سجّل المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان متابعته "بقلق بالغ احتجاجات أطباء كليات الطب في المملكة المغربية، وما تخللها من إجراءات تعسفية غير مبررة من السلطات". وانتقد المرصد الأورومتوسطي، الذي يوجد مقرّه بجنيف، قرار وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي توقيفَ ثلاثة أساتذة أطباء عن العمل، هم: سعيد أمال، وإسماعيل رموز، وأحمد بلحوس، مع تجميد أجورهم الشهرية، وإحالتهم على المجلس التأديبي. ووصف المرصد، في بيان له، قرار توقيف الأساتذة الثلاثة عن العمل ب"الإجراء العقابي الانتقامي"، مضيفا أن هذا ".. نوع من الرد على مواقف الأساتذة المعنيين، ومساندتهم المعلنة للطلاب الذين قرروا مقاطعة الامتحانات احتجاجًا على عدم تجاوب وزارتي التعليم والصحة مع مطالبهم". وعدّ المرصد توقيف الأستاذة الثلاثة عن العمل "إجراءً غير قانوني، وانتهاكًا لحرية التعبير عن الرأي"، كما استهجن "تهديد الحكومة 18 ألفَ طالب بالترسيب أو الطرد بسبب احتجاجاتهم"، مشدّدا على "وجوب التزام الحكومة المغربية بحرية الرأي والتعبير، والعمل على إيجاد حلول جادة ومعقولة، ترمي إلى تحصين الجامعة العمومية أمام تغوُّل القطاع الخاص". ودعا المرصد الأورومتوسطي السلطات المغربية إلى "ضرورة إعادة الأكاديميين الثلاثة إلى عملهم بشكل سريع، دون اشتراطات، ولا سيما أن في قرار توقيفهم مخالفة لأبسط الحقوق التي كفلها الدستور المغربي، والمواثيق الدولية التي أكدت على حق التجمع السلمي، وإبداء الآراء، وتنظيم الاحتجاجات السلمية، التي تهدف إلى تغيير أو إيقاف أي قرار من شأنه أن يمس أي حق من الحقوق التي كفلها القانون". ودعا المرصد نفسه "الوزارات المختصة" إلى "ضرورة التراجع عن قراراتها الأخيرة الخاصة بكلية الطب، ولا سيما أن تلك القرارات تحرم آلاف الطلبة من إكمال تعليمهم في تلك الكلية". وطالب المرصد الأورومتوسطي السلطات المغربية، في البيان نفسه، ب"ضرورة إيعاز وزارة الداخلية، والتعليم، والصحة، لاحترام الحقوق المكفولة للطلبة، والعاملين في القطاع التعليمي، وتمكينهم من ممارسة حقوقهم، دون أي تبعات قد تهدد إكمال مسيرتهم التعليمية، أو إعاقة لعمل الأكاديميين، الذين يستخدمون حقوقهم القانونية في التعبير عن آرائهم في القضايا المجتمعية". وأورد المرصد، في بيانه، تصريحا لمحمد عماد، الباحث القانوني، يقول فيه إن "الباب الثاني من الدستور المغربي، ولا سيما الفصول من 19 إلى 41 كفلت مجتمعة حق التظاهر السلمي، والتعبير عن الرأي دون تقييد أو ملاحقة"، كما أكّد في التصريح نفسه أن "تلك المواد قد كفلت حماية الحريات الأكاديمية والعلمية والتعليمية، والتعبير الفني والأدبي، وهو ما خالفته وزارة التربية والتعليم عندما قررت إيقاف الأكاديميين الثلاثة وإحالتهم على التحقيق". وذكر الباحث ذاته أن "الاحتجاجات التي نظّمها الطلبة داخل المغرب، وما رافقها من انضمام لأكاديميين وحقوقيين، حقّ طبيعيّ لا يستوجب استخدام العنف، أو إصدار قرارات تعسفية تنتهك حقوق الطلبة في مواصلة تعليمهم دون خوصصة أو منع"، مؤكّدا ضرورةَ "إعطاء الطلبة المساحة الكافية، للتعبير عن آرائهم والنظر في مطالبهم المشروعة". تجدر الإشارة إلى أن طلبة الطب يخوضون إضرابا مفتوحا منذ يوم 19 مارس من السنة الجارية، وهو الملفّ الذي أخذ منعرجا مفاجئا بعد اتهام مصطفى الخلفي، الناطق الرسمي باسم الحكومة، جهات أخرى باستغلال هذا الملف، خاصّا بالذكر جماعة العدل والإحسان؛ وهو ما أقالت على إثره وزارة التربية الوطنية ثلاثة أساتذة من كليات الطب والصيدلة اتُّهِموا ب"إخلالهم بالتزاماتهم المهنية".