الأميرة للا مريم تترأس المجلس الإداري للمصالح الاجتماعية للقوات المسلحة    لتطوير المشروع.. "AFC" تستثمر 14 مليون دولار للربط الكهربائي بين المغرب وبريطانيا    بعد 40 عاما من استغلاله.. إغلاق سجن "سات فيلاج" بطنجة وتوزيع نزلائه على سجون أخرى    الفنان المغربي الروسي عبد الله وهبي يعرض "لوحات من روسيا" في الرباط    الصين تؤكد التزامها لصالح علاقات مستقرة ومستدامة مع الولايات المتحدة    دعوة لإحياء جمعة الغضب بالمغرب دعما للشعب الفلسطيني    الحكومة تقترح على النقابات زيادة 10% في الحد الأدنى للأجور    وزارة التعليم تشن حملة ضد "العلكة" في مدارس تيزنيت    ارتسامات المؤتمرين حول المؤتمر الثامن عشر لحزب الاستقلال    انتخاب رئيس جديد على رأس الإتحاد الإسباني لكرة القدم    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب على غزة إلى 34356 قتيلا    بايتاس : الحكومة لا تعتزم الزيادة في أسعار قنينات الغاز في الوقت الراهن    كأس الكاف .. نهضة بركان يعلن طرح تذاكر مباراته أمام اتحاد العاصمة الجزائري    الطقس غدا السبت.. أمطار فوق هذه المناطق ورياح قوية مصحوبة بتناثر غبار محليا    جماهير اتحاد العاصمة تثور على السلطات الجزائرية بسبب المغرب    بوطازوت تفتتح فعاليات الدورة الخامسة لمهرجان الشرق للضحك    سعر الذهب يتجه نحو تسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع        العرائش : انطلاق أشغال مشروع تهيئة الغابة الحضرية "ليبيكا"        احتجاجا على حرب غزة.. استقالة مسؤولة بالخارجية الأمريكية    تطوان .. احتفالية خاصة تخليدا لشهر التراث 2024    "شيخ الخمارين ..الروبيو ، نديم شكري" كتاب جديد لأسامة العوامي التيوى    البحرية الملكية تقدم المساعدة ل 85 مرشحا للهجرة غير النظامية    أخنوش معلقا على احتجاجات طلبة الطب: ليس هناك سنة بيضاء و3 آلاف طالب يدرسون كل يوم    طلبة الطب والصيدلة يتفاعلون بشكل إيجابي مع دعوة أخنوش    محمد عشاتي: سيرة فنان مغربي نسج لوحات مفعمة بالحلم وعطر الطفولة..    فضايح جديدة فالبرنامج الاجتماعي "أوراش" وصلات للنيابة العامة ففاس: تلاعبات وتزوير وصنع وثيقة تتضمن وقائع غير صحيحة    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولات الجمعة على وقع الانخفاض    جرسيف.. مشروع بكلفة 20 مليون درهم لتقوية تزويد المدينة بالماء الشروب    بروفيسور عبد العزيز عيشان ل"رسالة24″: هناك علاج المناعي يخلص المريض من حساسية الربيع نهائيا    مجمع الفوسفاط ينجح في تعبئة ملياري دولار عبر سندات اقتراض دولية    أخنوش يحسم الجدل بخصوص التعديل الحكومي    السعودية قد تمثل للمرة الأولى في مسابقة ملكة جمال الكون    أخنوش: الأسرة في قلب معادلتنا التنموية وقطعنا أشواطاً مهمة في تنزيل البرامج الاجتماعية    طلبة الطب يقررون تعليق كل الخطوات الاحتجاجية وفسح المجال للحوار    انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس "مولان روج"    رسميا.. بدر بانون يعود لأحضان فريقه الأم    بطولة إفريقيا للجيدو... المنتخب المغربي يفوز بميداليتين ذهبيتين ونحاسيتين في اليوم الأول من المنافسات    رغم القمع والاعتقالات.. التظاهرات الداعمة لفلسطين تتواصل في العالم    مؤسسة (البيت العربي) بإسبانيا تفوز بجائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها ال18    "لمسات بألوان الحياة".. معرض تشكيلي بتطوان للفنان مصطفى اليسفي    عرض فيلم "أفضل" بالمعهد الفرنسي بتطوان    "IA Branding Factory"… استفادة 11 تعاونية من الخدمات التكنولوجية للذكاء الاصطناعي    تحت اشراف الجامعة الملكية المغربية للملاكمة عصبة جهة سوس ماسة للملاكمة تنظم بطولة الفئات السنية    شاهد كيف عرض فيفا خريطة المغرب بمتحفه في زوريخ    الدكتور عبدالله بوصوف: قميص بركان وحدود " المغرب الحقة "    هل دقت طبول الحرب الشاملة بين الجزائر والمغرب؟    البيرو..مشاركة مغربية في "معرض السفارات" بليما لإبراز الإشعاع الثقافي للمملكة    الأمثال العامية بتطوان... (582)    في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشار المرض بسبب التغير المناخي    خبراء ومختصون يكشفون تفاصيل استراتيجية مواجهة المغرب للحصبة ولمنع ظهور أمراض أخرى    جراحون أميركيون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي    قميصُ بركان    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من خطر الإصابة بسرطان القولون    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اعرف نبيك صلى الله عليه وسلم
نشر في هسبريس يوم 06 - 10 - 2012

من لوازم محبة النبي صلى الله عليه وسلم معرفة أخباره وصفاته، ومن شروط الإيمان به نبيا ورسولا؛ أسوة وقدوة؛ معرفة هديه وسنته وكيف حقق العبودية لربه سبحانه وتعالى، وإن كان المقام يضيق عن تبيان ذلك فلا أقل من أن نشير الإشارات التي بها نتبين عظمة هذا الرسول وكماله وبهاءه، ومعالم اصطفائه، وجميل خصاله، وبعض مكارم أفعاله وأقواله..، ويكفيه فخرا أنه أحب خلق الله إليه، ورضي الله عن أبي الوليد إذ قال:
وَأَحْسَنُ مِنْكَ لَمْ تَرَ قَطُّ عَيْنِيِ ... وَأَجْمَلُ مِنْكَ لَمْ تَلِدِ النِّسَاءُ
خُلِقْتَ مُبَرَّأً مِنْ كُلِّ عَيْبٍ ... كَأَنَّكَ قَدْ خُلِقْتَ كَمَا تَشَاءُ
التعريف بنسبه الشريف
قال الإمام البخاري رحمه الله: "هو أبو القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
وهو اصطفاء رباني في الأنساب فعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى بَنِي هَاشِمٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِم".
مولده صلى الله عليه وسلم
ولد الرسول صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين من شهر ربيع الأول في مكة المكرمة عام الفيل (عام 571م) من أبوين معروفين: أبوه عبد الله بن عبد المطلب، وأمه آمنة بنت وهب، سماه جده محمداً صلى الله عليه وسلم، وقد مات أبوه قبل ولادته. وفي الحديث لما سئل صلى الله عليه وسلم، عن صوم يوم الاثنين قال: (ذلك يوم ولدت فيه، وفيه بعثت، وفيه أنزل علي القرآن) رواه مسلم.
الرسول كأنك تراه صلى الله عليه وسلم
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وجهاً وأحسنهم خلقاً، ليس بالطويل البائن ولا القصير، عريض ما بين المنكبين، ضخم الرأس واليدين والقدمين، منهوس العقبين..
أبيض مليح الوجه، تعلوه حُمرة، أسيل الخدين (قليل اللحم من غير نتوء)، واسع الجبين، أسود الحدقة، أهدب الأشفار (طويلة)، أدعج العينين (شدة سواد العينين مع سعتهما) وأشكلهما (حمرة في بياضهما)، ضليع الفم، أقنى الأنف، كثّ اللحية، جمته (شعره) إلى شحمة أذنيه، رَجِلَ الشعر، ليس بالسَّبِط ولا الجَعْد القَططِ، وقُبض وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرةً بيضاء.
كان وجهه مثل الشمس والقمر وكان مستديراً، وكان إذا سُرّ استنار وجهه، حتى كأن وجهه قطعة قمر، لا يضحك إلا تبسماً..
من فضائل الرسول صلى الله عليه وسلم
قال الحق سبحانه يبين فضل الحبيب على العالمين: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}.
وقال جل في علاه يصف خلقه: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}.
وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا}.
وقال صلى الله عيه وسلم: (أنا أكثر الأنبياء تبعاً يوم القيامة، وأنا أول من يقرع باب الجنة) رواه مسلم. وقال أيضا: (فضلت على الأنبياء بست: أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون) رواه مسلم.
طيب رائحة النبي صلى الله عليه وسلم
عن أنس رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، أزهر اللون كأن عرقه اللؤلؤ، إذا مشا تكفأ (مال إلى أمامه)، وما مسست ديباجاً ولا حريراً ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا شممت مسكاً ولا عنبراً أطيب من رائحة النبي صلى الله عليه وسلم" متفق عليه، وكان صلى الله عليه وسلم يعرف بريح الطيب إذا أقبل.
صفة كلام الرسول صلى الله عليه وسلم
قال الله تعالى: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يسرد كسردكم هذا، ولكنه كان يتكلم بكلام بين فصل يحفظه من جلس إليه) رواه مسلم.
وكان صلى الله عليه وسلم يُعيد الكلمة ثلاثاً لُتِعقل عنه (البخاري)، ويحدث حديثاً لو عدّه العادّ لأحصاه (متفق عليه).
من زهد الرسول صلى الله عليه وسلم
وعن علقمة عن ابن مسعود قال: اضطجع رسول الله على حصير، فأثر الحصير بجلده، فجعلت أمسحه وأقول: بأبي أنت وأمي: ألا آذنتنا فنبسط لك شيئاً يقيك منه تنام عليه؟ قال: (مالي وللدنيا، ما أنا والدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو كان لي مثل أُحد ذهباً لسرني أن لا تمر عليّ ثلاث ليالٍ وعندي منه شيء إلا شيئاً أرصده لدين) رواه البخاري.
وعن عائشة أنها قالت: (إن كنا آل محمد، ليمر بنا الهلال، ما نوقد ناراً، إنما هما الأسودان، التمر والماء، إلا أنه كان حولنا أهل دور من الأنصار، يبعثون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بلبن منائحهم (النوق والأغنام)، فيشرب ويسقينا من ذلك اللبن) متفق عليه.
وعن أنس قال: (ما أعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رغيفاً مرققاً؛ حتى لحق الله، ولا شاة سميطاً (مشوية) بعينه قط" رواه البخاري.
من الأخلاق النبوية
بنيت لهم من الأخلاق ركنا فخانوا الركن فانهدم اضطرابا
وكان جَنابُهم فيها مهيبا ولَلأخلاق أجدرُ أن تهابا
قال الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، وكان صلى الله عليه وسلم خلقه القرآن، وأحسن الناس أخلاقا، صادق وأبغض الخلق إليه الكذب، والصدق والأمانة خلقه حتى قبل البعثة.
ومن دعائه صلى الله عليه وسلم في الأخلاق: (اللهم اهدني لأحسن الأعمال، وأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، وقني سيِّء الأعمال، وسيِّء الأخلاق، لا يقي سيئها إلا أنت)، و(اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء والأدواء) صحيح الترمذي.
كرمه وجوده صلى الله عليه وسلم
هذا ومن نماذج حسن خلقه وكريم سجاياه وحميد خصاله الكرم، فقد كان فيه مضرب الأمثال فكان لا يرد سائلاً، فعن أنس رضي الله عنه قال: "ما سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام شيئاً إلا أعطاه، قال: فجاءه رجل فأعطاه غنماً بين جبلين، فرجع إلى قومه فقال: يا قوم: أسلموا فإن محمداً يعطي عطاء لا يخشى الفاقة" رواه مسلم.
ولما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة حنين تبعه الأعراب يسألونه، فألجؤوه إلى شجرة، فخطفت رداؤه، وهو على راحلته، فقال: (ردوا عليّ ردائي، أتخشون عليّ البخل؟ فوالله لو كان لي عدد هذه العضاة نعماً لقسمته بينكم، ثم لا تجدوني بخيلاً ولا جباناً ولا كذاباً) رواه البخاري.
تواضع الرسول صلى الله عليه وسلم
قال ربنا سبحانه: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، أحسن الناس خُلقاً، وكان لي أخ يقال له: أبو عمير، وهو فطيم، كان إذا جاءنا، قال: يا أبا عمير، ما فعل النغير؟ النغير كان يعلب به (طائر يشبه العصفور) رواه البخاري ومسلم.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "إن كانت الأمة لتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتنطلق به حيث شاءت" رواه البخاري. وقال أيضا: "ما كان شخص أحبّ إليهم (الصحابة) من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانوا إذا رأوه لم يقوموا له، لما يعلمون من كراهيته لذلك".
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم، فإنما أنا عبد، فقولوا عبد الله ورسوله" رواه البخاري.
حلم النبي صلى الله عليه وسلم
قال جلّ وعلا لنبيه صلى الله عليه وسلم: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}، فامتثل وأطاع، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم، وعليه بُرد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي، فجذبه بردائه جبذة شديدة، حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد أثرت بها حاشية البُرد من شدة جبذته، قال: يا محمد، مُر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ضحك، ثم أمر له بعطاء" متفق عليه.
وعن عائشة قالت: ".. وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم، لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله، فينتقم لله بها" متفق عليه.
من معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "كنا نعدُ الآيات بركة، وأنتم تعدونها تخويفاً، كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فقلَّ الماء: فقال: أطلبوا فضلة من ماء؛ فَجَاءُوا بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ قَلِيلٌ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ؛ ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى الطَّهُورِ الْمُبَارَكِ وَالْبَرَكَةُ مِنْ اللَّهِ. فَلَقَدْ رَأَيْتُ الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَلَقَدْ كُنَّا نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وَهُوَ يُؤْكَلُ" رواه البخاري.
من صور صبر النبي صلى الله عليه وسلم
عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحُدٍ؟ قال: (لقد لقيتُ من قومك، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كُلالٍ، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقتُ وأنا مهمومٌ على وجهي، فلم استفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابةٍ قد أظلتني، فنظرتُ فإذا فيها جبريل عليه السلام، فناداني فقال: إن الله تعالى قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمُرهُ بما شئت فيهم، فناداني ملك الجبال، فسلم علي ثم قال: يا محمدُ إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال، وقد بعثني ربي إليك لتأمرني بأمرك، فما شئت: إن شئت أطبقتُ عليهم الأخشبين. فقال النبي صلى الله عليه وسلم بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا) متفق عليه.
(الأخشبان): الجبلان المُحيطان بمكة. والأخشبُ: هو الجبل الغليظ.
شجاعة الرسول صلى الله عليه وسلم
جاء رجل إلى البراء، فقال: أكنتم وليتم يوم حنين، يا أبا عمارة؟ فقال: أشهد على نبي الله صلى الله عليه وسلم ما ولّى، ولكنه انطلق أخِفَّاء من الناس، وحُسر إلى هذا الحي من هوازن، وهم قوم رماة، فرموهم برشق من نبل، كأنها رِجل من جراد، فانكشفوا، فأقبل القوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو سفيان بن الحارث يقود به بغلته، فنزل ودعا واستنصر، وهو يقول: (أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب، اللهم أنزل نصرك) متفق عليه.
وعن علي رضي الله عنه قال: "لقد رأيتني يوم بدر، ونحن نلوذ (أي نحتمي) بالنبي عليه السلام، وهو أقربنا إلى العدو، وكان من أشد الناس يومئذٍ بأساً" شرح السنة.
رحمة رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (بعثتُ بالرحمة) رواه مسلم، وقال أيضا: (إنما أنا رحمة مهداة). و"كان صلى الله عليه وسلم، رحيماً، لا يأتيه أحد إلا وعده وأنجز له إن كان عنده" الأدب المفرد.
وعن أنس بن مالك قال: "ما رأيت أحداً كان أرحم بالعيال من رسول الله صلى الله عليه وسلم" رواه مسلم.
وأما رحمته بالحيوان؛ فعن سهل بن الحنظلية قال: مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعير قد لحق ظهره ببطنه، فقال: (اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة فاركبوها صالحة، وكلوها صالحة) أبو داود.
و"كان صلى الله عليه وسلم، يُصغي (يميل) للهرة الإناء، فتشرب ثم يتوضأ، بفضلها" صحيح رواه الطبراني.
حياء رسول صلى الله عليه وسلم
"كان صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها، وكان إذا كره شيئاً عرفناه في وجهه" متفق عليه.
وعن يعلى بن أمية قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يغتسل بالبراز (أي بالفضاء) فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: (إن الله حييٌّ ستير، يحب الحياء والتستر، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر) رواه أحمد وحسن سنده الألباني.
من مزاح النبي صلى الله عليه وسلم
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: يا رسول الله، إنك تداعبنا، قال: (أني لا أقول إلا حقاً) (صدقاً) حسن رواه الترمذي.
وعن أنس أن رجلاً استحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (إني حاملك على ولد ناقة)، فقال: وما أصنع بولد ناقة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وهل تلد الإبل إلا النوق؟) صحيح أبي داود. (استحمل: أي طلب منه أن يحمله على دابة).
وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال الله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ}.
وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله عز وجل إذا أراد رحمة أمة من عباده قبض نبيها قبلها، فجعله لها فرطاً وسلفاً بين يديها، وإذا أراد هلكة أمة، عذبها ونبيها حي، فأهلكها وهو ينظر، فأقر عينه بهلكتها حين كذبوه، وعصوا أمره) رواه مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: "(إن الله خير عبداً بين الدنيا، وبين ما عند الله، فاختار ذلك العبد ما عند الله) فبكى أبو بكر" رواه البخاري.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (آخر نظرة نظرتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كشف الستارة يوم الاثنين فنظرت إلى وجهه، كأنه ورقة مصحف -والناس خلف أبي بكر- فكاد الناس أن يضطربوا، فأشار إلى الناس أن اثبتوا، وأبو بكر يؤمهم، وألقى السجف (الستر) وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، من آخر ذلك اليوم) رواه البخاري ومسلم بنحوه.
والمعروف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفى يوم الاثنين سنة 11 هجرية بعد أن بلّغ رسالته، وأكمل الله به الدين، فصلوات ربي وسلامه عليه.
(مستفاد من كتاب قطوف من الشمائل المحمدية للشيخ محمد بن جميل زينو)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.