب تجاوزت حاجز 10 مليارات دولار    نيسان تعلن تسريح 20 ألف موظف عالميا لمواجهة أزمتها المالية    أمريكا والصين تتفقان على خفض الرسوم الجمركية وتهدئة التوتر التجاري    أشرف حكيمي نجم إفريقيا في الملاعب الفرنسية    إحباط عملية تهريب كبيرة لمخدر الشيرا بأكادير    نداء العيون-الساقية الحمراء: الدعوة لتأسيس نهضة فكرية وتنموية في إفريقيا    غلق الحدود في وجه مصطفى لخصم ومتابعته في حالة سراح مقابل كفالة    الحكومة تؤكد أهمية التحولات التكنولوجية في تدبير المؤسسات السجنية    حزب العمال الكردستاني يعلن حل نفسه وإنهاء الصراع المسلح مع تركيا    ترامب يشيد بالحصول على طائرة رئاسية فاخرة من قطر    بلجيكا تحيي ذكرى معركة "جومبلو" وسط تكريم بطولات الجنود المغاربة في الدفاع عن حرية أوروبا    بنهاشم ينهي مهمته كمدرب مؤقت للوداد ويعود إلى الإدارة الرياضية    أشرف حكيمي يتوج بجائزة "فيفيان فوي" كأفضل لاعب أفريقي في "الليغ 1"    مبابي يحطم رقم زامورانو القياسي    الرجاء يحتفي بأطفال مدينة الداخلة    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    شركة الدار البيضاء للخدمات تنفي توقف المجازر في عيد الأضحى    حريق مهول يلتهم قيسارية عريقة في بني ملال وخسائر مادية جسيمة دون إصابات    أمطار رعدية محتملة في العديد من مناطق المغرب    بنعلي يطالب ب"الفهم النبيل للسياسة"    ماذا نعرف عن أسباب وأعراض متلازمة مخرج الصدر؟    النفط يرتفع أكثر من 3% متأثرا بالتفاهم التجاري بين أمريكا والصين    نعيمة بن يحيى تترأس المجلس الإقليمي لحزب الاستقلال بالعرائش    فضيحة تدفع مسؤولا بالأمن القومي في السويد للاستقالة بعد ساعات من تعيينه    "كان الشباب".. الناخب الوطني: طموح أشبال الأطلس "الذهاب إلى أبعد نقطة ممكنة"    هذه هي حقيقة توقف مجازر الدار البيضاء في عيد الأضحى    كيوسك الاثنين | 86 ألف تاجر متجول استفادوا من برنامج إدماج التجارة الجائلة    مصرع سائق دراجة من امزورن في حادثة سير بجماعة تروكوت    بلجيكا.. 12 سنة سجنا لمغربي هرب 3 أطنان من الكوكايين عبر ميناء أنتويربن    حماس ستفرج عن الرهينة الإسرائيلي-الأميركي الإثنين بعد اتصالات مع واشنطن    الجيش الملكي يتأهل لعصبة الأبطال الإفريقية    المتسلقون يتوافدون على "إيفرست" قبل الزيادة في الرسوم    الآلاف يتظاهرون في باريس للتنديد بتصاعد الإسلاموفوبيا في البلاد    تكوين جمعيات في مجال تعزيز قدرات الفاعلين المدنيين في للترافع حول قضايا الشباب    بطولة فرنسا.. ديمبيليه يفوز بجائزة أفضل لاعب في الدوري    ندوة علمية بالحسيمة تسلط الضوء على التراث الثقافي بإبقوين ورهانات التنمية السياحية    "ريمالد" تنشر لعثماني عن الحكومة    آلاف المتظاهرين في طنجة يطالبون بوقف حصار غزة وفتح المعابر للمساعدات الإنسانية    المغرب والصين: تعاون استراتيجي يثمر في التصنيع والطاقة الخضراء    اختتام فعاليات الدورة الرابعة للمهرجان الدولي للفيلم بالحسيمة(فيديو)    نجم هوليوود غاري دوردان يقع في حب المغرب خلال تصوير فيلمه الجديد    الصحراء المغربية تلهم مصممي "أسبوع القفطان 2025" في نسخته الفضية    "سكرات" تتوّج بالجائزة الكبرى في المهرجان الوطني لجائزة محمد الجم لمسرح الشباب    سعر الدرهم يرتفع أمام الأورو والدولار.. واحتياطيات المغرب تقفز إلى أزيد من 400 مليار درهم    سلا تحتضن الدورة الأولى من مهرجان فن الشارع " حيطان"    البيضاء تحدد مواعيد استثنائية للمجازر الكبرى بالتزامن مع عيد الأضحى    إنذار صحي في الأندلس بسبب بوحمرون.. وحالات واردة من المغرب تثير القلق    عامل إقليم الدريوش يترأس حفل توديع حجاج وحاجات الإقليم الميامين    الصين توقف استيراد الدواجن من المغرب بعد رصد تفشي مرض نيوكاسل    لهذا السبب .. الأقراص الفوّارة غير مناسبة لمرضى ارتفاع ضغط الدم    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا بعد "إعلان العيون"؟
نشر في هسبريس يوم 16 - 05 - 2018

شكل مطلع أبريل لسنة 2018 تحولا نوعيا في تعامل النظام الجزائري مع قضية الصحراء؛ فقد أدرك النظام العسكري أن عامل الوقت أصبح حاسما في تدبير هذا الملف، بالرغم التشويش الإعلامي والتحرك الدبلوماسي الذي ما فتئ يمارسه قبيل صدور القرار السنوي لمجلس الأمن حول ملف الصحراء. ومن ثمّ، فيبدو أنه قد خطط للقيام بعملية انتحارية، من خلال الدفع بالمليشيات المسلحة لانفصالي البوليساريو، قصد الاستيطان بالأراضي المغربية، والتي تعتبرها الأمم المتحدة بموجب اتفاق وقف النار "مناطق عازلة".
لقد شكلت الأحداث المتسارعة في الفترة الأخيرة، من خلال محاولة الجزائر فرض الأمر الواقع بالقوة في قضية الصحراء، منعرجا خطيرا في تدبير العلاقات الدولية، جعل المغرب يعبر بشكل حازم عن استعداده لاتخاذ كل التدابير المناسبة، بما فيها الحل العسكري.
وبالموازاة مع التلويح بهذا الخيار الصعب، وتكثيف التحركات الدبلوماسية مع العواصم الدولية، كانت ورقة "تعبئة الجبهة الداخلية" للمملكة إحدى الحلقات الرئيسية في التعبير عن الموقف المغربي، من الاستفزازات الجزائرية الأخيرة، والتي تمخض عنها بشكل عملي "إعلان العيون".
من الناحية الجيواستراتيجية، يشكل "إعلان العيون"، والذي أصدرته الهيئات السياسية ومنتخبو ووجهاء وشيوخ القبائل في الصحراء، محطة نوعية في التعبير عن موقف النخبة السياسية من قضية الصحراء؛ فجميع الأطياف السياسية بالمغرب، أغلبية ومعارضة، شدت الرحال نحو عاصمة الصحراء المغربية، لمطالبة الأمم المتحدة باتخاذ الإجراءات الحازمة والرادعة لإجبار "بوليساريو" على الانسحاب، وإزالة كل مظاهر محاولاته الهادفة إلى إحداث واقع جديد في المنطقة.
وبالرغم من الزخم الذي حققته المبادرة على المستوى الوطني وتأثيرها الإيجابي على الأطراف الفاعلة دوليا، نعتقد أن "إعلان العيون" لا يجب أن يكون غاية في حد ذاتها؛ بل نقطة تحول حقيقية، في تعامل الأحزاب السياسية مع قضية الصحراء، وكذا مع باقي القضايا الدولية، والتي تتطلب انخراطا حقيقا مع الشركاء والفاعلين الدوليين.
لم يعد ممكنا أن تلعب نخبتنا السياسية دور رجل الإطفاء، كلما تطلب الأمر ذلك. كما لم يعد مقبولا أن نبقى في موقف الدفاع، في الوقت الذي تنهج فيه جهات أخرى أساليب هجومية، دون أن تكون معنية بصورة مباشرة بقضية الصحراء.
لقد حان الوقت لبناء إستراتيجية واضحة ومستدامة، تخص كل الأحزاب السياسية، خاصة تلك التاريخية منها، والتي أسهمت في وقت من الأوقات في تدبير ملف الصحراء، وكان لبعض قراراتها تأثير في مستقبل الأحداث. فهل يشكل "إعلان العيون" الأرضية المثلى، نحو إرساء دعائم حقيقية للدبلوماسية الحزبية بالمغرب؟
بكل صراحة، حتى لو توفرت اليوم الإرادة القوية لدى الأحزاب السياسية المغربية للانخراط في الدبلوماسية الحزبية الفاعلة والمؤثرة، أعتقد هناك ثلاثة عوائق حقيقية، ستحد من فعاليتها وتأثيرها:
العائق الأول، يتعلق بغياب توجه واضح داخل الأحزاب السياسية، للدفاع عن القضايا المصيرية للمملكة، بما فيها مشكل الصحراء؛ فلا يمكن بين عشية وضحاها أن يتشكل داخل منظومة الأحزاب السياسية وعي جماعي بضرورة الدفاع عن القضايا الخارجية للوطن. الأمر يتطلب ردحا من الزمن، لتحقيق هذا المبتغى، لكن المهم هو تحقيق الانطلاقة الحقيقية...
العائق الثاني يتعلق بالفقر المدقع التي تعانيه جل الأحزاب المغربية، فيما يتعلق بوجود الكفاءات السياسية القادرة على التصدي بحزم للمخططات التي تمس بالوحدة الترابية للمملكة. وحينما نتحدث عن مفهوم "الكفاءات"، فنحن نقصد بشكل واضح الكفاءات متعددة المجالات والتخصصات خاصة منها: السياسية، الاقتصادية، القانونية، التاريخية، الحقوقية والدبلوماسية. كما نقصد أيضا تلك الكفاءات الأفقية في مجال التواصل واللغات الحية. فلسنوات طويلة، كان التركيز البرغماتي للأحزاب على استقطاب ذوي النفوذ المالي والسياسي عاملا مباشرا في إضعاف تمثيلية هذه الكفاءات من داخل الأحزاب السياسية المغربية، خاصة خلال عملية إعداد اللوائح الانتخابية.
العائق الثالث يتعلق بضعف التنسيق بين الدبلوماسية المغربية والقيادات الحزبية. وعوض أن تعتبر الأحزاب السياسية ذلك إشكالا يتعين تجاوزه، اتخذته وللأسف الشديد ذريعة للغياب عن التأثير الفاعل داخل الساحة الدولية، تطبيقا لشعار "كم حاجة قضيناها بتركها". من جهتها، لم تحاول الدبلوماسية الرسمية كسر الجمود بينها وبين الأحزاب السياسية، ولعل المؤشر الأبرز هو ضعف نجاعة وفعالية "لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين في الخارج"، والتي يمكن أن تشكل الإطار المناسب والمستدام للتنسيق بين الطرفين.
لقد أبانت التطورات الأخيرة لقضية الصحراء أن البرلمان المغربي أصبح مطالبا، أكثر من أي وقت مضى، بتجاوز الأدوار التقليدية التي يمارسها على المستوى الوطني، وبات من الضروري أن يتجه نحو وضع إستراتيجية دولية لمجابهة التحديات التي تفرضها القضايا المصيرية للمغرب.
فخلال بداية الأسبوع الجاري، وبالإضافة إلى التعقيدات التي باتت تطرحها المواقف الأخيرة للبرلمان الأوروبي من قضية الصحراء خاصة في الشقين الحقوقي والاقتصادي، سيعقد هذا الأخير جلسة استماع حول ملف نزاع الصحراء المغربية وخاصة قرار مجلس الأمن الدولي الأخير رقم 2414، بحضور "هورست كوهلر" المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة.
كما أن هناك تحديات كبيرة تنتظر الوفد المغرب داخل البرلمان الإفريقي، بعد استعادة المغرب لعضويته من داخل الاتحاد الإفريقي. الأمر نفسه ينطبق على التحديات الجديدة المتعلقة بانضمام المغرب إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، والأدوار التي من الممكن أن يضطلع بها برلمان "سيدياو"، سواء في إتمام إجراءات الانضمام أو لما بعد عملية الانضمام، وهي أدوار لن تكون لها قيمة مضافة في غياب انخراط فاعل وتجاوب مستمر للبرلمان المغربي.
وبمستوى ثقة المواطن المغربي في قدرة القوات المسلحة الملكية على الدفاع عن حوزة الوطن يحتاج هذا المواطن إلى أن يثق كذلك في الأحزاب السياسية في الاضطلاع دبلوماسيا بنفس الدور، وهي التي تبدو في الوضع الراهن عاجزة عن مسايرة الأحداث الدولية.
لكن المواطن نفسه، والذي يشكو من ضعف تفاعل الأحزاب مع قضاياه الداخلية وقضايا الوطن الخارجية، يعتبر هو أيضا جزءا أساسيا من المشكل، كما يمكن أن يشكل أيضا جزءا من الحل. فبقدر انخراطه الفعلي والفعال في العملية الانتخابية، وبقدر اختياراته الصائبة لممثليه من داخل قبة البرلمان، يمكن للأمور أن تسير في الاتجاه الصحيح، من أجل بناء نخبة حقيقية داخل الأحزاب المغربية، بمقدورها، الدفاع أولا عن مصالح المواطن، وثانيا، الدفاع عن المصالح الخارجية للوطن. عندئذ، سيكون لإعلان العيون معنى آخر.
*أستاذ باحث جامعة القاضي عياض، مراكش.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.