تطويق أمني بالعاصمة يحول "مسيرة الصمود" لأطباء الغد إلى "وقفة الحشود"    مبديع يستقيل من عضوية مجلس النواب    لأول مرة في تاريخه.. منتخب "الفوتسال" يحتل المركز السادس في تصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم    البرجاوي للدار: حكومة اخنوش تمكنت من إرساء الركائز القانونية والمؤسساتية واللوجستيكية للدولة الاجتماعية    عن اللغة الأمازيغية في البطاقة الوطنية والوثائق الإدارية    حجم نفقات المغاربة في الخارج تسجل نموا هائلا بنسبة 38.6٪    الضمان الاجتماعي الإسباني يتحاوز عتبة 21 مليون منتسب    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء سلبي    ارتفاع حصيلة قتلى الفيضانات في البرازيل إلى 83    "أطفالي خائفون، بينما تفتش الكلاب عن طعامها في المقابر القريبة في رفح"    إسرائيل تغلق مكتب الجزيرة وألمانيا تنتقد القرار    حصيلة منجزات وكالة بيت مال القدس فاقت 13,8 مليون دولار خلال الخمس سنوات الأخيرة    مرصد يثمن التزام الحكومة بالزيادة في الأجور ويحذر من "الانفراد" بإصلاح التقاعد    الزمالك يشد الرحال إلى بركان الخميس المقبل    القضاء الإداري يصدر قرارا بعزل بودريقة    تطوان: إطلاق طلب عروض لإنجاز منطقة الأنشطة الاقتصادية والحرفية "كويلمة"    حكيمي يتبرع لأطفال الحوز بمدرسة متنقلة    بلقصيري: أجواء افتتاح مهرجان سينما المرأة والطفل في دورته الأولى    اختتام القمة ال15 لمنظمة التعاون الإسلامي باعتماد إعلان بانجول    هذه تفاصيل موجة الحرارة المرتقبة في المغرب ابتداء من يوم غد الثلاثاء    "حماس" تواصل المفاوضات مع إسرائيل    وثائقي فريد من وزارة الثقافة والتواصل يبرز 6 ألوان فنية شعبية على ضفاف وادي درعة    اللي كيمشي لطريفة وعزيز عليه الطون والسربيسة والسينما: ها مهرجان وها الافلام المغربية المعروضة فيه    إضراب جديد يشل محاكم المملكة    مبادرة التنمية البشرية تمول 4174 مشروعا بأكثر من ملياري درهم بجهة طنجة    رحلة شحنة كوكايين قادمة من البرازيل تنتهي بميناء طنجة    بسبب الهلال.. لجنة الانضباط تعاقب فريق الاتحاد السعودي وحمد الله    لأول مرة.. تاعرابت يحكي قصة خلافه مع البرازيلي "كاكا"    تسجيل بقوة 2.5 درجات على سلم ريشتر بإقليم تاونات    فيلم "أبي الثاني" يحصد جل جوائز مسابقة إبداعات سينما التلميذ بالدار البيضاء    المغرب يحتضن الدورة 16 للبطولة الإفريقية للدراجات الجبلية    حماة المال العام: "حفظ طلبات التبليغ عن الجرائم من شأنه أن يوفر الحصانة لمتهمين متورطين في مخالفات جنائية خطيرة"    بعشرات الصواريخ.. حزب الله يستهدف قاعدة إسرائيلية في الجولان    وفاة مدرب الأرجنتين السابق لويس مينوتي بطل مونديال 1978    الدوري الإسباني .. النصيري يواصل تألقه    تفاصيل جديدة حول عملية نقل "درب عمر" إلى مديونة    أسعار النفط العالمية تعود إلى الارتفاع    الذهب يصعد وسط توترات الشرق الأوسط وآمال خفض الفائدة في أمريكا    منيب: المجال الفلاحي بالمغرب بحاجة لمراجعة شاملة ودعم "الكسابة" الكبار غير مقبول    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    مهرجان الجونة السينمائي يفتح باب التسجيل للدورة السابعة من "منصة الجونة السينمائية"    "الثّلث الخالي" في القاعات السينمائية المغربية إبتداء من 15 ماي الجاري    دراسة: السجائر الإلكترونية قد تسبب ضررا في نمو الدماغ    المشاهد الجنسية في أفلام هوليوود تراجعات بنسبة 40% وها علاش    فيدرالية ارباب المقاهي تنفي الاتفاق على زيادة اثمان المشروبات وتشكو ارتفاع الأسعار    باحثة: الضحك يقدر يكون وسيلة واعرة لعلاج الناس    سيدات مجد طنجة لكرة السلة يتأهلن لنهائي كأس العرش.. وإقصاء مخيب لسيدات اتحاد طنجة    رأي حداثي في تيار الحداثة    دراسة مواقف وسلوكيات الشعوب الأوروبية تجاه اللاجئين المسلمين التجريد الصارخ من الإنسانية    اعتصامات طلاب أمريكا...جيل أمريكي جديد مساند لفلسطين    دراسة حديثة تحذر المراهقين من تأثير السجائر الإلكترونية على أدمغتهم    السفه العقدي بين البواعث النفسية والمؤثرات الشيطانية    جواد مبروكي: الحمل والدور الحاسم للأب    منظمة تدعو لفتح تحقيق في مصرع عامل بمعمل تصبير السمك بآسفي    الأمثال العامية بتطوان... (589)    الأمثال العامية بتطوان... (588)    جامعيون ومتخصصون يحتفون بشخصية أبي يعزى في ملتقى علمي بمولاي بوعزة        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عين على "الكان".. كبوة "الأسود"..!!
نشر في هسبريس يوم 07 - 07 - 2019

في كل تظاهرة رياضية كروية توجه البوصلة نحو المنتخب الوطني الذي يبدو كشيخ الزاوية الذي يقبل عليه المريدون من كل صوب واتجاه، ليس فقط بحثا عن "بركات" الكرة الساحرة وما تحمله من متعة وحماقة وهستيريا وهيام وجنون، ولكن أيضا من أجل التعبير العفوي والتلقائي عما يجمعنا من مشاعر الوطنية التي قد تغيب وقد تحتشم وقد تتوارى عن الأنظار في سياقات ما يعكر صفونا من اختلافات وصراعات خفية ومعلنة، وأنانية مفرطة وحمق وتطاحن وإقصاء..في كل مناسبة كروية قارية أو عالمية يجذبنا سحر المستديرة، ونتخلى بانسياب عما يرقد في ذواتنا من يأس وإحباط وانسداد أفق، ونجلس جنبا إلى جنب في الملاعب والمقاهي والبيوتات، نتفاعل مع كل حركة أو تمريرة دقيقة أو فرصة ضائعة أو هدف، يفجر ما نتقاسمه من مواطنة راقدة في الأعماق، تقوي أحاسيس الانتماء إلى وطن نتقاسم فيه أريج التاريخ ونسائم الجغرافيا..أمام الكرة الساحرة، نكون أحيانا كالحمقى، نفرح كلما اهتزت شباك الخصوم، ونشجع بحماسة وهستيريا، ونحزن ونتألم كلما كانت الهزات والكبوات والإخفاقات..
في كأس العالم الأخيرة، كانت البسمة عابرة عبور السحاب، وتركت مكانها للدمعة والحسرة، بعد الإقصاء المر من الدور الأول أمام كبار البرتغال وإسبانيا، في مشاركة احترم فيها المنطق، وكان العزاء أن نعلق الكبوة والهزيمة على "الحكم" وعلى "الفار" الذي وقف سدا منيعا أمام أحلامنا المشروعة، وفرض علينا العودة إلى الديار بخفي حنين، وفي جعبتنا مشاهد من مباريات لم يشفع للأسود الزئير فيها ولا الشهيق ولا الزفير، وكأن كل أحلامنا وآمالنا تحققت في مجرد المشاركة في نهائيات كأس العالم بعد سنوات طويلة من الغياب، في تظاهرة عالمية لا مكان فيها للصغار الذين أقصى ما يفعلونه أنهم يلعبون دور" الكومبارس" في كأس عالمية يتنافس عليها الكبار..
بعد المونديال العالمي، حل المونديال الإفريقي ببلاد الفراعنة، وعادت أسود الأطلس إلى الواجهة، بعد أن حققت مسارا إقصائيا ناجحا، وعاد معها عشاق ومتيمو الكرة الساحرة ليتقاسموا بسط المتعة والمحبة في الملاعب المصرية وخلف الشاشات، حاملين آمالا مشروعة في الوصول إلى مباراة النهاية بشكل يسمح بانتزاع لقب إفريقي ثان لازال مستعصيا منذ سبعينيات القرن الماضي. وفي المقابلة الأولى أمام "ناميبيا" كانت المعاناة سيدة الموقف أمام خصم ناميبي سد كل الأبواب والمنافذ بشكل لم تنفع معه بركة "الثعلب" في إيجاد الوصفة الساحرة القادرة على هز الشباك، ومن حسن حظنا، حققنا نصرا "مسروقا" في آخر أنفاس المقابلة، بنيران صديقة، ناب عنا فيها لاعب ناميبي في التسجيل ضد مرماه، مانحا إيانا ثلاث نقط، أنقذتنا من تعادل مؤكد بطعم الهزيمة. وفي المقابلة الثانية، أمكن تسجيل هدف يتيم، جاء بمجهود شخصي للمحارب "نورالدين امرابط"، الذي مرر كرة على طابق من ذهب للاعب "يوسف النصيري" الذي نجح في هز الشباك. أما المقابلة الثالثة أمام "جنوب إفريقيا" فقد أنقدتنا بركة "مبارك بوصوفة" الذي أهدانا نصرا في آخر أنفاس المباراة.
ثلاث مباريات بثلاثة انتصارات، منحت الريادة للأسود، الذين عانوا من عقم هجومي واضح، ومع ذلك، كبر الحلم وارتفع منسوب التوقعات في تجاوز خصم "صغير" اسمه "بنين"، اعتقده الكثير قنطرة عبور صغيرة نحو ربع النهاية، لكن أتت الرياح بما لا تشتهي سفن المحبين والعاشقين، وعلى عكس كل التوقعات، تلقت شباك المنتخب الوطني هدفا نزل كقطعة ثلج باردة، أربكت الحسابات ولخبطت الأوراق، وعشنا جميعا لحظات رعب بحثا عن هدف تعادل كان يبدو كالسراب كلما اقتربت عقارب الساعة من الدقيقة التسعين، في لحظات حرجة، حضر فيها العقم الهجومي وغابت فيها بركة "الثعلب".
ومن حسن الحظ، حضرت مرة أخرى البركة التي أتت من أقدام "الشيخ مبارك" الذي استغل ارتباك مدافع الخصم، وانتزع كرة من ذهب مررها للقناص "النصيري" الذي ركن الكرة في الشباك وأعاد المباراة إلى نقطة الصفر، وأعاد معها "الآمال" في الانتصار، أمام منتخب صغير بدون تاريخ. وفي الوقت الذي كان الجميع ينتظر إعلان الحكم عن نهاية المباراة، حلت بركة الكرة السمراء، وأعلن الحكم عن ضربة جزاء، بدت وقتها كرصاصة الرحمة التي من شأنها أن تخلصنا جميعا من مباراة "مرعبة". وكل الأنظار اتجهت إلى عيون وأقدام "حكيم زياش"، الذي تموقع في لحظة حرجة جدا، تحمل فيها "أحلام" و"آمال" ملايين من المشاهدين المغاربة عبر العالم، لكن "البركة" تحولت بقدرة قادر إلى "نكسة" بعدما اصطدمت كرة "زياش" بالقائم، الذي أبقى على أحلام دولة صغيرة اسمها "بنين"؛ ومع ذلك فقد ظلت الأحلام قائمة في هز الشباك في الشوطين الإضافيين، لكن كل شيء تبخر في لمحة بصر، وبدا واضحا أن ضربة الجزاء الضائعة كانت تعني وقتها أن الحظ سيكون لا محالة بجانب الفريق الخصم، الذي ضحى وناضل بكل إمكانياته المتاحة، واستدرج الأسود إلى الضربات الترجيحية، التي اختزلت حكاية العقم وقصة الشرود والارتباك والحظ التعيس..
"نكسة بنين" هي "مرآة" عاكسة لتراجع الرياضة الوطنية، وفي مقدمتها ألعاب القوى، و"امتداد" لتاريخ حافل من النكسات والكبوات. وبلغة الأرقام والمعطيات فلا مناص من القول إن أقصى ما حققته الكرة المغربية هو كأس إفريقية "يتيمة" تعود إلى سبعينيات القرن الماضي، وكأس إفريقية للشباب وكأس إفريقية للمنتخبات المحلية (الشان). وحتى الفرق الوطنية، يبقى حضورها في المنافسات الإفريقية حضورا باهتا، ما عدا بعض الفلتات التي تحدث بين الفينة والأخرى، كما حدث مع المغرب الفاسي والفتح الرباطي والوداد والرجاء البيضاويين، دون إغفال نهضة بركان وحسنية أكادير، إلى درجة أن المتاعب والهزائم أصبحت تحل علينا تباعا في كل مناسبة رياضية، وبعد كل هزيمة أو كبوة تدق طبول الانتقاد والإدانة والاحتجاج، ويخوض البعض في نقاشات ذات طابع تقني وتكتيكي، ويجازف البعض في النبش في اختيارات المتدرب ومنهجية تعامله مع المباريات، ويغامر البعض في التشكيك في وطنية بعض اللاعبين القادمين من أوربا؛ لكن سرعان ما تخمد النيران كما تخمد العواصف الهوجاء، وتعود حليمة إلى عادتها القديمة، وننشغل ببطولة أبعد ما تكون من الاحتراف، في انتظار إقصائيات كأس إفريقيا أو كأس العالم، لنعيش مرة أخرى أحاسيس الهزيمة والخيبات..
ما حدث هو أمر متوقع بالنظر إلى سنن كرة القدم التي تتأسس على ثالوث "الانتصار" أو"التعادل" أو"الهزيمة". ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نختزل ما وقع من نكسة في اللاعب "حكيم زياش" الذي أضاع ضربة جزاء حاسمة يتحكم فيها الحظ بشكل كبير، ولا يمكن البتة التشكيك في وطنية اللاعبين الذين قدموا ما في جعبتهم؛ فالوطنية إحساس يجري في الدماء وارتباط وجداني بوطن يسع كل أبنائه في الداخل كما في الخارج، وليس لأي أحد أو جهة التشكيك في مواطنة أبناء ولدوا بالمهجر، ولكن لم يتنكروا لوطن الآباء والأجداد، وفضلوا الدفاع عن ألوان الفريق الوطني تلبية لنداء الوطن. والعبرة ليس في من قدم من الخارج أو من الداخل، ولكن في من أخلص للوطن ودافع عن راية الوطن بتضحية ونكران للذات. ما حدث هو هزيمة مذلة أمام منتخب صغير كان أوفر حظا، أخرجت المنتخب المغربي من الباب الخلفي، ولحق به المنتخب المصري الذي ذاق مرارة الإقصاء بعد هزيمة غير متوقعة أمام منتخب جنوب إفريقيا؛ لكن بقدر ما نؤمن بقدر الهزيمة في منطق كرة القدم، بقدر ما يفرض واقع الحال استخلاص الدروس والعبر، للحيلولة مرة أخرى دون صناعة واقع ينتج الهزائم والكبوات والانتكاسات ..
ما حدث يسائل أولا الجهة الوصية على كرة القدم المغربية التي لا بد أن تتحمل مسؤولياتها كاملة في ما جرى. وفي هذا الصدد لا مناص من دق جرس الإنذار مبكرا، لأن أزمة الكرة الوطنية عميقة، ولا يمكن حجبها بتغيير المدرب أو تسريح لاعبين، أو استقدام لاعبين جدد أو الاستعانة بلاعبين محليين، لإسكات الأصوات المنتقدة والمحتجة والمعارضة للسياسة الكروية القائمة؛ ما حدث يسائل منظومة كروية بأكملها، أبعد ما يكون عن الاحتراف. وحتى الأندية الكبرى التي يعول عليها في إحداث الطفرة الكروية تعاني من المشاكل، كما هو الحال بالنسبة للرجاء البيضاوي. وباستثناء أربعة أو خمسة فرق على أقصى تقدير، كل الفرق الوطنية تعاني من مشاكل تسييرية ومالية ومشاكل في التكوين والحكامة الجيدة، وبعضها تفتقد إلى ملاعب وبنيات رياضية لائقة، خاصة في ما يتعلق بمراكز أو أكاديميات التكوين، والنتيجة بطولة عالقة بين الهواية والاحتراف، فلا نحن تجاوزنا الهواية ولا نحن حققنا الاحتراف بكل مفرداته. ومن يراهن بقوة على اللاعب المغربي فلا يمكن البتة صناعة لاعب مغربي تنافسي في غياب منظومة تكوينية للفرق تهتم بجميع الفئات العمرية، وهنا لا نستغرب محدودية المنتخبات أقل من 21 سنة، التي تبدو صغيرة أمام منتخبات القارة السمراء، ولا نستغرب أيضا أن تصنع البطولة الوطنية لاعبين لا يجدون أمامهم إلا البطولات الخليجية، بمعنى أن المنتوج الكروي لم يعد قادرا على صناعة نجوم كبار قادرين على الاحتراف في كبريات البطولات العالمية.
الإصلاح يا سادة لا يبدأ من المدرب ولا باستقطاب اللاعبين، ولا بسياسة "الماكياج" التي تخفي الندوب والجروح، وتستثمر النجاحات العابرة التي تبدو كالفلتات في زمن الخيبات، الإصلاح الحقيقي يبدأ من القواعد، بالرهان على المراكز والمدارس والأكاديميات في صناعة لاعب الغد وفق أحدث الطرائق البداغوجية والتقنية والتكتيكية، وفق مقاربات احترافية لا مجال فيها للعشوائية أو اللخبطة أو التجريب أو الارتباك، في أندية رياضية مهيكلة تسير بروح الفريق في إطار مناخ الحكامة الرشيدة. وبهذه الفلسفة، يمكن للأندية أن توسع من قاعدة الممارسين في جميع الفئات العمرية، بشكل يتيح الإمكانية لاختيار الأفضل والأجود لحمل القميص الوطني؛ أما مغاربة الخارج فهم مغاربة ولا يمكن التعامل معهم بأي نوع من الدونية أو التوجس، لأن الوطن يحتضن جميع أبنائه في الداخل كما في الخارج، والمنتخب الوطني يعكس الوطن، ولا يمكن طرق بابه إلا للأجود والأحسن والأخلص. وكل توجه يسير في اتجاه اللاعب المحلي فهو توجه غير سليم، وفيه إقصاء لمغاربة الخارج أو التقليل من شأنهم، فباب المنتخب لا يمكن فتحه إلا أمام من بإمكانه تقديم الإضافة، بعيدا عن مفردات "الموالاة" أو "المحاباة" أو "الإقصاء"..
للأسف ما حدث سيكون نهاية مأساوية لعدد من اللاعبين من أمثال "بوصوفة" و"الأحمدي" و"بن عطية" و"سايس"، وقد يشكل بداية جديدة لجيل جديد من اللاعبين الواعدين، وقبل هذا وذاك سيعري سوءة كرة القدم المغربية التي ما أحوجها اليوم إلى نفس جديد، ولم لا التفكير في تنظيم يوم دراسي أو مناظرة وطنية حول "كرة القدم: الواقع والآفاق"، بحضور مدربين وطنيين ولاعبين دوليين وتقنيين وخبراء في التسيير والحكامة وإعلاميين، من أجل صياغة خلاصات وتوصيات من شأنها أن تفوز إجراءات وتدابير عملية، قادرة على انتشال الكرة المغربية من مستنقع الهواية ووضعها في سكة الاحتراف الحقيقي. وأي اختزال للأزمة في المدرب أو في اللاعب لن يكون إلا عبثا وهدرا للمال ولزمن الإصلاح، فكلنا مغاربة، ومن أخطأ لا بد أن يعترف بالخطأ، ويترك الفرصة لمن يحمل المشعل في إطار "ربط المسؤوليات بالمحاسبة" ..
وحتى لا ندع الفرصة تمر، لا مناص من التنويه بما أقدم عليه بعض لاعبي المنتخب الوطني الذين تفاعلوا وتضامنوا مع أطفال "بويبلان" وزرعوا البسمة على محياهم، بعدما مكنوهم من أقمصة رياضية وشاشات تلفزية لمتابعة مباريات كأس إفريقيا، في خطوة مواطنة تستحق كل الثناء والتقدير، دون إغفال التقارب التلقائي بين الجماهير المغربية والجزائرية التي رفعت شعار "خاوة ..خاوة" في رسالة واضحة المعالم، مفادها أن السياسة وإن أقفلت الحدود فلن تقفل الجسور الوجدانية التي تربط الشعبين المغربي والجزائري.
ونختم المقال، لنتأسف على إقصاء ثاني منتخب عربي من المنافسات (المنتخب المصري)، وهو إقصاء مر سيحدث ارتدادات في الكرة المصرية كما الحال بالنسبة للكرة المغربية. ومهما كان عمق الهزيمة ودرجة النكسة فكرة القدم تبقى متعة ومنافسة شريفة، وتقارب وتلاقي بين الأمم والشعوب، وبروح رياضية نحيي أسود الأطلس وفي مقدمتهم "زياش" الذي يبقى "مبدعا" و"فنانا"، ولا يمكن إلا دعمه ومساندته من أجل الوطن. ومن اعتزل أو على وشك الاعتزال نقول له شكرا لما قدمت من أجل الوطن.. وكل سنة وكل شهر وكل يوم وكل لحظة والوطن سليم معافى.. وللأشقاء المصريين نقول بأسف: "عزاؤنا وعزاؤكم واحد"..
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.