أزمة غير مسبوقة ب ENSA طنجة.. الأساتذة ينددون بسوء التسيير ويعلنون خطوات تصعيدية    "كان" السيدات: المنتخب المغربي يخوض حصته التدريبية ما قبل الأخيرة تأهبا لمواجهة غانا    رابطة الدفاع عن المستهلكين: زيادات غير قانونية في تسعيرة الطاكسيات بطنجة    تتويج منتخب المغرب للإناث بلقب إفريقيا في كرة المضرب "تحت 16 سنة" وتأهله لبطولة العالم    زلزالان عنيفان يضربان كامتشاتكا الروسية وتحذيرات من تسونامي محتمل    توقعات أحوال الطقس اليوم الأحد    الأسود المحلية تبدأ التحضيرات بفوز ودي على بوركينا فاسو    السلطات السورية تعلن وقف القتال وروبيو يطالبها بمنع تنظيم "الدولة الإسلامية" من دخول السويداء    بورصة الدار البيضاء تحلق عاليا.. مؤشرات قياسية ورسملة تاريخية    زلزالان شديدان قبالة أقصى الشرق الروسي وتحذير من تسونامي (هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية)    بطولة القسم الممتاز لكرة السلة رجال.. الفتح الرياضي يتأهل للنهائي بفوزه على المغرب الفاسي (79-63)    كوريا: مصرع 10 أشخاص وفقدان 9 آخرين بسبب الأمطار الغزيرة والانهيارات الأرضية    جبهة الدفاع عن فلسطين ومناهضة التطبيع تنظم مسيرة وطنية في الرباط تنديدا بتجويع أهالي غزة    في عملية أمنية مشتركة... حجز شاحنة محملة بالمخدرات بحي الوفاق بازمور    العيطة تتألق في قلب الرباط.. ليلة فنية تسافر بالجمهور في أعماق التراث المغربي    أوجار: جلالة الملك صنع مغربا جديدا.. ومسؤوليتنا إيصال الحصيلة الحقيقية للمغاربة    تأخر صرف "منحة يوليوز" يؤرق طلبة مراكز جهوية للتربية والتكوين بالمغرب    "كان السيدات"..جنوب إفريقيا إلى النصف        غانا تهزم الجزائر وتضرب موعدا مع المغرب في نصف نهائي كأس أمم إفريقيا للسيدات    الملتقى الدولي لفناني القصبة بأليكانتي: الفن في خدمة التبادل الثقافي والتنمية الإنسانية    احتجاجات في العرائش بسبب "الشرفة الأطلسية" وسط تصعيد لحماية التراث التاريخي للمدينة    رسملة بورصة البيضاء تفوق ألف مليار درهم .. ربحيّة السوق تجذب المستثمرين    الدعوة بكيغالي إلى الاستلهام من خطب ورسائل جلالة الملك لترسيخ قيم السلم والتعايش المشترك بإفريقيا (بيان ختامي)    "رويترز": سوريا ظنت أنها حصلت على موافقة أمريكا وإسرائيل لنشر قوات بالسويداء    وفاة الأمير النائم بعد غيبوبة مستمرة دامت 20 عاما    إنفانتينو: المغرب أصبح أحد المراكز العالمية لكرة القدم    أخنوش يطلب من الوزراء والمصالح الحكومية التسريع بتنزيل قانون العقوبات البديلة    تشاؤم واسع بين الأسر المغربية... الادخار مستحيل والأسعار تواصل الارتفاع    البنك الدولي: 44% من المغاربة يملكون حسابات بنكية و 6% فقط تمكنوا من الادخار سنة 2024    لقجع: استثمارات "الكان" وكأس العالم تناهز 150 مليار درهم ولن تثقل على الميزانية العامة للدولة    غياب مراقبة المطاعم ومحلات الوجبات السريعة يهدد صحة المواطنين بالحسيمة    "سهام بنك" يعزز الاقتصاد الأخضر    نتائج الشطر الثاني للدعم السينمائي    ترامب يغيّر وصفة "مشروب القمامة" وسط تحذيرات من مخاطر "كوكاكولا"    عين اللوح .. افتتاح فعاليات الدورة الرابعة والعشرين للمهرجان الوطني لأحيدوس    قندس جندول تفوز بجائزة أفضل ممثلة في مهرجان المسرح الحر الدولي بعمان    لقاء تواصلي هام بهدف تجويد خدمات قطاع الكهرباء بجهة الشرق            محمد المهدي بنسعيد    كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية عين الشق تحتضن مناقشة رسائل تخرج الطلبة الفلسطينيين    السغروشني: تكوين الشباب رهان أساسي لتحفيز التحول الرقمي بالمغرب    حملة هندية تستهدف ترحيل آلاف المسلمين .. رمي في البحر وهدم للمنازل    "الأشجار المحظورة" .. الشاعر المغربي عبد السلام المَساوي ينثر سيرته أنفاسًا    تعاون مغربي فلسطيني في حقوق الإنسان    زيادة كبيرة في أرباح "نتفليكس" بفضل رفع أسعار الاشتراكات    دراسة: الذكاء الاصطناعي يحول تخطيط القلب العادي إلى أداة فعالة لاكتشاف عيوب القلب الهيكلية        بعد تشخيص إصابة ترامب بالمرض.. ماذا نعرف عن القصور الوريدي المزمن    "مهرجان الراي للشرق" بوجدة يعود بثوب متجدد وأصوات لامعة    البيت الأبيض يعلن إصابة ترامب بمرض مزمن    وداعا أحمد فرس    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أية مكانة للتلميذ والمدرس في المنظومة التربوية في ضل التكنولوجيات الحديثة؟
نشر في هسبريس يوم 11 - 12 - 2013

بدأت الدعوات المرتبطة بإدماج تكنولوجيات الإعلام والاتصال تأخذ منعطفا جديدا، بالنظر للعلاقة الوطيدة التي تربط بين مكون الإعلام والاتصال بورش الإصلاح المأمول للمنظومة التربوية، لاسيما بعد الخطاب الملكي لذكرى 20 غشت، والذي أبرز فيه أن الأداء العام للمنظومة التربوية ليس على ما يرام وبالنظر لما يمكن أن تتيحه التكنولوجيات من إسهام قد يطال مجموع المكونات التربوية والإدارية وفي دعم فاعلية النظام التعليمي وتعزيز كفاءته الداخلية والخارجية، وقد تزيد من ترسيخ مكانة التلميذ باعتباره محورا للعملية التربوية ككل كما سبق وأن أكد ذلك البرنامج الاستعجالي.
وإذا كانت وزارة التربية الوطنية قد استندت في وضع إستراتيجيتها للإدماج التدريجي لهذه التكنولوجيا في قطاع التعليم منذ سنة 2005 على العناية بكل من البنيات التحتية وعلى محاور التكوين وتطوير المضامين الرقمية، حيث تم تحقيق إنجازات هامة على هذا الصعيد تمثلت في تجهيز العديد من المؤسسات التعليمية بالحواسيب وبالقاعات متعددة الوسائط، وبالسبورات الحائطية، وكذا بشبكة الربط بالانترنت، بالإضافة إلى استفادة عدد هام سواء من أطر التدريس والتفتيش والإدارة من مصوغات التكوين المعدة لهذا الغرض ومن الاستعمال البيداغوجي لهذه التقنيات.
إلا أن واقع الحال يشهد بأن المعلوميات لم "تتغلغل" بالشكل الكافي في شرايين المنظومة التربوية، بحيث لازال ينظر إليها كدرس أو كمادة مستقلة في حاجة إلى الاستيعاب ليس من طرف التلاميذ فحسب بل من طرف العديد من الأطر التربوية والإدارية أيضا، وهو ما يجعل العملية التربوية عموما لازالت في الغالب محكومة بمنطق تقليدي صرف ولم تدخل الإعلاميات لحد الساعة في "خلخة" علاقة الأستاذ بالتلميذ وعلاقة التلميذ بالفصل والمحيط وببيئة التعليم هموما.
وقد لا نحتاج إلى التذكير بالقيمة المضافة التي بإمكان التكنولوجيات الحديثة أن تحدثها في صميم العملية التربوية، من خلال إسهاماتها فيما يخص الانتقال من الطابع اللفظي إلى استعمال الوسائط في التدريس وحسن استعمال شبكات الربط والاتصال، بما يتاح من إمكانيات في مجال خلق نوع من التشويق والإثارة في شكل إعطاء الدروس بالاستناد إلى المؤثرات السمعية البصرية وبعض العناصر الثابتة والمتحركة، وكذا من خلال التعديل الذي قد يطال العديد من المفاهيم المتداولة كالتغيير الذي قد يطال مفهوم "زمن التدريس" حيث سيتسع مجاله لينفتح على مجموع الساعات التي يكون فيها التلميذ أو الطالب "مرتبطا" بالحاسوب، نفس الأمر ينسحب على الكتاب المدرسي ومختلف المراجع حيث لم تعد هذه الأخيرة مرتبطة ببعض كتيبات خزانة القسم أو المؤسسة بل صارت مرتبطة بالخزان الكبير من المعلومات المتاحة بواسطة الانترنت، حتى دور المدرس قد عرف هو الأخر نوع من التعديل حيث لم يعد "محورا للمعرفة" ولم يعد دوره مرتبطا بنوع من التدريس العمودي المباشر "أقول، تسمع" بل أصبح دوره مرتبطا بمدى قدرته على إدارة وتدبير نوع من "العرض البيداغوجي" المستند على التنشيط، والتيسير والتنظيم ومحاولة إكساب المتعلمين مهارات التعلم الذاتي.
التلميذ هو الآخر لم يعد في منأى عن هذا التحول، حيث لم يعد ذاك العنصر المنغرس ويتم التحدث عنه عرضا وبصفة نكرة عند الحديث عن أعداد التلاميذ في القسم فقط، بل لقد ساهمت تكنولوجيا الإعلام والاتصال في أن يأخذ التلميذ مكانته داخل العملية التربوية، وأصبح محورا توجه مجموع الدعامات نحوه، كما أصبح دوره هاما من خلال مشاركته التفاعلية في إعداد الدروس وفي الاعتماد على ذاته عند البحث عن المعلومة وفي طرق معالجتها واستغلالها في مختلف مراحل الدراسة.
كما ساهمت التكنولوجية في ملامسة وتأهيل بعض الجوانب الخفية والباطنية في شخصية "الطفل التلميذ" وصقل مواهبه، كتنمية حسه الجمالي، والإدراك الحسي، وتنمية قدراته في الفهم والاستيعاب، وفي حل المشكلات، وفي تنمية مداركه وملكاته في النقد وفي اكتسابه روح المبادرة، كما بإمكان التكنولوجيا أن تلعب أدوارا رائدة في ما يخص دعم المبادرات المرتبطة بالإبداعات التلمذية وفي طريقة تقديم العروض في شكل مشاريع صغيرة بالاستعانة من المتاح من أفلام قصيرة أو على شكل مطويات مصورة على سبيل المثال، كما بإمكانه المساهمة في مواضيع لها علاقة بإذكاء روح المواطنة والاهتمام بالبيئة وقضايا التضامن، وقد تلعب هذه التكنولوجيات دور "استقطاب" التلاميذ إلى قاعات الدرس وفي محاربة بعض جوانب الهدر المدرسي في صفوف بعض الأنواع من التلاميذ، كما بإمكانها أن تخلق علاقات تعاون جديدة فيما بين الطاقم الإداري والتربوي والتلاميذ والآباء والأمهات ومع ربط قنوات اتصال وتواصل مع المجتمع المدني ومع المنتظم الكوني.
على الجانب الآخر، قد تكون للمدرس أدوارا جديدة مرتبطة بتلقين التلميذ بعض الأبعاد التربوية الحمائية من الآثار السلبية لهته الرسائل الإعلامية، أو تلقينه بعض الطرق والمناهج فيما يخص سبل تفكيك الرموز وعدم "الهضم بيسر" كل ما يقدم له من معلومات، لاسيما في ظل الوفرة التي باتت توفرها التكنولوجيا في هذا المضمار، كما بإمكان المدرس أن يلعب دور إكساب التلميذ بعض المهارات في الجوانب المرتبطة بطرق التعرف على مصادر المحتوى الإعلامي وأهدافه السياسية والاجتماعية والتجارية والثقافية.
كما يمكن لشبكة الربط أن تعطي مدلولا جديدا لمجموع الشراكات والعلاقات والتعاقدات التي تنسج حول الفضاء العام للمؤسسة التعليمية وهو ما يدفع التلميذ لاكتساب بعض الأدوات التفاعلية والمدنية التي تجعله أكثر ارتباطا والتصاقا بقيم الدمقرطة، حقوق الإنسان والحريات وينمي قدراته في ما يخص المشاركة في الحياة المدرسية و الاجتماعية وهو ما سينعكس لا محالة بشكل إيجابي في تأهيل المشهد الاقتصادي والسياسي والتنموي ببلادنا...
إذا كان كل هذا ممكنا، إلا أن ما يؤسف له حقيقة أنه في الوقت الذي ما فتئ فيه المغرب يواصل مجهوداته في ما يخص رفع الرهانات المرتبطة برفع نسبة التمدرس والقضاء على الأمية، أمية القراءة والكتابة، ننسى بأننا لازلنا في بدايات المشوار في مواجهة الأمية الرقمية مع الأهمية البالغة التي تكتسيها هذه التقنيات في بلوغ الأهداف ورفع التحديات، وبذل أن تنصب مجهوداتنا في مناقشتها وتسريع الخطوات في اعتمادها واستثمار إمكانياتها، تجدنا منشغلين في قضايا جانبية لها علاقة باستعمال الدارجة وأشياء من هذا القبيل وكأن قدرنا أن نمعن في التعنت وأن نستمر في معاكسة مصالحنا وفي الإصرار على إرجاع عقارب الساعة من حولنا إلى الوراء.
مهتم إعلامي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.