تعيش عدد من الأزقة بالعاصمة الرباط، بشكل يومي، على وقع فوضى حقيقية ينشرها أصحاب السيارات الخاصة الممتهنون للنقل السري، والذين ينقلون الركاب إلى مختلف الوجهات، سواء بالرباط أو سلا، بدون التوفر على أي رخصة لذلك، كما أنهم لا يتوفرون على التأمين الخاص بنقل المسافرين. في زنقة مولاي رشيد وسط حي حسان، وهو واحد من الأحياء الراقية بالعاصمة الرباط، تجري يوميا، طيلة ساعات النهار إلى الليل، خاصة في أوقات الذروة، ما يشبه سباقات السيارات السريعة، أبطالها "خطافة" يسابقون الزمن من أجل الظفر بأكبر عدد ممكن من الزبائن. النقل السرّي في العاصمة لم يعد مجرد حالات استثنائية، بل أصبح شبه منظّم؛ ففي زنقة مولاي رشيد، وفي أزقة أخرى بالعاصمة الرباط، تم إنشاء ما يشبه محطات خاصة ب"الخطافة"، حيث يصطف الركاب على الرصيف في انتظار "خطاف" يقلهم إلى وجهتهم، في ظروف تنعدم فيها شروط السلامة. ويعمد أصحاب السيارات الخاصة الممتهنون للنقل السري بالعاصمة الرباط إلى حشْر الركاب في جوف سياراتهم التي يغيّرون تصميمها الداخلي، من أجل استيعاب أكبر عدد ممكن من الركاب، ويحجبونهم بزجاج ذي لوْن داكن عن أعين شرطة المرور. لا تقتصر المخاطر التي يشكّلها النقل السري بالرباط على الركاب فقط، بل أيضا على مستعملي الطريق، حيث يسيرون بسرعة مفرطة وسط الأزقة والأحياء، وفي أحيان كثيرة لا يحترمون الإشارات الضوئية، فضلا عن كونهم يقضّون مضجع سكان الأزقة التي ينقلون منها وإليها الركاب. "إننا نعاني من غزو حقيقي لشبكة مكونة من "خطافة" النقل السري، الذي لم يعد سريا، وإنما مفضوحا وخطيرًا، ويهدد سلامة وأمن وصحة سكان أحياء حسان"، يقول أحد المواطنين من قاطني زنقة مولاي رشيد وسط حي حسان بالرباط. يسمّي المواطنون القاطنون في الأحياء التي يتخذها ممتهنو النقل السري نقطَ انطلاقهم ب"سيارات داعش"، بسبب السرعة المفرطة التي تمر بها هذه السيارات وعدم احترام سائقيها للضوء الأحمر ولحركة "الترامواي"، إضافة إلى أنهم لا يعيرون اعتبارا لأي علامة من علامات قانون السير. ولا يَسْلم المواطنون من أذى "الخطافة" حتى وهم داخل بيوتهم، بسبب الكلام النابي الذي يتبادلونه كلما نشب خلاف بينهم، خاصة في النقط التي يشتدّ فيها التنافس على الزبائن؛ كزنقة مولاي رشيد، بالقرب من أحد الفنادق المصنّفة. الإزعاج الذي يسببه ممتهنو النقل السري دفع بعدد من سكان زنقة مولاي رشيد بحسان إلى "التفكير في التحضير لتحرك جماعي للتنديد بما يتعرض له حيهم من مخاطر تهدد، يوما بعد يوم، سلامة أبنائهم وصحتهم وطمأنينتهم"، حسب إفادة أستاذ جامعي من سكان الحي. وأوضح المتحدث ذاته في حديث لهسبريس: "لقد تحمّلنا طيلة سنة ونصف أشغال تهيئة مدينة الرباط، بضجيجها وغبارها وإزعاجها اليومي، ولما انتهت الأشغال تنفس الناس الصعداء، وتوقعنا أن الحي سيعود إلى سكونه المعتاد؛ وإذا بشبكة "خطافة" احتلته، من جديد، حيث اختاروه طريقا وحيدا لمرورهم المرعب ومحطة رئيسية لنقلهم السري". ويطالب السكان المتضررون من تفشي النقل السري بالرباط السلطات المعنية بالتدخل لرفع الضرر عنهم، خاصة بعد مباشرة شركة جديدة للنقل الحضري مهمتها في العاصمة.