رسمياً.. إلغاء مباراة السعودية والإمارات في كأس العرب    نهائي "كأس العرب".. التشكيلة الرسمية للمنتخب المغربي ضد الأردن    انهض يا عمر.. لترى ما ضحيت من أجله بروحك كيف أصبح؟    تنفيذا للتعليمات الملكية.. الحكومة تطلق برنامجا لإعادة تأهيل المناطق المتضررة من الفيضانات الاستثنائية التي عرفتها مدينة آسفي    العرايشي ينادي بإعلام رياضي قوي    الملعب الأولمبي يعزز إشعاع الرباط    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    الجزيرة الخضراء.. إحباط محاولات تهريب 14 سيارة مسروقة نحو طنجة    سلالة إنفلونزا جديدة تجتاح نصف الكرة الشمالي... ومنظمة الصحة العالمية تطلق ناقوس الخطر    أسعار الذهب تستقر    ميناء المضيق .. ارتفاع كمية مفرغات الصيد البحري    الملك يشيد بالقيادة الحكيمة للشيخ تميم    توقيف مروج للمخدرات والمؤثرات العقلية بطنجة وحجز أزيد من 1200 قرص طبي    مستشفى ميداني عسكري يقام بأزيلال    متحف اللوفر يفتح أبوابه جزئيا رغم تصويت موظفيه على تمديد الإضراب    اليوم الدولي للمهاجر يجدد النقاش حول تحيين السياسات العمومية بالمغرب    الصحة العالمية تحذر من انتشار سريع لسلالة جديدة من الإنفلونزا    الطالبي العلمي: الرياضة رافعة للتنمية والتلاحم الوطني وإشعاع المغرب قارياً ودولياً        خبراء التربية يناقشون في الرباط قضايا الخطاب وعلاقته باللسانيات والعلوم المعرفية    قمة نارية بين نابولي وميلان في كأس السوبر الإيطالية بالعاصمة السعودية    تصنيف دولي يضع المغرب بمراتب متأخرة في مؤشر "الحرية الإنسانية" لسنة 2025    أمريكا توافق على أكبر مبيعات أسلحة لتايوان على الإطلاق بقيمة 11.1 مليار دولار    بحضور محمد صلاح.. الفراعنة يصلون أكادير استعداداً لانطلاق المنافسات القارية    غوغل تطور أداة البحث العميق في مساعدها الذكي جيميناي    الموت يفجع أمينوكس في جدته        ميزانية قياسية لكأس العالم 2026: 727 مليون دولار منها 655 مليونا جوائز للمنتخبات    مركز موكادور يعلن فهرسة مجلة «ليكسوس» ضمن قاعدة DOAJ الدولية    المغرب في المرتبة 62 عالميًا ومن بين الأوائل إفريقيًا في رأس المال الفكري    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    مركز وطني للدفاع يواجه "الدرونات" في ألمانيا    توقعات أحوال الطقس لليوم الخميس    انهيار منزل يخلف مصابَين بالدار البيضاء    ترامب يؤكد مواصلة المسار الاقتصادي    التسجيل الأوتوماتيكي في اللوائح الانتخابية ضرورة ديموقراطية    أطر الصحة تحتج ببني ملال ضد تدهور الأوضاع وخرق الاتفاقا    إحداث مصرف مائي سطحي على جنبات الطريق بين أولاد حمدان و الجديدة يهدد السلامة الطرقية.    عامل إقليم الجديدة ينهي مهام نائبين لرئيس جماعة أزمور    الحوض المائي اللوكوس .. الأمطار الأخيرة عززت المخزون المائي بالسدود بأكثر من 26 مليون متر مكعب    الرباط تحتضن مهرجان "أقدم قفطان" .. مسار زي مغربي عابر للأجيال    ودائع الأسر المغربية لدى البنوك تتجاوز 959 مليار درهم بنهاية أكتوبر 2025    فرحات مهني يكتب: الحق في تقرير مصير شعب القبائل    لماذا تراهن بكين على أبوظبي؟ الإمارات شريك الثقة في شرق أوسط يعاد تشكيله    أكادير تحتضن الدورة العشرين لمهرجان تيميتار الدولي بمشاركة فنانين مغاربة وأجانب    وفاة الفنانة المصرية نيفين مندور عن 53 عاما إثر حريق داخل منزلها بالإسكندرية    في حفل فني بالرباط.. السفيرة الكرواتية تشيد بالتعايش الديني بالمغرب    واشنطن توسّع حظر السفر ليشمل عددا من الدول بينها سوريا وفلسطين    تمارين في التخلي (1)    خلف "الأبواب المغلقة" .. ترامب يتهم نتنياهو بإفشال السلام في غزة    مركب نباتي يفتح آفاق علاج "الأكزيما العصبية"    التحكم في السكر يقلل خطر الوفاة القلبية    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    المغرب: خبير صحي يحدّر من موسم قاسٍ للإنفلونزا مع انتشار متحوّر جديد عالمياً    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوقت الثمين لا ينفق على «موازين»
نشر في هوية بريس يوم 28 - 04 - 2014


هوية بريس – الإثنين 28 أبريل 2014
للوقت خاصية، وهي إنه إذا ذهب لم يرجع، وهذا يدفعنا لاستغلال كل لحظة منه، كان ابن عمر رضي الله عنهما يقول: (إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك) رواه البخاري موقوفا.
إذا تنبه العاقل، وتذكر ما مضى من أيام عمره، فإنه يندم على الساعات التي قضاها في اللهو والبطالة، وأشد ساعات الندم حين يقبل المرء بصحيفة عمله، فيرى فيها الخزي والعار، قال تعالى: (يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى، يقول يا ليتني قدمت لحياتي) (الآيتان 23-24 من سورة الفجر)، وقال تعالى: (أن تقول نفس يا حسرتي ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين) (الزمر:56).
فالعاقل من ندم اليوم حيث ينفعه الندم، واستقبل لحظات عمره، فعمرها قبل أن يأتي اليوم الذي لا ينفع فيه الندم.
إن الإنسان لا يمكن أن يكون لحياته معنى بلا هدف وغاية وإن الغاية الأسمى والأشمل أن تكون عبدا لله ويندرج تحت ذلك أن تجعل لنفسك أهدافا تحققها في
حياتك تخدم بها أمتك ومجتمعك وترضي بها ربك فتكون سببا في الارتقاء العام والخاص.
وإن الإنسان إذا علت همته علا اهتمامه وسمت تطلعاته وبمقدار ذلك يسمو على الأهواء والشهوات والملذات الخاطئة ويتعالى عن العبثية ويأبى أن يعيش حياة اللهو والفراغ المطلق.
الوقت هو عمر العبد، ولله در من قال:
والوقت أعظم ما عنيت بحفظه — وأراه أسهل ما عليك يضيع
قال ابن القيم: (ضياع الوقت أشد من الموت لأن الموت يقطعك عن الدنيا وأهلها وضياع الوقت يقطعك عن الله والآخرة) (الفوائد ص:5).
الوقت رأس مالك لأن عمرك الذي قدره الله لك أراد أن تنال به عز الدنيا ونعيم الآخرة، فإذا ضيعته ضاعت حقيقة دنياك وسلبت آخرتك، ولا خسارة على العبد أعظم من ضياع وقته، قال رسول صلى الله عليه وسلم: (اغتنم خمساً قبل خمس، شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل مرضك، وحياتك قبل موتك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك) رواه الحاكم عن ابن عباس، فهل يعد ضياع هذه الغنائم من سعادة المسلم؟ إذ بالوقت يستطيع المسلم أن يستغل كل ما ذكر في الحديث، ولو تصفحنا القرآن الكريم والسنة المطهرة لبان لنا ندم المضيعين لأوقاتهم، قال تعالى: {يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى يقول يا ليتني قدمت لحياتي} سورة الفجر: 23-24)، إنها حياة الآخرة قد سلبت وضيعت، وقال عليه الصلاة والسلام: (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع، عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه) رواه الترمذي وغيره، فهل ترانا بخير وعافية في يوم القيامة يوم أن تفحص الأعمال وتزلزل الأقدام، فلا نجاة هناك إلا لمن حفظ أوقاته، ومن هنا تعلم أن حاجتنا جميعا لحفظ الأوقات شديدة ونكون قد حفظنا أوقاتنا إذا قمنا بالآتي:
1- أن تعلم قيمة الوقت فهو العمر، وهو أغلى من كل نفيس في هذه الدنيا، ولهذا يقولون: (الوقت من ذهب) وهو ينقضي بسرعة وما مضى منه فلن يعود أبداً، أرأيت ما للوقت من أهمية بالغة فكل ساعة هي محسوبة عليك، فإذا كان من ضيع الساعات والدقائق على خطر فكيف بمن ضيع الأيام بل كيف بمن ضيع الشهور والسنين.
2- أن تعلم أن الله وزع الأعمال الصالحة على جميع أعضائك فلله حق على عينيك، وسمعك ولسانك، وقلبك وعقلك، وجميع جوارحك، فإذا أردت أن تكون محافظاً على وقتك فاشغل كل عضو بما خلقه الله له، فعلى الأعضاء أداء أوامر الله وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم وعليها اجتناب نواهيه سبحانه ونواهي رسوله صلى الله عليه وسلم، وعليها شكره سبحانه، والقيام بأداء كل عضو لما عليه، لا بد أن يكون مضبوطاً بالضوابط الشرعية من اتباع صادق وإخلاص متحقق، وصبر جميل، ولا يمكن أن يقوم المسلم بهذا إلا إذا تفقه في الإسلام، وعلم الواجبات والمنهيات بتفاصيلها، وهذا سهل بالتدرج وصعب جداً على من أراد ذلك دفعة.
3- استغل وقت الرخاء فإنه من أعظم العز والنصر لك في وقت الشدائد، فقد قال رسول صلى الله عليه وسلم: (تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة) صحيح الجامع، فالعافية رخاء والمرض شدة، فكن على الأعمال الصالحة في حال عافيتك أحرص منها في وقت مرضك، والحياة رخاء والموت شدة، والغنى رخاء والفقر شدة، والشبيبة رخاء والمشيب شدة، والأمن رخاء والخوف شدة، ووجود الإخوة المناصرين رخاء وافتقادهم شدة، ووجود صحة السمع رخاء وأخذه شدة، ووجود البصر رخاء وأخذه شدة، ووجود العقل رخاء وأخذه شدة، ووجود الرغبة في الأعمال الصالحة رخاء والفتور شدة، وما إلى ذلك، فإذا استغل المسلم وقته في الرخاء لم تنزل به شدة إلا انفرجت أو خففت عنه، فما أعز استغلال الوقت في طاعة الله حال الرخاء، وما أكثر المحاربة من كثير من المسلمين للوقت في حال الرخاء، والله المستعان.
استغلال الوقت:
ينبغي العناية بالوقت وملئه بالعمل حتى لا يوجد فراغ، فالفراغ داعٍ إلى الفساد، والنفس إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية.
إن الشباب والفراغ والجده — مفسدة للمرء أي مفسدة
إن وضوح الهدف، ومعرفة أهمية الوقت، سبب لاستغلاله، فعليك بترتيب وقتك وتنظيمه واستغلاله بأن تجعل لك جدولاً يومياً وأسبوعياً وخلال الإجازات لكي تستغل وقتك على الوجه المطلوب.
وصور استغلال الوقت أكثر من أن تحضر، ومنها المحافظة على الصلوات في الجماعة، والتبكير إلى المسجد وذكر الله، وقراءة القرآن وخدمة الوالدين، وصلة الأرحام، والزيارات النافعة، وعيادة المرضى، والتعلّم والتعليم، والدعوة إلى الخير، والتفكر في خلق الله، والتفكير في مصالح نفسك ومصالح وطنك وأمتك، والعمل النافع المنتج، وكتابة البحوث، وحضور حلق العلم والقرآن، والاستماع لكل نافع ومفيد، ومساعدة المحتاجين، وغير ذلك كثير، بل إن انشغالك بالمباح، ولو كان نوماً أو اضطجاعاً بنية ترويح النفس لتستعيد نشاطها وتقوى على الطاعة من استغلال الوقت.
قال معاذ رضي الله عنه: (أما أنا فأنام وأقوم، فأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي) متفق عليه.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: "معناه أن يطلب الثواب في الراحة، كما يطلبه في التعب، لأن الراحة إذا قصد بها الإعانة على العبادة حصل بها الثواب." اه (فتح الباري 8/62).
والمراد بقومته هنا: قيامه الليل وصلاته.
كلمة أخيرة:
أن تحذر من الآفات القاتلة للوقت وأهمها طول الأمل في الدنيا، والاغترار بالعمل، وحسن الظن بالنفس، وقرناء قتل الوقت والغفلة والتسويف.
لا بد من ملازمة أصحاب الهمم العالية الذين لا يرضون بشيء من تضييع الأوقات، فإن لم يتيسر ذلك ففي القراءة في الكتب التي ألفت حول استغلال الوقت وأحوال المستغلين له، ففي ذلك ما يدفع المسلم إلى التقدم إلى الله، والإقبال عليه.
يروى عن الحسن البصري أنه قال: "ما من يوم ينشق فجره إلا وينادى يا ابن آدم أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد فتزود مني فإني إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة".
وروي أن أبا الدرداء رضي الله عنه، وقف ذات يوم أمام الكعبة ثم قال لأصحابه: "أليس إذا أراد أحدكم سفرا يستعد له بزاد؟ قالوا: نعم، قال: فسفر الآخرة أبعد مما تسافرون!
فقالوا: دلنا على زاده؟
فقال: (حجوا حجة لعظائم الأمور، وصلوا ركعتين في ظلمة الليل لوحشة القبور، وصوموا يوما شديدا حره لطول يوم نشوره).
وعن ابن مسعود قال: "ما ندمت على شيء ندمى على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلى ولم يزد فيه عملي".
وفي الترمذي عن أبى هريرة مرفوعا: "ما من ميت يموت إلا ندم، قالوا: وما ندامته؟
قال: إن كان محسنا ندم أن لا يكون ازداد، وإن كان مسيئا ندم أن لا يكون استعتب"، وهو حديث ضعيف كما نص ابن عدي.
وقال الحسن البصري: "أدركت أقواما كان أحدهم أشح على عمره منه على درهمه".
وقال أيضا: "إنما أنت أيام مجموعة كلما مضى يوم مضى بعضك".
و قال أيضا: "ما أطال عبد الأمل إلا أساء العمل".
وكان السلف يقولون: من علامة المقت إضاعة الوقت، وكانوا يحرصون كل الحرص على ألا يمر يوم أو بعض يوم دون أن يتزودوا منها بعلم نافع أو عمل صالح حتى لا تتسرب الأعمار سدى وتضيع هباء. فإنما الإنسان ساعات يعيشها فإن أضاعها أضاع نفسه، فكم نضيع من أعمارنا بدون أي زيادة في العلم والعمل وبدون أي ندم.
قال الشاعر:
إذا مر بي يوم ولم أقتبس هدى — ولم أستفد علما فما ذاك من عمري
اليوم نفعل ما نشاء ونشتهي — وغدا نموت وترفع الأقلام
بعد أن عرفنا أهمية الوقت الذي هو عمرنا الذي يمضي ولا يعود، فالحذر الحذر من إضاعته فيما لا ينفع ((مهرجان موازين نموذجا)).
قال ابن القيم في الفوائد: "الدنيا من أولها إلى آخرها لا تساوي غم ساعة، فكيف بغمِّ العمر؟!".
"محبوب الدنيا يعقبه المكروه غداً، ومكروه اليوم يعقبه المحبوب غداً".
"أعظم الربح في الدنيا: أن تشغل نفسك كل وقت بما هو أولى بها، وأنفع لها في معادها".
"كيف يكون عاقلاً من باع الجنة بما فيها بشهوة ساعة ؟!!" (الفوائد ص:48).
ومع الأسف نسمع ونرى ونقرأ أن كثيرا من الناس يمضون أوقاتهم ما بين المقاهي والمهرجانات والشوارع ووسائل اللهو، ولا فائدة يستفيدونها.
ونجد آخرين، قليلي الانتفاع بأوقاتهم، وفوضويين في الإفادة من ساعات زمنهم، فلا جدول يضعونه لكي ينظموا وقتهم، ولا خطَّة يرسمونها لكي تتضح لهم أعمالهم، مع التقصير الشديد في المحافظة على الوقت والاهتمام به.
لقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ" أخرجه البخاري من حديث ابن عبَّاس.
لكنَّنا نجد أنَّ كثيراً من الناس لا يعطون لهاتين النعمتين (الصحة والفراغ) قدرهما، ويولونها الاهتمام والرعاية، وإنه ليحزٌنني كثيراً حين نشاهد أناساً يبقون بلا شيء يستثمرونه في ساعات الانتظار والفراغ المملين.
هذا (الإنسان الفارغ) يعيش بلا هدف في حياته، ولا غاية مرضيَّة، بل نجد أنَّ حياته مملَّة أشبه بالروتين القاتل، حيث يقضي بعض الناس على أنفسهم بهذا الفراغ، ويجعلهم يجيدون فنون التثاؤب والكسل، ومن أشكال الملل والهم والغم الشيء الكثير.
نعم! ليس هنالك وقت نستطيع أن نسميه وقت فراغ، ولكنَّ حالة الشخص هي حالة الفراغ، فالعادة أنَّ الإنسان منذ أن ينتهي من عمل يقوم بأداء عمل آخر ينشغل به، لكنَّ هذا ليس هو الإشكال، بل المشكل أن يكون المرء غير مستثمرٍ لوقته، ومستغل لدقائق عمره.
وفي الطرف الآخر نجد مقابل المضيعين لوقتهم، أولئك القوم المهتمين بأوقاتهم من العلماء والمصلحين والمفكرين ورجالات الأعمال الناجحين، الذين يقدِّرون قيمة الوقت، وساعة الزمن، فيخرجون من هذه الدنيا، وقد ملأوها علما أو حكمة أو مشاريع بنَّاءة، يترضى عنهم الناس زمنا بعد زمن.
ولو دقَّقنا التأمل في سيرتهم لوجدنا أنَّهم ما كانوا يضيعون ثانية تضيع من أوقاتهم هدرا، فالإمام ابن القيم يؤلِّف كتابين وهو في السفر من أروع ما ازدانت بهما رفوف المكتبات، وانتفع بهما طلبة العلم، وهما: (بدائع الفوائد) و(زاد المعاد)!
والإمام السرخسي يسجن فيؤلِّف كتاباً حافلاً في الفقه الحنفي، واسمه: (المبسوط) ويقع في أكثر من ثلاثين مجلدا.
وشيخ الإسلام ابن تيمية يسجن فيجلس لتعليم الناس أمور دينهم، ويؤثر عليهم حتَّى أنَّ بعض اللصوص تابوا على يديه وصاروا من الصالحين!
وذاك العابد يمضي وقته في الاستغفار والتسبيح، ورجل الأعمال الصالح يبني المساجد ويعين المحتاج ويغيث الملهوف.
فلنحسن إذا استغلال الوقت فيما يعود علينا وعلى أمتنا بالنفع في الدنيا والآخرة، فما أحوج الأمة إلى رجال ونساء يعرفون قيمة الوقت ويطبقون ذلك في الحياة.
والحمد لله رب العالمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.