تختلف أجواء الاحتفال بعاشوراء بالمغرب من مدينة إلى أخرى، فإذا كان أغلب المغاربة يحتفون بهذه المناسبة بشراء لعب للأطفال وطبق الفاكية أو المكسرات مع إعداد طبق الدجاج البلدي بالتريد، فإن هناك فئة أخرى تلتجئ احتفاء بهذا اليوم إلى طقوس وممارسات وعادات بائدة، وممارسة السحر والشعوذة لجلب العاشق أو تفريق الأحباب والتراشق بالماء والبيض. وعلى الرغم من التطور العلمي والتكنولوجي الذي يشهده العالم، فإن كثيرا من المسلمين المغاربة ما زالوا يؤمنون بوجود السحر؛ غير أن مستويات الاعتقاد تختلف بدرجات متفاوتة في موضوع يثير رهبة الأميين والمثقفين على حد سواء، كما أن عددا غير قليل من المسلمين يعتقدون أن استخدام السحر يعد ممارسة مقبولة في الإسلام.د مع مقدم ال10 من محرم (عاشوراء)، يتجدد الحديث في أوساط المجتمع المغربي عن ظاهرة السحر والشعوذة في مناسبة ما زالت تحظى بمكانة لدى الأسر المغربية، على الرغم من خفوت حدة الاحتفالات وبعض الممارسات والبدع التي ارتبطت بعاشوراء؛ ك"زمزم"، والتراشق بالماء، والبيض، وإشعال النار في الفضاءات العمومية. وإن اختلفت طقوس إحياء المغاربة لهذه المناسبة بين شراء "الفاكية" والمكسرات ولعب الأطفال، فإن بروز أنواع البخور والجاوي وسط فضاءات التي خصصتها الجماعات الترابية لمزاولة هذا "النشاط التجاري" يعيد سجال آفة السحر والشعوذة والتي باتت ذكرى عاشوراء في المغرب مقرونة بها خلافا لما ينص عليه الدين الإسلامي الحنيف. وعلى الرغم من الاستنكار والتنبيهات التي تواجه به هذه الطقوس على مواقع التواصل الاجتماعي، فإنها لا تزال تتكرر سنة تلو أخرى، دون أن يفلح التطور الذي يشهده المجتمع المغربي في الحد من وتيرة هذه الطقوس المنافية لتعاليم الدين الإسلامي وتم العمد كذلك إلى استنساخ أسطورة "بابا نويل" في نسختها المغربية بابا "عيشور". عبد الصمد الدكالي، باحث في الفكر العقدي بالمغرب، قال إن ما نراه اليوم من ممارسات يمثل انتكاسة للفكر والعقل والتربية في هذا البلد وعودة إلى الخرافة والتقاليد البالية التي طالما تغدى من ورائها لوبي وحراس الزوايا والأضرحة والمشعوذون و"شركاؤهم" وغنموا مبالغ مالية خيالية في هذه المناسبة. وأكد الباحث في العقيدة أن "هذا اليوم تحوّل من مناسبة دينية تحمل دلالات التكامل والتشارك والتعايش بين الديانة الإسلامية والديانة اليهودية إلى مناسبة عقيمة تتمظهر فيها كل مظاهر البؤس والتخلف والصراع"، محملا الدولة جزءا كبيرا من المسؤولية. وشدد المتحدث ذاته أن إقدام بعض الناس على التعاطي لأعمال السحر والشعوذة وغيرها من الطقوس المخالفة للإسلام "مرده إلى الجهل" لما في ذلك من أذية للناس وبأس شديد؛ وهي المظاهر التي تتم على مرأى ومسمع من السلطة والحكومة وسط المقابر والأضرحة سرا وعلانية، يقول الدكالي. وإذا كانت مناسبة عاشوراء ترتبط لدى المسلمين السنة بإنقاذ النبي موسى من بطش فرعون، وصوم اليهود لهذا اليوم، فإنه مع قدوم الرسول صلى الله عليه وسلم بعد قدومه من مكة إلى المدينة، أمر المسلمين بصيامه، لأنهم أولى به من اليهود. وتجمع الروايات الشفهية المتداولة إلى أن ما يدفع الناس إلى اللجوء إلى ممارسة أعمال السحر والشعوذة في عاشوراء هو اعتقادهم بأن "الشياطين تكثر في هذه المناسبة، فيعطي السحر مفعوله".