كشف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في رأيه الصادر يوم الاثنين حول مشروع قانون المجلس الوطني للصحافة، أن المقاولات الصحفية الوطنية أصبحت تعرف تبعية متصاعدة للدعم العمومي، في ظل تراجع المبيعات والمداخيل الإشهارية، مما جعل النموذج الاقتصادي للصحافة في وضع هشّ. وأوضح المجلس أن الدعم العمومي كان يمثل حوالي 10 في المائة فقط من رقم معاملات المقاولات الصحفية إلى حدود بداية سنة 2020، قبل جائحة كوفيد-19، غير أنه تضاعف خلال السنوات الأخيرة، إذ انتقل من 164 مليون درهم سنة 2020 إلى 325 مليون درهم سنة 2024، مخصَّصًا أساسًا لتحمل كتلة الأجور. وبذلك أصبحت حصة الدعم العمومي تمثل أكثر من نصف رقم معاملات القطاع، وهو ما اعتبره المجلس مؤشراً على هشاشة بنيوية مرشحة للتفاقم في المستقبل.
معايير توزيع مثيرة للجدل وسجّل المجلس أن المعايير المعتمدة في توزيع الدعم تميل إلى مكافأة المقاولات التي تشغّل عدداً كبيراً من المستخدمين، دون أن تعزز بالضرورة التعددية وتنمية القراءة كما ينص على ذلك النص التنظيمي. وأضاف أن نصيب المقاولات الصغيرة أو المبتكرة، خصوصاً الناشئة منها، يبقى محدوداً جداً. وفي هذا الإطار، دعا عدد من الفاعلين الذين تم الإنصات إليهم إلى نشر لوائح المقاولات المستفيدة ومقدار الدعم العمومي الذي تتحصل عليه كل واحدة منها، توخياً للشفافية وضماناً للولوج إلى المعلومة. كما نبّهوا إلى أن الأداء المباشر لأجور الصحافيين في إطار الدعم العمومي قد يمس"ال باستقلاليتهم المهنية. إصلاح آلية الدعم ولفت المجلس إلى أن القطاع الحكومي المكلف بالتواصل يعمل حالياً على تغيير آلية الدعم الحالية عبر الانتقال إلى حكامة جديدة تقوم على دعم المقاولة الصحفية كمؤسسة اقتصادية بدل أداء رواتب أجرائها، وذلك بموجب اتفاقيات شراكة يتم إبرامها مع المؤسسات الصحفية وفق مقتضيات تنظيمية لم تُفعّل بعد. وأوضح أن هذه الاتفاقيات ستحدد التزامات الطرفين، وتهدف إلى تعزيز الاستثمارات في الوسائل التقنية، وتطوير مهارات الصحافيين والعاملين داخل المقاولات، بغية إنتاج محتوى ذي جودة وتأهيل المقاولة الإعلامية. ضعف جاذبية المهنة وأشار رأي المجلس كذلك إلى ضعف جاذبية مهن الصحافة، إذ بلغ عدد الصحافيين المهنيين سنة 2024 حوالي 3993 صحافياً، من بينهم 366 مدير نشر. وتُظهر المعطيات أن غالبية الصحافيين يشتغلون في الصحافة الإلكترونية (1907)، يليها القطاع السمعي البصري (910)، ثم الصحافة الورقية والإلكترونية (777). كما لاحظ المجلس أن الإقبال على مهنة الصحافة يتراجع بين الطلبة المسجلين في مؤسسات التعليم العالي المتخصصة، حيث يفضل العديد منهم التوجه نحو مسالك التواصل بدل الصحافة، بسبب ضعف الاستدامة الاقتصادية للمقاولات الإعلامية. وأوضح أن ضعف الجاذبية يعود أيضاً إلى مستويات الأجور المنخفضة، إذ يبلغ متوسطها 9900 درهم شهرياً، بينما يتقاضى أكثر من نصف الصحافيين أقل من 7000 درهم، وهو ما يكرّس هشاشة الوضع الاجتماعي للصحافيين، ويهدد جودة الممارسة المهنية، بحسب المجلس.