أخنوش يتفقد تقدم برنامج إعادة تأهيل مناطق زلزال الحوز ويؤكد نجاح الأشغال    الاتحاد الاشتراكي يرفض "رشوة الانتخابات" ويطلب ضبط الذكاء الاصطناعي    الحكومة تتفاعل مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وبنسعيد يقدم معطيات حول إعداد مشروع قانون المجلس الوطني للصحافة    أمير قطر يبحث مع الرئيس الإماراتي العلاقات الثنائية ومستجدات الأوضاع الإقليمية    تداولات بورصة البيضاء تنتهي خضراء    "التقدم والاشتراكية" يطالب بمناقشة اختلالات إحصاء القطيع والدعم الموجه لمربي الماشية    رسو سفينة أخرى بطنجة.. "بي دي إس" تندد باستمرار السلطات المغربية في استقبال "أسطول الإبادة"    الضربات الإسرائيلية تعكر صفو الهدوء بقطر وتضعف الثقة في واشنطن    احتجاجات حركة "أوقفوا كل شيء" تشل مدناً فرنسية وتؤدي إلى اعتقالات واسعة    حالتا وفاة جديدتان في مياه سبتة ترفعان الحصيلة إلى 30 ضحية        بجاهزية عالية.. الحسيمة تفتح أبواب المدارس للموسم الجديد    الزاوية الكركرية تحتفي بإصدارات الشيخ محمد فوزي الكركري                    حسام أمير يعيد إحياء "حكّام الرجال" بأسلوب معاصر    المغربي وليد الحجام يوقع لعامين مع جيروندان بوردو الممارس في الدرجة الرابعة لكرة القدم بفرنسا        زيارة ميدانية لوزير الصحة لمشاريع صحية قيد الإنجاز ويتابع عن قرب سير عمل المؤسسات الصحية بجهة فاس مكناس    تحذير من المجلس الأعلى بشأن تداول "أذونات زواج" مزورة على مواقع التواصل    احتجاجات "لنغلق كل شيء" تهز فرنسا    وفد نيابي برئاسة الطالبي العلمي في زيارة عمل لجمهورية فنلندا    بعد جدل طلاقها .. سكينة بنجلون تطلق نداء عاجلا لحسن الفذ        حموني يراسل وزارة التجهيز بخصوص الخسائر الفادحة في البساتين الفلاحية ببولمان    تعيينات في المصالح الاجتماعية للأمن‬    حملة اعتقالات تطبع احتجاجات فرنسا    مجموعة بريد المغرب ومؤسسة البريد السعودي توقعان اتفاقيتين استراتيجيتين لتطوير التبادل ودعم نمو التجارة الإلكترونية    188 مليون طفل ومراهق يعانون السمنة .. والأمم المتحدة تحذر    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    صيف استثنائي بفضل الجالية.. 4,6 ملايين سائح بالمغرب خلال يوليوز وغشت    المنتخب المغربي لألعاب القوى يراهن على البقالي للتألق في مونديال طوكيو    إيكمان يشكر الجماهير المغربية والعيناوي سعيد بظهوره الثاني    فيدرالية اليسار الديمقراطي تدين العدوان الإسرائيلي على قطر وتطالب بوقف التطبيع    "صفقات على المقاس".. الفرقة الوطنية تفتح تحقيقا في اختلالات بصفقات عمومية    النجم كيليان مبابي يتخطى هنري ويلامس عرش الهداف التاريخي لفرنسا    "فيفا" يخطر جامعة الكرة بموعد إرسال اللائحة النهائية للمنتخب المغربي المشاركة في كأس العرب    آفاق ‬التعاون ‬المغربي ‬الموريتاني ‬تتسع ‬أكثر    المنتخب الإماراتي لكرة القدم يتأهل إلى نهائيات كأس آسيا لأقل من 23 سنة    منتخب الرأس الأخضر يقترب من أول تأهل إلى كأس العالم في تاريخه بعد انتصاره على نظيره الكاميروني    مع حضور في الطقوس والأمثال .. الخبز في حياة المغاربة: من قوت يومي إلى مقام وجودي ورمز أسطوري وسلم اجتماعي    استعراض مؤهلات جهة الشمال على وفد فرنسي من تولوز    مطارات الإمارات تتجاوز حاجز المليار مسافر خلال 10 سنوات    هشام العلوي يدعو المغرب إلى قطع علاقاته مع حكومة نتنياهو مع الحفاظ على الروابط مع المجتمع والشعب الإسرائيلي    دراسة: أسماك الناظور ملوثة وتهدد صحة الأطفال    دراسة: أسماك الناظور ملوثة بعناصر سامة تهدد صحة الأطفال        باقبو الفنان الذي ولج الموسيقى العالمية على صهوة السنتير.. وداعا    تلميذ يرد الجميل بعد 22 سنة: رحلة عمرة هدية لمعلمه    1500 ممثل ومخرج سينمائي يقاطعون مؤسسات إسرائيلية دعما لغزة    أجواء روحانية عبر إفريقيا..مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تحيي المولد النبوي            أمير المؤمنين يصدر أمره إلى المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في موضوع الزكاة    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    المجلس العلمي الأعلى يعلن إعداد فتوى شاملة حول الزكاة بتعليمات من الملك محمد السادس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشباب المغربي في الغرب والعلمانية
نشر في هسبريس يوم 23 - 09 - 2012

تتميز المجتمعات الغربية بالحرية الذاتية الواسعة وقيم الفردية والعلمنة وفصل الدين عن الدولة.ولذلك تتسم الحياة الاجتماعية والثقافية الغربية بمساحة كبيرة من الحرية في ممارسة وتداول مختلف الأشياء والقضايا وحتى تلك المحسوسة منها للمهاجرين ذوي الخلفية الإفريقية العربية والإسلامية بشكل عام.
فمن الطبيعي جدا في البلدان الغربية مناقشة القضايا التي تتعلق بالجنسية ذات الطابع الخصوصي دون استعمال أداة أو أسلوب التورية. كما أن النقاش حول الأمور المتعلقة بالعقائد الدينية لا يمكن أن يعوقه عائق أو يمنعه مانع، لدرجة أنه بإمكان الفرد الغربي أن يعتقد في أي دين أو عقيدة، أو يغير دينه إلى دين آخر دون أن يتوقع حكما بالردة أو بالتكفير لا من الدولة ولا من الكنيسة وهذا الوضع سهل الأمر على أزيد من 150 ألفا أوربي أن يعتنقوا الإسلام عن قناعتهم الشخصية، دون خوف أو خشية من المجتمع أو الأسر.
إن الأوساط المغربية الممارسة لديانتها تكون عادة قاصرة عن الانخراط أو المشاركة في الأنشطة الاجتماعية للمجتمع الغربي. ولذلك تجد من المغاربة من يراعي جملة من القواعد والأحكام الإسلامية التي يعتبرها لا تتوافق مع قيم وأعراف المجتمعات الغربية، مثلا امتناع الجلوس على مائدة فيها خمر أو مصافحة المرأة الأجنبية أو المسلمة عن مصافحة الرجل الأجنبي أو الرقص والغناء والموسيقى. كما أن هناك شرائح من الشباب المتدين مترددون من ربط علاقات مع الجنس الأخر لبواعث دينية واجتماعية. كما أن هناك من البنات المسلمات المتحجبات مترددات من المشاركة في بعض الأنشطة أو ولوج جمعيات أو أندية مختلطة، أو بسبب نظرة الاستغراب والمضايقة وأحيانا اللمز أو الهمز التي تواجهها في مثل تلك الأماكن. أما الذين اعتنقوا الإسلام وغير متدينين أي من أصول عربية إسلامية وكذلك من أتباع الديانات الأخرى فلا يبالون لذلك، كما أن لديهم علاقات جيدة ومتينة وصداقات حميمة مع أفراد المجتمع الغربي.
ومن هنا نلاحظ أن الأجيال المغربية التي فتحت أعينها على حضارة الدولة الغربية في المهجر تتعرض لعملية التغيير والتحديث نتيجة للعامل الثقافي والمنهجيات والحياة اليومية، ولا ريب أن الأسرة المغربية المهاجرة قد تعرضت لرياح التغيير الاجتماعي في عملية التحول هذه، خصوصا في التربية وتنشئة الأطفال الذين هم أكثر تعرضا وتأثيرا للظروف المرتبطة بمجتمع الإقامة، وليست لهم أي قدرة أو طاقة على رد الفعل أو إرادة الانتقاء والاختيار لما يمليه عليهم المجتمع، وبالتالي لا تمتلك الأسرة قوة لمواجهة العلاقات الصراعية التي مردها إلى اختلاف الظروف والملابسات والأوضاع التي تحيط بها من كل جهة، مما يجعل تلك الأسر عاجزة عن الوقوف في وجه التأثيرات النوعية، وفي وضعية تضارب تنعكس على شبكة علاقاتها الاجتماعية ونضام الأفعال بشكل غير منسجم ولا متوافق، كذلك هي تحت رقابة انعكاسات المجتمع الذي يحيل علاقاتها إلى جملة من الإشكالات بالغة الأهمية والمفروضة بحكم الواقع الاجتماعي، وما تحتضنه من معطيات ومؤشرات تتسم في غالبيتها بالارتباك، والسلوك الفردي شيء، والمؤسسات تدفع إلى شيء آخر، والقيم والمعتقدات تدفع إلى شيء ثالث. وكيف ما كانت الوسائل المستخدمة في هذا المضمار فربما تؤدي في آخر المطاف إلى تفكيك الأسرة، وتقويض تكويناتها الاجتماعية المركبة وامتثال أطفالها إلى تنشئة المقومات الثقافية للمجتمع الذي ترعرعوا فيه.
في سياق ما ذكرناه يتضح لنا جليا أن هناك عوامل متباينة تؤثر بشكل أو بآخر في تنشئة الأجيال الحالية أو الأجيال اللاحقة من المهاجرين المغاربة، ما دامت هذه المجتمعات التي تقيم فيها الجاليات المغربية مجتمعات لبرالية رأسمالية شغلها الشاغل هو تجميع الثروات الاقتصادية والمالية ومراكمتها وتطوير المعارف والعلوم الدنيوية بمختلف أنواعها ومناهجها، وبالتالي العمل على توسيع دائرة التنوير والحداثة والمساواة الخ، ونشر هذه الثقافة في أوساط المجتمعات العالمية. هذا هو حال المجتمعات الغربية ذات الإيديولوجية اللبرالية كما أشرنا سلفا. والسؤال المطروح هو : هل للعلمانية من تأثير على هذه الأقلية المغربية المسلمة؟ الجواب : بلى، سيكون لها أثرها على هذه الأقلية لكن على المدى البعيد على الرغم من أن العلمانية ليست إلا واق لمؤسسات الدولة، فهي تستبعد البعد الديني عن بنيات الدولة خشية من سيطرة الكنيسة مرة أخرى على المجتمع بعد أن أطاح بها وبالمماليك التي كانت تناصرهم زمرة من المثقفين مثل فولتير وديدرو وجان جاك روسو وغيرهم، ذلك نضرا للحيف والإجحاف التي كانت تمارسه على الرعايا زاعمة أنها تستمد والملوك أو الحكام مشروعيتهم من الله. قلت سيكون للعلمنة تأثيرها على هذه الأقلية لكن هذا التأثير ليس في قلوب المؤمنين أي لا يمكن أومن المستحيل أن تؤثر العلمانية في عقيدة المؤمن ذلك أن العقيدة محلها القلب ويستحيل على العلمنة أن تلج قلوب المؤمنين ولا تستطيع. أما الممارسة العلنية للشعائر الدينية فهي مضمونة دستوريا في هذه المجتمعات لا يمكن لا للعلمانية ولا لغيرها أن تطمع في منعها.
إذا العلمنة حريصة على رجال الكنيسة أو نظم الحكم الشمولية أو تسلطية تدعي الوصاية على الناس من العودة إلى الحكم مرة أخرى وليس على المؤمنين الذين إيمانهم راسخ بالله، ولا ننكر أن للعلمانية سلبياتها تجاه الدين. أما الذين ستؤثر فيهم العلمانية أو سيكونون من ضحاياها هم أ ولئك المذبذبون الذين هم لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء. وهؤلاء المذبذبين موجودون حتى في المجتمعات العربية الإسلامية وما أكثرهم. أما من هو إيمانه قوي بالله ومتشبث بحبل الله المتين وتوكل على الله الحق المبين وانخرط في بنيات ومؤسسات الدولة وساهم بفكره وسواعده العضلية في بناء المجتمع اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وثقافيا، وابتعد عن الغش والكذب والمتاجرة في الحرام واجتهد مع المسلمين في بناء المساجد والمعاهد الدينية والمؤسسات والمدارس الإسلامية التي يضمنها الدستور لكل الأقليات الدينية القاطنة في هذه المجتمعات، سيكون من المفلحين في الأولى والآخرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.