أجمع المتدخلان في ندوة تفاعلية حول "أزمة كورونا وأوضاع حقوق الإنسان بالمغرب.. التحديات والأولويات" على أن هذه الجائحة كانت لها آثار خطيرة جدا على حقوق الإنسان، بسبب التدابير الاستثنائية المتخذة من لدن السلطات من أجل الحد من انتشار وباء "كوفيد 19". وقال محمد السكتاوي، الرئيس التنفيذي لمنظمة العفو الدولية فرع المغرب، خلال كلمته في الندوة التي نظمها مركز أفروميد بمدينة مراكش أمس الاثنين، إنه "لا يمكن أن نقول إن وضعية حقوق الإنسان بالمغرب تغيرت عما كانت عليه قبل "كورونا"". وواصل السكتاوي قائلا: "ما زلنا أمام العديد من الملفات العالقة، والكثير من الممارسات التي دأبت السلطات إلى اللجوء إليها مع قضايا حقوق الإنسان، في وقت يتطلب منا تكثيف الجهود لمواجهة الجائحة. لذلك، طالبنا بإطلاق معتقلي الرأي والصحافيين، وبخلق انفراج سياسي حتى نتفرغ للتصدي ل"كورونا". وأضاف الفاعل الحقوقي ذاته: "تم كذلك التضييق على صحافة المواطن، في الوقت الذي كنا نتمنى فيه أن نؤسس لسلوك حقوقي جديد، قوامه بناء الثقة بين المواطن والسلطات؛ لكن للأسف وجدنا من يهدمها"، مستدلا ب"توقيف 92 ألف شخص بسبب مخالفة حالة الطوارئ الصحية". وأورد الرئيس التنفيذي لمنظمة العفو الدولية فرع المغرب: "مشكل الفساد بكافة أنواعه تحدّ آخر ظل حاضرا حتى خلال فترة الجائحة، ويجب وضع حد له نهائيا؛ لأنه أعاق تنمية وطننا"، مشيرا إلى أن "وباء "كوفيد19" بشراسته يفترض أن يجعلنا في صف واحد، لنهزمه استرجاع الثقة بين المغاربة ومؤسسات الدولة، وإطلاق سراح المعتقلين". وأشار السكتاوي، في مداخلته خلال الندوة سالفة الذكر، إلى أن "استمرار الجائحة سيجعل الدولة المغربية مجبرة على اتخاذ تدابير تقشفية، لأن اللجوء إلى المديونية لن يكون حلا لقضايانا الاجتماعية كالصحة والشغل". وأكد الفاعل الحقوقي نفسه على "ضرورة الاستثمار في الإنسان وبناء قاعدة اقتصادية قوية، إذ لا يجب على الدولة أن تفكر في المقاربة الأمنية، لأنها لن تجعلنا في مأمن من الانفجار الاجتماعي. لذلك، فالمقاربة التي يجب اعتمادها هي بناء علاقة تشارك وثقة وتضامن مع المواطنين، لاسترجاع ثقة الناس في القضاء والدولة". من جهته، ركز إبراهيم صادوق، محام ورئيس الهيئة الوطنية للعدالة، في مداخلته خلال الندوة سالفة الذكر، على حقوق مسّ بها خلال فترة الجائحة؛ كالحق في التقاضي، الذي نص الفصل 118 من الدستور المغربي عليها.. لكن إدارة السجون منعت المحامين من التخابر مع موكليهم المعتقلين، بشكل مخالف للقانون". وذهب صادوق إلى أن الحق الثاني الذي تم تجاوزه بسبب الجائحة هو الحق في المحاكمة العادلة، الذي ينص عليه الفصل 120 من الدستور المغربي؛ لأنه لكل شخص الحق في محاكمة عادلة وعلنية الجلسة، لأنه لا يمكن محاكمة أي شخص عن بعد، وفي حكم يصدر داخل أجل معقول". وضرب المحامي ذاته المثال بالنزاعات الأسرية، خاصة دعاوى الطلاق والتطليق؛ فتأخير البتّ في هذه الملفات بفعل جائحة كورونا يؤثر على أطراف الدعوى وحقوقهم، فوفاة أحد الطرفين أثناء جائحة كورونا سواء بسببها أو بغيرها ينعكس على حقوق الطرف الآخر خاصة الزوج". وأكد المتحدث ذاته أن "المحاكمة العادلة تعد من أبرز الأعمدة الأساسية التي تهدف إلى حماية الإنسان، من كل ما من شأنه المس بحقوقه وكرامته في جميع مراحل الدعوى مند لحظة إيقافه"، وزاد مستدركا: "لكن كافة المبادئ تم الإجهاز عليها؛ فالمتهم في حالة اعتقال لا يتم إحضاره إلى قاعة المحاكمة ولا تتم مواجهته مع الطرف المدني أو المشتكي أو الشهود". وحسب المحامي صادوق، فإن كل من حوكم في إطار قانون الطوارئ تعتبر محاكمتهم باطلة من الناحية القانونية، بسبب خرق حق التنقل وحق المحاكمة العادلة.. وفي حالة تمسك المتهم بحقه في الحضور إلى قاعة المحاكمة وأخرت القضية لأجل، فسنكون أمام خرق مبدأ صدور الأحكام القضائية في أجل معقول". يذكر أن هذه الندوة كان من المقرر أن يشارك فيها أيضا هشام ملاطي، مدير الشؤون الجنائية والعفو بوزارة العدل.