الغلوسي: الظروف الحالية تفرض على الدولة ومؤسساتها عدم التساهل مع الفاسدين    بوبريك: نجاح تعميم التغطية الصحية رهين بخفض أسعار الأدوية والنهوض بالمستشفيات العمومية    "الأحرار": الحكومة بصمت على حصيلة مشرفة ونجحت في تقليص التضخم وعجز الميزانية    بنك المغرب: الودائع البنكية بلغت 1275 مليار درهم خلال 2024    شفشاون تمثل المغرب ضمن 11 جماعة إفريقية في برنامج الاقتصاد الأخضر الإفريقي    "التقدم والاشتراكية": دعم السكن رفع أسعار العقار وحرم محدودي الدخل من اقتناء منازل    غزة: 100 ألف طفل بالقطاع مهددون بالموت الجماعي خلال أيام    هيئة: 104 مظاهرة في 60 مدينة مغربية للتنديد بتجويع غزة والدفاع عن القضية الفلسطينية        وفاة الفنان اللبناني زياد الرحباني عن 69 عاماً    جامعة "ابن طفيل" تحتفل بتخرج أول دفعة من شعبة الأنثروبولوجيا    نشرة إنذارية.. موجة حر تصل إلى 48 درجة ابتداء من الأحد    برقية تهنئة من جلالة الملك إلى رئيس جمهورية المالديف بمناسبة احتفال بلاده بعيدها الوطني    المنتخب المحلي المغربي ينهزم أمام بوركينا فاسو في مباراة إعدادية لل"شان    برقية تعزية ومواساة من جلالة الملك إلى أفراد أسرة المرحوم الفنان التشكيلي عفيف بناني    مقتل 11 فلسطينيًا في قصف إسرائيلي    "كان السيدات" المنتخب المغربي يواجه نيجيريا بهدف التتويج بأول لقب قاري وتحقيق الإنجاز التاريخي    زلزال بقوة 5.9 درجات يضرب بابوا الغربية بإندونيسيا    إدارة الدفاع: المنصات التي تعرضت للاختراق السيبراني هي تلك التي لم تخضع مسبقاً للافتحاص الأمني    تحالف أسطول الحرية: مسيرات تحلق فوق سفينة "حنظلة"    وفاة الفنان اللبناني زياد الرحباني    الدرهم يرتفع بنسبة 0,6 في المائة مقابل الدولار خلال الفترة من 17 إلى 23 يوليوز الجاري    تفوق على معايير الفيفا .. مسؤول بالكاف ينبهر بتطور ملعب طنجة الكبير    توقعات أحوال الطقس اليوم السبت    وفاة الفنان زياد الرحباني نجل السيدة فيروز عن عمر يناهز 69 عامًا    كيوسك السبت | افتتاح مكتب "الفيفا" بالرباط وسط أجواء نهائي كأس إفريقيا للسيدات    مصرع سائق دراجة نارية في حادثة سير ضواحي بركان            الأخوان الشبلي يرفضان زيارة ممثلين عن مجلس حقوق الإنسان بالسجن ويتهمانه بالتواطؤ    رصد أصغر نوع من الأفاعي في العالم من جديد في بربادوس    استوديو إباحي داخل شقة بالمغرب... والمقاطع تُباع لمواقع عالمية    لقجع: تحديد ملاعب مونديال 2030 يخضع للتفاوض بين "الفيفا" والدول الثلاث    ""التوحيد والإصلاح" تستنكر قرار ضم الضفة الغربية وغور الأردن وتعتبره جريمة سياسية وأخلاقية    صور مزيفة بالذكاء الاصطناعي تجمع ترامب وإبستين تحصد ملايين المشاهدات    مقتل 8 أشخاص في هجوم بإيران    تخصيص 150 مليون درهم لإنشاء أكبر محطة طرقية للحافلات جنوب المغرب    صحة: اكتشاف "نظام عصبي" يربط الصحة النفسية بميكروبات الأمعاء لدى الإنسان    إيقاف ميسي وألبا لعدم مشاركتهما في مباراة كل النجوم (رابطة الدوري الأميركي)    تركيا.. حرائق الغابات تهدد المدينة الأثرية "بيرغي" جنوب البلاد    أخنوش: تعميم تغطية التراب الوطني بشبكات المواصلات حاجة ملحة لا تقبل التأجيل أو الانتظار    عصيد: النخبة المثقفة تركت الساحة فارغة أمام "المؤثرين وصناع المحتوى"    سجلماسة: مدينة وسيطية بتافيلالت تكشف عن 10 قرون من التاريخ    الكلية المتعددة التخصصات بالعرائش على مزاعم بيع النقط وتسجيلات مسلك الماستر    أخنوش: تعميم التغطية بشبكات المواصلات حاجة ملحة ولا تقبل التأجيل أو الانتظار    الملك يعزي أسرة الفنان الراحل عفيف بناني    تقرير رسمي يفضح أرباح شركات المحروقات في المغرب    بعوض النمر ينتشر في مليلية ومخاوف من تسلله إلى الناظور    2298 شكاية من زبناء مؤسسات الائتمان خلال سنة 2024        الوصول إلى مطار المدينة المنورة‮:‬‮ على متن طائر عملاق مثل منام ابن بطوطة!    اكتشافات أثرية غير مسبوقة بسجلماسة تكشف عن 10 قرون من تاريخ المغرب    المشي 7000 خطوة يوميا مفيد جدا صحيا بحسب دراسة    ما المعروف بخصوص "إبهام الهاتف الجوال"؟        الحج ‬إلى ‬أقاليم ‬الله ‬المباركة‮! .. منعطف المشاعر    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفهوم النسوية المتأسلمة والأصول المنسوخة
نشر في هوية بريس يوم 20 - 10 - 2022

انتشرت النسوية المتأسلمة كبديلٍ حداثيٍّ ليبراليٍّ غير مصادم؛ فوجدت قبولًا عن النّسوية الراديكاليّة كونها إقصائيّة مصادمة، وأصبحت سلّمًا لنشر الإلحاد النّسويّ، واستهدفت النّساء في الصّفّ الإسلاميّ بشكلٍ دائم.
فما هي النّسويّة المتأسلمة؟ وما صلتها بالنّسويّة الغربيّة؟ وهل نجحت في الانطلاق من رؤية إسلاميّة واضحة، والانتهاء لنتيجة تعبّر عنها كما فعلت نظيرتها الغربيّة؟ سيكون محور المقال الإجابة عن هذه الأسئلة بإذن الله.
بين شرعة الله ونهج من سواه
خلقنا الله جل جلاله، وأودع في نفوسنا أسرارًا لا يعلمها إلّا هو، ثمّ أنزل إلينا شريعةً تنظّم جميع علاقاتنا على اختلافها تنظيمًا دقيقًا شاملًا، وبما يتناسب مع أسرار وخبايا نفوسنا؛ قال -تعالى-: {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير}.
فعلاقتنا به -سبحانه- تخضع لأصولٍ بيّنتها الشّريعة بوضوح، كما علاقة الإنسان بالإنسان، وعلاقة الإنسان بالكون والحياة؛ فمن اتّبع هدى الله وصل إلى العلاقة الأجمل والأشمل مع خالقه جل جلاله، ومع أخيه الإنسان، ومع الكون والحياة؛ ففاز فوزًا عظيمًا في الدّنيا والآخرة. لكنّ الله جل جلاله إذ خلق لنا الطّريقين؛ طريق الخير، وطريق الشرّ؛ ليميز الخبيث من الطّيّب، سلك من أعرض عن ذكره طريق الشرّ؛ فسعى حينًا لوضع قوانين جديدة تحكم علاقاته ظانًّا بجهله أنّها تحقّق له السّعادة المنشودة، وحينًا آخر تخفّى بالاستدلال بشرع الله استدلالًا خاطئًا يتناسب مع أهوائه، وقرأ النّصّ قراءة فلسفيّة؛ ليخرج بها بقوانين جديدة تنظّم علاقاته على اختلافها، بما فيها علاقته بأخيه الإنسان، لا سيما علاقته بالجنس الآخر؛ فظهرت لنا ما تسمّى ب(النّسويّة المتأسلمة).
النّسويّة المتأسلمة.. سؤال المفهوم
تتعدّد تعريفات النّسويّة المتأسلمة وفقًا لتصوّرات المنتمين لها، وتعدّد الأيديولوجيّات التي يتبنونها، وقد قامت د. إيمان العسيري في كتابها (النّسويّة الإسلاميّة وصلتها بالفكر النّسوي الغربي) بضمّ المعاني التي أقرّوها في تعريفاتهم في تعريفٍ جامع، عرّفت فيه النّسويّة المتأسلمة على أنّها: "كلّ فكرة انطلقت من اعتقاد مبناه أنّ التّمييز بين الجنسين ظاهرة تسود المجتمع المسلم، فمنهم من عدّ النصّ الدّينيّ قائمًا على التّمييز، ومنهم من عدّ التّمييز طارئًا على النّص الدّينيّ؛ أسقط عليه من خلال علماء الإسلام الذين بيّنوه على نحو ما أرادوا هم لا على نحو ما أراده الله ورسوله".
والنّاظر إلى التّعريف السّابق يرى فيه اتّجاهين؛ واحدٌ رافضٌ للنّصّ، وآخر مؤوّلٌ له، لكنّ الأوّل -الرّافض للنّصّ- قد خبا صوته، واختبأ في عباءة الثاني -المؤوّل للنّصّ-؛ وذلك لرفض المجتمع المسلم للاعتداء على حروف النّص، وهو ما عدّه أهل الإسلام ردّة صريحة، فنتاج ذلك كان التزام الاتّجاه الثاني، واعتماد القراءة التأويليّة بديلًا عن الرّفض القاطع فكيف قرأت النّسويّة المتأسلمة النّصّ؟ وعلى أيّ الأصول اعتمدت؟
أصول النّسويّة المتأسلمة
قدّمت النّسويّة المتأسلمة قراءة جديدة تأويليّة للنّصّ بناءً على أصول عدّة، أهمّها:
1- الزّعم بأنّ النّصّ تمّت قراءته قراءة لغويّة ذكوريّة (بالاستناد إلى علم الفيلولوجيا).
2- الزّعم بأنّ النّصّ تمّ تأويله ذكوريًّا (بالاستناد إلى علم الهرمنوطيقيا).
3- الزّعم بأنّ النّصّ قد تشكّل تفسيره في بيئة تاريخيّة معيّنة. (بالاستناد إلى التّاريخانيّة).
4- الزّعم بأنّ النّصّ لا يمكن فهمه إلّا من خلال المنهجيّة التّفكيكيّة التي تعطي أولويّة لقارئ النّص لا قائله (بالاستناد إلى التّفكيكيّة).
وبما أنّها تلتقي جميعًا في ذات الخطّ؛ حيث تعتمد على النّتاج الفكري كمرجعيّة لحلّ قضايا المرأة، وتحرّر نفسها من الشّريعة، فسنكتفي ببيان أوّل أصلٍ منها، وهو علم الفيلولوجيا.
فقه اللغة (علم الفيلولوجيا)
اعتماد النّسويّة المتأسلمة على علم الفيلولوجيا (فقه اللغة) كأصلٍ لدراسة التّراث الفقهيّ، وفهم معاني النّصّ فهمًا حداثيًّا؛ جاء بناء على زعمٍ منها أنّ اللفظ في العصور السّابقة كان يؤوّل تبعًا لظروف الزّمان والمكان، وبناءً عليه فإنّ ألفاظ الشّريعة التي اعتنت بجسد المرأة، وحفظته من الامتهان هي خاصّة معنًى بالزمان والمكان اللذين فهمت فيهما.
أمّا في زماننا هذا؛ فتفسير اللفظ بذات المعنى يعدّ سلبًا لإرادة المرأة الحرّة، وتكريسًا لتفوّق الرّجل عليها، وفرض سيطرته الأبويّة.
وهو ما يدحضه النّصّ القرآنيّ حين كرّم المرأة، وجعلها متساوية مع الرّجل في جوانب (كالجانب الإنسانيّ، والمعيار الأخرويّ) رغم اختلافهما في جوانب أخرى (كالقوامة، والطّاعة، والقوّة).
وكأمثلة على جوانب المساواة: أن جعل الله أساس التّفاضل بينهما العمل الصّالح؛ كما في قوله -تعالى-: {يا أيّها النّاس إنّا خلقناكم مّن ذكرٍ وأنثىٰ وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا ۚ إنّ أكرمكم عند اللّه أتقاكم ۚ إنّ اللّه عليمٌ خبيرٌ } [الحجرات: 13]، كما دحضه الفقهاء حين أقرّوا الأحكام الشّرعيّة التي تماثل فيها المرأة الرّجل في أصل التّكليف، وشروطه، وأحكامه؛ كما في أبواب: الصّلاة، والزّكاة، ...، إلخ.
والسؤال الآن: لماذا تطالب النّسوية المتأسلمة بالمساواة بشكل كامل؛ رغم أنّ الجوانب الإنسانيّة والمعيار المهمّ هو الآخرة؟ ولماذا تضخّم جوانب المساواة عندما يتمّ الحديث عن جوانب الاختلاف؟ وما المرجعيّة والتّصور الذي يجعلها ترى جوانب الاختلاف قمعًا واضطهادًا؟
النّسويّة المتأسلمة ومرجعيّتها الغربيّة .. هل من فروق؟
النّاظر للنّسويّة المتأسلمة ونظيرتها الغربيّة يجد أن لا فرق جوهريّ بينهما، ولا سواء! فهما يتّفقان في المبدأ، ويختلفان في آليّات التّطبيق. فكلاهما ينطلق من مرجعيّة واحدة هي: ما نصّت عليه المؤتمرات الدّوليّة من توصيات بعدم طغيان العمل بالشّريعة الإسلاميّة على معاهدة حقوق المرأة الدّوليّة المسمّاة (سيداو).
وفي حين تركّز النّسويّة الغربيّة اهتمامها على المرجعيّات الغربيّة؛ تركّز نظيرتها المتأسلمة على الأحكام الإسلاميّة، ونصوص الشّريعة؛ فهي وإن لم تظهر العداء للنّصّ الشّرعيّ صراحةً؛ لكنّ مادّيتها ومرجعيّتها العلمانيّة تظهر جليّةً في تأويلها للنّصّ؛ فهي إذن لا يغيب عنها الحقّ، وإنّما تغيّبه بشكلٍ متعمّد!
فهل وصلت النّسويّة المتأسلمة إلى ما طمحت إليه؟
إلى جانب ذلك حين وجد العلمانيّون رفضًا من المجتمع المسلم للنّسويّة، وما تتبنّاه من أفكار محاربة للإسلام، داعية لتحرير المرأة من أوامر ومبادئ كفلت لها كرامتها، وكفتها أمر دنياها؛ لتتطلّع لأمر آخرتها؛ بحثوا عن أرضيّة مشتركة للنّسويّة والدّين؛ بحيث تحقّق أهداف النّسويّة، ولا تتعارض مع الدّين بشكل واضح؛ فكانت النّسويّة المتأسلمة! فهل خدعتنا النّسويّة الغربيّة المتخفيّة اصطلاحًا بالمتأسلمة؟
وممّا لا ينكره عاقل أنّ لابس ثوب الإسلام المحارب له خفيةً أخطر على الإسلام من المحارب العلمانيّ ذي العداء الظاهر للعيان!
فإن أردت نظرةً موضوعيّةً إلى ما حقّقته النّسويّة المتأسلمة؛ فهاك حقيقةً لا يجوز تجاوزها؛ إنّ النّسويّة المتأسلمة على الرّغم من خروجها عن حدود المرجعيّة الإسلاميّة إلى حدود المرجعيّة النّسويّة -بما فيها من مادّيّة وفلسفات بعيدة كلّ البعد عن الإسلام- إلّا أنّها قد توغّلت في المجتمع المسلم بشكل يدعو للقلق؛ إذ دخلته بلسانٍ عربيّ، وأقلامٍ مسلمة -ظاهريًّا-؛ فكان لها ما سألت!
فهل خدع التيّار النّسويّ المتأسلم المرأة المسلمة؟
شقائق الرجال
تأتي أسماء بنت يزيد ابنة عمّ معاذ بن جبل -رضي الله عنهما وأرضاهما- إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فتقول: يا رسول الله، إنّني رسول من ورائي من نساء المسلمين، كلّهن يقلن بقولي، وهنّ على مثل رأيي، إنّ الله بعثك إلى الرجال والنّساء، فآمنّا بك واتّبعناك، ونحن معشر النساء مقصورات مخدرات، قواعد بيوت، ومواضع شهوات الرّجال، وحاملات أولادهم، وإنّ الرّجال فضّلوا بالجمعات – أي صلاة الجمعة-، وحضور الجنازات، والجهاد في سبيل الله، وإذا خرجوا للجهاد حفظنا لهم أموالهم، وربّينا أولادهم، أنشاركهم في الأجر؟
التفت الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى صحابته الكرام -رضي الله عنهم-، وسألهم" :هل سمعتم مقالة امرأة أحسن سؤالًا عن دينها من هذه"؟
قالوا: لا يا رسول الله.
فقال -صلى الله عليه وسلم-: "انصرفي يا أسماء، وأعلمي من وراءك من النّساء أنّ حسن تبعّل إحداكنّ لزوجها وطلبها لمرضاته، واتّباعها لموافقته يعدل كل ما ذكرت للرّجال" فانصرفت أسماء وهي تهلّل وتكبّر؛ فرحًا وبشرًا بما قال نبيّنا الكريم -صلى الله عليه وسلم-.
تلك الفصيحة الحكيمة صاحبة حسن البيان، لم تكتف بذلك؛ بل كانت طوال حياتها من المجاهدات في سبيل الله بالكلمة وبالنّفس!
فتتردّد على بيوت زوجات النبيّ -صلى الله عليه وسلم-؛ تتعلّم دينها، وتعلّمه للمسلمات.
كما شهدت فتح مكّة، وخيبر، واليرموك؛ فكانت تسقي العطشى، وتداوي الجرحى، وتحثّ على القتال؛ بينما قتلت في معركة اليرموك تسعة من جنود الرّوم بعمود خيمتها![1]
خاتمة
قمنا بفضل الله بمعرفة مفهوم النّسوية المتأسلمة، والفرق بينها وبين الرّاديكاليّة، ولماذا لقيت كل هذا القبول المجتمعي عن نظيرتها الإقصائيّة، كما عرفنا شدّة خطرها على المجتمع لا سيما على النّساء في الصّفّ الإسلاميّ، وتعرّفنا إلى الأصول الغربيّة التي تستند عليها في إعادة قراءة النّصّ، وشرحنا أصل من أهمّ تلك الأصول، ووضّحنا المرجعيّة.
ونستشهد بكلام د. إيمان في خاتمة المقال: "التّوفيق بين النّسويّة والإسلام -الذي يسمى بالنّسوية الإسلاميّة- من خلال مسميّات مراجعة الفقه الإسلاميّ/ وإعادة قراءة النّصّ الدّينيّ وغيره منهجٌ لم يخلص دينه لله، وشابته شائبة نفاق، قال الله -تعالى-: {وإذا قيل لهم تعالوا إلىٰ ما أنزل اللّه وإلى الرّسول رأيت المنافقين يصدّون عنك صدودًا *فكيف إذا أصابتهم مّصيبةٌ بما قدّمت أيديهم ثمّ جاءوك يحلفون باللّه إن أردنا إلّا إحسانًا وتوفيقًا} [النساء: 62] إنّ المرجعيّة النّهائيّة التي يرجع إليها المسلم هي: {ما أنزل الله وإلى الرّسول}؛ والمرجعيّة النّهائيّة التي ترجع إليها النّسوية هي: طاغوت الحريّة المطلقة المنفلتة الذي أمروا أن يكفروا به. وربّما استغلّت النّسويّة الإسلاميّة بعض أحكام القرآن والسنة التي جاءت في سياق تكريم المرأة؛ ولكن: مهما حصل من التقاء في بعض النّقاط في هذين الطّريقين إلّا أنّ لكلّ طريق غايته، وأصوله، ومعالمه التي يتميّز بها عن الطّريق الآخر، والتّوفيق بينهما منهج نفاق، {إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا}". [النسوية الإسلامية]
وفي أيّامنا هذه التي يريدون فيها تحرير الحرّة، وسلبها حقوقها التي حفظها لها الإسلام؛ بالمطالبة بمطامعهم فيها؛ تلك المطامع التي تتمثّل في تسليع المرأة، وجعلها كيانًا مستقلًّا عن الوليّ؛ لتكون لقمةً سائغة لذيذة في أفواههم؛ تذكّري أختي المسلمة امرأة ذهبت لنبيّها الذي أوتي جوامع الكلم؛ تسأل بأدبٍ وفصاحة جمّة عمّا لها في الإسلام من جزاء مقابل ما التزمت به ممّا بايعت عليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- يوم آمنت به؛ فيصفها الذي أوتي جوامع الكلم بأنّه لا امرأة أتت بأحسن من مقالها!
فالتزامك بأمر ربّك هو الفارق لا جسدك! فلا تنخدعي؛ وأنت شقيقة الرّجل! وأنّى لهم أن يحرّروك وأنت الحرّة؟
مصدر للاستزادة:
النسوية الإسلامية وصلتها بالفكر النسوي الغربي – د. إيمان بنت محمد العسيري
[1] عن محمّد بن مهاجرٍ، وعمرو بن مهاجرٍ، عن أبيهما: أنّ أسماء بنت يزيد بن السّكن بنت عمّ معاذ بن جبلٍ قتلت يوم اليرموك تسعةً من الرّوم بعمود فسطاطها.(رواه سعيد بن منصور في سننه، والطبراني في (المعجم الكبير)، (وحسّنه الألباني).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.