بستة أصوات مقابل خمسة.. مجلس المستشارين يمرّر مشروع قانون المجلس الوطني للصحافة وسط انتقادات لغياب البرلمانيين    لفتيت: المخطط الوطني لمواجهة موجة البرد يستهدف 833 ألف نسمة    محامو الدار البيضاء يرفضون مشروع قانون المهنة        قناة كندية تصنف المغرب ضمن "سبع وجهات أحلام" للسياحة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء        ارتفاع أسعار الذهب إلى مستوى قياسي    النفط يتراجع مع تقييم الأسواق للمخاطر الجيوسياسية مقابل عوامل سلبية    تراجع مستمر في معدلات الإصابة بسرطان عنق الرحم ببلادنا        اشتباك مسلح بين الأمن ومهربين بورزازات    دراسة: ضوء النهار الطبيعي يساعد في ضبط مستويات الغلوكوز في الدم لدى مرضى السكري    دراسة صينية: تناول الجبن والقشدة يقلل من خطر الإصابة بالخرف    رغم البداية الصعبة..مصر تحسم مواجهتها أمام زيمبابوي بفوز ثمين    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يعلن مواصلة التصعيد ويطالب الحكومة بإصدار مراسيم الحركة الانتقالية وباقي نقاط اتفاق يوليوز 2024    غضب دانماركي وأوروبي من تعيين موفد أمريكي في غرينلاند وترامب يعتبر الجزيرة "حاجة أمنية"    إسرائيل تقتل ثلاثة عناصر من حزب الله    توقعات أحوال الطقس اليوم الثلاثاء    كيوسك الثلاثاء | الحكومة تعالج ملفات الترقي والأقدمية والحراسة بالمستشفيات    سوء الأحوال الجوية يُعلق الدراسة بإقليم القنيطرة    ترامب يوجه تحذيرا جديدا إلى مادورو    رياض محرز: استقبلنا المغاربة بشكل جيد وسعداء بتواجدنا هنا.. وسنقاتل من أجل تشريف كرة القدم الجزائرية    لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بمجلس المستشارين تصادق على مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة    كأس إفريقيا .. صلاح يقود مصر للفوز على زيمبابوي في الوقت بدل الضائع    ميسور: حملة واسعة لتوزيع المساعدات الإنسانية لفائدة الأسر بالمناطقة الأكثر هشاشة بجماعة سيدي بوطيب    ماذا تريد الدولة من اعتقال الأستاذة نزهة مجدي؟    افتتاح كأس الأمم الإفريقية بالمغرب: حدث قاري يكشف خلفيات العداء السياسي    تراجع عن الاستقالة يُشعل الجدل داخل ليكسوس العرائش لكرة السلة... وضغوط في انتظار خرجة إعلامية حاسمة    بصعوبة.. مصر تفوز على زيمبابوي 2_1 في أول ظهور بالكان    نيويورك.. زهران ممداني يفاجئ مشجعي أسود الأطلس في مطعم مغربي    تحضيرات المنتخب المغربي تتواصل استعدادا لمباراة مالي    حموشي يقرّ صرف منحة مالية استثنائية لفائدة جميع موظفي الأمن الوطني برسم سنة 2025        في ندوة وطنية بأزمور لمختبر السرديات: الخطاب والمرجع في النقد المغربي    «لماذا يخطئ المثقفون» صامويل فيتوسي الانحياز الفكري والأخلاقي أمام امتحان الحقيقة    مجموعة «فوضى مورفي» للكاتبة خولة العلوي .. شغف ووعي ورغبة في كتابة نص مختلف    الارتفاع ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    نشرة انذارية جديدة تحذر من تساقطات ثلجية كثفة وامطار قوية    نبض بألوان الهوية المغربية والإفريقية: عرس كروي رفيع المستوى في افتتاح الكان    تصنيف فيفا .. المغرب يحافظ على المركز 11 عالميا    ختام السنة برياض السلطان تروبادور غيواني بادخ    تحقيق ل"رويترز": في سوريا الجديدة.. سجون الأسد تفتح من جديد بمعتقلين جدد وتعذيب وابتزاز    ريدوان يطلق أولى أغاني ألبوم كأس أمم إفريقيا "ACHKID"    الذهب يسجل مستوى قياسيا جديدا مع توقع استمرار خفض الفائدة الأمريكية    خطر صحي في البيوت.. أجهزة في مطبخك تهاجم رئتيك    نهائيات كأس إفريقيا للأمم تعيد خلط أوراق العرض السينمائي بالمغرب    تيسة تحتضن إقامة فنية في الكتابة الدرامية والأداء لتعزيز الإبداع المسرحي لدى الشباب    إعلام إسرائيلي أمريكي: نتنياهو يسعى لتفويض من ترامب لمهاجمة إيران    تفاصيل جديدة بشأن "مجزرة بونداي"    وفاة الممثل الأمريكي جيمس رانسون انتحارا عن 46 عاما    مشروبات الطاقة تحت المجهر الطبي: تحذير من مضاعفات دماغية خطيرة    العاصمة الألمانية تسجل أول إصابة بجدري القردة    السعودية تمنع التصوير داخل الحرمين خلال الحج    من هم "الحشاشون" وما صحة الروايات التاريخية عنهم؟    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليوم العالمي للمرحاض.. يوم أسقط من أجندة المغرب
نشر في هسبريس يوم 03 - 12 - 2020

يخصص اليوم العالمي للمرحاض للتحسيس بأهمية المراحيض، والتشجيع على تحسين خدمات الصرف الصحي، تماشيا مع ما تروم إليه منظمة المراحيض الدولية من توفير المراحيض وتوسيع هذه الخدمات ليستفيد منهاما يناهز أربعة ملايير ومائتي مليون نسمة من ساكنة المعمورة.
ويعتقد الكاتب والباحث محمد شيڭر أن إغفال المغرب الاحتفال باليوم العالمي للمرحاض "قد يعود إلى كونه ليس عضوا في المنظمة المذكورة"، داعيا إلى تدارك الموقف والانخراط فيها للاستفادة من أنشطتها ومن تجارب أعضائها.
وفي هذا المقال، يحاول الباحث أن يلقي الضوء على الأهمية الاجتماعية والاقتصادية للمراحيض.
وهذا نص المقال:
لا يفوت المغرب يوما عالميا إلا واحتفل به، باستثناء اليوم العالمي للمرحاض الذي يصادف 19 نونبر من كل سنة. وأسس هذا اليوم سنة 2001 من طرف منظمة المراحيض الدولية، وجعلت منه الأمم المتحدة يوما عالميا رسميا سنة 2013.
ويخصص هذا اليوم للتحسيس بأهمية المراحيض، والتشجيع على تحسين خدمات الصرف الصحي، تماشيا مع ما تروم إليه منظمة المراحيض الدولية من توفير المراحيض وتوسيع هذه الخدمات ليستفيد منهاما يناهز أربعة ملايير ومائتي مليون نسمة من ساكنة المعمورة. هؤلاء، وهم أكثر من 50٪ من مجموع سكان العالم، يعانون من انعدام المراحيض ومجاري الصرف الصحي. وتضم هذه المنظمة 153 عضوا من 53 دولة.
ويعود إغفال المغرب الاحتفال بهذا اليوم إلى كونه ليس عضوا في هذه المنظمة؛ وإذا كان الأمر كذلك، ندعوه إلى تدارك الموقف والانخراط في هذه المنظمة للاستفادة من أنشطتها ومن تجارب أعضائها.
وسيكون من الخطأ الاستخفاف بالمراحيض والاعتقاد بأن الصرف الصحي أقل أهمية من شق الطرق مثلا. تعد المراحيض، بارتباطها بمجاري الصرف الصحي، مؤشرا من أهم مؤشرات التنمية البشرية لكونها تدل على مدى تغطية الحاجيات الأولية ذات الطابع البيولوجي للإنسان.
ويتكون هرم الحاجيات من أربعة طوابق: طابق أرضي يتشكل من الحاجيات الأولية، تليه بعد ذلك، على التوالي، طوابق الضروريات ثم المستحسنات، فالكماليات. وسيكون من الصعب على الإنسان المنشغل بحاجياته الأولية تغطية ضرورياته والتطلع للاستفادة من المستحسنات، علاوة على الكماليات.
كلما صعد المواطن إلى طابق من طوابق هرم الحاجيات، كلما ارتقى اجتماعيا. لهذا لن نبالغ إذا قلنا إن المراحيض باروميتر لقياس الفوارق الاجتماعية والمجالية، وأداة لتحديد موقع المواطن من السياسات العمومية والوقوف على مدى اهتمام السلطات المحلية والوطنية بالبيئة. فعدم تعميم المراحيض، وضعف شبكة الصرف الصحي، يؤشران على عمق الفوارق الاجتماعية والمجالية، والإخلال بالتوازن الأيكولوجي وما يترتب عنه من مشاكل صحية وبيئية.
ومن غريب الصدف أن هذا اليوم يأتي مباشرة بعد عيد الاستقلال، ليذكرنا بأننا لم نتمكن إلى حد الآن، رغم المجهودات المبذولة، من ضمان حق من أبسط حقوق الإنسان المتمثل في قضاء الحاجة في ظروف لائقة، وبالتالي توفير المراحيض للجميع دون تمييز، وتعميم الصرف الصحي المدار بأمان. ومازالت شرائح عريضة من المجتمع المغربي- قد تتجاوز50 في المائة من الساكنة- لا تتوفر على مراحيض، وتعاني الأمرين من غياب الصرف الصحي.
إن قلة هذه الفضاءات، وضعف نظام مجاري الصرف الصحي، له انعكاسات سلبية، اجتماعيا وبيئيا واقتصاديا.
اجتماعيا، يؤشر المرحاض- كما أشرنا إليه أعلاه- على التهميش واللامساواة. فضعف، إن لم نقل انعدام، نظام مجاري الصرف الصحي، يخص من جهة المجال القروي الذي لم يتخلص بعد من عزلته، ومن جهة أخرى حزام الفقر والهشاشة الذي يطوق المجال الحضري والمكون من أحياء عشوائية ومدن صفيحية. ويصاحب هذا التمييز المجالي تمييز اجتماعي، أساسه الفصل بين أهل "الفوق" وأهل "التحت".
ويعود هذا التمييز إلى قصور السياسات العمومية المتبعة منذ الاستقلال وإلى ما ترتب عن هذا القصور من تفشي الفساد. فما كانت لتكون الأحياء العشوائية ومدن الصفيح لو تحلى القائمون عن الشأن المحلي بالمسؤولية، وما كانت لتتحول أنهار إلى مجاري "بوخرارب" كما هو الشأن بالنسبة لنهر ملوية على مستوى بلدية ميسور، لو كانت المجالس البلدية والقروية في مستوى الثقة التي وضعها فيها الناخب.. المدن الكبرى نفسها لا تتوفر على مراحيض عمومية بمعايير دولية. كيف يمكن تفسير غياب مثل هذه الفضاءات في الرباط العاصمة، وفي الدار البيضاء ومراكش...الخ؟. قد ينزعج السائح من هذا الوضع، لكن المتضرر الأول منه هو الجنس اللطيف. تكفي الإشارة إلى أن انعدام المراحيض بالمدارس القروية يقف حجر عثرة أمام تمدرس الفتاة القروية، ويساهم بالتالي في تكريس اللامساواة بين المرأة والرجل.
اقتصاديا، هناك علاقة بين انعدام المراحيض وغياب الصرف الصحي من جهة، وضيق العيش ومحدودية الدخل من جهة أخرى. في هذا الإطار، تتميز المجالات الحضرية منها والقروية، التي تنعدم فيها المراحيض بصفة خاصة ومجاري الصرف الصحي بصفة عامة، بتداخل اقتصاد البقاء والاقتصاد غير المهيكل. وينفرد هذان الحقلان بمحدودية الإنتاجية، وضعف القيمة المضافة، وانحصار الإنتاج. ويؤدي هذا الوضع إلى تفشي البطالة المقنعة، وهدر الطاقات، إضافة إلى ظواهر اجتماعية معيبة يضيق المجال بذكرها بتفاصيلها. على المستوى البيئي، يؤدي انعدام نظام مجاري الصرف الصحي إلى تفشي الأمراض نتيجة تلوت المياه الجوفية منها وغير الجوفية، وظهور المستنقعات وما يترتب عنها من تكاثر الحشرات المضرة وانتشار الروائح الكريهة.
في الختام، كيف يمكن تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، والمطالبة بالمساواة بين الرجل والمرأة، دون ضمان أحد أبسط حقوق الإنسان المتمثل في تعميم المراحيض ونظام الصرف الصحي؟.. كيف يمكن الارتقاء بالمجتمع إذا كانت هناك شريحة واسعة من هذا المجتمع مازالت رهينه حاجياتها الأولية؟.. خلافا لما قد يعتقد، إن كلفة عدم تعميم المراحيض ونظام المجاري الصحية أكبر بكثير من كلفة تعميمها.. الفارق بينهما أن الكلفة الثانية استثمار خلافا للأولى التي تعاكس التنمية وتحول دون تقدم المجتمع. بمعنى آخر، الفرق بين الكلفتين يطابق الفرق بين المقاربة التي تكرس محورية الإنسان كوسيلة وهدف في الوقت نفسه والمقاربة المحاسبتية التي تلغي الإنسان كهدف لتركز على ما هو محاسبتي.
أخيرا، إذا أردت أن تعرف مستوى فندق ما بغض النظر عن عدد نجومه، فعليك بإلقاء نظرة على مراحيضه.
الفكرة نفسها يمكن تطبيقها على الأقطار؛ فالمراحيض والصرف الصحي مرآة تعكس حالة ومستوى تنمية بلد ما. لهذا ندعو إلى تبني تعميم المراحيض والصرف الصحي كمؤشر أساسي لتقييم التنمية، وإلى تحديد يوم وطني للمراحيض والصرف الصحي.
(*) رئيس مركز الدراسات والأبحاث عزيز بلال


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.