السيدة الأولى لجمهورية السلفادور السيدة غابرييلا رودريغيز دي بوكيلي تحل بالمغرب في زيارة عمل للمملكة    العامل علمي ودان يواكب عيد العرش ال26 بإطلاق مشاريع تنموية مهيكلة بعدد من جماعات إقليم شفشاون    اسرائيل تطلق سراح بعض نشطاء "حنظلة".. ومؤشرات عن كون البقالي ضمن المفرج عنهم    توقعات بنمو الاقتصاد المغربي فوق 4% عام 2025 رغم التباطؤ العالمي    المنتخب المغربي المحلي يطير إلى كينيا    نقابة الصحافة تتابع مستجدات "حنظلة"    رغم هيجان البحر.. "فانتوم" ينجح في تهريب مهاجرين من الحسيمة إلى إسبانيا    وفاة غطّاس إثر حادث غرق بشاطئ الزرارع    تسونامي قضائي يهدد برلمانيين ورؤساء جماعات .. العزل والمحاكمات على الأبواب    فيلدا: ضياع اللقب بسبب "تفاصيل صغيرة" والحكم أثر على معنويات اللاعبات    رئيس الفيفا في زيارة ميدانية لملعب الرباط تحضيرا ل"كان" و"المونديال"    سكب البنزين على جسده بمحطة وقود.. حادث يثير الذعر في الحسيمة        دورة المجلس الوطني ( السبت 26 يوليوز ) : نقاشات سياسية واجتماعية وتنظيمية عميقة في اجتماع اللجنة التحضيرية .. المصادقة بالإجماع على تقارير اللجن الموضوعاتية ومسطرة انتخاب المؤتمرين بالأقاليم    أخبار الساحة    جلالة الملك يهنئ أعضاء المنتخب النسوي على المسيرة المتألقة في أمم إفريقيا    إجهاض محاولة تهريب أربعة أطنان و374 كيلوغراما من مخدر الشيرا بطنجة        الفنان كمال الطلياني يستنكر إقصاء الفنانين من المهرجانات المغربية من المهجر    "العربي إمغران" وفنانون آخرون يلهبون منصة ملتقى المهاجر بزاكورة    على ‬بعد ‬أمتار ‬من ‬المسجد ‬النبوي‮…‬ خيال ‬يشتغل ‬على ‬المدينة ‬الأولى‮!‬    الدكتور سعيد عفيف ل «الاتحاد الاشتراكي»: اليوم العالمي يجب أن يكون مناسبة للتحسيس وتعزيز الوقاية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    تاشينويت ويوبا والحصبة غروب يشعلون السهرة الثانية لمهرجان صيف الاوداية    مهرجان ايقاعات لوناسة يقص شريط دورته الاولى بسيدي دحمان بتارودانت    المغرب يُحرم من اللقب القاري للسيدات بسبب أخطاء تحكيمية متعمدة    وصول نشطاء أسطول الحرية المحتجزين على متن سفينة "حنظلة" إلى إسرائيل بعد اعتراض سبيلهم    محكمة الحسيمة تدين شخصا نصب على حالمين بالهجرة بعقود عمل وهمية بأوروبا        تقرير: المغرب يواجه تحديات مناخية كبرى و96% من جمعياته لا تعنى بالبيئة    وزير خارجية فرنسا: دول أوروبية أخرى ستتعهد قريبا بالاعتراف بدولة فلسطين    هل يغض مجلس المنافسة الطرف عن فاحشي أرباح المحروقات؟        عيد العرش.. مشاريع تنموية مهيكلة تعيد رسم ملامح مدينة أكادير    اليماني: مجلس المنافسة تحاشى الحديث عن مدى استمرار شركات المحروقات في مخالفاتها    مؤسسة الفقيه التطواني تعلن عن تنظيم جائزة عبد الله كنون    فيلدا حزين بعد خسارة "لبؤات" الأطلس.. التراجع عن احتساب ضربة جزاء أثر على سير المباراة    بين ابن رشد وابن عربي .. المصباحي يحدد "أفق التأويل" في الفكر الإسلامي    من قلب +8: أسئلة مؤجلة من المستقبل عن الهوية والتنمية وروح المجتمع    كينيدي يعيد هيكلة الصحة الأمريكية    رقم 5 يُكرّس بقاء أكرد في "وست هام"    "عدو هارفارد" يستهدف جامعات أمريكا    تهنئة من السيد محمد بولعيش، رئيس جماعة اكزناية، بمناسبة الذكرى ال26 لعيد العرش المجيد    مهمة استطلاعية حول دعم استيراد المواشي واللحوم تُواجه مأزقاً سياسياً بالبرلمان    مشروع "تكرير الليثيوم" ينوع شراكات المغرب في قطاع السيارات الكهربائية    نسبة ملء سدود المغرب تستقر عند 36% وتفاوت واسع بين الأحواض المائية    بيدرو باسكال .. من لاجئ مغمور إلى ممثل يعكس قلق العالم في هوليوود    "واتساب" يطلق ميزة جديدة تتيح للمستخدمين التحدث صوتيا مع المساعد الذكي "ميتا أي"    موجة جفاف غير مسبوقة تضرب إيران        صحة: اكتشاف "نظام عصبي" يربط الصحة النفسية بميكروبات الأمعاء لدى الإنسان    بعوض النمر ينتشر في مليلية ومخاوف من تسلله إلى الناظور    الوصول إلى مطار المدينة المنورة‮:‬‮ على متن طائر عملاق مثل منام ابن بطوطة!    اكتشافات أثرية غير مسبوقة بسجلماسة تكشف عن 10 قرون من تاريخ المغرب    المشي 7000 خطوة يوميا مفيد جدا صحيا بحسب دراسة        الحج ‬إلى ‬أقاليم ‬الله ‬المباركة‮! .. منعطف المشاعر    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إهانة المرأة في زمن الحداثة والتنوير
نشر في هوية بريس يوم 09 - 04 - 2022

ذكر الدكتور فؤاد بن عبد الكريم في كتابه (العدوان على المرأة في المؤتمرات الدولية) حوالي ثلاثة عشر مؤتمرا بالإضافة إلى عدد من التوصيات والصكوك الأممية كلها تعلق بالمرأة عموما والمسلمة على وجه الخصوص، كل ذلك تحت يافطة النهوض بالمرأة، وتمكين المرأة من حقوقها، وتحرير المرأة وتخليصها من سلطة الرجل الذي هو الزوج في الغالب.
لكن الحقيقة غير الشعارات، وإنما الذي حصل هو التمكن من المرأة والسيطرة عليها، واستغلالها أبشع استغلال بعد إخراجها من حصنها المنيع وقوقعتها الحصينة، لقد جعلوا المرأة تثور على دينها وقيمها وهويتها ومجتمعها وقبيلتها وعائلتها وأسرتها، وكل من يذكرها بغاية وجودها الأساسية والسامية.
لقد أقنعوها وصارت مقتنعة وكأنها مسحورة، وصارت أفكار الأمم المتحدة الهدامة قناعات راسخة لا تقبل الشك ولا تحتمل النقاشعند كثير من نساء العالم وعند المسلمات أيضا، بل إن هذه الهجمة الشرسة على المرأة وإخراجها من عرينها إنما المقصود به المرأة المسلمة بالأساس، الحصن الحصين والسد المنيع ضد أعداء الأمة المتربصين بها من زمان، وقد حصل ما رجوه ووقع ما خططوا له؛ وتم كسر الأسوار ودك الحصون وتخريب السدود، وأحكموا القبضة على الأمة الإسلامية، والسيطرة على مقدراتها، وإغراقها في الجهل والأمية والتخلف والتبعية العمياء. حصل كل هذا تحت مسمى تحرير المرأة، والدفاع عن كرامة المرأة، وغيرها من الشعارات البراقة الزائفة والمخادعة.
لكن السؤال المطروح هل المرأة فعلا صارت كريمة شريفة صيّنة بعد كل هذه المواثيق والمؤتمرات واللقاءات والأعياد والحفلات؟ أم أن المرأة أخرجت بمكر كُبّار من فسحة الكرامة إلى ضيق المهانة والمذلة والاحتقار والاستغلال؟
هذا ما سيتم الكشف عنه من خلال الوقائع والأحداث التي تدل بالملموس ولكل ذي عينين صحيح البصر سليم البصيرة.
يقول المخرج الأمريكي آرون روسو في آخر مقابلة له قبل موته مع أليكس جونز[1]: أنه كان يحاور أحد افراد عصابة الإمبريالية والاستغلال وهو يحاول أن يستقطبهإلى هذا الحلف الشرير، دار الحديث حول المرأة وخروجها للعمل أول مرة في أمريكا.
يقول أرون إنه كان يظن أن الحملة التي تمت إعلاميا من أجل إخراج المرأة إلى سوق الشغل كانت حملة نبيلة لغرض نبيل، لكنه صدم حين أخبره محاوره عن أهداف الحملة التي كانت مدعمة من طرف الجهات المسيطرة على الإعلام والمستغلة للبشرية عموما.
إن الغاية من ذلك هو الاستفادة من الضرائب من نصف المجتمع المعطل، حيث تخرج المرأة لكي تعمل وتتعب وتشقى براتب هو أقل من راتب الرجل أصلا -وقد كان هذا التمييز هو أصل الحوار في الموضوع بين أرون ومحاوره- ومن تم يقتطعون من راتبها قسطا من المال على شكل ضرائب، ناهيكم عن الأرباح التي تحققها الشركات العملاقة والمعامل والمصانع على حساب المرأة التي يعطونها راتبا أقل ويشغلونها وقتا أكثر، ومن جهة أخرى فإن أبناء المرأة يتربون في مدارسهمالتي يضعون برامجها ليتربى النشء على ما يريدون من الأفكار والتوجهات ولصناعة الإنسان المادي المستهلك. مع ما في ذلك من الحرمان من حنان الأم، وحرمان الأم من مشاعر الأمومة.
فهذه فقط لمحة عن حقيقة خروج المرأة العمل بدعوى إشراك المرأة في التنمية وتمكين المرأة من إثبات الذات، وأن المرأة لها القدرة على مزاحمة الرجل، وإظهار قدرات لا يملكها الرجل أحيانا، وغيرها من الشعارات البراقة الخادعة التي صدقتها المرأة حتى أصبحت أسيرة لسلطة الرأسمالية المقيتة التي لا تؤمن إلا بالربح المادي، ولو على حساب الكرامة والهوية و….
ولا زالت تلك الشعارات ترفع إلى اليوم تخديرا وتنويما وتمويها للمغفلين حتى صار فكر المرأة لا ينفك عن اعتبار عملها خارج البيت أمرا لا يقبل النقاش، وحقا لا يقبل التنازل ولا التخلي مهما كانت الظروف والأحوال. بل وصار نقاش المرأة في العمل رغم ما تعانيه من قهر بسبب ذلك جريمة لا تغتفرونقاشا غير مقبول،سواء من المرأة العاقلة النبيهة أو الرجل العاقل الفطن، بل هو عندهم دليل على التخلف والرجعية وهلم جرا.
وعلى هذا الأساس أصبحت المرأة الوقود المحرك لكل عملية إفساد وتفكيك وتنميط للهوية والقيم والأخلاق والفضائل لدىمختلف الشعوبوالبلدان، وأصبح استغلال المرأة وتشيئها أمرا مستساغا بسبب قوة التخدير والتأثير، فنشأت مهن وحرف، ونشطت مجالاتوصناعات تدر أرباحا خيالية ما كانت لتربحها الرأسمالية لولا استغلال المرأة بشكل بشع، وبصورة تضيع فيها الكرامة، وتحل محلها الإهانة التي لا يألون جهدا في إخفاء حقيقتها بمزيد من الشعارات الخادعة، وتقرير الأعياد والمناسبات العالمية الماكرة، من قبيل عيد المرأة الذي توزع فيه الورود الذابلة على نساء المهن البئيسة، وتوزع فيها الأرباح وتقسم فيه الأرصدة السمينة بين عصابة الاستغلال والاستعباد.
لقد خرجت شعارات تكريم المرأة، وتحرير المرأة من دهاليز قوى الشر، والتياستطاعتأن تقنع المرأة بذلك سواء المرأة الأوربية التي كانت تعيش على قيم ماضيها،أو المرأة المسلمة التي كانت تعيش على قيم دينها، وقدمت صورة المرأة الجديدة -كما في عنوان لكتاب قاسم أمين محرر المرأة المسلمة زعموا- علىأنها ثورة على القيم البالية، وفرصة للمرأة لتعيش حياتها بكرامة، وتتحرر من قيود ماضوية ذكورية.
لنرى المرأة في الحقيقة المرة ما خرجت إلا من كرامة إلى إهانة، أو من إهانة إلى إهانة أشد وأقسى، وها هي المرأة اليوم تستغل أبشع استغال، فسوق المال والأعمال الذي تتحكم فيه طغمة لا تعرف سبيلا إلى الخير أو الرحمة أو الشفقة أو القيم، فاستغلوا المرأة بعدما جردوها من الحياء في معامل العبودية، وفي مختلف انتاجات الاعلام المخرب،وفي تنشيط الحانات والمراقص،وترويج سوق الدعارة والرقيق الأبيض، وإشهار السلع، وترويج بضائع اللباس المتهتك والمكياج الخادع والاستهلاك المفرط، وأقحمت المرأة في مجالات أفقدتهاأنوثتها وأخلاقها وإنسانيتها، لكنها وللأسف تفعل كل ذلك برضى وقبول، لأنها مخدرة بشعارات خادعة، ولولا استغلال المرأة وإخراجها من قيمها وجعلها تتمرد على دينها وقيمها ما كان لتجار المال والأعمال أن يكدسوا الثروات،ولأصيبوا بالإفلاس.
ان المرأة اليوم تنتهك كرامتها باسم حقوق المرأة،وإنها لتتعرض للظلم والإهانة والاحتقار بشكل رهيب فلا هي تتساوى مع الرجل في الرواتب، ولا هي تمنح حقوقا تراعي ظروفها النفسية والجسدية، وكلنا يعلم كيف يتم تشغيل النساء فقط في بعض القطاعات واعطاؤهن الفتات،الذي تقنع به المرأة،إما لظروف اجتماعية،أو لتوفير متطلبات الزينة التي تسوقها العصابة نفسها، فهي بين سندان الاستغلال في العمل وسندان السطو على ما تجنيه المرأة من دريهمات معدودة.
إن أبشع ما تعيشه المرأة من إهانة هو التركيز على كونها جسدا خاصا بإشباع الغرائز لكل طالب وراغب، وأصبح التركيز على جسد المرأة بشكل مهووس، حتى صار معلوما عند كل أحد أن قطاعات مثل المقاهي والحانات والمطاعم لا يمكن أن تحقق نجاحا وأرباحا إلا بتوظيف المرأة، بل توظيف جسد المرأة ولتذهب الكرامة إلى الجحيم، ما دام أن الزبائن لن يأتي بهم عمل متقن،أو عَرض في المستوى،أو منتوج مناسب إلا إذا تم عرضه على جسد المرأة المستباح، ولو كان هذا المنتوج لا علاقة له بالمرأة كبيع السيارات أو آلات الحلاقة أو عجلات وسائل النقل للأسف. ولا تقبل في وظائف الاستقبال والكتابة الخاصة للمدراء والمسؤولين ولا تترقى في العمل إلا بحسب مؤهلات الجسد؛وإن تفوقت مؤهلات العقل والمعرفة.
ولكم أن تطالعوا أرقام الأفلام الإباحية، وأرقام النساء اللواتي يتم استغلالهن إلى درجة شرائهن من الدول الفقيرة لتوظيفهن في هذه المهام القدرة، وهذا يفتح أبوابا من الإهانة ودونكم أرقام الاغتصاب والتحرش والإجهاض والعنف، كل هذا يمارس بأعداد مخفية فيبلدان لم تسلم فيها حتى راهبات الكنائس من الإهانة والاستغلال، وأصبحت المرأة ترتبط بالرجل دون أية حقوق، وأصبح الرجل حذرا في الارتباط بالمرأة في بلاد الغرب بزواج شرعي مخافة ما يترب على الطلاق -إن حصل- من تبعات مادية يتحملها الرجل، فاكتفى باستغلالها عن طريق ما يسمى ب"المساكنة تحت سقف واحد"، حتى اذا فارقها -ولو أن لها أبناء- لم تظفر منه بشيء. لتضطرأن ترتبط بأخر وآخر حيث تعيش المرأة تتسول الرعاية ربما مع جيش من الأطفال فاقدين للهوية. ثم يقال إنها دول كرمت المرأة وصارت نموذجا عند بعض المخدوعين في بلاد الإسلام.
كانت هذه إشارات مخافة الإطالة في المقال وقد طال، ولكنها إشارات لمن يفهم المقال، ويدرك المآل، ويقبل الحق كما هو مؤكد بواقع الحال، بلا عناد ولا إنكار، ولا مغالطة ولا استكبار. وطالب الحق يكفيه دليل والمعاند لا يكفيه ألف دليل. ولا كرامة للمرأة إلا بما كرمها الله به، والله المستعان.
[1]ينظر الرابط للمقابلة صوتا وصورة: https://www.youtube.com/watch?v=hzUBzf71xZU


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.