أصبح من اللافت بمدينة خريبكة، خلال الأشهر الأخيرة، ارتفاع أعداد السكان الذين يقصدون الآبار الخاصة المنتشرة بالضواحي، من أجل التزود بحاجياتهم من الماء، مستعينين في ذلك ببراميل وقنينات بلاستيكية من مختلف الأحجام والسعات، بالرغم من توفر مختلف الأحياء السكنية ب"عاصمة الفوسفاط" على الماء الشروب الذي توفره مصالح المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب. وفي جولة بضواحي مدينة خريبكة، خاصة بالطريق الجهوية المؤدية إلى مدينة وادي زم والطريق الوطنية المؤدية إلى مدينة الفقيه بن صالح، يلاحظ على الجنبات وجود عدد من السيارات الخاصة والعربات المجرورة والمدفوعة، خاصة في الساعات الأولى من الصباح وخلال الفترة بين صلاتي العصر والمغرب، حيث يتحلق العشرات من المواطنين من مختلف الأعمال حول صنابير مكتوب بجانبها "ماء البئر". اختلاف في وجهات النظر تختلف المبررات التي يسوقها مستهلكو مياه الآبار، حيث تشكك فئة منهم في صلاحية مياه الصنابير للاستهلاك بحجة تغير اللون والطعم والرائحة؛ فيما تؤكد فئة أخرى أنها مقتنعة بصلاحية الماء الذي توفره المصالح المختصة للاستهلاك، لكن قرار تزويد المدينة بالمياه السطحية عوض المياه الجوفية دفع البعض إلى البحث عن مياه الآبار لأنهم لم يعتادوا بعد على طعم هذه المياه ولو أنها صالحة للشرب. محمد فناني، رب أسرة اعتاد على حمل قنينات بلاستيكية بأحجام مختلفة عبر سيارته الخاصة ودأب على مغادرة مدينة خريبكة نحو إحدى الآبار بالضواحي، قال: "شأني شأن العديد من سكان المدينة، ألجأ إلى الآبار الخاصة للتزود بالماء الشروب، تجنبا لاستعمال ماء الصنبور الذي تغير طعمه في الآونة الأخيرة". وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الراغبين في التزود بمياه الآبار يشكلون صفوفا وطوابير طويلة أمام مضخات مياه الآبار، متحملين مشاق هذه العملية التي تتكرر مرات عديدة في الأسبوع، خاصة حين يتعكر لون مياه الصنابير بين الفينة والأخرى، أو تظهر عليها بعض الروائح غير المستساغة". توضيحات مسؤول جهوي أوضح المدير الجهوي للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب- قطاع الماء- بالجهة الوسطى أن "تزويد مدينة خريبكة بالماء يتم عبر مصدريْن؛ الأول للمياه الجوفية على مستوى نبيضة الفقيه بن صالح، والثاني للمياه السطحية عبر محطة معالجة المياه والأملاح بسد أيت مسعود"، مشيرا إلى أن "الموارد المائية السطحية والجوفية سجلت تراجعا كبيرا وفريدا من نوعه في الآونة الأخيرة، ووجب على السكان أن يحسنوا استهلاك هذه المادة النادرة". وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "المكتب الوطني للماء الصالح للشرب يتوفر على مختبرات معتمدة، والماء الذي يتوصل به السكان يستجيب للمعايير المعترف بها من طرف منظمة الصحة العالمية والمؤسسات الوطنية المختصة، إذ لا يحق لنا أن نقدم مياها غير صالحة للاستهلاك إلى المواطن مهما كانت الظروف". وبخصوص تغير طعم الماء، قال المدير إننا "نؤكد مرارا وتكرارا على أن المذاق يختلف من منطقة إلى أخرى، حيث يأخذ الماء مجموعة من المواد العضوية من الأراضي التي يمر منها، وهذا لا يعني أن الماء غير صالح للشرب"، ضاربا مثالا ب"مدينة الدارالبيضاء التي يتزود سكانها بالماء القادم من مورديْن مختلفين؛ وهو ما يفسر تغير طعم الماء الصالح للشرب بين الأحياء السكنية للمدينة نفسها". علامات استفهام حول مياه الآبار وبالنسبة إلى من يتزود بحاجياته من الماء الشروب من الآبار الخاصة، نبه المسؤول الجهوي على تدبير شؤون الماء إلى أن "طعم هذه المياه قد يبدو أحسن من ماء الصنبور؛ لكن يبقى السؤال مطروحا حول مدى توفر الجودة في مياه هذه الآبار"، موضحا أن "مراقبة هذه المياه لا تدخل ضمن اختصاصاتنا، وهناك مصالح أخرى مختصة ينبغي أن تتأكد من مدى صلاحية هذه المياه للاستهلاك". وشدد المسؤول ذاته على أنه "لا يمكن الحسم في صلاحية أو عدم صلاحية مياه الآبار للاستهلاك؛ لأنها غير مراقبة من جهة، وغير معالجة من جهة ثانية.. وبالتالي قد تحتوي على مواد مضرة بصحة الإنسان، ما لم تخضع للمراقبة الدقيقة في مختبرات مختصة"، مشيرا إلى أن "مصالح المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب تقوم بعملها في ما يخص مراقبة جودة ماء الصنبور بالمختبرات، فيما تبقى مراقبة مياه الآبار من اختصاص مصالح أخرى خارج المكتب".